عن الحرب 28
المعركة : قرار المعركة
ماهى
المعركة ؟ صراع من أجل انتصار حقيقى ، وتشن بكل الطرق المتيسرة .
تحطيم
خط المعركة هو بذاته الحسم ، كما أن اكتساح أحد الأجنحة وازاحته من أماكنه سيقرر
مصير الجناح الذى كان ثابتا بقوة .
يصف سير المعركة كعملية استنزاف متبادل ، بطيئة ، ستكشف عن الطرف الذى
سينهك عدوه أولا .
عدد الاحتياط المتيسر للجانبين العلامات التى تؤشر التحول فى التوازن
.
تصنيع نتيجة المعركة ككل من
نتائج الاشتباكات التى تشكل المعركة ،
ويمكن تمييز هذه النتائج ( الصغيرة ) بثلاثة
علامات متميزة :
-
الأولى: وهى التأثير النفسى لقوة وقدرة ومعنويات القائد .
-
الثانية : ذوبان القطعات بسرعة وبمعدلات أكبر مما يحدث فى جانب العدو .
-
الثالثة : فهى مقدار ما نخسره من أرض .
تعمل هذه المؤشرات الثلاث كبوصلة تمكن القائد
من معرفة وتحديد اتجاهات معركته .
النتيجة النهائية ، وكقاعدة تتأثر بنسبة الاحتياط الجديد والجاهز والذى لم
يسبق استخدامه .
والقائد الذى سيتأكد من تفوق خصمه بشكل ملحوظ فى حجم الاحتياطات
سيقرر على التراجع .
وطالما امتلك
القائد من الاحتياطات أكثر من خصمه ، فلن يتخلى عن المعركة حتى لو أظهرت له العديد
من المؤشرات على سوء الحال . لكن وحالما تقترب احتياطاته لأن تغدو أضعف من
احتياطات الخصم ، فالنهاية نتيجة محتومة .
ومن بين هذه الاعتبارات هناك اثنان يتكرران
باستمرار هما ، تهديد لخط الانسحاب أولا ، واقتراب لليل ثانيا .
وإذا
تناقصت قوة الاحتياط بشكل لايمكنها معه رصد أو ازاحة أى ضغط (معاد) فليس أمامنا من سبيل آخر سوى الاستسلام للقدر ،
وكى نعمل على انقاذ كلما يمكن إنقاذه ، ونعنى بذلك من خلال انسحاب منظم ، وإلا
سيضيع كلما كان بوسعنا إنقاذه لو تأخرنا وتبعثرت القطعات عند الاندحار والهزيمة .
كلما
كبر التهديد بفقدان السيطرة ( التوازن ) على المعركة ، كلما أضحت أشد تأثرا
واستجابة لأى شيئ يحدث لأى من أجزائها الأساسية . ففقدان أو خسارة بطرية واحدة ،
أو اكتساحها بصولة خيالة قد يعجل من قناعة القائد بوضع قرار الانسحاب الذى كان
يدور فى ذهنه وقتها موضع التنفيذ .
كلمة
أخيرة ، النقطة التى تصطدم فيها شجاعة القائد من جهة وحكمته وحسن تصريفه للأمور ،
أن جاز لنا قول ذلك ، مع بعضها البعض .
فهناك من ناحية فخر طاغ للقاهر المنتصر ،
والتصميم العنيد الذى يتوافق مع الصلابة الفطرية المتأصلة ، والمقاومة المأساوية
للاخلاص النبيل (وشرف المهنة) والتى تصر كلها على رفض التخلى عن ميدان المعركة حيث
امتحان الشرف والإباء .
لكن هناك ومن الناحية الأخرى صوت العقل والمنطق الذى يرفض
التضحية بكل ما تحت اليد ، ويرفض المقامرة بآخر ما بقى من الموارد والطاقات ،
والداعى إلى الاحتفاظ بكل ما هو ضرورى لانسحاب منظم .
وبغض النظر عن سمو
مزايا الشجاعة والصمود فى الحرب ، وبغض النظر عن قلة وصغر الفرصة المتاحة لانتصار
قائد يتردد أو يخشى الاندفاع بكل ما تحت تصرفه من قوى ، فرغم كل ذلك هناك نقطة
يصبح كل اصرار ومقاومة بعدها لا أكثر من حماقة يائسة وبائسة . فلا عذر لذلك ولا
غفران .
وفى
أشهر المعارك قاطبة ، أى واترلوا ( Belle- Alliance )
ألقى نابليون بكل ما لديه من قوة فى جهد أخير لانقاذ معركة كانت قد تجاوزت خط أو
نقطة الرجوع لقد أنفق آخر فلس بيده ،
وانسحب كالشحاذ من ميدان المعركة ومن الامبراطورية .
0 التعليقات:
إرسال تعليق