عن الحرب 6
الغاية والوسيلة فى الحرب
كانت
الحرب من أعمال العنف المعنى بإجبار العدو للخضوع لإرادتنا فإن غايتها ستكون وعلى
الدوام واحدة لا غير بقهر العدو وتجريده من السلاح .
ثلاثة
أشياء ، أو ثلاثة موضوعات واسعة ، وتغطى فيما بينها كل شئ وهى : القوات المسلحة ،
والبلد ، وإرادة العدو .
يجب
تدمير القوات المقاتلة : ويعنى ذلك أن نضعها فى موقف لا تستطيع معه مواصلة القتال
.
قد
نحتل البلد المعادى بكامله ومع ذلك يمكن أن تتجدد الأعمال العدائية ثانية فى
الداخل ، أو ربما بمساعدة الحلفاء . ويمكن أن يحدث ذلك بطبيعة الحال بعد توقيع
معاهدة الصلح ، إلا أن ذلك يوضح لنا فقط بأن كل حرب ستقود بالضرورة إلى قرار نهائى
وتسوية . لكن حتى لو نشبت الأعمال العدائية ثانية ، فإن معاهدة الصلح كفيلة بإخماد
الكثير من الشرارات التى كان يمكن أن تستمر ساكنة تحت الرماد .
وأكثر
من ذلك فإن التوتر سيتداعى لأن عشاق ( محبى ) السلام ( وهؤلاء موجودون وسط كل شعب
وفى جميع الظروف ) سيكبحون أية تطلعات لأعمال أخرى ، مادام الأمر كذلك فعلينا
دائما اعتبار السلام يعنى بأن الحرب قد أنجزت عملها إلى النهاية .
القوات
المقاتلة هى التى تضمن سلامة البلاد ، والنتيجة الطبيعية هى تدميرها أولا ومن ثم
اجتياح البلاد ، وبعد انجازهذين الهدفين واستثمارنا قوة موقفنا فبوسعنا عندها جر
العدو إلى مائدة المفاوضات .
يمكن
الاستعاضة عن مواصلة الكفاح فعليا بقاعدتين أخريتين للتوصل إلى السلام : الأولى لا
امكانية تحقيق النصر ، والثانية الثمن الباهظ الواجب دفعه .
عمليات
كان لها تأثير سياسى مضاعف ومباشر ، كيفية جعل الحرب باهظة التكاليف بالنسبة له .
هناك
ثلاث طرق مباشرة أخرى تتوخى زيادة الانفاق على مجهود العدو ، أولى تلك الطرق هى
الغزو Invasion أى احتلال أرض العدو ، ليس
بهدف الاحتفاظ بها ، بل لفرض المزيد من الانفاق المالى ، أو لتحويلها إلى أرض خراب
والهدف التسبب بالمزيد من الدمار العام .
الطريقة الثانية هى فى اعطاء الأسبقية للعمليات التى ستزيد من معاناة
ومصاعب العدو .
أما الطريقة الثالثة ، فهى تمزيق العدو إربا ، إذ يعنى تمزيق العدو إربا فى
الصراع استخدام فكرة الحرب لانهاك العدو تدريجيا واستنزاف مقاومته المادية
والمعنوية .
ولو أردنا الصمود والاستمرار لفترة أطول مما
بوسع العدو فعلينا القبول بأصغر أهداف ممكنة ، وأصغر الأهداف إطلاقا هو مجرد
الدفاع عن النفس ، وبعبارة أخرى القتال دون هدف ايجابى .
لكن إلى أى مدى يمكن مواصلة هذه السلبية ؟ من المؤكد ، ليس إلى حد ( نقطة )
اللافاعلية المطلقة ، لأن التحمل المطلق لا يعد قتالا نهائيا ، أما المقاومة فهى
أحد أشكال العمل وتستهدف تدمير قدرا من قوة العدو لإجباره عن الكشف عن نواياه .
هناك
وسيلة واحدة فقط : القتال ( Combat ) ،
فالمتأصل فى جوهر مفهوم الحرب أن كل شئ يحدث يجب أن يستنبط أساسا من القتال ، وأن
خلق وإدامة المواد المقاتلة ليسا سوى وسائل فقط ، إلا أن استخدامها هو الذى يؤسس
النهاية .
كل
عنصر من تلك العناصر التى تغدو متميزة عن غيرها عبر مسار الحرب ( القتال) يسمى
اشتباكا .
إن
كانت فكرة القتال ، أساس يسبق كل استخدام للقوات المقاتلة ، فإن استخدامها يعنى
حينئذ وببساطة تخطيط وتنظيم سلسلة من الاشتباكات .
فليس
الاشتباك سوى تجربة للقوة ، ليس لها بذاتها قيمة ، وتكم أهميتها فى النتائج التى
ستكون لتلك التجربة .
عندما
تكون إحدى القوتين أقوى بكثير من الأخرى ، ولن يكون هناك أى قتال ، إذ سيستسلم
الطرف الأضعف فورا .
القتال
هو القوة الفاعلة الوحيدة فى الحرب ، إذا كان الجسم بالقتال هو أساس كل الخطط
والعمليات ، فيلى ذلك أن بوسع العدو احباط كل شئ عبر معركة ناجحة . حين يكون أى
نصر يتحقق ، بحجم هام . فكل انتصار مهم – أى تدمير قوات معادية - سينعكس على جميع الامكانيات الأخرى ، إذ أنها
وكالسوائل ( فى الأوانى المستطرقة ) ستستقر عند مستوى جديد .
الحلول
العنيقة للأزمات ، والرغبة بإبادة القوات المعادية هى الابن البكر للحرب .
0 التعليقات:
إرسال تعليق