24‏/10‏/2016

عن الحرب 56

عن الحرب 56


العمليات على الجناح

   المقصود فى مناقشتنا هذه هو الجناح الاستراتيجى – بكلمة أخرى ، جناح ( جانب ) مسرح العمليات ، ولا علاقة لذلك بهجوم على الجناح فى معركة ، لأن ذلك من موضوعات التعبية .

   تعد تلك العمليات على الأجنحة والمواضع الجانبية التى تتواجد معها من الفرص السعيدة التى يتلقفها الكتاب والمنظرون ، والنادرة الوقوع فى الحروب الحقيقية .

   والسبب هو ليس أنها بلا فاعلية أو مجرد وسائل وأساليب عقيمة ، ولكن لأن الطرفان يتخذان الكثير من التدابير لمواجهتها ، والحالات التى تعذر فيها اتخاذ التدابير والتحوطات فيها نادرة للغاية 

   القوات التى ترسل للعميل ضد أجنحة ومؤخرة العدو لن تكون متيسرة لاستخدامها ضد جبهته ، لذلك سيكون من الخطأ تماما ، فى التعبية وفى الاستراتيجية معا ، التفكير بأن الانقضاض على مؤخرة العدو يعد إنجازا بذاته ، فلا قيمة له وحده كعمل مستقل ومنعزل ، بل سيغدو فعالا ومؤثرا متى ارتبط مع عوامل أخرى .

   أولا وقبل كل شئ ، يجب التمييز بين وجهين لتأثير عملية على نجاح استراتيجى ، هما التأثير على خطوط مواصلات العدو فقط ، والتأثير على تراجعه – والتى تكون بالمقابل لها تأثيرات على المواصلات .

   يستهدف الضغط على خطوط مواصلات العدو مهاجمة قوافل الإمدادات ، والمفارز الصغيرة التى فى مؤخرات الجيش ، والسعاة وقوافل البريد ، والمسافرين ،

 ومستودعات العدو الصغيرة وما شاكل ذلك – أى كل ما من شأنه فى الحقيقة أن يساعد الجيش فى تأمين احتياجاته لإبقاء قطعاته فى حالة جيدة وحيوية ، ويعنى الضغط بذلك عرقلة الظروف العادية لقوات العدو ، وبالتالى دفعه إلى الانسحاب .

   أما الضغط على خطوط الانسحاب فيعنى إيقاف وعرقلة انسحاب الجيش ، ويمكن فعل ذلك فى حالة عزم العدو على التراجع فعلا ، ومع ذلك فالتهديد بذلك قد يدفع العدو إلى الانسحاب .

   أما المساعدة المتيسرة لقوة الغارة التى تحسن نطق اللهجة المحلية ، وتعرف المنطقة والسكان ، وقادرة على استلام الرسائل ، وتحظى بدعم السلطات المحلية ، فبوسع هذه أن تفعل وتقدم الكثير لمفارز صغيرة كهذه .

   مع إن عرضنا للموضوع يبدو طويلا إلى حد ما ، إلا أن القرار فى الحياة العملية قد لا يحتاج لأكثر من اللمحة الأولى . 

   العمليات على الأجنحة كثيرة الفائدة :

1-   فى الدفاع .
2-   عند نهاية الحملة .
3-   خصوصا عند التراجع إلى داخل البلاد .
4-   بالارتباط مع حروب العصابات ( العصيان المسلح )

   يجب إناطة تنفيذها إلى مغيرين ماهرين يجب أن يتحركوا بشجاعة فى مجموعات صغيرة وتهاجم بجرأة وعنف ، مركزين هجماتهم على حاميات العدو ووحداته الضعيفة ، وأرتاله ووحداته الصغيرة المتنقلة ، 

على أن يراعو تشجيع ودعم قوات الحرس الوطنى فى قواطعهم ويشركونهم فى حالات معينة فى عملياتهم ، المهم فى هذا هو عدد وحدات منها لتنفيذ عمليات رئيسية دون الكثير من التأخير بفعل النزوات والأمزجة التافهة والكبرياء السخيفة لقادة تلك المجموعات ، أخيرا لابد من تفحص تأثيرها على خطوط انسحاب العدو .


   لقطع خطوط انسحاب العدو – فأفضل الحلول هو معركة حاسمة ، أو على الأقل التهيؤ لها ، ومن الواضح أنه لم يكن لنابليون من مجال وفى جميع الأحوال لحشد قواته فى سلزيا أو ساكونى قبل بدء الغزو، لأن ذلك كان سيفقده كل فوائد المباغتة . 

0 التعليقات: