عن الحرب 73
الأفكار التى تجمل مفهوم ما يعرف بالعملية
الهجومية المنهجية فسنجد عادة ما يلى :
1- احتلال قلاع العدو التى فى طريقك .
2- جمع (تكديس) ما تحتاجه من مدخرات .
3- حصن النقاط المهمة كالمستودعات والجسور والمواضع
وغيرها .
4- أرح قطعاتك فى المعسكرات الشتوية أو معسكرات
الراحة .
5- انتظر تعزيزات العام القادم .
وسنحاول الآن تفنيدها وإسقاطها بإحاطة من
الجناح الأيسر .
1- لانتظار تعزيزات نفس الفوائد للطرف الآخر- إن لم
تكن أكبر برأينا .
2- سيريح العدو قطعاته فى الوقت الذى نريح فيه
قواتنا .
3- ليس تحصين المدن والمواضع من عمل الجيوش لذلك لا
تشكل عذرا .
4- آخذين طريقة تموين الجيوش بنظر الإعتبار ، نرى
أنها فى حاجة إلى المستودعات أثناء توقفها أكثر مما فى حالة الحركة ، وطالما استمر
التقدم بطريقة صحيحة وجيدة فسيقع الكثير من تموين العدو فى أيدينا للتعويض عن أى
نقص فى المستوردعات المحلية .
5- لا يستوجب تقليل عدد قلاع العدو إيقاف التعرض بل
إن ذلك يعنى تعزيز التقدم .
فعندما يضطرنا ضعفنا للتوقف ، فالاندفاع ثانية
نحو الهدف سيغدو مستحيلا ، ما إذا تمكنا من القيام بذلك ، فهو سيؤكد لنا تماما إن
لم تكن هناك ضرورة للتوقف أساسا .
تدمير العدو الغاية الرئيسية للفعاليات العسكرية ،
نفترض الشروط الضرورية لتدمير العدو توفر تفوق مادى أو معنوى مسبقا ، أو على الأقل
توفر روح الإصرار الطاغى ، وتجاهل أولا لامبالاة بأية مخاطر جدية ، والاحتفاظ بما
لدينا لحين تحول الأمور نحو الأحسن ، هو غاية الحرب الدفاعية .
يفترض
توفر أساس لتوقع حدوث ذلك دلالة تجمل لنا حرب "الانتظار" – أى الحرب
الدفاعية – أما الحرب الهجومية – أى استقلال الفوائد الآنية – فمرغوبة طالما كان
المستقبل سيوفر مواقفا أفضل للعدو مما لنا .
تأثير الغاية السياسية على الهدف العسكرى
قد
يدعم بلد ما قضية بلد آخر ، إلا أنه لن يأخذ ذلك جديا كأن يجعلها قضيته هو ، وقد
يرسل قوة بحجم معقول لإسناد تلك القضية ، لكن إن تردى الموقف فقد تنتهى العملية
كليا ، وقد يحاول ذلك البلد التراجع بأقل تكلفة ممكنة .
شن
حروب صغيرة كهذه ، والتى تقتصر فقط على تهديد العدو مع الاحتفاظ بالمفاوضات لما
بعد
الحرب هى أداة السياسة
الحرب
فرع من النشاط السياسى ، وإنها ليست مستقلة على أية حال من الأحوال ، الحرب
وببساطة استمرار للعلاقات السياسية بالإضافة إلى وسائل أخرى .
فإن
كان الأمر كذلك فليس بوسع الحرب الافتراق عن الحياة السياسية ، ومتى ما حدث ذلك فى
تفكيرنا حول الحرب ، فستتلف كافة العناصر التى تربط بين الاثنتين وسوف لن يتبقى
لنا سوى شئ لا قيمة له وخال من أى معنى .
السياسة تحول العنصر التدميرى الساحق للحرب إلى مجرد آلة ، إذا كانت الحرب
جزء من السياسة ، فستقرر هذه طبيعة الحرب .
ليس
من شئ أكثر أهمية فى الحياة من العثور على قاعدة أو نقطة ارتكاز لرؤية الأشياء
والحكم عليها ومن ثم الالتصاق بها .
الافتراض الذى لايمكن تجاوزه فى أن السياسة تعرف حدود وطاقات الآلة التى
تنوى استخدامها ، فإن فن الحرب وفى أعلى مستوياته يتحول إلى سياسة ، إلا أنها
سياسة تدار بخوض المعارك لا بإرسال المذكرات الدبلوماسية . قدرا من تفهم المسائل
العسكرية أمر ضرورى جدا للمسئولين عن السياسة العامة ، المطلوب فى مركز كهذا هو
الفكر المتميز وقوة الشخصية .
إن
أريد للحرب أن تنسجم كلية مع الأهداف السياسية وأن تتلائم السياسة مع الوسائل
المتوفرة للحرب ، عندها وما لم يندمج رجل الدولة والجندى فى شخص واحد ، فالحل
المعقول الوحيد هو بجعل القائد العام عضوا فى مجلس الوزراء ، وبذلك يستطيع مجلس
الوزراء المشاركة فى الجوانب الرئيسية لأنشطته .
أما
الأمر البالغ الخطورة فهو السماح لأى جندى عدا القائد العام بالتدخل والتأثير على
الحكومة ، ونادرا ما حقق تدخل كهذا أعمالا جيدة بشكل ملفت للنظر . ولايمكن استخدام
الرعب والتخويف كسلاح إلا من قبل حكومة ثورية فقط .
والخلاصة بوسعنا القول أن عشرين عاما من الانتصارات الثورية لم تتحقق إلا
بفضل الأخطاء السياسية لأعداء فرنسا .
صحيح أم تلك الأخطاء لم تظهر للعيان إلا فى مسار الحروب فقط ، والتى خيبت
كليا كل التوقعات السياسية التى أملوا تحقيقها ، إلا أن المشكلة ليست فى تجاهل
رجال الدولة لوجهات نظر القادة العسكريين . كان الفن الحربى الذى اعتمده السياسيون
جزء من العالم الذى اعبروه حقيقة – كفرع من فروع فن الحرب المعاصر ،
وآلة معروفة
ومألوفة وكانت قيد الاستعمال لسنين .
إلا
أن ذلك الشكل من الحرب يشارك السياسة أخطاءها بطبيعة الحال ، لذلك كان عاجزا عن
تقديم أى علاج ، وصحيح أن الحرب نفسها قد تعرضت لتغييرات كبيرة وهامة فى أساليبها
وسماتها ، وهى تغييرات قربت الحرب إلى شكلها المطلق ،
إلا أن تلك التغييرات لم
تتحقق لأن الحكومة الفرنسية حررت نفسها من قيود السياسة ، بل تحققت بفعل الظروف
السياسية الجديدة التى أوجدتها الثورة الفرنسية فى فرنسا وفى أوربا كلها معا ،
ظروف أطلقت العنان لوسائل وقوى جديدة ، وبالتالى أفسحت الطريق لنوع من الطاقة فى
الحرب ما كانت ممكنة بغير ذلك .
نؤكد
مرة أخرى ، كون الحرب آلة بيد السياسة ، لذا لابد أن تتسم الحرب بسمات السياسة وأن
تقاس بمعاييرها ، لذلك فإدارة الحرب فى مجملها العام هى نفسها سياسة ،
تحمل السيف
بدل القلم .
0 التعليقات:
إرسال تعليق