عن الحرب 21
العناصر المعنوية الرئيسية
إنها
مهارة القائد ، وخبرة وشجاعة القطعات ، وروحها الوطنية .
المشاعر القومية للمقطعات ( الحماس ،
والتعصب الدينى ، والإيمان ، والمزاج العام )
أكثر وضوحا فى الحروب الجيلية ، حيث
كل رجل ، نزولا إلى الجندى البسيط ، مستقل بنفسه ، لهذا السبب وحده فإن المناطق
الجبلية تشكل الأرض الأكثر ملائمة لعمل السكان المحليين .
المزايا الحربية للجيش
تستند
كفاءة ونوعية أى جيش على الفرد الذى يتشبع بروح وجوهرتلك الفاعلية ، روح الفريق ،
الاعتزاز المهنى هو الرابط بين مختلف العوامل الطبيعية التى تنشط المثاقب العسكرية
التى تتبلور وتتجدد بسهولة أكثر فى محيط الاعتزاز المهنى هذا .
فالجيش الذى يحافظ على تماسكه تحت أشد النيران كثافة وضرواة وتقتيلا ،
والجيش الذى لا يهتز بالمخاوف الوهمية أو المتوقعة ، ويقاوم ويصمد بوجه قوات
معادية حسنة الاعداد ، وباذلا كل ما بوسعه ، فخورا بانتصاراته ، ولن يفقد القدرة
على إطاعة الأوامر ،
ولا ينسى احترامه وثقته بضباطه حتى فى الاندحارات ، الجيش
الذى بنيت قوته المادية كعضلات الأبطال الرياضيين ، تلك القوة التى شحذت بالتدريب
فى ظروف حرمان وجهد ، كقوة تعتبر وبغض النظر عن جهود كهذه ، وسيلة للانتصار ، وليس
كلعنة على من أوجدها ، يعنى وعيه القوى لجميع تلك الوجبات والسمات بميزة الفكرة
القوية المنفردة لشرف السلاح – إن جيشا كهذا قد تشرب حقا الروح القتالية الحقيقية
.
ليس
بوسع المرء ادعاء استحالة خوض حرب ناجحة دون تلك المزايا ، الروح القتالية هى كل
ما يعول عليه فى النهاية .
تتشكل
الروح الحربية لباقى أقسام الجيش الأخرى ، ما تعنيه قدرة القائد للأمر كله ،
فالقائد يسيطر على الموقف بكامله ، وليس على أجزاء منفصلة منه .
تلعب الصفات الطبيعية للشعب المعبأ
للحرب نفس هذا الدور ، صفات مثل ، الشجاعة ، والاستعداد ، والقدرة على التحمل ،
والحماس ، وتلك إذن هى الميزات التى يمكن أن تحل كبديل عن الروح القتالية .
1-
لا توجد مناقب قتالية إلا فى الجيوش النظامية ، كما أنها ما نحتاجه أكثر من
غيرها ، أما فى الثورات الوطنية والحرب الشعبية فتحل محلها المزايا الطبيعية
للمحاربين ( Warlike ) والتى تنمو
فى ظروف كهذه .
2-
بوسع الجيش النظامى وهو يقاتل جيشا نظاميا مواصلة ذلك دون مناقب حربية
بصورة أسهل مما لو كان يقاتل شعبا مسلحا ، إذ سيضطر فى الحالة الأخيرة إلى
الانقسام ، وغالبا ما ستضطر الوحدة المتباعدة إلى الاعتماد على نفسها
. ستزداد الحاجة عموما إلى المناقب الحربية كلما اتجه مسرح العمليات والعوامل
الأخرى إلى تعقيد الحرب وتشتيت القوات .
الروح الحربية إذا ، هى إحدى أكثر العوامل
المعنوية أهمية فى الحرب ، فإن فقد هذا العنصر فيجب عندها إما استبداله بأحد
العناصر الأخرى كالقدرة الفائقة للقائد والحماس الشعبى .
هناك
مصدران لتلك الروح ولابد أن يتفاعلان سوية لخلقها ، الأول هو سلسلة من الانتصارات
الحربية ، والثانى هو جهد مستديم يبذله الجيش حتى الحدود القصوى لطاقته ، وما من
شئ آخر سيظهر للجندى السعة الكاملة لقدراته .
والخلاصة ستنمو البذور
فقط حيث النشاط والجهد الدائمين ، مع دفئ شمس الانتصار ، وحالما تتحول البذرة إلى
شجرة قوية فستصمد بوجه أعتى الأعاصير الناجمة عن سوء الحظ والاندحار ، بل وحتى
القصور الذاتى وكسل أيام السلم ولو لفترة ما على الأقل
وهكذا يمكن خلق تلك الروح فقط
فى الحرب ، والقادة العظام ، مع قبولنا بأنها قد تستمر لعدة أجيال على الأقل .
ينبغى
توخى الحذر فى مقارنة هذه الجندية المصقولة المتفتحة لأخوة السلاح وجنود محنكين
عمدتهم جراحات المعارك مع جيوش نظامية عاطلة ركبها الغرور ، وليست أكثر من خليط
جمعته نظامات الخدمة والتدريب فقط .
قد يحافظ
الانضباط الصارم والشدة المتناهية على المناقب الحربية للوحدة ، إلا أنها لا يمكن
أن تخلق مثل هذه المناقب ، ورغم أهمية مثل هذه العوامل إلا أن من الضرورى عدم
المبالغة فى ذلك ، فالضبط والمهارة ، والإرادة الجيدة ، والاعتزاز الأكيد ،
والمعنويات العالية ، وكل ذلك مما يمكن أن يخلق وينمى فى جيش قد درب فى أيام السلم
، وهى تستحق الاحترام ، إلا أنها لا تتمتع بأية قوة فى ذاتها ، فهى إما توجد
مجتمعه أو تنهار كلها ، إذ ما إن تنهار إحدى تلك القيم حتى يتحطم البناء بكامله
كالزجاج الذى يبرد بسرعة عالية
فحتى أعلى المعنويات فى العالم يمكن أن تتحول وعند أول هزيمة إلى جبن وجزع ،
وإلى نوع من الخوف الصارخ والمذل ، أو إلى ما يدعوه الفرنسيون ب " انج بنفسك
" أو الفرار ( Sauve qui peut )
ولا يمكن لجيش كهذا أن ينتصر إلا بحنكة ومزايا قائده وليس بأى شئ آخر .
0 التعليقات:
إرسال تعليق