22‏/07‏/2019

القانون الخمسون 2

القانون الخمسون 2


الفصل الأو ل
إنظر للأشياء كما ھي

-الواقعية الشديدة

قد يكون الواقع قاسيا ، أيامك معدودة ، و يتطلب الأمر جھدا دائما لإيجاد مكان لك في ھذا العالم المتنافس بلا رحمة والمحافظة عليه . قد يكون الناس غادرين و يجلبون معارك لا نھاية إلى حياتك.
مھمتك ھي أن ترفض إغراء تمني أن يكون كل شيء مختلفا ، بدلا من ذلك عليك أن تقبل ھذه الظروف بجرأة ، بل حتى أن تحبها.
بتركيز انتباھك على ما يجري حولك ، ستحصل على تقييم دقيق لما يجعل البعض ينجحون والاخرون يتخلفون ، وتستطيع من خلال رؤيتك تلاعبات الناس أن تجعلھم يلتفون حول أنفسھم .
كلما ازدادت شدة تمسكك بالواقع ، تزداد معھا قدرتك على تغييره لصالحك



عين المحتالين:

ھذه ھي الحياة ، جديدة وغريبة : غريبة لأننا نخافھا وجديدة لأننا نبقي أعيننا مغلقة عنھا .....
الرجال ھم الرجال والحياة ھي الحياة وعلينا أن نتعامل معھم كما ھم .
وإذا رغبنا بتغييرھم علينا أن نتصرف معھم بالصورة التي يوجدون عليھا.
ريتشارد رايت

كطفل ، كان لدى كرتس جاكسون ( 50 سنت ) طموح شديد في الحصول على الأشياء التي بدا أنه لن يستطيع بلوغھا ابدا ، أكثر من أي شي آخر : كالمال والسلطة والحرية .
 بالنظر إلى شوارع ساوث سايد كوينز التي نشأ فيھا ، رأى كرتس واقعا متجھما كئيبا يحدق في وجھه. كان باستطاعته الذھاب إلى المدرسة وأخذ الأمر بجدية ، ولكن لا يبدو أن الأطفال الذين فعلوا ذلك وصلوا الى أكثر
من حياة قائمة على الوظائف الزھيدة الأجر . كان بإمكانه العودة إلى الجريمة واكتساب المال بسرعة منھا ، إلا أنه من ذھب في ھذا الطريق أما مات شابا أو قضى معظم شبابه في السجن . من الممكن له أن يھرب من ھذا كله بتعاطي المخدرات ، ولكن متى سرت في ھذا الاتجاه فلا عودة منه
وحدھم المحتالون وتجار المخدرات ھم من يتمتعون بالحياة التي حلم بھا ، كانوا يمتلكون السيارات ، الملابس ، نمط الحياة و مستوى السلطة الموافق لطموحه . وعليه عند بلوغه سن الحادية عشرة اختار أن يتبع ھذا الاتجاه و يصبح المحتال الأعظم بينھم جميعا ، إلا أنه بتعمقه في الأمر أدرك أن الواقع أقسى وأشد تجھما مما تخيله.

المخدرات شيطانية ، الزبائن متھربين ويصعب التعرف عليھم و زملائه المحتالين يتعاركون جميعا على ذات العدد المحدود من الزوايا ، وعلى استعداد دائم لطعنك في ظھرك . كبار التجار و المتحكمين في علاقات الجوار عنيفين وشديدي الوطأة ، إذا ابليت بلاءا حسنا قد يحاول أحدھم أخذ ما لديك. الشرطة في كل مكان ، حركة خاطئة واحدة قد تھبط بك في السجن . ببساطة ، كيف يمكنه النجاح وسط ھذه الفوضى وتفادي كل الأخطار المحتومة ؟ يبدو أنه مستحيل.
ذات يوم كان يناقش بعض الجوانب المزعجة من اللعبة مع محتال قديم يدعى تروث ، الذي أخبره شيئا لن ينساه أبدا . لا تتذمر بشأن الظروف السيئة ، قال . في الواقع الحياة الصعبة لھذه الشوارع ھي نعمة اذا كنت تعرف ما الذي تفعله ، حيث يجب على المحتال في ھذا العالم الخطير أن يبقى مركزا بشدة على ما يحدث حوله ، يلتقط الإحساس بأي مشكلة في الشارع قد تحمل معھا فرصة جديدة ، ينظر من خلال التلاعبات التي
يقذفھا الناس التافھين في وجھه وافكارھم القذرة . عليه أن ينظر إلى نفسه ليرى معوقاته الخاصة وغباءه . كل ھذا يشحذ العين لتكون كحافة الشفرة وتجعله مراقبا متحمسا لكل شي ء.
قال لكرتس : إن أعظم خطر نواجھه ليس الشرطة أو منافس قذر ما ، إنه ركود العقل . رأيت ذلك يحدث للكثير من المحتالين ، إذا مضت الأمور على نحو جيد يبدأ في الاعتقاد بأنھا ستستمر على ھذا النحو إلى الأبد ويغلق عينيه عن الشوارع ، أما إذا أصبحت سيئة فيبدأ في التمني بأنھا ستتغير
ويأتي بمخططات حمقاء لكسب المال السريع والسھل وسرعان ما يسقط . ارخ قبضتك عن واقع ھذه الشوارع وستكون كمن يقتل نفسه.
في الأشھر اللاحقة ، أخذ كرتس يفكر أكثر وأكثر فيما قاله له تروث وبدأ يستغرق فيه . قرر أن يحول كلمات المحتال إلى ما يشبه قانونا يحيا بموجبه : لن يثق بأحد وسيخفي نواياه حتى عن اصدقاءه وشركاؤه . ومھما كان مقدار ارتفاع أو انخفاض الحياة التي أتت به فإنه سيبقى المراقب الأعظم ، محافظا على عين المحتال الخاصة به حادة و مركزة.
اصبح خلال السنوات القليلة التالية أحد أمھر المحتالين في منطقته ، مستخدما فريق عمل عاد عليه بمبالغ مالية جيدة.
بدا المستقبل واعدا ولكنه وقع في قبضة الشرطة في لحظة غفلة وحكم عليه وھو في سن السادسة عشرة بقضاء تسعة أشھر في مركز لإعادة التأھيل في شمال نيويورك . في ھذا المكان غير المألوف ومع وجود الوقت للتفكير ، قفزت إلى ذھنه فجأة كلمات المحتال مرة أخرى.
إنه ليس الوقت المناسب ليصاب بالاكتئاب أو ليحلم ولكن ليسلط عين المحتالين ھذه على نفسه وعلى العالم الذي يعيش فيه ، انظر للأمر كما ھو مھما كان سيئا . كان لديه طموح جامح في الحصول على سلطة حقيقية شيء يستطيع البناء عليه ولكن طريق المحتال لا يمتد إلى ھذا البعد . إنھا لعبة الشباب فقط ، عندما يبلغ المحتالين عقدھم الثاني تنخفض وتيرة
سرعتھم ويحدث شيء سيء لھم أو ينطلقون نحو الوظائف الزھيدة الأجر ، ما يعميھم عن ھذا الواقع ھو المال ونمط الحياة الذي يتمتعون به في تلك اللحظة : حيث يظنون أنھا ستظل إلى الأبد ويشعرون بالخوف الشديد من تجربة شيء آخر .
لا يتعلق الأمر بمدى كونك ذكيا فھناك سقف يحدد مقدار الارتفاع الذي تبلغه.
عليه أن يستيقظ ويجد لنفسه مخرجا طالما انه شاب و طموحه لا زال ممكن التحقيق ولن يكون خائفا . بناء على ھذه الأفكار قرر أن يقوم بقفزة في مجال الموسيقى . سيجد لنفسه معلم ، شخص يمكنه أن يعلمه الالحان وسيتعلم كل ما يستطيعه عن الموسيقى وعالم الأعمال ولن تكون لديه خطة بديلة ، أما أن يفعلھا أو يموت . تحول إلى عالم الموسيقى على إثر نوع من
طاقة اليأس ، راغبا في إيجاد مكان له بصنع صوت صعب الانقياد عاكسا واقع الشوارع.


بعد حملة غنائية مكثفة في نيويورك ، جذب انتباه أيمينيم واتبع ذلك اتفاقية لتسجيل أسطوانة . يبدو الآن أنه حقق حلم طفولته :المال والسلطة .
اصبح الناس لطفاء معه ويتغزلون به في كل مكان يذھب إليه ، راغبين بأن يصبحوا جزءا من نجاحه . كان يشعر بحدوث ذلك ، الإعلام الجيد والمعجبين المھووسين ، كل ھذا بدأ يدخل في رأسه و يشوش رؤيته.
ظاھريا  كل شيء يبدو رائعا ولكن ما ھي الحقيقة ھنا ؟ إنه الآن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تلك العين الثاقبة الحادة التي تنظر ما وراء كل تلك الضجة والسحر.
كلما تعمق في النظر إليه ، أدرك أن واقع عالم الموسيقى قاس كواقع الشوارع ،إن المنتجين الذين يتحكمون بمجريات الأمور قساة . يشتتون انتباھك بكلماتھم الساحرة ولكنھم في الواقع أقل اكتراثا بمستقبلك كفنان يمتصون كل دولار يستطيعون استخراجه منك إلى أن تجف وعندما لا تعود مرغوبا ستجد نفسك ببطء مدفوعا جانبا ، سيكون رفضك مؤلما أكثر من نجاح واحد تذوقته ، لقد كنت في الحقيقة رھانا في لعبتھم.
يتحكم محتال الزوايا في الشارع بمستقبله أكثر مما يستطيع مغني الراب فعله.
وماذا عن عالم الأعمال الغنائي ذاته ؟ مبيعات الاسطوانات اخذة في الانھيار بسبب قيام الناس بتزويرھا أو شراء الموسيقى بصيغ أخرى مختلفة ، يستطيع كل من لديه عينين رؤية ذلك . يجب أن ينتھي النمط التجاري القديم ولكن المنتجين القدماء ذاتھم والذين يبدون متزمتين خائفين من مواجھة الواقع ، إنھم متمسكين بالماضي بشدة وسيسقطون الجميع معھم ولكن ليس ( 50 سنت ) فھو سيتجنب ھذا المصير بالسير في اتجاه مختلف ، سيؤسس إمبراطورية أعمال متنوعة تكون الموسيقى مجرد أداة للوصول إليھا. سيكون قراره مبنيا على قراءته المكثفة للبيئة المتغيرة التي اكتشفھا في عالم الموسيقى ولكنھا تصيب جميع المستويات الأخرى من الأعمال . سيدع الآخرين يعتمدون على مؤھلاتھم العليا ، أموالھم وعلاقاتھم أما ھو فسيعتمد بدلا من ذلك على عين المحتالين ھذه التي رفعته من قاع امريكا إلى القمة في سنوات معدودة. 

0 التعليقات: