عن الحرب 13
الكتاب الثانى
فى
نظرية الحرب
الحرب هى ومن حيث الأساس " قتال Fighting " ، لأن القتال هو المبدأ المؤثر الوحيد فى الأنشطة المتنوعة
لما يعرف بالحرب ، والقتال بالمقابل تجربة للقوى المعنوية والمادية خلال وسط مادى ،
لا يمكن استبعاد القوة المعنوية بطبيعة الحال ، إذ تمارس العوامل النفسية تأثيرا
حاسما علي العناصر المكونة للحرب .
الحاجة إلى القتال قادت الإنسان وبسرعة إلى اختراع الوسائل المناسبة لجنى
الفوائد فى القتال .
القتال بالمعنى الدقيق يظل فعالية متميزة ، ويزداد ذلك وضوحا كلما ترافق
ذلك مع عامل غريب آخر – أى الخطر .
وهكذا
، فإن كان لابد من التمييز ما بين الفعاليتين ، فسنجد ذلك التمييز هنا ، ولإيضاح
الأهمية العملية لهذه الفكرة ، يكفى أن تتذكر كيف يبدو الرجل الكفء فى ميدان ما ،
عاجزا وبلا فائدة فى مجالات لأخرى .
ففن
الحرب أساسا هو فن الوسائل المقررة فى القتال ، وجميع الأنشطة التى تخص الحرب
كانشاء وتدريب وتطوير وتسليح وتجهيز القوات المقاتلة .
ومن
السهل رؤية أن فن الحرب يبدأ دائما بإنشاء قوات مسلحة ، وإعدادها وفقا لمتطلبات
موقف خاص .
يفتح
الباب لفعالية مختلفة كليا فى تخطيط وتنفيذ تلك الاشتباكات نفسها وكذلك فى تنسيقها
مع بعضها البعض من أجل تعزيز هدف الحرب ، سمى أحدها التعبية ، والآخر الاستراتيجية
.
فالتعبية ، وفقا لتقسيمنا تعنى استخدام القوات المسلحة فى الاشتباكات من أجل هدف
الحرب .
أما
الأمور التى تعد جزء من القتال بشكل ما فهى ، المسير ، والتعسكر ، والإيواء "
Billets " ويتعلق كل منها بصفحة
منفصلة من وجود القطعات .
تتعلق
الأمور الأخرى بالإدامة فقط ، وتشمل التموين ، والخدمات الطبية ، وإدامة
الأسلحة والمعدات .
المسير هو الأداة التى تمارس بها الاستراتيجية عناصر تأثيرها ، أى الاشتباك من
خلاله ، إلا أن تلك التأثيرات كثيرا ما تتضح فى نتائجها وليس خلال مسارها الفعلى .
ولابد للمرء أن يتمسك بالمعنى الدقيق نصب عينيه تجنبا لأية عثرات .
يقع
خطأ مثل هذا عندما تعتقد بأن للتراكيب الاستراتيجية قيمة بغض النظر عن نتائجها
المعنوية .
رغم
امكانية اعتبار المسير جزءا متمما للقتال ، ولكن لا علاقة لجوانب معينة منه بذلك ،
فهو بذلك ليس تعبويا ولا استراتيجيا .
تشتمل تلك الجوانب على كافة التدابير التى تتخذ
من أجل راحة القطعات الفنية فقط ، كتعبيد الطرق ، وإنشاء الجسور وغير ذلك .
يستخدم مصطلح " التعسكر Camp
" للتعبيرعن أى تحشد للقطعات استعدادا لعمل ما ، وتمييزا لك عن "
الإيواء Billets " . فالمعسكرات هى أماكن
للراحة والتعويض (سد النقص ) ، كما تتضمن
رغبة استراتيجية حالما تدعو الحاجة إلى ذلك . إلا أن أماكن المعسكرات تحدد وترسم
الخطوط الأساسية للاشتباكات – وتعد هذه الخطوط شرطا رئيسيا لكل الاشتباكات
الدفاعية .
تستبدل المعسكرات بالإيواء متى ما احتاجت القطعات إلى المزيد من التعويض
وسد النقص ، لذا فهى كالمعسكرات أيضا ، استرتيجية فى مواقعها واتساعها ، وتعبوية
فى تنظيمها الداخلى الذى يتلائم والاستعداد للعمل .
المعسكرات والمأوى ، وكقاعدة بطبيعة الحال ، يخدمان وبالإضافة إلى إراحة
القطعات ، غاية أخرى كأن تكون على سبيل المثال حماية منطقة معينة ، أو الاحتفاظ
بموقع ما .
فأى شئ يمكن أن يوفر ميزة أو
فائدة ما ، يمكن أن يغدو هدفا لاشتباك ما ، كما أن إدامة آلة الحرب غالبا ما تغدو
هى نفسها هدفا لتركيب استراتيجى معين .
التخندق والتحصينات وتغيير مواضعها واستحضاراتها وكما هو واضح جزء من نظام
المعركة وبالتالى تعبوية ، إلا أنها ليست جزءا من إدارة الحرب بقدر تعلق الأمر
بحقيقة إنشائها .
التموين
" Supply " هو الأمر الذى يؤثر وبشكل مباشر جدا على القتال ، وهو أمر متواصل ويحدث فى
كل يوم تقريبا ويؤثر على كل فرد ، وبهذا فهو يتخلل وبكل وضوح فى الجوانب
الاستراتيجية لكل عمل عسكرى .
اعتبارات التموين تؤثر على الخطوط والملامح الاستراتيجية للحملة أو للحرب .
مهمة تموين القطعات تظل فعالية منفصلة أساسا عن
استخدام القطعات ، أما تأثيراتها فتظهر فى نتائج استخدام القطعات فقط .
0 التعليقات:
إرسال تعليق