25‏/10‏/2016

عن الحرب 75

عن الحرب 75

الغاية الحدودة – الحرب الدفاعية

   الغاية الإيجابية للمدافع هى الاحتفاظ بما لديه ، وإذا تمعنا فى الاستنزاف النسبى لقوات الطرفين ، فليس المدافع فى الموقف الأسوأ ، المدافع هو الأضعف عادة ، أما إذا تساوت خسائر الطرفين فالمدافع هو الأكثر تضررا .

   بالتأكيد سيؤدى استنزاف طاقة ، أو لكى نكون أكثر دقة فهناك إنهاك الطرف الأقوى غالبا إلى السلام .

   يجب أن تجسد غاية المدافع فكرة – الانتظار ، وهو بعد كل شئ السمة الرئيسية للدفاع ما لم يحث التحسن من الداخل – أى بفعل المقاومة المحض – فلا يمكن أن يأتى إلا من الخارج فقط ، ويتضمن التحسن من الخارج تبديلا فى الموقف السياسى ، أما بوصول حلفاء جديدين للمدافع أو بانسحاب حلفاء المهاجم . هكذا ستكون إذا غاية المدافع .

   يتضمن الدفاع عمليات هجومية صغيرة دونما تغيير كبير لطبيعة وأغراض الدفاع ، مجرد سيطرة مؤقتة على أجزاء معينة يمكن إعادتها فيما بعد ، يمكن أن تأخذ تلك الهجمات شكل غارات أو عمليات تشتيت .

   كلما تم اختيار الدفاع بشكل مدروس أكثر لضمان الجولة الأولى ، كلما زادت قدرة المدافع على تقبل مخاطر أكبر فى نفخ الأفخاخ للعدو .

   إذا أردنا التعلم من التاريخ ، فعلينا أن ندرك أن ما حدث مرة يمكن أن يتكرر ، لا يمكن تحقيق انتصار رئيسى إلا بتدابير إيجابية تستهدف حسما ، وليس بمجرد انتظار الأحداث أبدا .


   علينا البحث فى كيفية تخطيط حرب بكاملها، المبدأ الأول ، هو أن الحجم النهائى لقوة العدو يجب أن تعقب وتقلص إلى أقل عدد من الموارد ، والصورة المثلى هى أن يحدد المصدر النهائى والوحيد ، ويجب ضغط الهجوم على تلك الموارد بعدد محدود من الأعمال – والحل المثالى ومرة أخرى هو بعمل واحد . 

والخلاصة فالمبدأ الأول هو : اعمل بأقصى تركيز (حشد) .   

المبدأ الثانى هو : اعمل بأقصى سرعة ويجب أن لا يسمح بأى توقف أو تحول دون سبب هام . 

   يعتمد واجب تقليص موارد وقوة العدو إلى مركز ثقل واحد على :

1-   توزيع قوى العدو السياسية .

2-   الموقف فى مسرح الحرب وحيث تعمل مختلف الجيوش .

   المهمة الأولى فى التخطيط لحرب ما إذا عى فى تحديد مراكز ثقل العدو ، ومحاولة إرجاعها إلى مركز واحد إن أمكن .   
                                
   المهمة الثانية هى ضمان تحشيد القوة التى ستستخدم ضد تلك النقطة لهجوم رئيسى .

المبدأ الثانى هو الاستخدام السريع لقوتنا 

   كل هدر غير ضرورى للوقت ، وكل انحراف أو تحويلة لا مبرر لها ، هما تضييع للقوة ، وبالتالى منافى للفكر الاستراتيجى ، الفائدة الوحيدة للهجوم تقريبا ، ترتكز فى المباغتة الأولية ، السرعة والزخم هما أقوى عناصرها ، ولا يمكن الاستغناء عنهما عادة إن أردنا دحر العدو . 

وهكذا تتطلب النظرية أقصر الطرق إلى الهدف .

   حال تحقيق انتصار كبير فلا مجال لأى حديث عن توقف أو راحة ، أو حتى لاستعادة الأنفاس ، أو لإعادة النظر فى الموقف أو لتقويته وغير ذلك ، بل بالتركيز على المطاردة فقط ، ومهاجمة العدو من جديد إن لزم الأمر، واحتلال عاصمته ، ومهاجمة إحتياطاته ، أو أى شئ آخر قد يمنح بلد العدو المساعدة والإنعاش .

   أما من يؤكد أن حملة 1812 كانت حماقة كاملة بسبب فشلها الذريع إلا أنه كان سيعتبرها انجازا رائعا لو أنها حققت أهدافها فإنما يؤكد لنا عجزه التام عن الوصول إلى أحكام سليمة .

   أما نحن فنرى أن حملة 1812 قد فشلت بسبب حافظة الحكومة الروسية على أعصابها ومواصلة الشعب صموده وولاءه ، بل لعل نابليون قد أخطأ بالتورط فيها أساسا ، ونتائجها وحدها تؤكد لنا على الأقل أنه أخطأ حسابها .

   لعل خطأه هو أن جيشه عوقب بإذلال قاس أكثر من المعتاد ، إلا أن الخطأ لم يكن من العمق الذى اندفع إليه عند اختراقه روسيا ، فذلك كان هدفه وأمر لا يمكن تجنبه ، بل يكمن الخطأ فى تأخيره بدء الحملة ، وفى الأرواح التى أتلفها بسبب أساليبه فى العمل ، وتجاهله شئون التموين ، وسلامة خطوط انسحابه ، وأخيرا طول إقامته فى موسكو .

   بعد فصل القوات من أجل اتحادها ثانية بعد بضعة أيام ، سمة لكل الحروب تقريبا  إلا أنها فى الأساس لا معنى لها . 

   لا ينبغى وضع القوات الثانوية بأمرة القادة التقليدين الشديدى الحذر ، والرجال المناسبين هنا هم أكثرهم شجاعة وعزما ، إذ علينا الإصرار ثانية أن ما من شئ أهم فى العمليات الاستراتيجية المنفصلة من أن يترك لكل قسم تقديم أفضل ما عنده ، وتطوير استخدام قواه بكاملها .

   يجب أن يكون الاهتمام الرئيسى للقائد العام هو البحث عن المعركة الحاسمة والرئيسية وخوضها بتفوق عددى كهذا ، وفى ظروف كالتى يستلزمها الانتصار الحاسم ، يجب التضحية بكل شئ لأجل ذلك الهدف ، كما يجب سحب أقل ما يمكن من الرجال لواجبات الحصار والتطويق ، والحاميات وغيرها .

 ينبغى أن يكون الهجوم كالأسفين الذى أحسن صقله ، وليس كفقاعة تزداد انتفاخا حتى تنفجر .  


0 التعليقات: