ثروة الأمم 13
وما إن يتراكم مخزون البضائع فى أيدى أشخاص معينين ، حتى يبدأ بعضهم بصورة
طبيعية فى استعماله لتشغيل عمال مهرة جادين ، يمدونهم بالمواد وأسباب المعيشة،
ليحرزوا مكسبا ببيع أعمالهم أو بما يزيده شغلهم من قيمة إلى قيمة المواد .
ولابد فى مبادلة المصنوعات الناجزة بالمال ، و بالعمل ، أو بسلع أخرى ،
وعلاوة على ما يكفى لتسديد ثمن المواد ، وأجور العاملين ، من إعطاء شئ لربح
المبادر إلى هذا الشغل ، أى ذاك الذى خاطر برأس ماله فى هذه المغامرة .
وهكذا فإن القيمة التى يضيفها
العاملون إلى المواد تنحل فى هذه الحال إلى قسمين ، أحدهما يوفى أجور العاملين ،
والآخر أرباح رب العمل على كامل رأس مال
المواد والأجور التى قدمها ، وما كان لهذا الشخص أن يهتم بتشغيلهم لو أنه
يتوقع من بيع ثمرة أعمالهم شيئا أكثر من مجرد تعويض رأس المال الذى خاطر به ، وما
كان له أن يستخدم رأس مال كبيرا لا صغيرا ، لو لم يكن لأرباحه أن تتقايس نسبيا مع
سعة رأس ماله .
وربما ظن أحد ما أن أرباح رأس
المال ليست إلا اسما آخر لأجور نوع مخصوص من العمل ، عمل التفقد والتدبير ، غير
أنها تختلف اختلاف بينا ،
وهى تنتظم بأسس مختلفة تماما .
وفى الكثير من الأعمال الكبرى
يكاد معظم العمل المشابه لهذا يوكل إلى موظف رئيسى ، وتمثل الأجور التى يتقاضاها
قيمة عمل التفقد والتدبير هذا خير تمثيل ،
وعلى الرغم من أن ما يؤخذ عادة فى عين
الاعتبار عند تقدير هذه الأجور لا يقتصر
على جده ومهارته بل على مدى أهليته للثقة الموضوعة فيه ، فإن هذه الأجور لا تتسم
بأية نسبة منتظمة إلى رأس المال الذى يشرف على إدارته ،
كما أن صاحب رأس المال هذا
وإن كان قد أعفى نفسه من كل عمل تقريبا ، يظل يتوقع أن تتسم أرباحه بنسبة منتظمة
إلى رأس ماله ، لذلك فإن أرباح رأس المال تشكل ، فى سعر السلع ، قسما مكونا مختلفا
، وتنتظم وفق مبادئ مختلفة تماما .
وفى حال كهذه ، لا يكون كامل
نتاج العمل دائما ملكا للعامل ، فعليه فعلا ، فى معظم الأحوال أن يتقاسمه مع مالك
رأس المال الذى يستأجره .
0 التعليقات:
إرسال تعليق