09‏/10‏/2016

عن الحرب 13

عن الحرب 13

الكتاب الثانى

فى

نظرية الحرب

   الحرب هى ومن حيث الأساس " قتال Fighting " ، لأن القتال هو المبدأ المؤثر الوحيد فى الأنشطة المتنوعة لما يعرف بالحرب ، والقتال بالمقابل تجربة للقوى المعنوية والمادية خلال وسط مادى ، لا يمكن استبعاد القوة المعنوية بطبيعة الحال ، إذ تمارس العوامل النفسية تأثيرا حاسما علي العناصر المكونة للحرب .

   الحاجة إلى القتال قادت الإنسان وبسرعة إلى اختراع الوسائل المناسبة لجنى الفوائد فى القتال .
   القتال بالمعنى الدقيق يظل فعالية متميزة ، ويزداد ذلك وضوحا كلما ترافق ذلك مع عامل غريب آخر – أى الخطر .

   وهكذا ، فإن كان لابد من التمييز ما بين الفعاليتين ، فسنجد ذلك التمييز هنا ، ولإيضاح الأهمية العملية لهذه الفكرة ، يكفى أن تتذكر كيف يبدو الرجل الكفء فى ميدان ما ، عاجزا وبلا فائدة فى مجالات لأخرى .

   ففن الحرب أساسا هو فن الوسائل المقررة فى القتال ، وجميع الأنشطة التى تخص الحرب كانشاء وتدريب وتطوير وتسليح وتجهيز القوات المقاتلة .

   ومن السهل رؤية أن فن الحرب يبدأ دائما بإنشاء قوات مسلحة ، وإعدادها وفقا لمتطلبات موقف خاص .

  يفتح الباب لفعالية مختلفة كليا فى تخطيط وتنفيذ تلك الاشتباكات نفسها وكذلك فى تنسيقها مع بعضها البعض من أجل تعزيز هدف الحرب ، سمى أحدها التعبية ، والآخر الاستراتيجية .
   فالتعبية ، وفقا لتقسيمنا تعنى استخدام القوات المسلحة فى الاشتباكات من أجل هدف الحرب .
   أما الأمور التى تعد جزء من القتال بشكل ما فهى ، المسير ، والتعسكر ، والإيواء " Billets " ويتعلق كل منها بصفحة منفصلة من وجود القطعات .  

   تتعلق الأمور الأخرى بالإدامة فقط ، وتشمل التموين ، والخدمات الطبية ، وإدامة الأسلحة والمعدات .

   المسير هو الأداة التى تمارس بها الاستراتيجية عناصر تأثيرها ، أى الاشتباك من خلاله ، إلا أن تلك التأثيرات كثيرا ما تتضح فى نتائجها وليس خلال مسارها الفعلى . ولابد للمرء أن يتمسك بالمعنى الدقيق نصب عينيه تجنبا لأية عثرات . 

   يقع خطأ مثل هذا عندما تعتقد بأن للتراكيب الاستراتيجية قيمة بغض النظر عن نتائجها المعنوية .

   رغم امكانية اعتبار المسير جزءا متمما للقتال ، ولكن لا علاقة لجوانب معينة منه بذلك ، فهو بذلك ليس تعبويا ولا استراتيجيا .

تشتمل تلك الجوانب على كافة التدابير التى تتخذ من أجل راحة القطعات الفنية فقط ، كتعبيد الطرق ، وإنشاء الجسور وغير ذلك .

   يستخدم مصطلح " التعسكر Camp " للتعبيرعن أى تحشد للقطعات استعدادا لعمل ما ، وتمييزا لك عن " الإيواء Billets " . فالمعسكرات هى أماكن للراحة والتعويض  (سد النقص ) ، كما تتضمن رغبة استراتيجية حالما تدعو الحاجة إلى ذلك . إلا أن أماكن المعسكرات تحدد وترسم الخطوط الأساسية للاشتباكات – وتعد هذه الخطوط شرطا رئيسيا لكل الاشتباكات الدفاعية .

   تستبدل المعسكرات بالإيواء متى ما احتاجت القطعات إلى المزيد من التعويض وسد النقص ، لذا فهى كالمعسكرات أيضا ، استرتيجية فى مواقعها واتساعها ، وتعبوية فى تنظيمها الداخلى الذى يتلائم والاستعداد للعمل .

   المعسكرات والمأوى ، وكقاعدة بطبيعة الحال ، يخدمان وبالإضافة إلى إراحة القطعات ، غاية أخرى كأن تكون على سبيل المثال حماية منطقة معينة ، أو الاحتفاظ بموقع ما .         

  فأى شئ يمكن أن يوفر ميزة أو فائدة ما ، يمكن أن يغدو هدفا لاشتباك ما ، كما أن إدامة آلة الحرب غالبا ما تغدو هى نفسها هدفا لتركيب استراتيجى معين .

   التخندق والتحصينات وتغيير مواضعها واستحضاراتها وكما هو واضح جزء من نظام المعركة وبالتالى تعبوية ، إلا أنها ليست جزءا من إدارة الحرب بقدر تعلق الأمر بحقيقة إنشائها .

   التموين " Supply " هو الأمر الذى يؤثر وبشكل مباشر جدا على القتال ، وهو أمر متواصل ويحدث فى كل يوم تقريبا ويؤثر على كل فرد ، وبهذا فهو يتخلل وبكل وضوح فى الجوانب الاستراتيجية لكل عمل عسكرى .

  اعتبارات التموين تؤثر على الخطوط والملامح الاستراتيجية للحملة أو للحرب .

مهمة تموين القطعات تظل فعالية منفصلة أساسا عن استخدام القطعات ، أما تأثيراتها فتظهر فى نتائج استخدام القطعات فقط . 

0 التعليقات: