09‏/10‏/2016

عن الحرب 6

عن الحرب 6


الغاية والوسيلة فى الحرب

  كانت الحرب من أعمال العنف المعنى بإجبار العدو للخضوع لإرادتنا فإن غايتها ستكون وعلى الدوام واحدة لا غير بقهر العدو وتجريده من السلاح .

  ثلاثة أشياء ، أو ثلاثة موضوعات واسعة ، وتغطى فيما بينها كل شئ وهى : القوات المسلحة ، والبلد ، وإرادة العدو .

  يجب تدمير القوات المقاتلة : ويعنى ذلك أن نضعها فى موقف لا تستطيع معه مواصلة القتال .
  قد نحتل البلد المعادى بكامله ومع ذلك يمكن أن تتجدد الأعمال العدائية ثانية فى الداخل ، أو ربما بمساعدة الحلفاء . ويمكن أن يحدث ذلك بطبيعة الحال بعد توقيع معاهدة الصلح ، إلا أن ذلك يوضح لنا فقط بأن كل حرب ستقود بالضرورة إلى قرار نهائى وتسوية . لكن حتى لو نشبت الأعمال العدائية ثانية ، فإن معاهدة الصلح كفيلة بإخماد الكثير من الشرارات التى كان يمكن أن تستمر ساكنة تحت الرماد .

  وأكثر من ذلك فإن التوتر سيتداعى لأن عشاق ( محبى ) السلام ( وهؤلاء موجودون وسط كل شعب وفى جميع الظروف ) سيكبحون أية تطلعات لأعمال أخرى ، مادام الأمر كذلك فعلينا دائما اعتبار السلام يعنى بأن الحرب قد أنجزت عملها إلى النهاية .

  القوات المقاتلة هى التى تضمن سلامة البلاد ، والنتيجة الطبيعية هى تدميرها أولا ومن ثم اجتياح البلاد ، وبعد انجازهذين الهدفين واستثمارنا قوة موقفنا فبوسعنا عندها جر العدو إلى مائدة المفاوضات .

  يمكن الاستعاضة عن مواصلة الكفاح فعليا بقاعدتين أخريتين للتوصل إلى السلام : الأولى لا امكانية تحقيق النصر ، والثانية الثمن الباهظ الواجب دفعه .

  عمليات كان لها تأثير سياسى مضاعف ومباشر ، كيفية جعل الحرب باهظة التكاليف بالنسبة له .
  هناك ثلاث طرق مباشرة أخرى تتوخى زيادة الانفاق على مجهود العدو ، أولى تلك الطرق هى الغزو Invasion أى احتلال أرض العدو ، ليس بهدف الاحتفاظ بها ، بل لفرض المزيد من الانفاق المالى ، أو لتحويلها إلى أرض خراب والهدف التسبب بالمزيد من الدمار العام .                                                              

      الطريقة الثانية هى فى اعطاء الأسبقية للعمليات التى ستزيد من معاناة ومصاعب العدو .            
    أما الطريقة الثالثة ، فهى تمزيق العدو إربا ، إذ يعنى تمزيق العدو إربا فى الصراع استخدام فكرة الحرب لانهاك العدو تدريجيا واستنزاف مقاومته المادية والمعنوية .
  ولو أردنا الصمود والاستمرار لفترة أطول مما بوسع العدو فعلينا القبول بأصغر أهداف ممكنة ، وأصغر الأهداف إطلاقا هو مجرد الدفاع عن النفس ، وبعبارة أخرى القتال دون هدف ايجابى .                                                      
     لكن إلى أى مدى يمكن مواصلة هذه السلبية ؟ من المؤكد ، ليس إلى حد ( نقطة ) اللافاعلية المطلقة ، لأن التحمل المطلق لا يعد قتالا نهائيا ، أما المقاومة فهى أحد أشكال العمل وتستهدف تدمير قدرا من قوة العدو لإجباره عن الكشف عن نواياه .

  هناك وسيلة واحدة فقط : القتال ( Combat ) ، فالمتأصل فى جوهر مفهوم الحرب أن كل شئ يحدث يجب أن يستنبط أساسا من القتال ، وأن خلق وإدامة المواد المقاتلة ليسا سوى وسائل فقط ، إلا أن استخدامها هو الذى يؤسس النهاية .

  كل عنصر من تلك العناصر التى تغدو متميزة عن غيرها عبر مسار الحرب ( القتال) يسمى اشتباكا .

  إن كانت فكرة القتال ، أساس يسبق كل استخدام للقوات المقاتلة ، فإن استخدامها يعنى حينئذ وببساطة تخطيط وتنظيم سلسلة من الاشتباكات .

   فليس الاشتباك سوى تجربة للقوة ، ليس لها بذاتها قيمة ، وتكم أهميتها فى النتائج التى ستكون لتلك التجربة .

  عندما تكون إحدى القوتين أقوى بكثير من الأخرى ، ولن يكون هناك أى قتال ، إذ سيستسلم الطرف الأضعف فورا .

  القتال هو القوة الفاعلة الوحيدة فى الحرب ، إذا كان الجسم بالقتال هو أساس كل الخطط والعمليات ، فيلى ذلك أن بوسع العدو احباط كل شئ عبر معركة ناجحة . حين يكون أى نصر يتحقق ، بحجم هام . فكل انتصار مهم – أى تدمير قوات معادية -  سينعكس على جميع الامكانيات الأخرى ، إذ أنها وكالسوائل ( فى الأوانى المستطرقة ) ستستقر عند مستوى جديد .
  الحلول العنيقة للأزمات ، والرغبة بإبادة القوات المعادية هى الابن البكر للحرب .


0 التعليقات: