16‏/10‏/2016

عن الحرب 28

عن الحرب 28

المعركة : قرار المعركة

   ماهى المعركة ؟ صراع من أجل انتصار حقيقى ، وتشن بكل الطرق المتيسرة .
   تحطيم خط المعركة هو بذاته الحسم ، كما أن اكتساح أحد الأجنحة وازاحته من أماكنه سيقرر مصير الجناح الذى كان ثابتا بقوة . 

 يصف سير المعركة كعملية استنزاف متبادل ، بطيئة ، ستكشف عن الطرف الذى سينهك عدوه أولا . 

 عدد الاحتياط المتيسر للجانبين العلامات التى تؤشر التحول فى التوازن .  

 تصنيع نتيجة المعركة ككل من نتائج الاشتباكات التى تشكل المعركة ،
 ويمكن تمييز هذه النتائج ( الصغيرة ) بثلاثة علامات متميزة :
-         الأولى:  وهى التأثير النفسى لقوة وقدرة ومعنويات القائد .

-         الثانية : ذوبان القطعات بسرعة وبمعدلات أكبر مما يحدث فى جانب العدو .

-         الثالثة : فهى مقدار ما نخسره من أرض .

   تعمل هذه المؤشرات الثلاث كبوصلة تمكن القائد من معرفة وتحديد اتجاهات معركته .

   النتيجة النهائية ، وكقاعدة تتأثر بنسبة الاحتياط الجديد والجاهز والذى لم يسبق استخدامه . 
والقائد الذى سيتأكد من تفوق خصمه بشكل ملحوظ فى حجم الاحتياطات سيقرر على التراجع .

 وطالما امتلك القائد من الاحتياطات أكثر من خصمه ، فلن يتخلى عن المعركة حتى لو أظهرت له العديد من المؤشرات على سوء الحال . لكن وحالما تقترب احتياطاته لأن تغدو أضعف من احتياطات الخصم ، فالنهاية نتيجة محتومة .  

ومن بين هذه الاعتبارات هناك اثنان يتكرران باستمرار هما ، تهديد لخط الانسحاب أولا ، واقتراب لليل ثانيا .

   وإذا تناقصت قوة الاحتياط بشكل لايمكنها معه رصد أو ازاحة أى ضغط (معاد)  فليس أمامنا من سبيل آخر سوى الاستسلام للقدر ، وكى نعمل على انقاذ كلما يمكن إنقاذه ، ونعنى بذلك من خلال انسحاب منظم ، وإلا سيضيع كلما كان بوسعنا إنقاذه لو تأخرنا وتبعثرت القطعات عند الاندحار والهزيمة .

   كلما كبر التهديد بفقدان السيطرة ( التوازن ) على المعركة ، كلما أضحت أشد تأثرا واستجابة لأى شيئ يحدث لأى من أجزائها الأساسية . ففقدان أو خسارة بطرية واحدة ، 
أو اكتساحها بصولة خيالة قد يعجل من قناعة القائد بوضع قرار الانسحاب الذى كان يدور فى ذهنه وقتها موضع التنفيذ .

   كلمة أخيرة ، النقطة التى تصطدم فيها شجاعة القائد من جهة وحكمته وحسن تصريفه للأمور ، أن جاز لنا قول ذلك ، مع بعضها البعض .

فهناك من ناحية فخر طاغ للقاهر المنتصر ، والتصميم العنيد الذى يتوافق مع الصلابة الفطرية المتأصلة ، والمقاومة المأساوية للاخلاص النبيل (وشرف المهنة) والتى تصر كلها على رفض التخلى عن ميدان المعركة حيث امتحان الشرف والإباء . 

لكن هناك ومن الناحية الأخرى صوت العقل والمنطق الذى يرفض التضحية بكل ما تحت اليد ، ويرفض المقامرة بآخر ما بقى من الموارد والطاقات ، والداعى إلى الاحتفاظ بكل ما هو ضرورى لانسحاب منظم . 

 وبغض النظر عن سمو مزايا الشجاعة والصمود فى الحرب ، وبغض النظر عن قلة وصغر الفرصة المتاحة لانتصار قائد يتردد أو يخشى الاندفاع بكل ما تحت تصرفه من قوى ، فرغم كل ذلك هناك نقطة يصبح كل اصرار ومقاومة بعدها لا أكثر من حماقة يائسة وبائسة . فلا عذر لذلك ولا غفران .


   وفى أشهر المعارك قاطبة ، أى واترلوا ( Belle- Alliance ) ألقى نابليون بكل ما لديه من قوة فى جهد أخير لانقاذ معركة كانت قد تجاوزت خط أو نقطة الرجوع  لقد أنفق آخر فلس بيده ، وانسحب كالشحاذ من ميدان المعركة ومن الامبراطورية . 

0 التعليقات: