القانون الخمسون 30
الفصل الثامن:
التزم بالتطور الطبيعي (الإتقان)
الحمقى في
الحياة يريدون الأشياء بسرعة وسھولة : المال ، النجاح ، والشھرة . الملل ھو عدوھم
وخوفھم الأكبر . ومع ذلك ، فقد تعودوا على افلات الفرص من بين أيديھم بذات السرعة
التي تأتي بھا. من الناحية الأخرى ، أنت تريد الصمود في وجه منافسيك ، وتبني أساسا
لشيء يمكنه الاستمرار في التوسع . لتفعل ھذا ، عليك ان تنخرط في تلمذة مھنية ،
بحيث تتعلم مبكرا كيف تتحمل ساعات التدريب والكدح ، عارفا أنه في النھاية سيتحول
كل ذلك الوقت إلى متعة أعلى من الإتقان للمھنة ولنفسك أيضا .
ھدفك ھو بلوغ
مستوى المھارة الأقصى والشعور التلقائي بما يجب عمله لاحقا.
المال
البطيء
أتقن الآلة ،
واتقن الموسيقى ، ثم أنس كل ھذه القذارة واعزف
تشارلي باركر
بسبب نشأته في
ساوث سايد كوينز ، الأشخاص الوحيدون الذي كان بإمكان كرتس جاكسون رؤيتھم يمتلكون
أية أموال و قوة ھم محتالي الشوارع ، لذلك فقد اختار لنفسه ھذا الطريق في عمر
الحادية عشرة مع أحلام كبيرة للمستقبل . إلا أنه سرعان ما رأى أن حياة المحتال
ليست مغرية على الإطلاق ، فھي تتألف في غالبھا من الوقوف في زاوية شارع يوما بعد
آخر لبيع ذات
المواد لنفس المدمنين . ھذا يعني قضاء ساعات طويلة دون عمل معظمھا في برد قارس أو
حر لاذع ، بانتظار قدوم الزبائن . وفي ھذه الساعات الطوال الشاقة ، كان عقل كرتس
يفكر بصورة تلقائية بأنه قد يجد نفسه راغبا في المال الذي يأتي بسرعة وسھولة مع
متعة أكثر . و كانت ھناك فرص لھذا الأمر في الجوار ، عن طريق التورط في ارتكاب
جرائم
أو مخططات مشكوك
فيھا . سيشعر في بعض الأحيان بالرغبة في التجربة ، ولكنه في ھذه اللحظات سيذكر نفسه
بالقصص التي لا حصر لھا عن محتالين يعرفھم ممن سقطوا في وھم المال السريع السھل ،
كل المغفلين الذين انتھى بھم المصير لا محالة موتى أو محطمين.
كان ھناك صديقه (
تي سي ) الذي تعب من الاحتيال وانضم إلى عصابة تمضي الصيف في نھب محلات البقالة و
كذلك بنوك من حين لآخر . حيث جمع كمية كبيرة من المال في تلك الأشھر الثلاثة ، ثم
بددھا طوال الخريف والشتاء . في الصيف التالي عاد إلى ذلك مجددا , لم يكن الأمر
متعلقا بالمال فقط بل بالرعشة المتأتية من مقاربة كل ھذا الخطر . إلا أن حظه قد
نفذ في ھذا
الصيف الثاني ، وقتل في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة.
وھناك أيضا زميل
كرتس الحاقد الأكبر منه بسنوات قليلة ، والذي كان قد ادخر بعض المال من احتياله و
لديه طموحات لشيء أكبر من ذلك بكثير . أقتنع بإمكانية صنع ثروة سريعة عبر شراء جزء
من امتياز تجاري كان جديدا على الجوار ، ولكنه شعر أنه لا بد أن يكون ممتازا .
أنفق ماله بأكمله على هذا المشروع ، إلا أنه كان عجولا جدا ، حيث لم ينتظر وقتا
كافيا لتعويد العامة على حياته الجديدة ، واعتقد الجميع أن ھذه التجارة ليست إلا
واجھة لمعاملات في المخدرات . لذا فقد تجنبوه ، وسرعان ما أصبح المكان مرتعا
للمحتالين والمدمنين .ثم فشل في غضون بضعة أشھر ولم يتعاف أبدا من تلك التجربة.
ھذا ھو جوھر
المشكلة ، لتصبح محتالا ناجحا عليك أن تعود نفسك على التمھل ، والسرعة المتدرجة
للعمل . ولكن في منطقة الجوار نادرا ما يبدو المستقبل واعدا ، ويصعب على المحتالين
تصور قيامھم بادخار أموالھم ليوم أسود في المستقبل ، في الوقت الذي يرجح فيه أن
ھذا اليوم لن يأتي . إلا أن الرغبة في شيء أسرع ستتسلل لا محالة إلى دماءھم ، وإذا
استسلموا لھا سيخلقوا دائرة لن يستطيعوا الخروج منھا . إذا تمكنوا من الحصول على
بعض المال السريع سيكون لھم بمثابة المخدر ، حيث سيبتھجوا وينفقونه على أشياء تثير
إعجاب الناس . وبعد نفاذ المال سيعودوا إلى تجارة المخدرات ، ولكنھا ستبدو الآن
بطيئة ومملة جدا . وعليه ، سيحاولوا مرة
أخرى لتحصيل شيء
سريع ويقعوا في فخ جشعھم . بمرور السنين سيفشلوا في تنمية أي نوع من الصبر أو
الانضباط ، إذ يعجزون عن التحكم في ھذه السرعة المتغيرة العلو والھبوط لفترة طويلة
. ثم وفي عمر الخامسة والعشرين أو الثلاثين ، سيكونوا قد استھلكوا أنفسھم دون أية
مھارات أو مال اكتسبوه من سنوات عملھم ، ويغدو مصيرھم بعد ذلك عموما غير سار. بھدف
مقاومة ھذا الإغراء ، قرر كرتس أن يرغم نفسه على السير في الاتجاه المعاكس . حيث
تعامل مع الاحتيال كوظيفة ، وكان يخرج إلى زاوية الشارع في ذات الساعة يوميا ويعمل
منذ الصباح الباكر إلى الليل . تعود تدريجيا على ھذه السرعة البطيئة . خلال
الساعات الطويلة الفارغة من العمل ، أخذ يفكر في مستقبله ويضع خططا تفصيلية لما
سينجزه سنة تلو سنة انتھاءا بالھروب من احتيال الشوارع في نھاية المطاف ، إذ
سينتقل إلى الموسيقى ثم التجارة . ومن أجل اتخاذ الخطوة الأولى ، عليه أن يدخر ماله
وقد ساعدته فكرة الھدف ھذا على تحمل الضجر اليومي في عمله . كما ابتكر انماطا
جديدة للاحتيال أثناء تلك الساعات البطيئة ، بغرض التطوير المستمر لذاته في ھذا
العمل.
بالإضافة إلى
ذلك ، فقد مارس الملاكمة لضبط عقله وجسده. كان سيئا في البداية ولكنه عنيدا أيضا ،
وأخذ يتدرب يوما بعد يوم إلى أن أصبح في النھاية ملاكما محترفا . ھذا ما علمه درسا
لا يقدر بثمن ، اذ يمكنه الحصول على ما يريد من خلال المثابرة الكاملة بدلا من
العنف أو الإكراه ، فالتطور خطوة بخطوة ھو الوسيلة الوحيدة للنجاح في أي شيء . وفي
عمر العشرين تحول إلى عالم الموسيقى ، وكل ھذا وفقا لخطته الأصلية.
في عام 1999 ، و
بعد بضع سنوات من تدريبه على يد ( جام ماستر جاي)
، وقع كرتس اتفاقية مع تسجيلات كولومبيا . بدا الأمر وكأنه كان حلما قد
تحقق ، ولكن عند
نظره إلى مغني الراب الآخرين من حوله الذين أمضوا وقتا أطول قليلا مع ھذه العلامة
الموسيقية ، رأى بأن الأخطار المحيطة به ازدادت . كان الاتجاه كما رآه كرتس ھو
الاستغلال المباشر لطاقتك وشھرتك ، حيث يشعر مغني الراب بأنھم وصلوا للقمة ، وبشكل
لا واع لن يعملوا بجدية وسيمضوا وقتا أقل في تعلم مھنتھم . تصعد الدفقة المفاجئة
للمال إلى
رؤوسھم ، متصورين إنھم يمتلكون اللمسة الذھبية وباستطاعتھم الاحتفاظ بھا . كما أن
نجاح واحد لأغنية أو ألبوم سيزيد الأمر سوءا . إن عدم بناء شيء ما بالتدريج سواء
كان مھنة أو مستقبلا سيجعله ينھار بأكمله خلال سنوات قليلة ، حيث سيحتل مغنو الراب
الأصغر سنا أو الأكثر حرصا أماكنھم وستصبح حياة السابقون كلھا أشد بؤسا بسبب
تذوقھم بعض المجد لمرة واحدة.
كان الحل
بالنسبة لكرتس بسيطا ، ھذا ھو عالم جديد قد دخله ، عليه أن يأخذ وقته ويتعلمه جيدا
. في خضم البيئة السريعة للھيب ھوب سيقوم ھو بإبطاء وتيرة كل شيء ، كما تجنب الاحتفال
واحتفظ به لنفسه غالبا . قرر أن يعامل تسجيلات كولومبيا كجامعة ، فھي فرصته
الوحيدة لتعليم نفسه في عالم الأعمال . كان يسجل أغانيه في الليل ويمضي اليوم
بأكمله في مكاتب كولومبيا ، متحدثا إلى الاشخاص في كل قسم . وتعلم أكثر فأكثر حول
التسويق والتوزيع والتفاصيل العملية للتجارة ، إذ درس جميع جوانب عملية الإنتاج
وما يدخل في صناعة الأغنية الناجحة و تدرب على موسيقاه مرارا وتكرارا . عندما
أرسلته العلامة الموسيقية ھو والعشرات من مغني الراب إلى قسم المونتاج في شمال
نيويورك لكتابة الأغاني ، عاد بستة وثلاثين لحنا بينما استطاع اغلبية الباقين
بالكاد جمع خمسة أو ستة.
في أعقاب محاولة
اغتياله في عام 2000 ، قامت تسجيلات كولومبيا باستبعاده من علامتھا الموسيقية ،
إلا أنه كان في ذلك الوقت قد تجاوز حاجته إلى خبرتھا . حيث راكم الكثير من الخبرات
و المھارات التي يمكنه تطبيقھا في الحملة الخاصة بألبومه المنوع ، صانعا الأغنيات
بسرعة جنونية ومسوقا موسيقاه بذكاء كأي خبير في ھذا المجال . تطور خطوة بخطوة إلى
أن جذبت الحملة انتباه ايمنيم الذي تعاقد معه ليضمه إلى
علامته
الموسيقية في انترسكوب في عام 2003 وجد نفسه بعد عدة سنوات في عالم الشركات ،
واكتشف سريعا انه لا يختلف كثيرا عن الشوارع . العديد من رجال الأعمال والمنفذين
الذين التقاھم على ذات المستوى من قلة الصبر. فھم يفكرون لمدى بضعة أشھر أو أسابيع
فقط ، وعلاقتھم بالمال عاطفية ، كوسيلة لإبراز أھميتھم وتغذية كبرياءھم. حيث يأتونه
بمخططات تبدو جذابة في الوقت الحاضر لكنھا لا تؤدي إلى أي وجھة على الطريق ، فھم
غير متناغمين مع التغيرات الھائلة الجارية في العالم والتخطيط لاستثمارھا في
المستقبل ، لأن ھذا سيستغرق الكثير من الجھد والوقت.
ھذه الشخصيات في
عالم التجارة جاءت له بصفقات مضمونة من كل الجوانب ليكسب بعض الملايين السريعة ،
متصورين بأنه مثل بقية مغني الراب الذين يتشبثون بمثل ھذه الفرص.
إلا أن الصفقات
المضمونة لن تساعده في بناء شيء ثابت أو حقيقي ، فھي لا تعدو أن تكون مالا وھميا .
لذلك فقد رفض عروضھم واختار أن يبدأ بتجارته وفقا لشروطه الخاصة ، بحيث يبنى كل
عمل على أساس العمل الآخر كالخيوط في السلسلة . كان الھدف ھذه المرة بسيطا : تأسيس
إمبراطورية تدوم طويلا ، وكما في السابق ، سيبلغه من خلال إصراره
المستمر.
0 التعليقات:
إرسال تعليق