23‏/10‏/2016

عن الحرب 50

عن الحرب 50

   يمكن للمقاومة المسلحة ، ومن خلال تنوع تركيباتها الممكنة ، أن تغير مظهرها ، كما تنوع خصائص الدفاع المسلح (الفعال) ، وعلى الأخص فى الحالات التى ليس فيها قتال فعلى ، 

بل تتأثر النتائج بحقيقة إمكانية حدوثه ، وإلى الحد الذى يدفع بالمرء إلى تصور وجود مبدأ فعال جديد نوعا ما بانتظار من يكتشفه .

  والفرق الواسع بين الصدام الفاجع فى معركة واضحة ، وبين تأثير بناء استراتيجى يمنع اندفاع الأشياء بعيدا جدا ، سيدفع المرء إلى الافتراض بوجود قوة مختلفة تفعل فعلها – حدس يشبه إلى حد ما ، افتراض الفلكيين أن البعد الشاسع ما بين المريخ والمشترى لابد أن يحتوى أجراما أخرى .

   عندما يتحقق الحسم دون سفك دماء ، وسيقال عند ذلك بأن التخطيط الاستراتيجى لتلك المعارك ، وليس الحسم التعبوى هو ما ينبغى اعتباره المبدأ الفعال .

   وأكثر من ذلك فسيكون التخطيط الاستراتيجى فعالا ونافذا فقط ، فى الحالات التى يدار الدفاع ويعتمد فيها على وسائل أخرى غير قوة السلاح . 

   لنتذكر أن قائدا مثل نابليون كان يندفع بقوة متخطيا كل خطط أعدائه الاستراتيجية بحثا عن المعركة ، لأنه نادرا ما شك فى نتائج معاركه ،  لذلك فطالما لم يحاول الاستراتيجيون من خصومه سحقه بكل قوة فى معركة يضمنون فيها التفوق فى القوة ،

 وطالما واصلوا الاشتباك معه بقوات أقل ( وأضعف ) ودون خداع أو تدبر فستتهاوى كافة مخططاتهم كبيت العنكبوت .

   لذلك نرى من المفيد التأكيد على استناد كل تخطيط استراتيجى على النجاح التعبوى وحده ، حين لا يوجد مبرر للخوف من النتيجة فقط  - إما بسبب خصائص أو موقف العدو ، أو لتعادل وتقارب الجيشان ماديا ومعنويا ، أو لأن جيشنا بالذات هو الأقوى فعلا – عندها فقط يمكن أن نتوقع النتائج ( المرجوة ) من التركيب والأدوات الاستراتيجية وحدها .

   بوسعنا أن نرى وفى حالات عديدة ، أن سبب تحقيق المدافع النجاح دون قتال ، فالسبب الحقيقى هو وهن عزيمة المهاجم ، التى أدت به إلى التردد وخوف التحرك ، يعود الفشل إلى الخوف من قوة العدو .


   وهكذا فحتى فردريك الكبير الذى وعند وصول الأمور إلى المعركة يكون أكثر القادة ميلا إلى التعرض ، اضطر هو نفسه أخيرا اللجوء إلى أدق أنواع الدفاع ، تحديدا عندما أصبح تباين القوى كبير جدا ، ثم أليس نابليون هو الآخر الذى اعتاد الاندفاع نحو أعدائه كالخنزير البرى ،

 وكيف تحول كالحيوان المقيد فى قفص عندما أصبح ميزان القوى فى غير صالحه فى (آب وايلول 1813) ، دونما محاولة شن أى هجوم خادع ضد أى من خصومه ؟ ثم ألم نجده فى لايبزك فى (تشرين أول) من نفس العام ، 

عندما بلغ التفاوت فى القوات ذروته ، ملتجئا وسط الزاوية التى بين أنهار ( بارت ، وايلستر ، وبليزى ) وكما لو أنه داخل غرفة أسند ظهره فيها إلى الجدار ، بانتظار أعداءه ؟ .  
      

0 التعليقات: