22‏/07‏/2019

القانون الخمسون 37

القانون الخمسون 37

مخالفة المفھوم:

بالنسبة لمعظمنا ، تفسر كلمة ( الذات ) و (الذاتية ) بشيء سلبي غالبا . إذ يمتلك الأشخاص المتمركزين حول ذواتھم رأيا مبالغا فيه حول أنفسھم ، وبدلا من الأخذ في الاعتبار ما يھم المجتمع أو الجماعة أو الأسرة ، فإنھم يفكرون أولا وغالبا بأنفسھم ويتصرفون بناء على ذلك .
رؤيتھم محدودة بالنقطة التي يرون فيھا كل شيء انطلاقا من حاجاتھم و رغباتھم. ولكن ھناك طريقة أخرى للنظر إلى الأمر ، كلنا لدينا ذات ،
أو إحساس بمن نكون ، وھذه الذات أو العلاقة الذاتية إما أن تكون قوية أو ضعيفة.
لا يتمتع الأشخاص ذوي الذوات الضعيفة بالشعور بالأمان بشأن أھميتھم أو إمكانياتھم . حيث يلقون انتباھا مضاعفا لرأي الآخرين ، و ربما يعتبرون أي شيء كاعتداء شخصي أو إھانة ، كما يحتاجون اھتماما دائما وتقييما من الآخرين . ومن أجل تعويض أو إخفاء ھذه الھشاشة ، فإنھم يضعون واجھة من الغرور والعدوانية . ھذه الأنواع المحتاجة ، الاتكالية ، والمھووسة من الذوات ھي التي نجدھا مزعجة ومثيرة للاشمئزاز.
اما الذات القوية فمختلفة تماما . الأشخاص المتمتعين بإحساس ثابت بقيمتھم الذاتية ويشعرون بالثقة بشأن أنفسھم ، لديھم استعداد لرؤية العالم بموضوعية أكبر . ويمكنھم أن يكونوا مراعين لغيرھم وجديرين بالثقة بسبب قدرتھم على الخروج من ذواتھم . كما يضع أصحاب الذوات القوية حدودا ، فإحساسھم بالفخر لا يسمح لھم بتقبل التلاعب أو السلوك الجارح . نحن عموما نحب التواجد حول مثل ھذه الشخصيات ، ذلك أن ثقتھم وقوتھم معدية . يجب أن يكون امتلاك مثل ھذه الذات القوية غاية لنا جميعا.
الكثير من الأشخاص المتمتعين بمستويات مرتفعة من القوة ، كالمشاھير على سبيل المثال ، يجب عليھم وفقا لثقافتنا أن يظھروا تواضعا وحياءا زائفا ، كما لو كان كل ما فعلوه ومھما كان المستوى الذي بلغوه بفعل الصدفة وليس الذات أو الطموح .
فھم يريدون التصرف كما لو أنھم لا يختلفون عن أي أحد آخر ، ويكونوا غالبا محرجين من قوتھم ونجاحھم . كل ھذه ھي من علامات الذات الضعيفة . أنت كصاحب ذات من نوع قوي ، عليك أن تھتف فرحا بفرديتك وتشعر بالفخر الكبير لانجازاتك . إذا لم يستطع الآخرين تقبل ذلك أو اعتبروك مغرورا ، فتلك مشكلتھم ھم وليس أنت.
نحن أحرار عندما تصدر تصرفاتنا من كامل شخصيتنا ، وتعبر عنھا ، حينما تظھر ھذا التشابه الغير قابل للتفسير معھا والذي نجده أحيانا بين الفنان وعمله
ھنري برجسون


القانون الخمسون 36

القانون الخمسون 36

مفاتيح الجرأة:

المرء يمتلك الحرية ، والرغبات الغير المقيدة ، ويمتلك نفسه ، كل ھذا لا يطابق بالضبط أي تصنيف ، ويقذف باستمرار جميع الأنظمة والنظريات إلى الجحيم . فمن أين أتى حكماؤنا بفكرة أن الإنسان يجب أن تكون له رغبات شريفة ؟
ما يحتاجه المرء ھو فقط التمني المستقل بغض النظر عما يكلفه ھذا الاستقلال وما يؤدي إليه.
فيودور ديستوفسكي
تدور فكرتنا حول الحرية في عالم اليوم على ما يتجاوز بكثير القدرة على إشباع احتياجات و رغبات معينة . نشعر بالحرية إذا كنا نستطيع الحصول على نوع الوظيفة التي نفضلھا ، شراء الأشياء التي نريدھا ، و فعل ما يحلو لنا من السلوك على نطاق واسع طالما أنه لا يؤذي الآخرين . وفقا لھذا
المفھوم الحرية ھي شيء سلبي في الأساس ، فھو يمنح ويكفل لنا بواسطة الحكومة ( غالبا من خلال عدم التدخل في شؤوننا ) و المجموعات الاجتماعية المتعددة.
إلا أنه يوجد مفھوم مختلف تماما للحرية ، فھي ليست شيئا يمنحنا إياه الناس كميزة أو حق ، بل حالة ذھنية تستلزم منا العمل لاكتسابھا والمحافظة عليھا بالكثير من الجھد . ھي شيء حيوي وليس سلبي ، وتأتي من ممارسة الإرادة الحرة . إن الكثير من أفعالنا في شؤوننا اليومية ليست حرة ولا مستقلة ، حيث نميل إلى الخضوع لأعراف المجتمع في السلوك والتفكير
، أي أننا نتصرف انطلاقا من العادة دون كثرة التفكير حول لماذا نفعل الأشياء . حينما نتصرف بحرية فإننا نتجاھل أية ضغوط للخضوع ، إذ نخطو خلف سلوكنا المعتاد . و نصمم على إرادتنا وفرديتنا ، ونتحرك بأنفسنا.
لنقل أن لدينا وظيفة توفر لنا مالا كافيا للعيش براحة وتمنحنا مستقبلا معقولا ، ولكن ھذا العمل لا يشبعنا بعمق لأنه لا يقودنا إلى أي مكان نريد الذھاب إليه . بالإضافة إلى أنه ربما علينا التعامل مع رب عمل صعب ومتغطرس . كما سترغمنا مخاوفنا من المستقبل ، عاداتنا المريحة ، و حس الإنضباط لدينا على البقاء . اذ تضع جميع ھذه العوامل الحدود و تقيدنا .
إلا أنه يمكننا في أي لحظة التحرر من الخوف وترك العمل ، دون أن نتيقن إلى أين نحن ذاھبين ولكن واثقين بأننا سنفعل الأفضل . إننا في ھذه اللحظة نمارس الإرادة الحرة التي تنبثق من رغبتنا وحاجتنا العميقة .
عندما نغادر يجب أن ترتفع عقولنا الى مستوى التحدي . و للاستمرار في ھذا الطريق علينا أن نقوم بالمزيد من الأفعال المستقلة ، حيث لا يمكننا
الاعتماد على عادات او أصدقاء لنرى أنفسنا من خلالھم ، فالفعل الحر يتمتع بقوة دفع خاصة به.
سيجادل الكثيرين في أن فكرة ھذه الحرية النشطة ھي وھم في الأساس ، فنحن نواتج لبيئتنا . وعليه ، فھم يقولون إنه إذا أصبح الناس ناجحين فذلك يعود إلى استفادتھم من عدد من الظروف الاجتماعية الملاءمة : كان يكونوا في المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح ، أو حصلوا على التعليم المناسب والتوجيه . لاشك أن إرادتھم لعبت دورا ولكنه دور بسيط ، وعليه ينصرف الجدال إلى أنه لو كانت الظروف مختلفة فلن تحصل ھذه الشخصيات على النجاح الذي لديھا الآن ، بغض النظر عن مدى قوة إرادتھا.
قد يتم توجيه جميع أنواع الإحصائيات والدراسات لدعم ھذا الخلاف ، إلا أن ھذا المفھوم في النھاية مجرد نتاج لعصرنا ويستند إلى على الحرية السلبية . فھو يركز على الظروف والبيئة ، كما لو كانت الأفعال الحرة الاستثنائية لفريدريك دوجلاس تفسر أيضا لأسباب جسدية أو قلة تعلمه للقراءة.
الخلاصة أن ھذه الفلسفة تريد إنكار الحرية الأساسية التي نتمتع بھا كلنا لاتخاذ قرارات مستقلة عن أي قوى خارجية ، وتقليص الشخصية الفردية ، فھي تعني أننا مجرد منتجات لتطور إجتماعي معين.
افھم ھذا : يمكنك في أية لحظة ركل ھذه الفلسفة وأفكارھا إلى سلة النفايات بواسطة فعل شيء غير منطقي وغير متوقع ومخالف لما فعلته في الماضي ، كتصرف لا يفسر ببساطة بسبب تربيتك أو جھازك العصبي .
 ما يمنعك من اتخاذ ھذا الفعل ليس ماما أو بابا أو المجتمع ، وإنما مخاوفك  أنت حر في الأساس لتتحرك خلف أية قيود وضعھا لك الآخرين ، وتعيد
صياغة ذاتك بعناية كما تتمنى.
إذا كنت قد مررت بتجربة مؤلمة بشكل رھيب في الماضي ، فلك أن تختار ابقاء الألم ھناك والتمرغ فيه . في الناحية الأخرى ، يمكنك تحويله إلى غضب ، قضية لإظھارھا أو نوع من الفعل أو تستطيع ببساطة التخلص منه والمضي إلى الأمام ، مطلقا الحرية والقوة التي جلبھا لك . لا أحد يمكنه استبعاد ھذه الخيارات أو إجبارك على استجابة ، الأمر برمته يعود لك.
إلا ان الانتقال إلى ھذه الصورة الأكثر حيوية من الحرية لا يعني أن تتيح لنفسك التجاوز للقيام بأفعال تعد غريبة أو فاسدة ، فعلى سبيل المثال يجب أن يرتكز قرارك بتغيير مسار وظيفي على الأخذ في الاعتبار بعناية مدى قوتك و رغباتك العميقة والمستقبل الذي تريده . إنھا تنبع من التفكير في نفسك وعدم قبول ما يعتقده الآخرون عنك . كما أن المخاطر التي تتحملھا ليست عاطفية أو من أجل البحث عن الإثارة ، بل محسوبة .
 تلعب الحاجة إلى التوافق واسترضاء الآخرين دائما دورا في أفعالنا بشكل واع أو لا واع ، والتحرر منھا كليا ھو أمر مستحيل وغير مرغوب .
أنت فقط تكتشف نطاقا أكثر حرية من السلوك في حياتك والقوة التي يجلبھا لك.
ما يمنعنا من التحرك في ھذا الاتجاه ھو الضغوط التي نشعر بھا لأجل الخضوع ، أنماطنا الإعتيادية الجامدة في التفكير و شكوكنا الذاتية ومخاوفنا.
ما يلي ھي خمس استراتيجيات لمساعدتك على الاندفاع إلى خلف ھذه القيود :

1-     تحد جميع التصنيفات:
كفتاة شابة نشأت في كنساس في أواخر القرن العشرين شعرت ايمليا ايرھارت بالغربة عن المكان . أحبت عمل الأشياء بطريقتھا الخاصة ، ولعب الألعاب الخشنة مع الأولاد ، قضاء ساعات بمفردھا في قراءة الكتب أو الاختفاء في نزھات طويلة . كانت تميل إلى السلوك الذي يعتبره الآخرون غريبا وغير تقليدي . ثم طردت من المدرسة الداخلية بسبب قيامھا بالمشي في السطح بملابس النوم . مع تقدمھا في العمر
، شعرت بضغط شديد من أجل الاستقرار وأن تصبح كبقية الفتيات ، ولكنھا كانت تشمئز من الزواج ومن الضغوط الواقعة على النساء . لذا فقد بحثت عن وظيفة وجربت العمل بيديھا في كافة أنواع الأعمال ، ولكنھا تعشق المغامرة والتحديات وكانت الأعمال المتوفرة حينئذ وضيعة وتسبب فراغ الذھن. وفي أحد الأيام في عام 1920 ، ذھبت في رحلة قصيرة بالطائرة و فجأة شعرت أنھا وجدت نداءھا . أخذت دروسا وأصبحت قائدة طائرة ، وأحست أنھا وجدت في الھواء الحرية التي كانت تبحث عنھا دائما . كانت قيادة الطائرة تحديا مستمرا - جسديا وذھنيا . حيث استطاعت التعبير عن الجانب المتحدي في شخصيتھا وعشقھا للمغامرة ، بالإضافة الى اھتمامھا بميكانيكية الطيران.
لم تؤخذ قيادة المرأة للطائرة في ذلك الوقت على محمل الجد ، وحدھم الرجال من يضع السجلات ويكتشفون المسارات الجديدة . لمكافحة ھذا الأمر ، كان على ايرھارت أن تدفع القيود إلى أبعد ما يمكن عبر القيام برحلات بطولية ستضع ، خطوطا رئيسية وتضيف شيئا للمھنة .
في عام 1932 أصبحت أول قائدة طائرة تطير بطائرة منفردة عبر المحيط
الأطلسي ، والتي تحولت إلى أشد رحلاتھا إارھاقا و تحديا للموت .
فكرت في عام 1935 بعبور خليج المكسيك ، و كان قد أخبرھا أحد أشھر الطيارين الذكور في ذلك الوقت بأنه الأمر خطير جدا ولا يستحق المجازفة . ولكن نتيجة لشعورھا بوجود تحد في ھذا ، قررت محاولة الطيران على أية حال واجراءھا بسھولة نسبية ، ولتري الآخرين كيف يتم عمل ذلك.
لو أنھا استسلمت في أية لحظة من حياتھا للضغط لتشبه الآخرين أكثر ، لفقدت السحر الذي يبدو الآن أنه يتبعھا كلما مضت في اتجاھھا الخاص . قررت أن تستمر في أن تكون نفسھا ، بغض النظر عن النتائج . كانت ترتدي بطريقتھا الغير تقليدية وتتحدث عن رأيھا في الأمور السياسية ، حتى وإن كان ذلك يعتبر غير لائق . عندما طلب الصحفي والاعلامي الشھير جورج بوتنام يدھا للزواج ، قبلت ايرھارت بشرط أن يوقع
عقدا يضمن بموجبه احترام رغباتھا في أقصى درجات الحرية ضمن العلاقة.
الاشخاص الذين قابلوھا كانوا يعلقون دائما بأنھا لم تكن حقا ذكورية أو أنثوية أو حتى مزدوجة الجنس ، بل تمثل نفسھا كليا كمزيج نادر من الصفات . إنه ذلك الجزء منھا الذي سحر الناس وأبقاھا تحت الأضواء .
 في عام 1937 قامت بأخطر رحلة طيران في عملھا ، إذ ستدور حول العالم من خلال خط الاستواء وتتضمن الرحلة استراحة في جزيرة صغيرة في المحيط الھادي . إلا أنھا اختفت في مكان ما قرب الجزيرة ولم يعثر عليھا أبدا ، و كل ھذا أضاف فقط إلى أسطورة ايرھارت كمجازفة ماھرة فعلت كل شيء بأسلوبھا الخاص.
افھم ھذا : حينما ولدت ، صرت متورطا في معضلة مستمرة إلى ھذا اليوم ، وھي التي تحدد نجاحك أو فشلك في الحياة.
أنت فرد مزود بأفكار ومھارات تجعلك مميزا ، إلا أن الناس يحاولون دائما إخضاعك إلى تصنيفات ضيقة لتجعلك أكثر قابلية للتوقع وأسھل للتحكم . أنھم يريدون رؤيتك كخجول أو اجتماعي ، حساس أو قاسي . إذا استسلمت لھذا الضغط ، قد تحصل على بعض القبول الاجتماعي ولكنك ستخسر الأجزاء الغير التقليدية من شخصيتك والتي ھي مصدر تميزك وقوتك .
يجب أن تقاوم ھذه العملية بأي ثمن ، و تنظر الى أحكام الآخرين الضيقة والمنظمة كنوع من السجن . مھمتك ھي أن تحتفظ ب أو تعيد اكتشاف تلك الجوانب التي تتحدى التصنيف من شخصيتك وإعطاؤھا دور أكبر من خلال البقاء متفردا ستصنع شيئا مميزا ، وتثير نوعا من الاحترام لن تتلقاه أبدا من التوافق الفاتر.

2-    أعد اكتشاف نفسك باستمرار :
في طفولته ، كان الرئيس المستقبلي جون كينيدي ضعيفا جدا وكثير المرض ، حيث قضى الكثير من الوقت في مستشفيات متعددة ونشأ ھشا و واھن المنظر . تنامى لديه بسبب ھذه التجارب رعب من أي شيء يجعله يشعر بفقدان السيطرة على حياته . إحدى صور الضعف التي ضايقته بشكل خاص ھي أحكام الناس المستندة إلى مظھره . كانوا يرونه ضعيفا وھشا ، مستخفين بالقوة المتوارية لشخصيته ، لذلك فقد بدأ بعملية طويلة الأمد لانتزاع ھذه السيطرة من الآخرين وإعادة تأسيس ذاته باستمرار وصياغة الصورة التي يريد من الناس أن يرونھا به.

في شبابه ، تم ابرازه على أنه الابن المحب للمتعة لوالد قوي ، وعليه ذھب للتجنيد في البحرية عند اندلاع الحرب العالمية الثانية على الرغم من قيوده الجسدية ، عازما على إظھار الجانب الآخر من شخصيته للآخرين . ومن ثم لكونه أصبح ملازما على متن طوربيد في المحيط الھادي ، تعرض قاربه للاصطدام بواسطة مدمرة يابانية وانشق إلى نصفين ، إلا أنه استمر في قيادة رجاله إلى بر الأمان ونال العديد من الميداليات لشجاعته . أثناء ھذه الحادثة ، أبدى تجاھلا شديدا لحياته الخاصة ، ربما في محاولة لمرة واحدة وإلى الأبد من أجل إثبات رجولته . قرر في عام 1946 أن يترشح للكونجرس ، واستخدم سجله الحربي لصناعة صورته كرجل شاب سيكون
أيضا مقاتلا جسورا عن ناخبيه.
عندما أصبح سيناتور بعد بضع سنوات ، أدرك أن الكثيرين من العامة يرونه غير ذي ثقل  شاب ولم يثبت ذاته . قرر ثانية أن يعيد اكتشاف نفسه ، ھذه المرة عن طريق تأليف كتاب (تمت كتابته بواسطة كاتب خطاباته ثيودور سورينسون ) و كان عنوانه ملامح في الشجاعة ، وثق فيه قصصا لسيناتورات مشھورين تحدوا الأعراف وحققوا أشياء عظيمة . فاز الكتاب
بجائزة بوليتزر ، والأھم أنه غير كليا صورة العامة عن كينيدي ، إذ يرونه الآن وقورا ومستقلا ويتبع بطريقة ما درب السيناتورات الذي كتب عنھم  و من الواضح أنه أثر مقصود حينما ترشح للإنتخابات الرئاسية في عام 1960 ، قلل الناس من شأنه مرة أخرى ، حيث رأوه ذلك السيناتور الكاثوليكي المتحرر الشاب الذي لا يروق ببساطة لغالبية الأمريكيين.
قرر ھذه المرة أن يعيد صياغة ذاته ليكون كقائد ملھم ، سيقود البلاد خارج ركود عصر ايزنھاور ، معيدا امريكا إلى جذورھا الأصلية و يصنع حسا بالھدف الموحد . كان مثالا للشباب والقوة ( خلافا لضعفه الجسدي المستمر ) ، وأصبح جذابا بما فيه الكفاية للاستحواذ على اھتمام الجمھور ومن ثم الفوز بالانتخابا ت.
افھم ھذا : يقيمك الناس على أساس المظاھر ، و الصورة التي تعكسھا من خلال تصرفاتك ، كلماتك ، وشكلك . إذا لم تتحكم بھذه العملية ، سيراك الناس ويعرفونك بالطريقة التي يريدونھا والتي تكون غالبا في غير صالحك  ربما تظن أن التمسك بتلك الصورة سيجعل الآخرين يحترمونك ويثقون بك ، إلا أن الحقيقة ھي العكس ، ذلك أنه بمرور الوقت ستبدو تقليديا وضعيفا . الثبات ھو وھم على أي حال ، فكل يوم يمر يؤدي إلى تغيرات بداخلك وعليك أن لا تكون خائفا من التعبير عن ھذه التطورات . يتعلم الأقوياء مبكرا في الحياة أنھم يتمتعون بحرية تشكيل شخصياتھم وملاءمة حتياجاتھم وأمزجتھم وفقا لما يتطلبه الوقت ، وبھذه الطريقة يفقدون الآخرين توازنھم
ويحتفظون بجو من الغموض . يجب أن تتبع ھذا المسار وتجد متعة عظيمة في إعادة اكتشاف ذاتك ، كما لو أنك مؤلف تكتب الدراما الخاصة بك.

3 - اقلب أساليبك :
تعتمد الحيوانات في معيشتھا على الغرائز والعادات . نحن كبشر نعتمد على تفكيرنا المنطقي الواعي الذي يمنحنا حرية أعظم للتصرف ، والقدرة على تغيير سلوكنا وفقا للظروف. ھذا الحيوان ھو ذلك الجزء من طبيعتنا الذي يدفعنا لتكرار ذات الأشياء ويسيطر على أسلوبنا في التفكير .
كما نخضع أيضا لأنماط ذھنية تجعل أفعالنا متكررة . ھذه ھي المشكلة
التي سببت ھاجسا كبيرا للمھندس العظيم فرانك لويد رايت ، وأتى بعد ذلك بحل عظيم. كمھندس شاب في تسعينيات القرن الثامن عشر ، لم يدرك
رايت لماذا يختار معظم الأشخاص في مھنته تصميم البناء وفقا لمخططات يجب أن يتبع بناء المنزل قالبا معينا يتم تحديده وفقا للمواد والسعر ، و هناك أسلوب واحد صار شائعا واستنسخه الناس إلى مالا نھاية . إن العيش في مثل ھذه المنازل أو العمل في مثل ھذه المكاتب يجعل الناس يشعرون
بعدم الإنسانية ، كالتروس في آلة . لا توجد في الطبيعة شجرتان متشابھتان إطلاقا ، حيث تتشكل الغابة في نوع من التصميم العشوائي وھذا ھو سر جمالھا . وعلى ذلك ، قرر رايت أن يتبع ھذا التصميم الأصلي بدلا من نموذج الإنتاج الضخم لعصر التكنولوجيا . قرر أنه لن يكون ھناك بناءان
من تصميمه متشابھان أبدا بأية طريقة ، بغض النظر عن التكلفة والجھد . كذلك سيطبق ھذا الأمر على سلوكه و ردود أفعاله مع الآخرين ، إذ سيستمتع بكونه متقلب الأطوار من خلال قيامه بعكس ما يتوقعه زملائھه و زبائنهھ منھه . ھذا الأسلوب الغريب في العمل قاد إلى صنع التصميمات الثورية التي جعلتھه أشھر مھندس في عصره.
تم تكليفه في عام 1934 من ايدجار كوفمان قطب القطاع التجاري في بيتسبرغ لتصميم منزل للاجازات مواجه لشلال في بير كريك في بنسلفانيا الريفية . أحتاج رايت إلى رؤية المخطط في ذھنه قبل أن يستطيع افراغه على الورق ، ولكن بالنسبة لھذا المشروع لم يتبادر إليه شيء ، لذا قرر أن يمارس لعبة على نفسه . ببساطة ، تجاھل العمل ومضت عدة أشھر.
أخيرا ، ضاق كوفمان ذرعا واتصل برايت ھاتفيا طالبا منه رؤية المخطط ، و ھتف رايت بفرحة أنه أنھى العمل . على إثر ھذا أخبره كوفمان بأنه سيأتي إليه بعد ساعتين للإطلاع عليه.
كان مساعدي رايت فزعين ، فھو لم يرسم حتى خطا واحدا حتى الآن . وفي خضم ارتباكه شعر بدفقة ضخمة من الطاقة الإبداعية ، و بدأ برسم البيت . قرر أنه لن يواجه الشلال ، بل سيكون معلقا ومندمجا به . ابتھج كوفمان عندما رأى التصميم وأصبح ذلك المنزل يعرف ب ( الشلال ) ، ويعتبر أجمل إبداع لرايت . لقد أجبر رايت في الحقيقة عقله على مواجھة المشكلة دون أبحاث او مفاھيم مسبقة ، في ذات اللحظة كليا . كان الأمر تدريبا لتحرير ذاته من العادات السابقة وصنع شيئ مختلف بالكامل.
ما يمنعنا من استخدام المرونة الذھنية والحرية التي نتمتع بھا فطريا ھو الروتين في حياتنا . فنحن نرى الأشخاص أنفسھم ونفعل ذات الأشياء ، وتسير عقولنا على ھذه الأنماط . الحل ھو كسر تلك العملية ، على سبيل المثال يمكننا الانھماك عمدا في القيام بتصرفات عشوائية أو حتى غير منطقية ، أو ربما أن نفعل النقيض التام لما نقوم به بصورة طبيعية في حياتنا اليومية . من خلال القيام بتصرف لم يسبق لنا فعله إطلاقا فإننا
نضع أنفسنا في منطقة غير مألوفة ، وتصحو عقولنا بشكل طبيعي بسبب الوضع المستحدث . نستطيع في ذات السياق إرغام أنفسنا على اتخاذ مسارات مختلفة ، زيارة أماكن غريبة ، مقابلة أشخاص مختلفين ، الاستيقاظ في ساعات غريبة ، قراءة الكتب التي تتحدى عقولنا بدلا من اخمادھا . يجب أن نطبق ھذا حينما نشعر بشكل خاص بأننا عاجزين وغير
مبدعين ، إذ أنه من الأفضل لنا في ھذه اللحظات أن نكون صارمين مع أنفسنا و أساليبنا.

4 - اخلق إحساسا قدريا:
في عام 1428 ، بدأ الجنود المتمركزين في ( جاريسون ) في المدينة الفرنسية لفاكوليروس يتلقون زيارات من فتاة في السادسة عشر تدعى جان دارك.
كانت ابنة لفلاحين بسطاء من قرية فقيرة مجاورة ، وقد كررت على أولئك الجنود الرسالة ذاتھا : انهھ تم اختيارھا من الله لإنقاذ فرنسا من الحالة اليائسة التي وقعت فيھا . كانت الدولة في السنوات القليلة السابقة قد احتلت من قبل الغزاة الإنجليز الذين أخذوا الملك الفرنسي كرھينة في إنجلترا ، وأوشكوا على انتزاع مدينة فرنسا الرئيسية ( اورليانز ) . أما إلابن البكر
للملك ، وھو وريث العرش ، بقي قابعا بعيدا في القصر داخل البلاد مقررا عدم القيام بشيء . كان لدى جان رؤى ، وشرح لھا عدد من القديسين ما تفعله بالضبط : أن تقنع ابن الملك بمنحھا قوات لقيادتھا إلى اورليانز لھزيمة الإنجليز ھناك ، ومن ثم قيادة إلابن إلى ريمز حيث سيتوج كملك جديد لفرنسا والذي سيعرف ب ( تشارلز السابع )
كان لدى الكثير من الناس في فرنسا في ذلك الوقت مثل ھذه الرؤى ، و الجنود الذين استمعوا لجان لم يكن بوسعھم فعل شيء ولكنھم شعروا بالريبة . إلا أن جان كانت مختلفة عن الآخرين . وعلى الرغم من قلة اھتمام الجنود بالأمر ، فقد استمرت في العودة إليھم برسالتھا المعتادة ولم يستطع ثنيھا
شيء . كانت جريئة ، تمشي دون حماية وسط جنود مضطربين ، وتتكلم بوضوح كأي فتاة ريفية ولكن دون أن تكون ھناك ذرة شك في صوتھا وعينيھا اللتان تشعان بالرضا ،كانت متيقنة من ھذه الرؤى ولن ترتاح حتى نتنفذ ما قدر لھا ، كما أن تفسيراتھا لما ستفعله كانت تفصيلية جدا بحيث تبدو حاملة لثقل حقيقي.
وعلى ذلك ، صدق قلة من الجنود بأن ما تقوله حقيقي وقاموا بتحريك سلسلة من الأحداث ، حيث اقنعوا الحاكم المحلي بأن يسمح لھم بمرافقتھا إلى ابن الملك ، وقد صدق الأخير في نھاية المطاف قصتھا ومنحھا القوات التي طلبتھا . كما اقتنع مواطنوا اورليانز بأنه قد قدر لھا أن تكون منقذتھم ، إذ احتشدوا إلى جانبھا وساعدوھا على ھزيمة الإنجليز . استمرت قوة الدفع
التي جلبتھا لفرنسا لما يتجاوز السنة ، إلى أن تم القبض عليھا وبيعھا للانجليز . وبعد محاكمة طويلة أحرقت في حوض باعتبارھا ساحرة.
تكشف قصة جان دارك عن مبدأ بسيط ، كلما ارتفع إيمانك بنفسك ، ارتفعت معھا قدرتك على تغيير الواقع . إن تمتعك بثقة عالية يجعلك جسورا ومثابرا ، ويتيح لك تخطي العقبات التي تعيق معظم الناس في مساراتھم ، ويجعل الآخرين يؤمنون بك كذلك . الصيغة الأشد قوة من الثقة بالنفس ھي الشعور بحس قدري يجذبك للأمام ، وھذا القدر قد يأتي من
مصدر خارجي أو من نفسك .
فكر في الأمر بھذه الطريقة ، أنت تتمتع بمجموعة من المھارات والتجارب التي تجعلك متفردا والتي تشير إلى مھمة ما في الحياة قد قدر لك إنجازھا
، كما أنك ترى علامات لھذا في ميولك وقت شبابك في أمور محددة تميل لھا بشكل طبيعي . عندما تقوم بھذه المھمة فإن كل شيء يبدو متدفقا بصورة أكثر تلقائية ، مما يجعلك مؤمنا بأنك مختار لإنجاز شيء لا يجعلك سلبيا أو مقيدا بل عكس ذلك . فأنت متحرر من الشكوك والمخاوف الطبيعية التي
تشوبنا جميعا ، وتتمتع بحس الھدف الذي يرشدك ولكن لا يربطك بطريق واحد لعمل الأشياء . وحينما تنخرط إرادتك بعمق في المھمة ، فإنھا ستدفعك خلف أية قيود أو مخاطر.

5 - راھن على نفسك :
 من السھل دائما عقلنة شكوكك وتحفظك الغريزي ، خصوصا في الأوقات الصعبة . حيث تقنع نفسك بأنه من الحماقة القيام بأية مجازفات ، ومن الأفضل الانتظار حتى تصبح الظروف ملائمة أكثر . إلا أن ھذه عقلية خطرة ، وتدل على انخفاض شديد في الثقة بذاتك والتي ستشمل أيضا الأوقات الجيدة ، إذ ستجد أنه من الصعب إخراج نفسك من وضعيتك الدفاعية.
الحقيقة ھي أن أعظم الاختراعات والتطورات في التكنولوجيا أو الأعمال تحدث عموما في الفترات الصعبة ، بسبب الحاجة الشديدة للتفكير الإبداعي والحلول الجذرية المنفصلة عن الماضي . ھذه ھي اللحظات التي تنضج فيھا الفرص . بينما يتراجع الآخرون أو يقتصدون في النفقات ، عليك أن تفكر في تحمل المخاطر ، تجربة الأشياء الجديدة ، والتطلع إلى المستقبل الذي سينبثق من الأزمات الحالية.
يجب أن تكون مستعدا على الدوام للمراھنة على نفسك ومستقبلك ، عن الطريق الذھاب في الاتجاه الذي يبدو الآخرين خائفين منه . ھذا يعني بأنك تؤمن أنه في حالة فشلك ، ستتوفر لديك موارد داخلية للشفاء .
يعتبر ھذا المعتقد نوعا من شبكة الحماية الذھنية ، فعندما تبدأ بمشروع أو اتجاه جديد ، سينتقل عقلك إلى حالة التركيز ، تصبح طاقتك مركزة وشديدة  ومن خلال إحساسك بالحاجة لتكون مبدعا ، سيرتفع عقلك إلى مستوى الحدث.

القانون الخمسون 35

القانون الخمسون 35

الاتجاه الجريء :


رأيك بنفسك يصبح واقعك . إذا كانت لديك كل تلك الشكوك ، فعندھا لن يثق أحد بك وسيسير كل شيء في اتجاه خاطئ . إذا اعتقدت العكس ، فھذا العكس ھو ما سيحدث . الأمر بھذه البساطة.
50 سنت
عندما ولدت ، دخلت إلى ھذا العالم دون ھوية أو ذات ، كنت ببساطة رزمة من الدوافع والرغبات الفوضوية . ولكنك اكتسبت تدريجيا شخصية ذات الطموح الكثير أو القليل على مر السنوات . فأنت اجتماعي أو خجول ، جريء أو متردد ، مجموعة من السمات المختلفة التي تعرفك . وتميل إلى قبول ھذه الشخصية كشيء واقعي جدا وثابت ، إلا أن الكثير من ھذه الھوية مؤسس ومصاغ بواسطة قوى خارجية ، آراء وأحكام مئات الأشخاص الذين يمرون بطريقك على مدار السنوات.
تبدأ ھذه العملية بوالديك . كطفل ، كنت تمنح اھتماما كبيرا لما يقولانه عنك ، وتشكل سلوكك لتفوز برضاھم وحبھم . كما تراقب عن كثب لغة جسدھم لترى ما يعجبھم ومالا يعجبھم. الكثير من ھذا له أثر ھائل على نموك ، اذا علقوا على سبيل المثال على خجلك سيساعد ذلك ببساطة على تقوية أية
اتجاھات لديك في ھذه الناحية ، وتصبح فجأة واعيا بارتباكك ويلتصق بداخلك . أما لو قالوا لك شيئا مختلفا ، محاولين تشجيعك على مھاراتك الإجتماعية وجذبك للخارج ، قد يكون له أثر مختلف جدا . بمعنى آخر، الخجل ھو صفة مرنة تتفاوت وفقا للأوضاع والأشخاص المحيطين بك ، ولا يجوز اعتبارھا سمة ثابتة للشخصية إطلاقا . وعليه فإن ھذه الأحكام
المعطاة من الوالدين ، الأصدقاء ، والمدرسين تحمل ثقلا وتصبح منضوية في الشخصية. العديد من ھذه الانتقادات والآراء غير موضوعية على الإطلاق . إذ يرغب الناس برؤية صفات معينة فيك ، ويعكسون عليك مخاوفھم وأحلامھم . يريدونك أن تطابق نموذجا تقليديا ، ذلك أنه من المحبط والمخيف للناس أن يظنوا عدم قدرتھم على اكتشاف حقيقة شخص ما . السلوك الذي يعتبر مختلفا أو غير طبيعي و الذي قد ينبعث بصورة جيدة من مكان عميق بداخلك يتم إحباطه بشدة.
كذلك يلعب الحسد دورا في الأمر ، إذا كنت جيدا في شيء ما ربما يتم إشعارك بالغرابة أو النبذ . حتى مدح الآخرين غالبا ما يصمم لربطك بقيم معينة يرغبون برؤيتھا فيك . كل ما سبق يشكل شخصيتك ، يقيد نطاق سلوكك ، ويصبح كالقناع الصلب على وجھك.
افھم ھذا : أنت بحد ذاتك لغز لنفسك . فقد بدأت في الحياة مميزا كليا ، مزيج من الصفات التي لن تتكرر أبدا في تاريخ الكون . كنت في سنواتك المبكرة كتلة من العواطف والرغبات المتضاربة ، ثم تم وضع شيء أجنبي عنك فوق ھذه الحقيقة . ھويتك ھي شيء أكثر فوضوية و مرونة من ھذه
الشخصية السطحية ، فأنت ممتلئ بالامكانيات والقدرات الغير مستغلة.
كطفل ، لم تكن لديك قوة حقيقية لمقاومة ھذه العملية ، ولكنك الآن كبالغ يمكنك الرفض بسھولة وإعادة اكتشاف شخصيتك المتفردة . إذ تستطيع التوقف عن استمداد إحساسك بالھوية وأھمية الذات من الآخرين ، و تجرب وتدفع إلى ما وراء الحدود التي وضعھا الناس لك ، وتقوم بتصرف مختلف عما توقعوه . إلا أن الأمر يعرضك لخطر ، فأنت تبدو غير تقليدي
و ربما غريب قليلا في أعين أولئك الذين يعرفونك ، وقد تفشل في ھذا العمل ويسخرون منك .
إن التوافق مع توقعات الناس أكثر أمنا و راحة ، حتى وإن كان فعل ھذا يجعلك تعيسا ومقيدا، في الحقيقة ، أنت خائف من نفسك وما يمكنك أن تكون عليه.
وھناك أمر آخر : الأسلوب الجريء في مقاربة حياتك ، والذي يبدأ بتحرير ذاتك من آراء الآخرين . وذلك ليس سھلا كما يبدو ، فأنت تكسر عادة طويلة من الرجوع المستمر إلى آراء الناس لتقدير أھميتك .
عليك أن تجرب وتشعر بإحساس عدم إشغال ذاتك بما يعتقده الآخرين أو يتوقعوه منك ، ولا تتقدم أو تتراجع نتيجة لأخذ آراءھم في الاعتبار ، وتبعد عنك أصواتھم التي تتحول غالبا إلى شكوك بداخلك .
 بدلا من التركيز على تلك القيود عندك ، فكر في الامكانيات التي تتمتع بھا من أجل سلوك جديد مختلف . حيث أنه من الممكن تغيير شخصيتك وتشكيلھا بقرارك الواعي لفعل ھذا.
نحن بالكاد ندرك الدور الذي تلعبه قوة الإرادة في أفعالنا.
عندما ترتفع برأيك عن ذاتك وما أنت قادر عليه ، فذلك له أثر قاطع على ما تفعله . على سبيل المثال ، ستشعر بالراحة عند تحمل بعض المخاطر ، عالما بأنك ستكون قادرا دائما على النھوض على قدميك إذا فشل الأمر . كما أن تحمل ھذا الخطر سيرفع مستويات طاقتك ، فإما أن تواجه التحدي أو تنھزم ، وستجد مصادرا غير مستغلة من الإبداع بداخلك . ينجذب الناس إلى ھؤلاء الذين يتصرفون بجرأة ، وسيكون لاھتمامھم و إيمانھم بك أثر في زيادة ثقتك .
إن الشعور بقلة التقيد بالشكوك سيخفف من كوابح شخصيتك الفردية ، مما يجعل كل ما تفعله مؤثرا أكثر . ھذا التحرك باتجاه الثقة يتمتع بخاصية
إشباع ذاتية يستحيل إنكارھا.
إن التحرك باتجاه ھذه الثقة بالنفس لا تعني بتر ذاتك عن الآخرين و عن آرائھم في أفعالك ، إذ يجب أن تعتمد مقياسا ثابتا لكيفية رؤية الناس لعملك وتستخدمه لتحقيق أقصى الفائدة من آراءھم ومراجعاتھم ، ولكن ھذا الإجراء يجب أن ينطلق من وضعية قوة داخلية .
إذا كنت معتمدا على أحكامھم بشأن إحساسك بالتقدير ، فستصبح ذاتك
ضعيفة و ھشة دائما ولن يكون لديك نقطة ارتكاز أو حس بالتوازن ، حيث ستذبل على إثر الإنتقادات وتطير عاليا جدا مع أي اطراء . يجب أن يقتصر دور آراءھم على مجرد مساعدتك في صياغة عملك وليس صورتك الذاتية. لو ارتكبت أخطاءا ، أو حكم عليك العامة بشكل سلبي فلديك نواة داخلية صلبة يمكنھا تقبل تلك الأحكام ، مع بقاء الثقة بقيمتك الذاتية.
في البيئات الفقيرة مثل الجوار ، يتعرض شعور الناس بھويتھم وما يستحقونه للاعتداء دائما . يميل الناس في الخارج إلى الحكم عليھم بسبب المكان الذي جاءوا منه على أنھم ، عنيفون ، خطرون وغير جديرين بالثقة ، كما لو أن المكان الذي صودف ميلادھم فيه يحدد من ھم .
وبالتالي يميلون إلى استبطان تلك الأحكام و ربما الإحساس عميقا بداخلھم أنھم لا يستحقون الكثير مما يعتبر جيدا في ھذا العالم . أولئك الذين من الجوار ممن يريدون التغلب على ھذا الحكم من العالم الخارجي ، عليھم أن يصارعوا بطاقة وشدة مضاعفة . ويجب أن يقتنعوا أولا بأنھم يستحقون أكثر من ذلك بكثير ويمكنھم الارتفاع بقدر ما يريدون بواسطة قوة الإرادة . حيث تصبح شدة طموحھم ھي العامل الحاسم ، و الذي يجب أن يكون
مرتفعا جدا . ھذا ھو سبب ظھور غالبية الشخصيات الطموحة الواثقة في التاريخ من ظروف صعبة ومضنية في معظمھا. أولئك الذين يعيشون خارج مثل ھذه البيئة ، يكون الطموح بالنسبة لھم كلمة قذرة تقريبا . إذ يتم ربطھا بشخصيات تاريخية مثل ريتشارد الثالث أو ريتشارد نيكسون ، وتفوح منھا رائحة انعدام الأمان والأفعال الشيطانية لبلوغ القمة .
الأشخاص الذين يرغبون في السلطة بشدة لا بد من أنھم يعانون من مشكلات نفسية أو ھذا ما نعتقده . ينبثق الكثير من ھذه العفة الإجتماعية
المصطنعة بشأن فكرة القوة والطموح من شعور لا واع بالذنب والرغبة في إبقاء الناس في الأسفل . فيما يتعلق بھؤلاء الذين يحتلون مراكز ذات إمتيازات معينة ، يبدو الطموحين من الطبقة الأسفل منھم كشيء مخيف ومھدد. إذا كنت قادما من رخاء نسبي ، فمن الأرجح أنك مشوب ببعض ھذه التحيزات ويجب أن تتخلص منھا بقدر المستطاع .
عندما تؤمن بأن الطموح قبيح وبحاجة لكبته أو إخفاءه فعليك أن تقف على أصابع رجليك مع الآخرين ، مظھرا إنسانية زائفة وتضطر للتفكير بعقل مزدوج في بعض التحركات اللازمة للقوة . أما إذا رأيته كشيء جميل ، باعتباره القوة المحركة خلف جميع إنجازات الإنسان العظيمة ، فعندئذ لن
تشعر بالذنب في رفع مستوى طموحك بقدر ما تريد ، وإبعاد أولئك الذين يعيقون طريقك.
أحد أعظم الرجال الجسورين في التاريخ والذي يعتبر رائد حركة إلغاء العبودية في القرن التاسع عشر ھو فريدريك دوجلاس . كان قد ولد ضمن النظام الوحشي المعروف بالرق ، والذي صمم بكل تفاصيله لتدمير روح الإنسان . ويتم ذلك بواسطة إبعاد الناس عن عائلاتھم بحيث يعجزون عن تنمية أية روابط عاطفية حقيقية في حياتھم ، واستخدام التھديد الدائم والخوف لكسر أي إحساس بالإرادة الحرة مع التأكد من إبقاء العبيد جھلة وأميون . وعليه ، فإنھم يؤمنون فقط بأقل الآراء عن أنفسھم . واجه دوجلاس نفسه جميع ھذه المصائر في طفولته ، ولكنه بطريقة ما كان يعتقد منذ سنواته المبكرة بأنه يستحق أكثر من ذلك بكثير ، ھناك شيء قوي تم سحقه بداخله ولكن يمكنه العودة للحياة مجددا . حينما كان طفلا ، رأى نفسه
وھو يھرب من براثن العبودية يوما ما ، وأخذ يغذي نفسه بھذا الحلم.
ثم في عام 1828 وفي عمر العاشرة ، قام سيد دوجلاس بإرساله ليعمل في منزل صھره في بالتيمور / ماريلاند . اعتبر دوجلاس ذلك نوعا من التطور في العمل لصالحه ، فھو يعني أنه سيھرب من العمل المضني في الزراعة يحصل على المزيد من الوقت للتفكير .
 كانت سيدة المنزل في بالتيمور تقرأ الإنجيل باستمرار ، وفي أحد الأيام سألھا اذا كانت ستعلمه القراءة ، وافقت و التزمت بذلك بسعادة وتعلم ھو سريعا . إلا أن رب المنزل سمع بالأمر و وبخ زوجته بشدة ، فالعبد يجب
أن لا يسمح له أبدا بالقراءة والكتابة . وبالتالي منع زوجته من الاستمرار في التعليم ، مع ذلك يستطيع دوجلاس الآن تولي الأمر عن طريق التحايل للحصول على الكتب والقواميس لنفسه . قام بحفظ الكلمات المشھورة والتي يستطيع مراجعتھا في ذھنه في أي وقت من اليوم ، و تخيل نفسه وھو يصبح خطيبا عظيما يناظل ضد شياطين الاستعباد.
مع المعرفة المتزايدة بالعالم الخارجي ، ازدادت مرارة دوجلاس و استياءه من الحياة التي أجبر عليھا . وقد أثر ذلك على توجھه وشعر أسياده بھذا . تم إرساله في عمر الخامسة عشر إلى مزرعة يديرھا السيد ( كوفي ) ، التي كانت مھمته الوحيدة في الحياة كسر روح العبد المتمرد. ومع ذلك لم ينجح كوفي في مھمته ، إذ أن دوجلاس كان قد أنشأ في عقله ھوية خاصة لن تتطابق مع ما أراد كوفي أن يفرضه عليه . ھذه الصورة لقيمته الذاتية العالية والتي آمن بھا بكل طاقته ستصبح حقيقة . كما احتفظ بحريته الداخلية وصحته النفسية ، وحول جميع الضرب وسوء المعاملة إلى دافع له
للھروب إلى الشمال . وقد منحه الأمر أيضا مادة ليشاركھا يوما مع العالم حول شياطين العبودية .
قرر دوجلاس بعد عدة سنوات الھروب إلى الشمال ، وھناك أصبح قائدا لحركة إلغاء العبودية . وفي نھاية المطاف ، أسس صحيفته الخاصة و عمل
دائما على الدفع ضد الحدود التي حاول الناس فرضھا عليه.
افھم ھذا : سيھاجمك الناس دائما في الحياة ، وأحد أسلحتھم الرئيسية ھو زرع الشكوك بداخلك حول نفسك ، أھميتك ، قدراتك ، وإمكانياتك . سيقومون غالبا بتمويه الأمر على أنه رأيھم الموضوعي ولكنه ينطوي دائما على ھدف سياسي ، إنھم يريدون إبقاءك في الأسفل . أنت عرضة دائما لتصديق تلك الآراء ، خاصة إذا كانت صورتك الذاتية ھشة . ولكنك
تستطيع في كل لحظة في الحياة تحدي الناس وتجريدھم من ھذه القوة ، وذلك بواسطة الاحتفاظ بحس الھدف ، مصير مھم تسعى لتحقيقه . انطلاقا من ھذا الوضع ، لن تؤذيك اعتداءات الناس بل ستجعلك فقط تشعر بالغضب وتصبح أكثر عزما.
كلما رفعت ھذه الصورة الذاتية أكثر ، قلت الأحكام والتلاعبات التي ستتقبلھا وتقل كذلك العقبات التي تعترض طريقك . إذا كان شخص مثل دوجلاس استطاع تكوين ھذا الاتجاه وسط أشد الظروف تقييدا ، فلا شك أنه يمكن لنا إيجاد طريقنا الخاص بنا إلى ھذه القوة الداخلية.

القانون الخمسون 34

القانون الخمسون 34

الفصل التاسع:
إدفع إلى ما وراء حدودك (الثقة بالنفس)


إن إحساسك بمن تكون يحدد سلوكك ومالذي تحصل عليه من الحياة في نھاية المطاف . إذا كنت ترى بأن المدى الذي يمكنك بلوغه محدود ، فإنك غالبا ما تعجز عن مواجھة الكثير من المصاعب ، ذلك أنه من الأفضل ابقاء طموحك منخفضا ومن ثم ستكسب القليل الذي توقعته.
من خلال معرفة ھذه الديناميكية ، يجب أن تدرب نفسك على عكسھا ، اطلب المزيد ، أطمح للأعلى وآمن بأنه مقدرا لك القيام بشيء عظيم .
 إذ ينبع شعورك بالاستحقاق الذاتي منك وحدك ، وليس من آراء الآخرين إطلاقا.
مع الثقة المرتفعة بقدراتك ، ستتحمل المخاطر التي تزيد من فرص نجاحك ، حيث يتبع الناس أولئك الذين يعرفون إلى أين ھم ذاھبين .
 لذلك ، اصنع جوا من الثقة والجرأة .

طموح المحتال:
دعني أوضح لك بأن الحرية ليست شيئا يمكن إعطاؤه لأي شخص ، الحرية ھي شيء يأخذه الناس وھم أحرار ، و بالقدر الذي يريدون أن يكونواعليه.
جيمس بالدوين
كان لدى والدة كرتس جاكسون  ( سابرينا ) طموح قوي واحد في حياتھا ، وھو كسب مايكفي من المال بأي طريقة لنقلھا ھي وابنھا بعيدا عن منطقة الجوار . كانت قد أنجبت كرتس وھي في الخامسة عشر ، والمنفذ الوحيد للحصول على مقدار جيد من المال في ھذا العمر ھو تجارة المخدرات . كانت حياة المحتالين خطرة على المحتالة الأنثى بشكل خاص ، لذلك
عملت على بناء حضور مخيف لھا لأجل حماية نفسھا . كانت أقوى وأكثر جرأة من الكثير من المتعاملين الرجال ، جانبھا الرقيق الوحيد ھو ابنھا الذي أرادت له مصيرا مختلفا عن الاحتيال .
وبغرض حمايته من الحياة التي تعيشھا ، أبقته مع والديھا في ساوث سايد كوينز وكانت تذھب لرؤيته كلما أمكنھا ھذا ، مصطحبة معھا الھدايا له ومن أجل ابقاء عينھا عليه ، حيث أنھما سينتقلان قريبا إلى مكان أفضل.
قتلت سابرينا في عمر الثالثة والعشرين في قضية مخدرات، و منذ تلك اللحظة بدا أن مصير كرتس في ھذا العالم أصبح مسدودا ، صار الآن وحيدا دون أبوين أو مرشد حقيقي يمنحه حسا بالتوجيه . كذلك بدا أن السيناريو التالي سيحدث تلقائيا، سينجرف إلى حياة الشوارع ، ويلجأ
إلى العنف والجريمة من حين لآخر لإثبات قوته . ثم يجد طريقه إلى السجن ، وسيعود بعد فترات معينة . أي أن حياته ستتقيد بشكل رئيسي بھذا الجوار ، و قد يعود إلى المخدرات أو الكحول عندما يكبر في العمر أو سلسلة من الأعمال الوضيعة في أحسن الأحوال.
تشير كل الاحتمالات بالنسبة للأطفال الناشئين في مثل تلك البيئة دون رعاية أبوية إلى ھذا المستقبل المحدود الكئيب. إلا أن شيئا مختلفا جدا أخذ يتشكل في ذھنه . برحيل والدته ، بدأ يقضي وقتا لوحده أكثر فأكثر و ينغمس في خيالاته التي حملته بعيدا عن منطقة الجوار .
 رأى نفسه رئيسا لشيء ما ، ربما في التجارة أو الحرب ، وتخيل بالتفصيل الدقيق الأماكن التي سيعيش فيھا ، السيارات التي سيقودھا ، والعالم الخارجي الذي سيستكشفه يوما ما . كانت حياة مليئة بالحرية والامكانيات ، ولكنھا لم تكن مجرد خيالات بل حقيقة ، كان مقدرا لھا الحدوث ، ويستطيع رؤيتھا بوضوح . الأھم من ذلك شعوره بأن والدته ترعاه ، لقد أصبحت طاقتھا وطموحھا بداخله ھو الآن.
الغريب أنه سيتبع خطاھا مع الخطة ذاتھا ، الاحتيال ثم الخروج من اللعبة . ولكي يتجنب مصيرھا ، أسس اعتقادا قويا بأنه لا شيء يمكن أن يوقفه ، لا طلقة مسدس ، ولا مخططات المحتالين الآخرين ولا الشرطة .
 ھذه الشوارع لن تقيده، في مايو من عام 2000 ، نجا كرتس بطريقة ما من التسع رصاصات التي أطلقھا قاتل مأجور على جسده . كان توقيت الاعتداء حساسا ، و ذلك بعد سنوات من احتيال الشوارع والموسيقى ، و كان ألبومه الأول على وشك الإطلاق . ولكن على إثر تداعيات الحادثة ألغت تسجيلات كولومبيا ھذا الألبوم واستبعدته من علامتھا الموسيقية ، وعليه أن يبدأ من جديد . في الشھر التالي وبينما كان مستلقيا على سريره ليسترد عافيته من الجروح ، بدأ يعيد بناء ذاته ذھنيا كما فعل بعد مقتل والدته . رأى في ذھنه
بتفاصيل حيوية أكثر من أي وقت مضى الطريق الذي يجب أن يسير فيه الآن ، إذ سيغزو عالم الراب بحملة لألبوم منوع لم يسبق لأحد رؤية مثله من قبل . سيأتي ذلك من طاقته العالية وإصراره ، بل حتى من الصوت الأخشن الذي يصنعه والصورة التي سيبرزھا كزعيم عصابة لا يقھر.
خلال سنة من الحادث ، كان في طريقه لتحويل ھذا الحلم إلى واقع . حيث غزت أغانيه الأولى الشوارع وكانت مثيرة للأحاسيس . وعلى الرغم من تقدمه في ھذا المجال إلا أنه رأى عائقا واحدا كبيرا جدا لا يزال يعترض مساره، القتلة المأجورين يرغبون في إتمام المھمة وقد يظھروا في أية لحظة لھذا السبب فقد اضطرعلى الحفاظ على شھرة قليلة والبقاء على ذات المستوى ، إلا ان الإحساس بكونه مطارد لا يطاق لن يعيش بھذه الطريقة ، و قرر بأن ما يحتاجه ھو مجموعة من الاتباع الاشداء المتماسكين الذين سيساعدون في حمايته وتجاوز ھذا الإحساس بالاستھداف.
لتحقيق ھذا ، أخبر أصدقاءه المقربين بعقد اجتماع في بيت جديه في ساوث سايد كوينز ، الذين قاموا بدعوة أشد معجبيه حماسا في الجوار ، وھم رجال يعرفون كيف يصبحوا مخلصين وجديرين بالثقة والاعتماد عليھم .
 ويجب أن يحضروا معھم جميعا مسدسات للمساعدة في تأمين الشارع قبل ظھور فيفتي.
حينما دخل فيفتي غرفة الجلوس في منزل جديه في يوم الاجتماع شعر بالطاقة والبھجة ، حيث امتلأ المكان بما يزيد عن عشرين شابا كلھم جاھزون لتلبية نداؤه ، ثم بدأ يرسم لھم رؤيته الدقيقة للمستقبل ، موسيقاه جيدة ولكنھا ستصبح أشد قوة ، وكان متيقنا أنه سيبرم عقد موسيقي ضخم خلال سنتين.
يستطيع أن يسمع في رأسه منذ الآن أغاني ألبومه الأول، متخيلا الغلاف والموضوع بأكمله ، إذ سيصبح الأمر قصة حياته . كما أكد لھم أن ھذا الألبوم سيحقق نجاحا فلكيا ، لأنه قد اكتشف طريقة معينة لكيفية صنع وتسويق الأغاني الناجحة .
ھو ليس بنجم الراب العادي ، شرح لھم ، ولم يدخل المجال بھدف الثراء أو الشھرة ، ولكن من أجل القوة . سيستخدم المال المتحصل من مبيعات الألبوم لتأسيس مشاريعه الخاصة . ھذا ھو القدر ، كل شيء في حياته كان مقدرا له الحدوث كما فعله ، ومن ضمنه محاولة الاغتيال وھذا الاجتماع في ھذا المساء.
سيقوم بإنشاء إمبراطورية تجارية ويريد أن يأخذھم جميعا معه سيقدم لھم أي شيء يرغبونه طالما أثبتوا بأنھم جديرين بالاعتماد عليھم ويشاركونه إحساسه بالھدف . بإمكانھم أن يصبحوا مغني راب ضمن علامته الموسيقية التي سينشأھا أو منظمين لرحلاته ، أو أن يعودوا إلى الجامعة والحصول على مؤھل وسيدفع لھم تكاليف كل ذلك . أنتم مجموعة ذئابي ، فسر لھم ، ولكن لن يحدث شيء من ھذا إذا قتل الذئب الرئيسي.
ما طلبه منھم ھو مساعدتھم له في توفير الأمن ، و ابقاءه على اتصال بما يحدث في الشوارع ، أو القيام بعض أعمال الدعاية والتسويق الفردية لالبومه المنوع . ھو بحاجة إلى أتباع ، وقد اختارھم.
كلھم تقريبا وافقوا على الاقتراح ، وعلى مر السنوات التالية بقي الكثير منھم من أجل الحصول على مراكز مھمة في امبراطوريته المتوسعة . وإذا حدث و توقفوا للتفكير في الأمر ، سيجدون غرابة تشابه المستقبل الذي جاء مع الصورة التي رسمھا قبل سنوات عديدة.
في عام 2007 وبعد النجاح الھائل الذي حققه ألبوميه الأولين ، بدأ فيفتي يستشعر مشكلة ما في المجال تلوح في الأفق . كان قد رسم صورة معينة أمام العامة ، إسطورة فيفتي المرتكزة على قوته وحضوره المھيب وصموده ، و ھي مصممة في فيديوھاته ومقابلاته وصوره مع تألقه وأوشامه. معظمھا حقيقة ولكنھا مضخمة من أجل أحداث أثر درامي.
وقد جلبت له ھذه الصورة الكثير من الاھتمام ولكنھا أخذت تنقلب إلى فخ خادع ، فلكي يثبت لمعجبيه أنه ما زال فيفتي نفسه ، عليه أن يرفع الرھان ويرتكب المزيد والمزيد من السلوكيات العنيفة . لن يستطيع أن يبدو وكأنه سيصبح ناعما ، ولكن الأمر لم يعد حقيقيا بالنسبة له بعد الآن فھو قد انتقل
الى حياة مختلفة ، وسيؤدي تشبثه بتلك الصورة السابقة إلى تقييد حريته بشدة . حيث سيبقى عالقا في الماضي وسجينا للصورة التي صنعھا .
 و سيغدو كل ھذا مبتذلا قديما و تخبو شعبيته.
وجد نفسه في كل مرحلة من حياته في تحد مع عقبات بدت له مستحيلة ، التمكن من النجاة في الشوارع دون أبوين لإرشاده ، الابتعاد عن العنف وقضاء الوقت في السجن ، التملص من القتلة و ردھم على أعقابھم ...... الخ . لو كان في أي لحظة قد شك بذاته أو تقبل القيود الطبيعية لقدراته ، لأصبح ميتا أو ضعيفا بل إن الموت ھنا أفضل في اعتقاده . ما أنقذه في كل
حالة ھو شدة طموحه وثقته بنفسه.
ليس الآن ھو وقت الاقتناع أو الشك بشأن المستقبل ، عليه أن يقوم بتغيير نفسه مجددا : سيقوم بإزالة أوشامه المنقوشة ، و ربما يغير اسمه مجددا أيضا . كذلك سيصنع صورة جديدة وأسطورة تلائم ھذه الفترة من حياته ، كجزء من قطب تجاري وصانع قرار ، ومنسحبا تدريجيا عن أنظار العامة ، فاردا عضلاته خلف الكواليس . ھذا ما سيفاجأ الجمھور ويبقيھم متقدمين بخطوة واحدة عن توقعاتھم ، ويزيل أي عائق آخر يقيد حريته . يعتبر إعادة تكوين ذاته بھذه الطريقة نقيضا صارخا للقدر الذي بدا أنه ينتظره بعد وفاة والدته.

القانون الخمسون 33

القانون الخمسون 33

مخالفة المفھوم:

نحن عموما نختبر الملل كشيء مؤلم يجب تجنبه بأي ثمن. حيث طورنا منذ الطفولة عادة البحث مباشرة عن نشاط ما لقتل ھذا الإحساس ، ولكن إذا تكرر ھذا النشاط كثيرا بما فيه الكفاية فإنه يصبح مملاً أيضا . وكذلك الأمر بالنسبة لحياتنا ، إذ يجب أن نبحث ونبحث عن ملھيات جديدة ، أصدقاء جدد ، اتجاھات جديدة لاتباعھا ، أشكال جديدة من التسلية ، أديان أو قضايا جديدة للإيمان بھا . ھذا البحث قد يقودنا إلى تغيير وظائفنا ويضعنا على طريق متعرج ھنا وھناك في بحثنا عن شيء لاخماد ذلك الشعور .
 إلا أنه في جميع ھذه الحالات ، أساس المشكلة ليس الملل ذاته بل علاقتنا به. جرب رؤية الملل من المنظور المعاكس ، كنداء لك لابطاء نفسك والتوقف عن البحث عن الملھيات اللانھائية . قد يعني ھذا إجبار ذاتك على قضاء وقت معين بمفردك ، متغلبا على ذلك العجز الطفولي عن البقاء ساكنا . عندما تعمل أثناء ھذا الملل المفروض ذاتيا ، سيميل عقلك للحماس ، وتنتابك أفكار جديدة وغير متوقعة لملء المساحة .
لتشعر بالإلھام ، عليك أن تختبر أولا لحظة من الفراغ . استخدم تلك اللحظات لتقييم اليوم السابق ، من أجل قياس ما أنت ذاھب إليه . إنه إسعاف
لمنع الإحساس بالحاجة المستمرة للتسلية من الخارج.
في مستوى أعلى ضمن إعادة التأھيل ھذه ، ربما تختار كتابا للقضاء على الملل . ولكن بدلا من القراءة كوسيلة سلبية للإلھاء ، أدخل ذھنيا مع المؤلف في نقاش أو جدال فعال ، جاعلا الكتاب يخرج إلى الحياة في عقلك .
كنقطة أبعد من تلك ، احترف نشاطا جانبيا ثقافي أو مادي ممن يتطلب عملية متكررة لإتقانه ، حيث ستكتشف أثرا مھدءا في العنصر المتكرر ذاته
بھذه الطريقة سيصبح الملل حليفك العظيم ، إذ يساعدك على إبطاء وتيرة الأمور ، و تنمية الصبر والانضباط الذاتي.
ستتمكن من خلال ھذا التطور من تحمل لحظات الفراغ التي لا بد منھا في الحياة وتحويلھا إلى ملذات خاصة بك.
ھناك الآن أفراد ممن يفضلون الھلاك بدلا من العمل دون الاستمتاع بعملھم  إنھم انتقاءيون ولا يلجأون للمكافآت الكبيرة إذا لم يكن العمل نفسه ھو مكافأة المكافآت . فھم لا يخافون الملل بقدر العمل دون متعة ، بل في الواقع يحتاجون للكثير من الملل عندما ينجح عملھم .
إلى جميع الأرواح المبدعة، الملل ھو تھويدة الروح السيئة التي تسبق الرحلة السعيدة و رياح المرح.
فريدريك نيتشه

القانون الخمسون 32

القانون الخمسون 32

مفاتيح الجرأة:

تأتي جميع مشاكل الإنسان من عدم معرفته لكيفية الجلوس وحيدا في غرفة.
بليز باسكال
كما يتعلم الأطفال اللغة ، نخضع كلنا لذات العملية . حيث نختبر في البداية قدرا من الإحباط ، فلدينا رغبات وحاجات نتمنى التعبير عنھا ولكننا نفتقر للكلمات . ثم نلتقط العبارات ونتشرب أنماط الكلام تدريجيا ، و أخيرا نجمع المفردات كلمة بكلمة . بعض ھذه العملية ممل ، إلا أننا نكون مدفوعين إليھا
بسبب فضولنا الشديد وجوعنا للمعرفة . في نقطة معينة ، نكتسب مستوى من الطلاقة يمكننا بموجبه التواصل أسرع مما نعتقد . و بعد ذلك لا نعود بحاجة للتفكير فالكلمات تخرج تلقائيا ، وفي الأوقات التي نشعر فيھا بالإلھام فإنھا تتدفق منا بطرق لا يمكننا حتى تفسيرھا . إن تعلم اللغة سواء كانت لغتنا أو أخرى أجنبية تتضمن عملية تطور طبيعي لا يمكننا تفاديھا ، فليست ھناك طرق مختصرة.
يضع تعلم اللغة نمطا لجميع أنشطة الإنسان ، سواء الذھنية المحضة أو المادية . لنتقن آلة موسيقية أو لعبة فإننا نبدأ بأدنى مستوى للمھارة ، حيث تبدو اللعبة مملة لاضطرارنا إلى تعلم القواعد واللعب على مستوى بسيط . وكما في تعلم اللغة ، فإننا نشعر بالإحباط عند رؤيتنا الآخرين يلعبون جيدا ونتخيل كيف يبدو ھذا الشعور ، ولكننا محبوسون في تلك المرحلة من
التدريب والتكرار الممل . في ھذه النقطة إما أن نستسلم لإحباطنا ونوقف العملية ، أو نتقدم مطلقين القوى المتوارية بالقرب منا . ثم ترتفع قدراتنا ببطء وينخفض الإحباط ، ولا نكون بحاجة للتفكير كثيرا ، إذ نفاجأ بطلاقتنا والروابط التي انتابتنا في ومضة سريعة.
في الوقت الذي نصل فيه لمرحلة معينة من الاتقان ، سنجد بأنه ھناك مراحلا وتحديات أعلى . إذا كنا منضبطين وصبورين فإننا سنتقدم ، وتنتظرنا في كل مرحلة عليا متعة وتبصر لم نكن حتى نتوقعه عندما بدأنا . يمكننا المضي في ذلك إلى البعد الذي نرغبه ، ففي أي نشاط بشري ھناك دائما مستوى أعلى نستطيع الارتقاء إليه.
كان مفھوم التعلم ھذا جزءا رئيسيا من الحكمة العملية لآلاف السنين ، وھو متضمن في مفھوم إتقان أية مھنة . تتوقف حياة الإنسان على صناعة المعدات كبناء السفن وغيرھا ، ولصناعتھم جيدا يجب على المرء أن يتعلم الحرفة ، ممضيا سنوات في تدريب مھني يتقدم خطوة بخطوة . ومع قدوم
الصحافة المطبوعة والكتب التي يمكن توزيعھا على نطاق واسع ، تم تطبيق ھذا الانضباط والصبر على التعليم ، بھدف تحصيل المعرفة رسميا . إن الأشخاص الذين يظھرون أنفسھم كمتعلمين دون قضاء سنوات في مراكمة المعرفة ، يبدون كدجالين و مشعوذين وجديرين بالازدرا ء.
ومع ذلك ، فقد وصلنا اليوم إلى مرحلة خطرة يتعرض فيھا عنصر الحكمة ھذا للنسيان . يرجع السبب في ھذا الأمر إلى الجانب المدمر للتكنولوجيا . إذ ندرك كلنا منافعھا الھائلة والقوة التي أمدتنا بھا ، إلا أن ھذه السرعة والسھولة الشديدة في الحصول على ما نريد تضمنت نوعا جديدا من التفكير.  نحن مخلوقات عجولة بالفطرة ، ويصعب علينا دائما أن نرغب شيئا دون أن تكون لدينا إمكانية اكتسابه . وقد أبرزت السرعة المتزايدة للتكنولوجيا ھذا الجانب الطفولي من شخصياتنا ، بحيث يبدو التراكم البطيء للمعرفة مملا بشكل غير ضروري ، إذ يجب أن يكون التعلم ممتعا ، سريعا وسھلا . يمكننا عبر الانترنت إقامة علاقات قوية ، و التنقل السريع على السطح من موضوع للذي يليه . كما أصبحنا نقدر سعة المعلومة أكثر
من عمقھا ، أي أننا نفضل القدرة على التنقل ھنا وھناك بدلا من الحفر عميقا إلى مصدر مشكلة ما وإيجاد كيفية اختلاف الأشيا ء.
لقد فقدنا حس التطور الطبيعي . وفي مثل ھذا الجو ينبت المشعوذون كالأعشاب الضارة ، عارضين الأسطورة القديمة بشأن التغيير السريع ، الطريق السريع نحو السلطة ، الجمال ، والنجاح ، على ھيئة كتب ، أقراص مدمجة ، وأسرار قديمة تمت إعادتھا إلى الحياة . و يجدون الكثير من الحمقى كضحايا لھم.
لا يعد النمط الجديد من التعلم والتفكير تطورا طبيعيا ، بل يخلق ظاھرة يمكن تسميتھا ب( الدائرة القصيرة ) . يتطلب بلوغ نھاية أي شيء و إتقان عملية التعلم وقتا ، وتركيزا ، و طاقة . عندما يكون الناس مشتتين جدا تنتقل عقولھم من شيء لآخر باستمرار ، ويصبح من الصعب عليھم بشكل متزايد الاحتفاظ بالتركيز على شيء واحد لساعات قليلة أو البقاء وحيدين لأشھر أو سنوات . يميل العقل تحت ھذا التأثير إلى الدائرة القصيرة ، فھو لن يكون قادرا على المضي في الطريق بأكمله إلى نھاية مھمة ما . حيث سيرغب في الإنتقال إلى شيء آخر يبدو أكثر جاذبية . تصبح صناعة الأشياء صعبة عندما يكون التركيز مفقودا ، الأمر الذي يفسر الكم المتزايد من المنتجات الرديئة والمصنوعة بدرجة أقل فأقل من الانتباه للتفاصيل.
افھم ھذا : إن السر الحقيقي والمعادلة الحقيقية للقوة في ھذا العالم تكمن في قبول الحقيقة المؤلمة بأن التعلم يتطلب تطورا طبيعيا ، الذي يستوجب في المقابل الصبر والقدرة على تحمل العمل المضني . لا يتعلق الأمر بشيء جنسي أو إغواءي قد يحدث من أول وھلة ، ولكنھا حقيقة قائمة على شيء واقعي وجوھري ، حكمة قديمة لا يمكن نقضھا . المفتاح ھو مقدار رغبتك ، إذا كنت تريد القوة والإتقان بالفعل فستتشرب ھذه الفكرة بعمق و تطبعھا في ذھنك ، فليست ھناك طرق مختصرة .و لن تثق بعد ذلك بأي شيء سريع وسھل ، و ستكون قادرا على تحمل الشھور الأولى من الملل والعمل المكرر لأن لديك ھدفا أعلى . ھذا ما سيحول بينك وبين الطرق المختصرة أو معرفة الكثير من الأشياء دون إتقان أي منھا . في النھاية ، فإن ما تقوم به حقا ھو تحقيق الإتقان لنفسك ، لقلة صبرك ، خوفك من الملل و وقت الفراغ ، وحاجتك المستمرة للتسلية والمتعة.
ما يأتي ھي خمس استراتيجيات أساسية لتنمية ارتباط ملاءم بعملية التطور الطبيعي:
1 - تعلم من خلال المحاولة والخطأ:
 نظرا لقيامه بالملاكمة في الشوارع في مراھقته ، كان لدى جاك جونسون الإحساس بأنه سيستطيع يوما ما أن يكون ملاكما عظيما . إلا أنه اسود وفقير جدا لدرجة عدم قدرته على تحمل تكاليف مدرب . لھذا السبب ، بدأ في عام 1896 في عمر الثامنة عشر بعملية تطور قاسية مميزة . كان يبحث أي ملاكمة محتملة يمكنه دخولھا في الحلبة ، مع أي نوع من
الخصوم . عانى في البداية من بعض الضرب الفظيع من ملاكمين استخدموه كمادة للضرب ، ولكن بما أن ذلك كان طريقه الوحيد للتعليم ، فقد تمكن سريعا من أن يصبح مراوغا بقدر الإمكان من أجل إطالة أمد الملاكمات بما يتيح له التعلم. في الوقت ذاته ، كانت الملاكمات تستمر أحيانا لعشرين جولة كاملة ، وھدف جونسون دائما ھو استدراجھم إلى الحد الأقصى .وأثناء ذلك كان يدرس خصومه بعناية ، لاحظ كيف أن بعض
النوعيات تتحول إلى أنماط أكثر ھدوءا بينما يزيد آخرون في توجيه لكماتھم . كما صنفھم بحسب نظرات أعينھم ولغة جسدھم ، وتعلم كيف يستدرج البعض منھم إلى حالة ھياج ليستطيع دراسة ردود أفعالھم ، ويركن إلى الجمود مع البعض الآخر بنمط ساكن ليرى أثر ھذا أيضا.
كان منھج جونسون مؤلما إلى حد ما ، فھو يعني خوض خمسة عشر إلى عشرين مباراة في السنة ، وعانى من عدد لا يحصى من الضربات . وعلى الرغم من انتصاره على معظم خصومه ، إلا أنه فضل أن يكون مراوغا ويتعلم الحرفة ، مما يعني الاستماع الى سخرية لا حد لھا من غالبية الجماھير البيض بأنھ جبان . إلا أنه وتدريجيا ، بدأ الأمر يعطي نتائجا جيدة. حيث واجه العديد من الخصوم الذين أصبح ماھرا في إدراك نمطھم الخاص منذ لحظة بدأ الجولة ، كان بمقدوره أن يستشعر مواطن ضعفھم والوقت الذي يتحرك فيه بالتحديد لتوجيه الضربة القاضية . لقد كيف نفسه عقليا و جسميا مع وتيرة المباريات الطويلة القاسية ، واكتسب حدسا بمساحة حلبة الملاكمة ذاتھا وكيفية مناورة واستنفاذ خصمه على مدار
العشرين جولة . اعترف الكثير من خصومه لاحقا بأنه بدا قادرا على قراءة أذھانھم ، إذ كان دائما متقدما عليھم بخطوة باتباعه ھذا المسار ، حول جونسون نفسه في غضون بضع سنوات الى بطل العالم للوزن الثقيل وأعظم ملاكم في عصره.
إن معظم مفھومنا عن التعليم ھو تشرب الأفكار من الكتب، وفعل ما يقوله لنا الآخرون لنفعله أو ربما أداء بعض التمارين الخاضعة للمراقبة . ولكن ذلك يعد مفھوما ناقصا وجبانا للتعلم ، ومنقطعا عن الخبرة العملية . فنحن مخلوقات نعمل الأشياء ولا نكتفي ببساطة بتصورھا ، ولإتقان أية عملية عليك أن تتعلم بواسطة المحاولة والخطأ . فأنت تجرب ، وتتلقى بعضا
من الضربات المؤلمة ، ترى ما يعمل وما لا يعمل في الوقت الحقيقي ، وتعرض نفسك وعملك للمراقبة العامة . لذلك فان اخطاؤك تنطبع في جھازك العصبي ولن ترغب بتكرارھا ، ويتقيد نجاحك بالتجربة المباشرة التي تعلمك أكثر وعليه ، ستحترم التطور الطبيعي بصورة عميقة ، لأنك ترى وتشعر بھذا التطور الذي تستطيع صنعه من خلال التدريب والعمل
المستمر . إذا مضيت في الأمر بعيدا بما فيه الكفاية ، ستكتسب حاسة طرف الأصبع حول ما تكون الحاجة لعمله ، لأن معرفتك أصبحت مرتبطة بشيء مادي داخلي . و يعتبر التمتع بھذا الحدس ھو أقصى نقطة للإتقان.

2 - أتقن شيئا بسيطا:
غالبا ما يكون لدينا احساس عام بانعدام الثقة ، لأننا لم نتقن بالفعل أي شيء في الحياة . وبشكل غير واع نشعر بالضعف ولا نمضي بعيدا في المھمة ، وقبل أن نبدأ بأي شيء نستشعر بأننا سنفشل . الطريقة الأفضل لتخطي ذلك نھائيا ھي مواجھة ھذا الضعف وجھا لوجه وبناء نوع من الثقة بأنفسنا . يجب أن يتم ھذا أولا بتجربة شيء بسيط وأساسي ، من أجل اختبار
أنفسنا حول القوة التي يمكن لنا اكتسابھا.
كان ديموستيس واحدا من أعظم الشخصيات السياسية في أثينا القديمة ، و من خلال اتباعه ھذا المسار ، قرر أن يتغلب على خوفه الشديد من التحدث أمام العامة . في طفولته كان ضعيفا وعصبيا ، يتكلم بصوت متلعثم دون التوقف للتنفس ، ولذلك كان يتعرض للسخرية دائما . عندما أصبح شابا ، توفي والده تاركا له مبلغا جيدا من المال ، إلا أن أوصياءه سرعان ما
استولوا عليه بالكامل . قرر أن يصبح محاميا ويأخذ الجناة في نھاية المطاف إلى المحكمة بنفسه ، إلا أن المحامي يحتاج إلى أن يكون متحدثا بليغا وھو فاشل جدا في ھذا الأمر .ثم قرر التوقف عن مجال القانون على الرغم من أن ذلك بدا له شديد الصعوبة . ومع المقدار القليل من المال لديه ، سيعتزل العالم ويحاول بطريقة ما أن يعالج إعاقته الكلامية ، بما يتيح له
على الأقل تقلد نوع من الوظائف العمومية.
أخذ يدرس بصورة سرية في مكان يتيح له التدرب بمفرده ، كما قام بحلق نصف رأسه بما يجعله محرجا جدا من الخروج أمام الناس . ومن أجل تخطي ھذا التلعثم ، كان يمشي على طول الشاطئ مالئا فمه بحصيات صغيرة ، مرغما نفسه على التحدث عاليا دون توقف وبقوة أكبر من الأمواج . كان يكتب الخطابات ويقوم بتسميعھا أثناء صعوده على منحدرات حادة ، من أجل تنمية مھارات أفضل للتنفس . بالإضافة إلى ذلك ، قام بتثبيت زجاج عاكس أثناء دراسته ، يمكنه بواسطته مراقبة تعبيرات وجھه عن قرب عند خطابته . كما دخل في محادثات مع زوار منزله ، مع قياس كيفية تأثير كل كلمة أو نغمة عليھم .خلال سنة من ھذا التدريب المكرس ، تمكن من إزالة لعثمته بالكامل وحول نفسه إلى أكثر من خطيب كاف . و بعد ھذا كله قرر أن يعود إلى القانون ثانية ، ومع كل قضية جديدة يكسبھا
ترتفع ثقته إلى آفاق جديدة.
نتيجة لتقديره أھمية التدريب ، عمل بعدھا على تطوير مھارته في إلقاء الخطابات . و تحول تدريجيا إلى الخطيب الأعلى في أثينا القديمة . وقد ترجمت ھذه الثقة المكتشفة حديثا إلى كل شيء فعله ، إذ أصبح شخصية سياسية قيادية وعرف بجرأته في مواجھة أي عدو.
عندما تستغرق الوقت الكافي لإتقان عملية تعلم بسيطة والتغلب على مواضع عدم الأمان الأساسية ، فإنك تطور مھارات معينة يمكنك تطبيقھا على أي شيء . كما تلاحظ باستمرار الثمرات الناتجة عن الصبر ، والتدريب والانضباط ، وتكتسب حسا بأنك تستطيع غالبا خوض أية مشكلة بذات الطريقة .
 أنت في الحقيقة تصنع لنفسك نمطا من الثقة سيستمر في الارتفا ع.

3 - استوعب قواعد اللعبة :
لكونه طالب قانون في جامعة ھاوارد في أوائل عام 1930 م ، تأمل ثورغود مارشال العديد من أنواع الظلم الذي يتعرض له السود في الولايات المتحدة الأمريكية ، ولكن النوع الذي تأثر به عميقا ھو الظلم الشديد في التعليم . حيث جال الجنوب في بعثة استطلاع حقائق تابعة للجمعية الوطنية للنھوض بالملونين ( NAACP ) ، و اطلع مباشرة على الجودة المتردية للمدارس المخصصة للسود . كان ھو بنفسه قد شعر بھذا الظلم ، إذ كان يريد الالتحاق بجامعة ماريلاند القريبة من منزله والمتضمنة لكلية حقوق ممتازة ، ولكن الطلبة السود كانوا ممنوعين من القبول ھناك بغض النظر عن سجلھم الأكاديمي . و يتم تحويلھم إلى جامعات السود مثل ھاوارد التي
كانت في ذاك الوقت أقل مستوى من غيرھا . تعھد مارشال بأنه سيساھم في يوم ما وبطريقة ما ، في استبعاد ھذا النظام الجائر.
عند تخرجه من ھاوارد في عام 1933 ، واجه قرارا مھما بشأن مستقبله ، حيث عرضت عليه منحة دراسية في جامعة ھارفارد للحصول على درجة عليا في القانون ، الأمر الذي يمثل فرصة لا تصدق . إذ يمكنه أن يؤسس لنفسه مركزا جيدا في العالم الأكاديمي و يروج لافكاره في العديد من الصحف ، خاصة أن ذلك كان في خضم فترة اليأس ، وعدم توفر وظائف
للسود إلا القليل جدا ولا تقارن بدرجة علمية من ھارفارد ستضمن له مستقبلا مزدھرا . إلا أن شيئا ما دفعه في الاتجاه المعاكس ، قرر بدلا من ذلك أن يبدأ تدريبا خاصا في بالتيمور ويتعلم من الأساس كيف يعمل نظام العدالة . في البداية بدا القرار أحمقا ، فھو لم يكن لديه إلا القليل من العمل وديونه تتزايد ، وكان قد خسر القضايا القليلة عنده دون أن يعرف لماذا . يبدو أن نظام العدل يتمتع بقواعده وأعرافه الخاصة التي لم يكن لديه طريق اليھا.
قرر مارشال أن يطبق استراتيجية مميزة للتغلب على ذلك.
أولا ، حرص على التأكد من أن مذكراته القانونية كانت أعمالا مميزة من البحث والتفصيل دون أية أخطاء أو محو ، مع التزامه دائما بأكثر الأساليب المھنية في اللباس والتصرف بأقصى درجات المجاملة ، دون الظھور بمظهر المنحني الخاضع أو الفظ . بمعنى آخر ، لم يمنح أحدا أقل ذريعة للحكم ضده . وبھذه الطريقة بدد الشك و بدأ يربح القليل من القضايا
، وحصل على مدخل لعالم المحامين البيض . الآن وعند دراسته ھذا العالم عن قرب ، اكتشف أھمية علاقات معينة والصداقات ، وشبكات السلطة التي لم يكن يعرف عنھا في السابق . كما أدرك أن بعض القضاة يتطلبون معاملة معينة ، لذا فقد تعلم أن يتكلم اللغة ويكيفھا إجتماعيا بأفضل ما يمكن.
وجد أنه في معظم القضايا ، من الأفضل أن يتم النقاش حول نقاط تتعلق بإجراءات ضيقة بدلا من المفاھيم الأساسية.
نظرا لمعرفته كيفية المناورة ضمن ھذه القواعد والأعراف ، بدأ يربح المزيد والمزيد من القضايا . في عام 1935 أقام دعوى ضد جامعة ماريلاند لصالح الطلاب السود الذين حرموا من القبول في كلية الحقوق بھا ، و ربحھا . منذ ذلك الوقت ، استخدم علمه لمحاربة كل أشكال العنصرية في نظام التعليم ، وبلغ الذروة عام 1945 مع أنتصاره الأعظم على الإطلاق ، حيث جادل المحكمة العليا في أمريكا في القضية المعروفة ب
(براون ضد مجلس التعليم ) وقد أنھى حكم المحكمة الصادر لصالحه
 كان ما تعلمه مارشال ( الذي أصبح لاحقا أول أمريكي - أفريقي يعين في المحكمة العليا) بواسطة غمس نفسه في نظام العدالة المسيطر عليه من قبل البيض في عصره ، أن التطور الاجتماعي مھم بقدر التطور القانوني أو الفني.
لم يكن ھذا شيئا قد تعلمه في كلية الحقوق ، ومع ذلك فإن تعلمه كان المفتاح لقدرته على العمل ضمن النظام ، و إبراز القضية التي كان يصارع من أجلھا.
افھم ھذا : عندما تدخل جماعة معينة كجزء من مھنة أو وظيفة ، فھناك جميع أنواع القواعد التي تحكم السلوك ، قيم الخير والشر ، تنظيمات السلطة التي يجب احترامھا ، والأنماط التي يجب اتباعھا للاجراء الناجح . إذا لم تراقبھا وتتعلمھا بصبر ، سترتكب كل أنواع الأخطاء دون أن تعلم لماذا أو كيف . اعتبر المھارات السياسية والاجتماعية حرفة عليك اتقانھا كأي حرفة أخرى . في المرحلة الأولية من التدريب المھني ، يجب أن
تتصرف كما فعل مارشال وتخفي مميزاتك ، فالھدف ھنا ليس إثارة إعجاب الناس بتألقك بل تعلم تلك القواعد من الداخل.
إنظر إلى الأخطاء الصارخة التي ارتكبھا آخرون في الجماعة والسبب الذي جعلھم يدفعون ثمنا لھا ، فذلك سيكشف عن محرمات معينة ضمن الثقافة . ومع المعرفة العميقة بھذه القواعد يمكنك أن تبدأ بالمناورة بھا لصالحك . في الوقت الذي تجد فيه نفسك في مواجھة نظام ظالم أو فاسد ، فالطريقة الأكثر فعالية ھي دراسة قواعده من الداخل واكتشاف نقاط ضعفه ، و من خلال معرفتك كيفية عمله يمكنك استبعادھا لھدف نبيل.

4 - انسجم مع التفاصيل:
نظرا لكونه طالب فنون شاب في إيطاليا في أواخر القرن الخامس عشر ، واجه مايكل أنجلو عائقا شخصيا لديه . كانت لديه مفاھيم أساسية حول الأشياء التي أراد رسمھا ونحتھا ، ولكنھا لا ترقى إلى درجة المھارة المطلوبة . شاھد الأعمال الفنية لفنانين آخرين و رغب في أن يتمتع عمله بذات الھالة والأثر ، ولكنه احبط بسبب السطحية والتقليدية لما صنعه . ثم
قام بإجراء تجربة : بدأ بنسخ أعماله المفضلة حتى أصغر ضربة فرشاة فيھا ، واكتشف أن التأثير الذي أبھره كثيرا كان متضمنا في التفاصيل : الوسيلة التي استطاع بھا ھؤلاء الفنانين صنع الأشكال أو بعث الحياة في مشھد الطبيعة من خلال تركيزھم الشديد على نقاط الجمال . وعليه ، فقد بدأ بتدريب مھني مميز لحرفته ، سيدوم له لما بقي من حياته ، ويغير
أسلوب تفكيره كليا.
عند صناعته لمنحوتاته ، أصبح مھووسا بالھيكل العظمي إلا أن الكتب والتقنيات المتعلقة بالموضوع بدت غير كافية على الإطلاق . لذلك فقد بدا بتشريح الجثث البشرية واحدة تلو الأخرى ، الأمر الذي منحه إحساسا عميقا بتكوين الإنسان استطاع أن يعكسه في عمله . كما تنامى اھتمامه بالاقمشة ، وكيف ينثني كل نوع من الانسجة بطريقته الخاصة ، وعمل
على صقل إنتاجه من الملابس . بالإضافة إلى ما سبق ، فقد وسع دراساته للتفاصيل إلى الحيوانات وكيف تتحرك . حينما تم تكليفه بصنع أعماله الكبرى ، تجنب الإغراء القديم بالبدء ببعض المفاھيم الأساسية ، بدلا من ذلك نظر إلى المادة التي سيعمل عليھا ، المساحة ، والمكونات الفردية التي تضمھا ، ومن ھنا سيتصور الشكل النھائي والأثر . بواسطة ھذا الاھتمام
الشديد بالتفاصيل ، بدا أن مايكل انجلو اكتشف السر لجعل أعماله تنبض بالحياة بطريقة فاقت أي فنان آخر في عصره.
عندما تبدأ بمشروع من أي نوع ، فإن ذلك يكون غالبا من النھاية الخاطئة . حيث تميل إلى التفكير أولا بما تريد إنجازه ، متخيلا المجد والمال الذي سيجلبه لك في حال نجاحه ، ثم تحاول إخراج ھذا المفھوم الى الحياة . ولكن باستمرارك في الأمر ، فإنك في معظم الحالات تفقد الصبر لأن الخطوات
الصغيرة المؤدية إليه ليست ممتعة كالرؤى المشوقة الموجودة في ذھنك . عليك بدلا من ذلك أن تجرب الاتجاه المقابل ، الذي يمكنه أن يؤدي إلى نتائج مختلفة : لديك مشروع تتمنى أن تخرجه للحياة ، ولكنك بدأت بالانھماك في تفاصيل الموضوع أو الحقل . إذا نظرت إلى المواد التي ستعمل عليھا ، أذواق جمھورك المستھدف ، وآخر التطورات التقنية في المجال. وتستمتع بالتعمق أكثر فأكثر في ھذه النقاط الجمالية ، فبحثك مركز  ستقوم بتشكيل المشروع نفسه وفقا لھذه المعرفة ، حيث تؤسسه على واقع بدلا من مفاھيم عائمة في عقلك . إن التصرف بھذه الطريقة يساعدك على إبطاء وتيرة ذھنك وتنمية الصبر للعمل التفصيلي ، وھو مھارة أساسية لإتقان أية مھنة.

5 - أعد اكتشاف اصرارك الطبيعي:
 ھناك معضلة نواجھھا جميعا : لننجز أي شيء جدير بالاھتمام في الحياة ، فإن ھذا عموما يستغرق بعض الوقت ، غالبا عقود ،و نحن مخلوقات نجد أنه من الصعب كثيرا الاستمرار لمدة طويلة كھذه ، إذ أننا غارقين في تفاصيل كل يوم بيومه وتتذبذب عواطفنا عند كل مواجھة . وكذلك لدينا رغبات نعمل دائما لإشباعھا . خلال ھذه الفترة الطويلة من الوقت التي
نحتاجھا لبلوغ الھدف ، نتعرض للھجوم من آلاف الملھيات والإغراءات التي تبدو ممتعة أكثر ، حيث نفقد البصيرة بأھدافنا وينتھي بنا الأمر متبعين منعطفا آخر . ھذا ھو مصدر الكثير من حالات الفشل في حياتنا.
لإرغام نفسك على تجاوز أية عقبة أو إغراء ، يجب أن تكون مثابرا . لقد أمتلكنا جميعا في طفولتنا تلك الصفة ، لأننا كنا أحادي الذھن.
عليك ببساطة أن تعيد اكتشاف وتطوير سمة الشخصية ھذه .
 يجب أن تدرك أولا :الدور الذي يلعبه مستوى طاقتك في إتقان عملية التعلم واكمال الشيء إلى نھايته ، وبالتالي إذا أخذت أھدافا إضافية أو مھام جديدة سيتشتت
تركيزك ولن تستطيع الحصول على ما أردته في البداية . إذ لا يمكنك المضي في مسارين أو ثلاثة ، لذا تجنب ھذا الإغراء .
ثانيا : حاول تقسيم الأشياء على وحدات أصغر من الوقت.
فأنت لديك ھدفك كبير ولكن ھناك خطوات على امتداد الطريق ، وخطوات تقع ضمن خطوات أخرى . تلك الخطوات تستغرق أشھرا بدلا من سنوات ، ويمنحك بلوغ ھذه الأھداف الصغرى إحساسا بالمكافأة والتقدم الملموس . سيجعل ما سبق الأمر أسھل بالنسبة لك لمقاومة أية ملھيات على طول الطريق والتقدم للإمام بجرأة .
تذكر ھذا : أي شيء قد يفسح المجال لھجوم داءم وقوي عليك.