09‏/10‏/2016

عن الحرب 10

عن الحرب 10

ما دمنا نرى حتى مراكز القيادة الصغيرة بحاجة إلى مقدرة عقلية باهرة كى تحقق نتائجا رائعة ، وطالما يتصاعد المقياس مع كل خطوة فى سلم القيادة ، الأمر الذى يعنى إدراكنا نوعية وحجم القابليات الضرورية المطلوبة أن أريد إشغال المناصب الثانية فى الجيش ، من ضباط متميزين .

قد يبدو أمثال هؤلاء الضباط بسيطين إلى حد ما ، مقارنة مع الباحثين الموسوعيين ، أو رجال الأعمال الكبار ، ورجال الدولة ، لكن ينبغى علينا ألا نغفل قيمة ذكائهم العملى .

  يحدث أحيانا أن من حظى بسمعة جيدة فى رتبة ما ، سينقلها معه بطبيعة الحال عند ترقيته ، دون أن يستحق ذلك فعلا ، فإن لم يتعرض إلى تجارب جديدة للحكم على مواهبه ، أو أنه تجنب بشكل أو بآخر الكشف عن عجزه ، فمن الصعب فى حالة هذا الضابط القرار على المكانة الحقيقية التى يستحقها .  

 غالبا ما تسبب حالات كهذه التقليل من شأن الضباط الذين كانوا سيبدعون فى مناصب أقل .

لابد من موهبة مناسبة فى جميع المستويات إن أريد تقديم خدمة متميزة .

   تتغير الظروف بكثرة هائلة فى الحرب ، كما أنها يصعب تحديدها ، إذ يتطلب ذلك تقويم ودراسة كم هائل من العوامل معظمها على ضوء الاحتمالات وحدها .

  لقد أصاب نابليون بونابرت حين قال بخصوص ذلك بأن العديد من القرارات التى يواجهها القائد العام مشابهة للمعضلات الرياضية التى تحتاج إلى عقليات فذة كالتى لإسحق نيوتن أو " يولر Euler " لحلها .

   ما يحتاجه هذا الواجب بالنسبة للمواهب الفكرية العالية هو الاحساس بالوحدة ، وقوة حكم ترقى إلى مستوى عال من التبصر بوسعه الامساك واستبعاد آلاف الاحتمالات البعيدة بسهولة ، كان العقل العادى سيجهد نفسه حد الارهاق والتمزق من أجل تحديدها .

   الحقيقة نفسها ليست كافية لدفع الرجال إلى العمل إلا نادرا لذلك تظل المسافة طويلة ما بين الإدراك ( Cognition ) والاختيار ( Volition ) . 

   يستمد الرجل معظم دعمه القوى إن جاز لنا استخدام مصطلح كهذا ، من ذلك المزيج من العقل والعواطف الذى بوسعنا تمييزه من بين خصائص العزم ، والصلابة والصمود ، وقوة الشخصية .


   لو تساءلنا عندها عن العقل المؤهل لعرض سجايا العبقرية العسكرية أكثر من غيره ، لأظهرت لنا التجربة والملاحظة أنه العقل الباحث ( Inquiring ) وليس الخلاق ( Creative ) ، 

الشمولى وليس ذو المسلك المحدد ، العقل الهادئ وليس السريع الهياج الذى ستختاره فى الحرب ونأتمنه على مصير إخوتنا وأبناءنا ، وعلى أمن وشرف البلاد . 

0 التعليقات: