عن الحرب 47
1- التأثير المضاعف ، أو المكثف على الأقل للنار
المتقاطعة .
العلاقة بين الهجوم والدفاع
فى الاستراتيجية
بفحص
العوامل التى تؤكد النجاح الاستراتيجى ، يكمن بعض النجاح الاستراتيجى فى الاستعداد
المقوت للانتصار التعبوى ،
وكلما تعاظم النجاح الاستراتيجى ، كلما كان تعاظم
الانتصار فى الاشتباكات أكثر احتمالا .
ويكمن مابقى من النجاح الاستراتيجى فى
استثمارالنجاح الذى تحقق ، والعوامل الرئيسية التى توصل أو تسهل الوصول إلى نجاح
كهذا :
1- فائدة الأرض
2- المباغتة – أما بصولة حقيقية أو بانفتاح قوات غير
متوقعة فى نقطة معينة .
3- الهجوم المركز (وتتشابه العوامل الثلاثة مع ما
فى التعبية) .
4- تعزيز مسرح العمليات بالقلاع . وبكل ما له علاقة
بها .
5- الدعم الشعبى .
6- استثمار العوامل المعنوية .
يتمتع المدافع فى الاستراتيجية وكذلك فى التعبية
بفائدة الأرض ، بينما يمتلك الهجوم ميزة المبادأة .
يفترض التعويل على هذه الوسيلة
(أى المبادأة) ،
وقوع العدو بأخطاء كبيرة وواضحة بل واستثنائية .
بسبب
الاتساع الكبير فى المنطقة المعنية فى الاستراتيجية ، فلا يمكن لغير من بيده
المبادأة القيام بالتطويق والهجمات المركزة – وبكلمة أخرى ، المهاجم .
وليس بوسع المدافع ذلك كما كان الأمر
فى التعبية ، أى تطويق القوات القائمة بالتطويق ، إذ يتعذر فى هذه الحالة انفتاح
قطعاته بهذا العمق المطلوب كما لن يستطيع اخفائها بكفاءة .
أما
العنصرالرابع ، أو فوائد مسرح العمليات ، فهى تحسب للمدافع بطبيعة الحال ، إذ وبعد
بدء الحملة فأن الجيش المهاجم سيترك مسرحه الخاص للعمليات ، متحملا مشاق ابتعاده
عن حصونه ومستودعاته ، وكلما اتسعت منطقة العمليات التى يتوجب تركها خلفه ،
كلما
ازداد وهنا – وذلك بسبب تأثير وطول التنقل من جهة والحاميات والمفارز التى سيخرجها
من جيشه من ناحية أخرى ، أما المدافع فسيظل من الناحية الأخرى بكامل عدته وعتاده ،
مستفيدا من حصونه ومن ير أن يتخلى عن أو يستنزف قوته ، كما سيظل قريبا من مصادر
تموينه .
المبدأ الخامس أو دعم السكان ، وما يعنيه أساسا (وليس حصرا) هو تاأثير
الجماعات الشعبية (المليشيا) وتسليح الشعب ، وفوق ذلك تتقلص كافة أنواع الاحتكاك ،
كما أن كافة مصادر التموين ستكون أقرب وأكثر وفرة .
تفيد
حملة عام 1812 لهذا الغرض كعدسة التكبير ، لأنها تبين وبوضوح كاف الطريقة الى يطبق
فيها المبدأن الثالث والرابع . لقد كان تعداد جيش نابليون عند عبور نهر نيمين
بحدود نصف مليون ، لكن لم يخض معركة بوردينو(موسكو) إلا على حوالى (120) ألف رجل ،
أما من وصل موسكو منهم فأقل من ذلك بكثير .
وفى
الحقيقة ، فأى هجوم لايؤدى إلى صلح فورى لابد أن ينتهى إلى الدفاع ، وينبغى عند
التخطيط لهجوم استراتيجى الانتباه وبشدة ودقة ومنذ لبداية لهذه النقطة – وبالذات
الدفاع الذى سيأتى بعده .
عندما
تعمل القطعات بتقارب ، أى من المحيط الخارجى نحو المركز ، فإن تقاربها أثناء
تقدمها يشكل فائدة كبيرة توجه فعاليتها نحو نهاية عامة ، لا تتوفر للخطوط
المتباعدة .
2- الهجوم المتقارب بقوة .
3- قطع خطوط التراجع .
وعموما سيحقق الهجوم المركز مكسبا فى الثقل
والحسم بقدر القوة المهاجمة ، وسيتضاءل هذا الكسب كلما تناقص حجم القوة حتى تصل
حدها الأدنى المطلق .
لا
علاقة لتأثير النيران المتقاطعة (المقراضية) بالاستراتيجية نهائيا ، بل يحل محلها
عامل آخر – هو التنبه ضد هجوم مباغت فى الخلف ، وهى تجربة عاشتها كل الجيوش بدرجة
ما .
لذا استحق الاستخدام المتقارب للقطعات ميزة أخرى
بجدارة ودون أى شك ، هى أن تاأثيره عل (أ) يمتد كذلك على (ب) ودون أن ينقص ذلك
شيئا من التأثير على (أ) بينما يستمر التأثير على (ب) بدوره كذلك ، لذلك فحاصل
التأثير ليس مجرد (أ+ب) بل أكبر من ذلك .
الانتصار ضرورى للنجاح : إذ لابد من هزيمة العدو قبل التفكير بقطع خطوط
انسحابه . تقارب وتباعد القوات ، وعن علاقة ذلك بالهجوم والدفاع .
الدفاع – إنه وببساطة الشكل الأكثر فاعلية فى الحرب والوسيلة لضمان انتصار
يمكن بعده التحول إلى التعرض وبعد تحقيق التفوق ، أى المضى نحو الهدف الايجابى
للحرب .
فالحقيقة التى لاشك فيها هى أن مجرد اتقاء الضرب
يتعارض والطبيعة الأساسية للحرب ، التى لا تقتصر بالتأكيد على مجرد التحمل والبقاء
، فحالما يحظى المدافع بفائدة مهمة ، يكون الدفاع قد أدى وظيفته ، وبينما ما زال
متمتعا بتلك الفائدة ، لابد من رد الضربة ، وإلا سيتعرض للدمار، ومن الحكمة أن
يطرق الحديد وهو ساخن.
يعتبر
التحول القوى والمفاجئ – أو سيف الانتقام الصارم – أعظم لحظات الدفاع ، وما لم يكن
ذلك فى ذهن وحسابات القائد منذ البداية ،
وبالأحرى ما لم تكن جزءا أساسيا من فكرته
فى الدفاع ( تصميم الدفاع ) ، فهذا يعنى عدم اقتناعه بتفوق الشكل الدفاعى .
لاشك
أن المعتدى غالبا ما يقرر الحرب قبل توصل المدافع المسكين لذلك ، ولو أحسن تهيئة
الوسائل الكفيلة لبقاء استعداداته سرا ، فقد يستولى على خصمه قبل أن يدرك ما حدث ،
فلابد أن يصبح الطرف الآخر راغبا فى الحرب ومتهيئا لها ،
فإن الضعفاء هم الذين
يحتاجون الدفاع ، الذى لابد أن يتسلح على الدوام كى لا يسهل قهره ، هكذا ينص قانون
فن الحرب .
تصور
وتفهم الدفاع كما ينبغى أن يكون ، تهيئة قصوى وشاملة لكل الوسائل ، فالجيش كفء
وأحسن إعداده للحرب ، كما تعود عليها وخبرها ،
وسيسمح القائد للعدو أن يأتى ، وأن
يتوغل ليس بسبب التردد والحيرة والفوضى ولا بسبب الخوف ، لكن باختياره ببرود وذكاء
مدروس ، كما أن الحصون أمينة ولا تخشى مغبة الحصار ،
وأخيرا فإن شعبا شجاعا قوى
القلب لا يخشى العدو بالقدر الذى لا يحس به عدوه نحوه .
0 التعليقات:
إرسال تعليق