عن الحرب 2
الكتاب الأول
عن
طبيعة الحرب
الحرب ليست فى النهاية سوى مبارزة على نطاق واسع
، صورتها ككل يمكن أن تتشكل بتصور اثنين من المتصارعين ، يسعى كل منهما ويفعل قوته
المادية لإجبار خصمه على الخضوع لمشيئته ، وغايته الآنيه هى إلقاء خصمه أرضا لجعله
عاجزا عن إبداء أية مقاومة .
وهكذا
فالحرب عمل من أعمال القوة لإجبار العدو على تنفيذ مشيئتنا .
القوة وكى
تجابه القوة المعادية ، تتجهز نفسها بما يتاح لها من مبتكرات العلوم والفنون ،
فالقوة هى لذلك ، وسائل الحرب
وفرض إرادتنا على العدو هو هدف الحرب ،
لتحقيق ذلك الهدف لابد من جعل العدو بلاحول أو
قوة .
الاستخدام الاقصى للقوة
قد يرى
ذوو القلوب الرحيمة أن هناك طريقة بارعة لتجريد العدو من سلاحه أو حتى تدميره دون
الكثير من سفك الدماء وقد يتصورون أن ذلك هو الهدف الحقيقى لفن الحرب ، ولكن رغم
الصورة البراقة لهذه الفكرة فلابد من كشف هذا الزيف ، فالحرب عمل بالغ الخطورة ،
والأخطاء التى تسببها الطيبة والسذاجة هى من أسوأ الأخطاء ،
لا يمكن
مقارنة الاستخدام الأقصى للقوة مطلقا مع الاستخدام المتزامن للفكر ،
فإن استخدام أحد الطرفين القوة دون ندم ، ودون
أن يأبه لسفك الدماء الذى سينجم عن ذلك ، فى الوقت الذى يحجم فيه الطرف الآخر عن
فعل ذلك فستكون اليد العليا للأول الذى سينجح بإجبار الطرف الآخر على أن يحذو حذوه
، وسيدفع كل طرف الآخر إلى النهاية القصوى ، وعوامل التحديد الوحيدة هى التوازن
المتقابل المتأصل فى الحرب .
المقصود هنا أن الأقوى أو من يملك زمام المبادرة سيجبر الأخر على التحرك فى
المحيط الذى رسمه له و" الرقص على موسيقاه " أو أن تكون تحركاته لا من
إبداعه وبمحض إرادته ولصالحه ووفقا لما يريد أو خطط له مسبقا بل لا أكثر من ردود
فعل ومتابعة لأفعال الخصم أى أن يصبح فى وضع أشبه بالشلل .
0 التعليقات:
إرسال تعليق