22‏/07‏/2019

القانون الخمسون 4

القانون الخمسون 4

مفاتيح الجرأة:

اعرف الآخر ، اعرف نفسك والنصر لن يكون مجازفة ، اعرف الأرض ، اعرف العوامل الطبيعية وسيكون النصر كاملا.
-سان تزو

كانت امريكا بلدا لأعظم الواقعيين والبراغماتيين نظرا لقسوة البيئة والمخاطر العديدة التي تحف بالحياة . كان علينا أن نكون ملاحظين اشداء لكل ما يدور حولنا من أجل البقاء .
 في القرن التاسع العشر أدت ھذه الطريقة في الملاحظة إلى اختراعات
لا حصر لھا وتراكمت الثروات وبرزت دولتنا كقوة عظمي.
إلا أنه مع ھذه القوة المتنامية لم تعد البيئة تضغط علينا بعنف وبدأت شخصيتنا بالتغير.
أصبح ينظر إلى الواقع كشيء يجب تفاديه . تدريجيا وببطء طورنا حسا من الھروب من مشاكلنا ومن العمل ومن صعوبة الحياة ، وبدأت ثقافتنا تنسج لنا خيالات لا نھاية لھا لنستھلكھا كنتيجة لتغذيتنا بھذه الأوھام صرنا معرضين بسھولة للخداع منذ أن فقدنا المعيار لتمييز الحقيقة عن الخرافة.


ھذه الديناميكية تكرر نفسھا عبر التاريخ ، كانت روما القديمة دولة صغيرة وكان مواطنوھا قساة و صلبين حيث اشتھروا ببراغماتيتھم.
إلا أنه مع تحولھم من جماھيرية إلى إمبراطورية وتعاظم قوتھم ، انعكس كل شيء ، أصبحت عقولھم جائعة للاحدث فالاحدث من صور الھروب وفقدوا احساسھم بالخطر.
استنفذت الخلافات السياسية انتباھھم أكثر من تلك الأخطار الكبرى على حدود الإمبراطورية وقد سقطت الأخيرة قبل غزو البرابرة ، حيث انھارت داخليا نتيجة لاجتماع ركود عقول مواطنيھا مع إدارة ظھورهم للواقع.
أفھم ھذا : انت كفرد لا تستطيع وقف تأثير الخيال والتھرب الذي يجتاح الثقافة ولكن يمكنك أن تقف كحصن ضد ھذا الاتجاه وتصنع قوة لذاتك .
لقد ولدت بأعظم سلاح في الطبيعة كلھا ، إلا وھو العقل المنطقي الواعي الذي لديه القدرة على توسيع نطاق رؤيتك أعمق وأبعد ، مانحا إياك المھارة الفريدة لتمييز أنماط الأحداث والتعلم من الماضي واستبصار المستقبل
والنظر لما وراء المظاھر .
تتامر الظروف على ھذا السلاح وتجعله عديم الفائدة عن طريق دفعك للانكفاء على ذاتك واخافتك من الواقع.
اعتبرھا حربا ، عليك ان تحارب ھذا الاتجاه بأفضل ما لديك وتتحرك في الطريق المعاكس ، وكذلك أن تنفتح للخارج وتكون مراقبا دقيقا لكل ما يحيط بك . انت تخوض معركة ضد جميع الأوھام الملقاة عليك وتقوي علاقتك ببيئتك ، انت تريد الوضوح وليس الھروب والتشويش . سيمنحك المضي في ھذا الطريق أفضلية على الكثير من الحالمين.
اعتمد التمارين التالية لجعل عقلك أقل تصلبا و أكثر حدة وتمددا ومقياسا دقيقا للواقع . تدرب عليھم جميعا بقدر ما تستطي ع:

*إعادة اكتشاف الفضول ( الانفتاح ): استرعى انتباه الفيلسوف الإغريقي العظيم سقراط ذات يوم أن كاھن دلفي قد أعلنه كاحكم رجل في العالم . لا يظن ھذا الفيلسوف المرتبك نفسه مستفيدا من المرسوم بل إنه أشعره
بالانزعاج . قرر ببساطة أن يطوف أنحاء أثينا بحثا عن شخص يفوقه حكمة ، يجب أن يكون ذلك سھلا و ينقض ما ادعاه الكاھن.
دخل في مناقشات مع سياسيين وشعراء وحرفيين و فلاسفة آخرين و بدأ يدرك أن الكاھن كان محقا . جميع الأشخاص الذين تحدث معھم كانت لديھم أنماط ثابتة من التفكير حول الأشياء وآراء جريئة و صلبة بشأن أمور لا يملكون بھا خبرة كانوا منفوخين بالھواء.
إذا قمت بسؤالھم في أي شيء لا يستطيعون الدفاع فعلا عن آرائھم التي يبدو أنھم اسسوھا على أمور حددوھا منذ سنوات .
تمثلت أفضلية سقراط في إدراكه بأنه يعرف أنه لا يعرف شيئا وھذا ما جعل عقله منفتحا لتجربة الأشياء كما ھي ، الأمر الذي يعد مصدرا لجميع المعلومات.
ھذا الوضع السلبي الأساسي ھو ما كنت تتمتع به عندما كنت طفلا . كانت لديك حاجة وتلھف للمعرفة ومن أجل التغلب على ھذه السلبية راقبت العالم بأقرب ما يمكن متشربا كميات كبيرة من المعلومات ، كل شيء كان مصدرا للتساؤل .
 تميل عقولنا للانغلاق بمرور الوقت وفي نقطة ما ، نشعر بما يشبه أننا
نعرف كل ما نحتاج إلى معرفته : تصبح آراءنا ثابتة ومحددة .
نحن نفعل ذلك بدافع الخوف حيث لا نرغب بأن تتعرض معتقداتنا عن الحياة للاھتزاز .
 إذا مضينا بعيدا في ھذا الإتجاه سنصبح دفاعيين جدا ونغطي مخاوفنا بثقة عالية وصلابة.
ما تحتاج لفعله في الحياة ھو أن تعود للعقل الذي كنت تمتلكه في الطفولة والانفتاح للتجربة بدلا من الانغلاق .
 تخيل و ليوم واحد فقط إنك لا تعرف شيئا وان ما تؤمن به قد يكون خاطئا

كليا ، تحرر من أفكارك المسبقة حتى المعتقدات الغالية على نفسك منھا ، أرغم ذاتك على اتخاذ رأي معاكس أو رؤية العالم من خلال أعين خصومك ، استمع الى الناس المحيطين بك بمزيد من الانتباه ، اعتبر كل شيء مصدرا للتعليم حتى اتفه اللقاءات . تخيل ان العالم لا زال زاخرا بالغموض.
عندما تتصرف بھذه الصورة ستجد أن شيئا غريبا يحدث غالبا :
تبدأ الفرص في التساقط في حجرك لكونك أصبحت فجأة أكثر استجابة لھا . أحيانا يكون الحظ أو الصدف ليست أكثر من قدرة ناتجة عن انفتاح عقلك.

*اعرف التضاريس كاملة  ( التمدد): تحدث الحرب على تضاريس محددة ولكنھا تنطوي على ما ھو أكثر من ذلك : ھناك ايضا معتقدات جنود العدو ، القادة السياسيين الذين شكلوھم عاطفيا ، عقليات جنرالات الخصم الذين يتخذون القرارات الرئيسية ، بالإضافة إلى المال والموارد التي تقف وراء ھذا كله.
يتقيد الجنرال العادي بمعلومات التضاريس الفيزيائية بينما الجنرال الأفضل يحاول توسيع نطاق معلوماته عن طريق قراءة التقارير المتعلقة بالعوامل الأخرى المؤثرة في الجيش ، أما الجنرال المتفوق فيقوم بتكثيف معلوماته عن طريق مراقبة أكبر كم يستطيعه إما بعينيه أو الاستعانة بمصادر مباشرة
يعتبر نابليون بونابرت أعظم جنرال عاش على الأرض . وما رفعه إلى ھذه المكانة بين جميع الجنرالات ھو كمية المعلومات التي كان يتشربھا عن كامل تفاصيل المعركة مع التقليل من الحجب والموانع بقدر المستطاع ، الأمر الذي منحه قبضة قوية على الواقع . ھدفك أن تتبع مسار نابليون ، عليك أن تراقب بعينيك كل ما يمكنك مراقبته و تتصل مع الأشخاص
داخل منظومتك من خلال تسلسل الأوامر صعودا ونزولا.
لا ترسم حواجزا في تفاعلاتك الاجتماعية ، وسع طريقك نحو الأفكار الجديدة وارغم نفسك على الذھاب إلى الأماكن والأحداث الخارجة عن محيطك العادي . إذا لم تستطع ملاحظة شيء ما بطريقة مباشرة حاول ان تحصل على تقارير متصلة به أكثر أو أقل احتواءا على محظورات ، أو من خلال المصادر الأخرى التي تستطيع بواسطتھا رؤية الأشياء من
زوايا متعددة .
 اجعل أناملك تستشعر كل ما يجري في كامل تضاريس بيئتك.

*احفر إلى الجذور ( العمق ) :كان مالكوم إكس واقعيا وله رؤيته الخاصة للعالم ، التي صقلتھا السنوات التي عاشھا في الشوارع والسجن .
 بعد خروجه من السجن تمثلت مھمته في الحياة في اكتشاف مصدر المشكلة التي يعاني منھا السود في أمريكا . أوضح في سيرته الذاتية بأن ھذه الدولة تھتم بالمظاھر الكاذبة والتھرب والقشور بدلا من التعامل مع مشكلاتھا الحقيقية المتجذرة ثم توصل أخيرا إلى ما اعتقد انه السبب العميق ، ألا وھو العبودية.
كما ھو معلوم بأن الأمريكين من الأفارقة كانوا لا يستطيعون عمل الأشياء كاملة بأنفسھم ، فھم يعتمدون على الحكومة والليبراليين و قادتھم وعلى أي أحد ما عدا ذواتھم . لو استطاعوا أنھاء ھذه العبودية ستكون لديھم القدرة على عكس كل الأمور لصالحھم .
توفي مالكوم إكس قبل أن يمضي أبعد من ذلك في مھمة حياته ، ولكن بقيت منھجيته صالحة لكل وقت.
عندما لا تستطيع التوصل الى جذر مشكلة ما فلن تتمكن من حلھا بأية طريقة مفيدة .
 يحب الناس الأخذ بالمظاھر والحصول على التعاطف والتفاعل والقيام بالأمور التي تجعلھم يشعرون بشعور أفضل على المدى القصير ولكنھا لا تخدمھم على المدى الطويل .
 يجب أن تكون ھذه ھي قوة ومنھجية عقلك عند مواجھة اية مشكلة ، وذلك بأن تغوص فيھا أعمق فالاعمق حتى تحصل على شيء أساسي متجذ ر.
لا تكتف بالشيء الذي يظھر نفسه أمام عينيك ، انظر لما ينطوي وراءه واستوعبه ثم احفر لأعمق من ذلك . تساءل دائما لماذا وقع ھذا الحدث المعين وما ھي الدوافع المختلفة المحركة له ، من ھو المسؤول فعلا عنه ومن ھو المستفيد منه.غالبا ما يتمحور الامر حول المال والسلطة الذين يتصارع الناس كثيرا حولھما بغض النظر عن المظاھر البراقة التي يغلفونھما بھا.
قد لا تصل إلى الجذر الحقيقي لكن عملية الحفر ستقربك أكثر .والعمل بھذا النھج سيطور عقلك إلى أداة تحليلية قوية.

*انظر لما ھو أبعد من بصرك (الاستشعا ر ): وفقا لطبيعتنا كمخلوقات واعية منطقية فإننا لا نملك فعل شيء إزاء المستقبل عدا التفكير . إلا أن معظم الناس انطلاقا من الخوف يقيدون رؤيتھم للمستقبل في
 نطاق ضيق : افكار للغد أو لبضعة أسابيع قادمة أو خطة غير مؤكدة لأشھر مقبلة.
نحن نتعامل عموما مع الكثير من الصراعات المباشرة ويصعب علينا ترك التركيز على اللحظة الراھنة.
إنه قانون للقوة ، كلما فكرنا بصورة أبعد وأعمق في المستقبل تعاظمت قدرتنا على رسمه بما يناسب رغباتنا . إذا كانت لديك أھداف بعيدة المدى قد تخيلتھا بالتفصيل فإنك ستكون أكثر قدرة على اتخاذ القرار الملائم في الوقت الحاضر .
ستعرف ماھية الصراعات والأوضاع التي يجب تجنبھا لانھا لا تقودك باتجاه ھدفك . مع تركيزك الموجه للمستقبل ستنتبه إلى الأخطار التي
تلوح في الأفق وتتخذ الإجراءات الوقائية لتجنبھا ، سيكون لديك ( حس استشعا ر ) .
يكون أحيانا الشيء الذي ننزعج منه في الوقت الحالي غير مؤثر على المدى الطويل . يمنحك كل ذلك قوة متزايدة لتحقيق غاياتك . كجزء من ھذه العملية ، انظر الى المشاكل الأصغر التي تعيقك أو تعيق مشروعاتك في الحاضر وارسم اسھما إلى المستقبل متصورا مالذي قد تؤدي إليه ببساطة اذا تضخمت أكثر.
فكر في أكبر أخطاؤك التي ارتكبتھا أو أخطاء الآخرين ، مدى إمكانية توقعھا مسبقا من عدمه ، عموما ھناك علامات تبدو واضحة جدا بعدئذ . تصور الآن وجود ھذه العلامات ذاتھا التي من المحتمل انك تتجاھلھا في الحاضر.
*انظر لأفعال الناس لا أقوالھم (الدقة) :في الحرب أو أي لعبة تنافسية أخرى أنت لا تنتبه إلى نوايا الناس إن كانت جيدة أم سيئة فھي لا تھمك . الأمر ھو ذاته في لعبة الحياة . الجميع يلعب ليربح وبعض الأشخاص قد
يستخدمون المبررات الأخلاقية لترجيح كفتھم . كل ما تنظر إليه أنت ھو مناوراتھم ، أفعالھم في الماضي وما تتوقع أن يفعلوه في المستقبل.

في ھذا الجانب أنت واقعي بشدة ، حيث تدرك أن كل فرد يسعى إلى السلطة ومن أجل الحصول اليھا نلجأ جميعنا في بعض الحالات إلى التلاعب بل و حتى الخداع . إنھا طبيعة إنسانية لا عيب فيھا.
لا تحمل مناورات الآخرين بصورة شخصية ، ربما حاولت الدفاع عن ذاتك من قبل أو تطويرھا . كجزء من ھذه المقاربة ، يجب أن تكون مراقبا أفضل للناس . ھذا مما لا يمكن عمله على الانترنت بل يجب أن يصقل من خلال التعاملات الشخصية .
أنت تحاول قراءة الناس والنظر إلى دواخلھم بقدر ما تستطيع.
قد تستنتج مثلا أن الشخص الذي يكون ودودا جدا بصورة واضحة خلال فترة قصيرة جدا غالبا ما يؤول الأمر معه إلى عاقبة غير جيدة . إذا امتدحوك فإن ذلك يدل بشكل عام على الحسد . التصرف الذي يكون مبالغا فيه أو متھورا ھو ايضا علامة.
لا تتقيد بالتعابير الأساسية للناس والوجه الذي يرتدونه امام العامة . انتبه أكثر إلى التفاصيل ، إلى الأشياء الصغيرة التي يظھرونھا في حياتھم اليومية . قراراتھم كذلك تكشف الكثير وتستطيع غالبا إدراك وضع معين عند رؤيته عن قرب .
إن النظر إلى الآخرين من خلال عدسة عواطفك ستشوش ما تراه وتجعلك تسيء فھم كل شيء . ما تريده ھو عين دقيقة موجھة على أقرانك ، تلك التي تكون ثاقبة و موضوعية وغير منحازة
*أعد تأسيس نفسك (الإنفصال ): يجب أن توجه قوتك المتزايدة في المراقبة على نفسك من حين لآخر . اعتبر ذلك طقسا تقوم به كل بضعة أسابيع كإعادة تأسيس صارمة لمن تكون وإلى أين تتجه.
انظر الى معظم تصرفاتك الأخيرة وكأنھا مناورات لشخص آخر . تصور كيف يمكنك فعل ذلك كله بشكل أفضل متجنبا الصراعات غير الضرورية أو مواجھة الأشخاص الذين يقفون في طريقك بدلا عن الھروب منهم.
ليس الھدف ھنا ھو الضغط على ذاتك وإنما اكتساب القدرة على تكييف وتغيير تصرفك عن طريق الاقتراب أكثر نحو الواقع .
المحصلة النھائية لھذه التدريبات ھي تنمية إحساس ملائم بالانفصال عن ذاتك وعن الحياة . ولا يعني ذلك أنه يجب أن  تشعر بھذا الإنفصال في كل لحظة فھناك أوقات تتطلب أن تتصرف فيھا بعاطفة وجرأة دون شك أو ابتعاد عن الذات .
انت بحاجة في العديد من الأوقات لأن تكون قادرا على تقييم ما يجري دون غرور أو عواطف تصبغ تصوراتك . سيصبح التحرك إلى وضع ھادىء ومنفصل داخليا لمراقبة الأحداث عادة لك و أمرا تستطيع اللجوء إليه في خضم أية أزمة . في تلك اللحظات في الحياة التي يفقد فيھا الآخرون توازنھم ستجد نفسك في ھدوء نسبي . كشخص لا يتأثر بالاحداث بسھولة ،
ستجذب الاھتمام والقوة.

0 التعليقات: