25‏/10‏/2016

عن الحرب 73

عن الحرب 73


الأفكار التى تجمل مفهوم ما يعرف بالعملية الهجومية المنهجية فسنجد عادة ما يلى :
1-   احتلال قلاع العدو التى فى طريقك .

2-   جمع (تكديس) ما تحتاجه من مدخرات .

3-   حصن النقاط المهمة كالمستودعات والجسور والمواضع وغيرها .

4-   أرح قطعاتك فى المعسكرات الشتوية أو معسكرات الراحة .

5-   انتظر تعزيزات العام القادم .

   وسنحاول الآن تفنيدها وإسقاطها بإحاطة من الجناح الأيسر .

1-   لانتظار تعزيزات نفس الفوائد للطرف الآخر- إن لم تكن أكبر برأينا .

2-   سيريح العدو قطعاته فى الوقت الذى نريح فيه قواتنا .

3-   ليس تحصين المدن والمواضع من عمل الجيوش لذلك لا تشكل عذرا .

4-   آخذين طريقة تموين الجيوش بنظر الإعتبار ، نرى أنها فى حاجة إلى المستودعات أثناء توقفها أكثر مما فى حالة الحركة ، وطالما استمر التقدم بطريقة صحيحة وجيدة فسيقع الكثير من تموين العدو فى أيدينا للتعويض عن أى نقص فى المستوردعات المحلية .

5-   لا يستوجب تقليل عدد قلاع العدو إيقاف التعرض بل إن ذلك يعنى تعزيز التقدم .

   فعندما يضطرنا ضعفنا للتوقف ، فالاندفاع ثانية نحو الهدف سيغدو مستحيلا ، ما إذا تمكنا من القيام بذلك ، فهو سيؤكد لنا تماما إن لم تكن هناك ضرورة للتوقف أساسا .

   تدمير العدو الغاية الرئيسية للفعاليات العسكرية ، نفترض الشروط الضرورية لتدمير العدو توفر تفوق مادى أو معنوى مسبقا ، أو على الأقل توفر روح الإصرار الطاغى ، وتجاهل أولا لامبالاة بأية مخاطر جدية ، والاحتفاظ بما لدينا لحين تحول الأمور نحو الأحسن ، هو غاية الحرب الدفاعية .

   يفترض توفر أساس لتوقع حدوث ذلك دلالة تجمل لنا حرب "الانتظار" – أى الحرب الدفاعية – أما الحرب الهجومية – أى استقلال الفوائد الآنية – فمرغوبة طالما كان المستقبل سيوفر مواقفا أفضل للعدو مما لنا .

تأثير الغاية السياسية على الهدف العسكرى

   قد يدعم بلد ما قضية بلد آخر ، إلا أنه لن يأخذ ذلك جديا كأن يجعلها قضيته هو ، وقد يرسل قوة بحجم معقول لإسناد تلك القضية ، لكن إن تردى الموقف فقد تنتهى العملية كليا ، وقد يحاول ذلك البلد التراجع بأقل تكلفة ممكنة .


   شن حروب صغيرة كهذه ، والتى تقتصر فقط على تهديد العدو مع الاحتفاظ بالمفاوضات لما بعد 


الحرب هى أداة السياسة

   الحرب فرع من النشاط السياسى ، وإنها ليست مستقلة على أية حال من الأحوال ، الحرب وببساطة استمرار للعلاقات السياسية بالإضافة إلى وسائل أخرى .

   فإن كان الأمر كذلك فليس بوسع الحرب الافتراق عن الحياة السياسية ، ومتى ما حدث ذلك فى تفكيرنا حول الحرب ، فستتلف كافة العناصر التى تربط بين الاثنتين وسوف لن يتبقى لنا سوى شئ لا قيمة له وخال من أى معنى .

   السياسة تحول العنصر التدميرى الساحق للحرب إلى مجرد آلة ، إذا كانت الحرب جزء من السياسة ، فستقرر هذه طبيعة الحرب .

   ليس من شئ أكثر أهمية فى الحياة من العثور على قاعدة أو نقطة ارتكاز لرؤية الأشياء والحكم عليها ومن ثم الالتصاق بها .

   الافتراض الذى لايمكن تجاوزه فى أن السياسة تعرف حدود وطاقات الآلة التى تنوى استخدامها ، فإن فن الحرب وفى أعلى مستوياته يتحول إلى سياسة ، إلا أنها سياسة تدار بخوض المعارك لا بإرسال المذكرات الدبلوماسية . قدرا من تفهم المسائل العسكرية أمر ضرورى جدا للمسئولين عن السياسة العامة ، المطلوب فى مركز كهذا هو الفكر المتميز وقوة الشخصية .

   إن أريد للحرب أن تنسجم كلية مع الأهداف السياسية وأن تتلائم السياسة مع الوسائل المتوفرة للحرب ، عندها وما لم يندمج رجل الدولة والجندى فى شخص واحد ، فالحل المعقول الوحيد هو بجعل القائد العام عضوا فى مجلس الوزراء ، وبذلك يستطيع مجلس الوزراء المشاركة فى الجوانب الرئيسية لأنشطته .

   أما الأمر البالغ الخطورة فهو السماح لأى جندى عدا القائد العام بالتدخل والتأثير على الحكومة ، ونادرا ما حقق تدخل كهذا أعمالا جيدة بشكل ملفت للنظر . ولايمكن استخدام الرعب والتخويف كسلاح إلا من قبل حكومة ثورية فقط .

   والخلاصة بوسعنا القول أن عشرين عاما من الانتصارات الثورية لم تتحقق إلا بفضل الأخطاء السياسية لأعداء فرنسا .    

 صحيح أم تلك الأخطاء لم تظهر للعيان إلا فى مسار الحروب فقط ، والتى خيبت كليا كل التوقعات السياسية التى أملوا تحقيقها ، إلا أن المشكلة ليست فى تجاهل رجال الدولة لوجهات نظر القادة العسكريين . كان الفن الحربى الذى اعتمده السياسيون جزء من العالم الذى اعبروه حقيقة – كفرع من فروع فن الحرب المعاصر ، 

وآلة معروفة ومألوفة وكانت قيد الاستعمال لسنين .

    إلا أن ذلك الشكل من الحرب يشارك السياسة أخطاءها بطبيعة الحال ، لذلك كان عاجزا عن تقديم أى علاج ، وصحيح أن الحرب نفسها قد تعرضت لتغييرات كبيرة وهامة فى أساليبها وسماتها ، وهى تغييرات قربت الحرب إلى شكلها المطلق ،

 إلا أن تلك التغييرات لم تتحقق لأن الحكومة الفرنسية حررت نفسها من قيود السياسة ، بل تحققت بفعل الظروف السياسية الجديدة التى أوجدتها الثورة الفرنسية فى فرنسا وفى أوربا كلها معا ، 

ظروف أطلقت العنان لوسائل وقوى جديدة ، وبالتالى أفسحت الطريق لنوع من الطاقة فى الحرب ما كانت ممكنة بغير ذلك .

   نؤكد مرة أخرى ، كون الحرب آلة بيد السياسة ، لذا لابد أن تتسم الحرب بسمات السياسة وأن تقاس بمعاييرها ، لذلك فإدارة الحرب فى مجملها العام هى نفسها سياسة ،
 تحمل السيف بدل القلم . 

0 التعليقات: