ثروة الأمم 6
كل صاحب صنعة يمتلك كمية من مصنوعاته ليتصرف بها أكثر مما تقتضيه حاجته
الخاصة ،
مما يمكنه من مبادلة كمية كبيرة من مصنوعاته بكمية كبيرة من مصنوعات غيره
أو بما يوازى ثمنها ، فهو يمد الآخرين بكل ما يحتاجون إليه ،
وهم يمدونه بالوفرة
نفسها مما يحتاج إليه هو ، وتنتشر بذلك وفرة عامة فى مختلف مراتب التجمع .
دعنا نقصر نظرنا على ما لابد منه
من تنوع الأعمال لصنع تلك الآلة البسيطة جدا ، المجز الذى يجز به الراعى الصوف .
فلابد من تضافر صنائع عامل المنجم ،
وبانى الأتون لصهر الركاز ، وبائع الخشب ، ومحرق الفحم المستعمل فى المصهر ، وصانع
اللبن ، والبناء ، والعمال القائمين على الأتون ،
وبانى الطاحون ، والحداد ،
لإنتاجها ، ولو تفحصنا بالطريقة نفسها ، مختلف أجزاء لباسه وأثاث بيته ، والقميص
الكتانى الخشن الذى يلتصق بجلده ، والحذاء الذى ينتعله ،
والسرير الذى يرقد عليه ،
وكل الأجزاء المختلفة التى تكونه ، وموقد مطبخه الذى يعد عليه طعامه ، والفحم الذى
يستخدمه لهذا الغرض ، والمستخرج من أحشاء الأرض ، والمجلوب له عبر سفر بحرى أو برى
طويل ، وبقية أدوات مطبخه ، ولوازم مائدته ،
والسكاكين والشوك ، والأوانى الفخارية
أو المعدنية التى يقدم عليها طعامه أو يقسمه ، ومختلف الأيدى المستعان بها لإعداد
خبزه وجعته ، والنافذة الزجاجية التى تمرر الحرارة والضوء إلى الداخل وتقيه لفح
الريح والمطر ، مع كل المعرفة والفن الضروريين لإعداد هذا الاختراع الجميل والسعيد
، الذى لولاه لما استطاعت هذه المناطق الشمالية من العالم أن تحصل على مساكن مريحة
، علاوة على أدوات مختلف الصناع المستعان بهم لإنتاج هذه الحاجات المختلفة .
أقول ، إذا تفحصنا ، كل هذه
الأشياء ، ونظرنا فى تنوع العمل المستعان به لإتمام كل منها ، أدركنا أنه من دون
مساعدة وتعاون عدة آلاف فإن أدنى الأشخاص مرتبة فى بلد متمدن لن تلبى حاجاته .
0 التعليقات:
إرسال تعليق