ثروة الأمم 10
فى السعر الحقيقى والإسمى للسلع ، أو فى
ثمنها
من حيث العمل وثمنها بالنقود
يكون كل رجل ثريا أو فقيرا بقدر ما باستطاعته أن
يتمتع بضروريات الحياة ، وكمالياتها ، وملاهيها ، فإن قيمة أية سلعة عند الشخص
الذى يمتلكها ، والذى لا ينوى أن يبيعها أو أن يستهلكها بنفسه ، بل أن يبادلها
بغيرها من السلع ، إنما تساوى كمية العمل الذى تخوله ابتياعها أو استحقاقها ،
فالعمل إذا هو مقياس القيمة التبادلية الحقيقى للسلع كلها .
السعر الحقيقى لكل شئ ، أى
الكلفة الحقيقية لكل شئ بالنسبة إلى الشخص الذى يبتغى احتيازه ، إنما هو الجهد
والعناء المبذول لاحتيازه .
فهذا المال أو هذه السلع يعفياننا
فى الواقع من هذا العناء ، وهما يحتويان على قيمة كمية معينة من العمل التى نبادل
بها ما يفترض فيه عند المبادلة أن يحتوى على كمية مماثلة ، العمل الذى كان لثمن
الأول .
الثروة ، كما يقول السيد "
توماس هوبز" ، قوة ، ولكن الشخص الذى يكسب ثروة طائلة ، أو يفلح فى الوصول
إليها ، لا يكتسب ولا يفلح بالضرورة فى الوصول إلي أية قوة سياسية ، لا مدنية ولا
عسكرية .
أما القوة التى يمنحه إياها امتلاك
الثروة مباشرة وفورا إنما هى قوة الشراء ، أى استحقاق معين لكل العمل أو كل
نتاج العمل الموجود حينها فى السوق .
ومع أن العمل هو المقياس الحقيقى
للقيمة التبادلية لكافة لسلع ، ولكنه ليس الشئ الذى تقدر به قيمة السلع عادة ، فمن
الصعب ، فى كثير من الأحيان ، التثبت من النسبة بين كميتين مختلفتين من العمل لن
يحدد بمفرده دائما هذه النسبة ، فالاختلاف فى كمية الجهد المبذول ، والبراعة
المستعانة ، ينبغى أن يؤخذا أيضا فى الحسبان .
فقد يكون ثمة مزيد من العمل فى
عمل ساعة من الشغل الشاق ، مما يوجد فى ساعتين من التجارة السهلة ، أو فى الانكباب
ساعة على صنعة استغرق صاحبها عشر سنوات فى اكتسابها ، مما قد يوجد فى عمل شهر فى
صناعة بادية للعيان ، ولكنه ليس من السهل إيجاد أى مقياس دقيق للمشقة أو للبراعة .
غير أن التبادل لا يتوازن جراء أى
مقياس دقيق ، بل بالمساومة والإفراط فيها فى السوق ، وفقا لهذا اللون من التساوى
التقريبى الذى وإن كان غير دقيق فهو كاف للمضى فى تصريف أمور الحياة العادية .
علاوة على ذلك ، يتم تبادل كل
سلعة عادة بالمقارنة مع سلع أخرى لا مع العمل ، ولكن عندما توقفت المقايضة ، وأصبح
النقد أداة شائعة للتجارة ، صار من الأشيع مبادلة كل سلعة مخصوصة بالنقد لا بأية
سلعة أخرى .
ولكن الذهب والفضة ، ككل السلع
الأخرى ، تتغير قيمتها صعودا فى أحيان ، وهبوطا فى أحيان أخرى ، فاكتشاف مناجم
أمريكا الزاخرة خفضت ، فى القرن السادس عشر قيمة الذهب والفضة فى أوربا إلى ما
يقارب ثلث ما كانت عليه من قبل ، ولما كان الإتيان بهذه المعادن من المنجم إلى
السوق يكلف أقل ، فقد باتا يبتاعان أو يستحقان كمية أقل من العمل عندما كان يؤتى
بهما إلى السوق ، وهذا الانقلاب فى قيمتهما ، وإن كان الأعظم فى ما يبدو ، ليس
الانقلاب الوحيد الذى يعطينا التاريخ عنه فكرة ما .
0 التعليقات:
إرسال تعليق