عن الحرب 56
مع إن
عرضنا للموضوع يبدو طويلا إلى حد ما ، إلا أن القرار فى الحياة العملية قد لا
يحتاج لأكثر من اللمحة الأولى .
العمليات على الجناح
المقصود فى مناقشتنا هذه هو الجناح الاستراتيجى – بكلمة أخرى ، جناح ( جانب
) مسرح العمليات ، ولا علاقة لذلك بهجوم على الجناح فى معركة ، لأن ذلك من موضوعات
التعبية .
تعد
تلك العمليات على الأجنحة والمواضع الجانبية التى تتواجد معها من الفرص السعيدة
التى يتلقفها الكتاب والمنظرون ، والنادرة الوقوع فى الحروب الحقيقية .
والسبب هو ليس أنها بلا فاعلية أو مجرد وسائل وأساليب عقيمة ، ولكن لأن
الطرفان يتخذان الكثير من التدابير لمواجهتها ، والحالات التى تعذر فيها اتخاذ
التدابير والتحوطات فيها نادرة للغاية
القوات التى ترسل للعميل ضد أجنحة ومؤخرة العدو لن تكون متيسرة لاستخدامها
ضد جبهته ، لذلك سيكون من الخطأ تماما ، فى التعبية وفى الاستراتيجية معا ،
التفكير بأن الانقضاض على مؤخرة العدو يعد إنجازا بذاته ، فلا قيمة له وحده كعمل
مستقل ومنعزل ، بل سيغدو فعالا ومؤثرا متى ارتبط مع عوامل أخرى .
أولا
وقبل كل شئ ، يجب التمييز بين وجهين لتأثير عملية على نجاح استراتيجى ، هما
التأثير على خطوط مواصلات العدو فقط ، والتأثير على تراجعه – والتى تكون بالمقابل
لها تأثيرات على المواصلات .
يستهدف الضغط على خطوط مواصلات العدو مهاجمة قوافل الإمدادات ، والمفارز
الصغيرة التى فى مؤخرات الجيش ، والسعاة وقوافل البريد ، والمسافرين ،
ومستودعات
العدو الصغيرة وما شاكل ذلك – أى كل ما من شأنه فى الحقيقة أن يساعد الجيش فى
تأمين احتياجاته لإبقاء قطعاته فى حالة جيدة وحيوية ، ويعنى الضغط بذلك عرقلة
الظروف العادية لقوات العدو ، وبالتالى دفعه إلى الانسحاب .
أما
الضغط على خطوط الانسحاب فيعنى إيقاف وعرقلة انسحاب الجيش ، ويمكن فعل ذلك فى حالة
عزم العدو على التراجع فعلا ، ومع ذلك فالتهديد بذلك قد يدفع العدو إلى الانسحاب .
أما
المساعدة المتيسرة لقوة الغارة التى تحسن نطق اللهجة المحلية ، وتعرف المنطقة
والسكان ، وقادرة على استلام الرسائل ، وتحظى بدعم السلطات المحلية ، فبوسع هذه أن
تفعل وتقدم الكثير لمفارز صغيرة كهذه .
العمليات على الأجنحة كثيرة الفائدة :
1- فى الدفاع .
2- عند نهاية الحملة .
3- خصوصا عند التراجع إلى داخل البلاد .
4- بالارتباط مع حروب العصابات ( العصيان المسلح )
يجب إناطة تنفيذها إلى مغيرين ماهرين يجب أن
يتحركوا بشجاعة فى مجموعات صغيرة وتهاجم بجرأة وعنف ، مركزين هجماتهم على حاميات
العدو ووحداته الضعيفة ، وأرتاله ووحداته الصغيرة المتنقلة ،
على أن يراعو تشجيع
ودعم قوات الحرس الوطنى فى قواطعهم ويشركونهم فى حالات معينة فى عملياتهم ، المهم
فى هذا هو عدد وحدات منها لتنفيذ عمليات رئيسية دون الكثير من التأخير بفعل
النزوات والأمزجة التافهة والكبرياء السخيفة لقادة تلك المجموعات ، أخيرا لابد من
تفحص تأثيرها على خطوط انسحاب العدو .
لقطع
خطوط انسحاب العدو – فأفضل الحلول هو معركة حاسمة ، أو على الأقل التهيؤ لها ، ومن
الواضح أنه لم يكن لنابليون من مجال وفى جميع الأحوال لحشد قواته فى سلزيا أو
ساكونى قبل بدء الغزو، لأن ذلك كان سيفقده كل فوائد المباغتة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق