عن الحرب 50
يمكن للمقاومة المسلحة ، ومن خلال تنوع
تركيباتها الممكنة ، أن تغير مظهرها ، كما تنوع خصائص الدفاع المسلح (الفعال) ،
وعلى الأخص فى الحالات التى ليس فيها قتال فعلى ،
بل تتأثر النتائج بحقيقة إمكانية
حدوثه ، وإلى الحد الذى يدفع بالمرء إلى تصور وجود مبدأ فعال جديد نوعا ما بانتظار
من يكتشفه .
والفرق الواسع
بين الصدام الفاجع فى معركة واضحة ، وبين تأثير بناء استراتيجى يمنع اندفاع
الأشياء بعيدا جدا ، سيدفع المرء إلى الافتراض بوجود قوة مختلفة تفعل فعلها – حدس
يشبه إلى حد ما ، افتراض الفلكيين أن البعد الشاسع ما بين المريخ والمشترى لابد أن
يحتوى أجراما أخرى .
عندما
يتحقق الحسم دون سفك دماء ، وسيقال عند ذلك بأن التخطيط الاستراتيجى لتلك المعارك ،
وليس الحسم التعبوى هو ما ينبغى اعتباره المبدأ الفعال .
وأكثر
من ذلك فسيكون التخطيط الاستراتيجى فعالا ونافذا فقط ، فى الحالات التى يدار
الدفاع ويعتمد فيها على وسائل أخرى غير قوة السلاح .
لنتذكر أن قائدا مثل نابليون كان يندفع بقوة متخطيا كل خطط أعدائه
الاستراتيجية بحثا عن المعركة ، لأنه نادرا ما شك فى نتائج معاركه ، لذلك فطالما لم يحاول الاستراتيجيون من خصومه
سحقه بكل قوة فى معركة يضمنون فيها التفوق فى القوة ،
وطالما واصلوا الاشتباك معه
بقوات أقل ( وأضعف ) ودون خداع أو تدبر فستتهاوى كافة مخططاتهم كبيت العنكبوت .
لذلك
نرى من المفيد التأكيد على استناد كل تخطيط استراتيجى على النجاح التعبوى وحده ،
حين لا يوجد مبرر للخوف من النتيجة فقط -
إما بسبب خصائص أو موقف العدو ، أو لتعادل وتقارب الجيشان ماديا ومعنويا ، أو لأن
جيشنا بالذات هو الأقوى فعلا – عندها فقط يمكن أن نتوقع النتائج ( المرجوة ) من
التركيب والأدوات الاستراتيجية وحدها .
بوسعنا أن نرى وفى حالات عديدة ، أن سبب تحقيق المدافع النجاح دون قتال ،
فالسبب الحقيقى هو وهن عزيمة المهاجم ، التى أدت به إلى التردد وخوف التحرك ، يعود
الفشل إلى الخوف من قوة العدو .
وهكذا
فحتى فردريك الكبير الذى وعند وصول الأمور إلى المعركة يكون أكثر القادة ميلا إلى
التعرض ، اضطر هو نفسه أخيرا اللجوء إلى أدق أنواع الدفاع ، تحديدا عندما أصبح
تباين القوى كبير جدا ، ثم أليس نابليون هو الآخر الذى اعتاد الاندفاع نحو أعدائه
كالخنزير البرى ،
وكيف تحول كالحيوان المقيد فى قفص عندما أصبح ميزان القوى فى غير
صالحه فى (آب وايلول 1813) ، دونما محاولة شن أى هجوم خادع ضد أى من خصومه ؟ ثم
ألم نجده فى لايبزك فى (تشرين أول) من نفس العام ،
عندما بلغ التفاوت فى القوات
ذروته ، ملتجئا وسط الزاوية التى بين أنهار ( بارت ، وايلستر ، وبليزى ) وكما لو
أنه داخل غرفة أسند ظهره فيها إلى الجدار ، بانتظار أعداءه ؟ .
0 التعليقات:
إرسال تعليق