22‏/07‏/2019

القانون الخمسون 30

القانون الخمسون 30

الفصل الثامن:

التزم بالتطور الطبيعي (الإتقان)

الحمقى في الحياة يريدون الأشياء بسرعة وسھولة : المال ، النجاح ، والشھرة . الملل ھو عدوھم وخوفھم الأكبر . ومع ذلك ، فقد تعودوا على افلات الفرص من بين أيديھم بذات السرعة التي تأتي بھا. من الناحية الأخرى ، أنت تريد الصمود في وجه منافسيك ، وتبني أساسا لشيء يمكنه الاستمرار في التوسع . لتفعل ھذا ، عليك ان تنخرط في تلمذة مھنية ، بحيث تتعلم مبكرا كيف تتحمل ساعات التدريب والكدح ، عارفا أنه في النھاية سيتحول كل ذلك الوقت إلى متعة أعلى من الإتقان للمھنة ولنفسك أيضا .
ھدفك ھو بلوغ مستوى المھارة الأقصى والشعور التلقائي بما يجب عمله لاحقا.
المال البطيء
أتقن الآلة ، واتقن الموسيقى ، ثم أنس كل ھذه القذارة واعزف 
تشارلي باركر
بسبب نشأته في ساوث سايد كوينز ، الأشخاص الوحيدون الذي كان بإمكان كرتس جاكسون رؤيتھم يمتلكون أية أموال و قوة ھم محتالي الشوارع ، لذلك فقد اختار لنفسه ھذا الطريق في عمر الحادية عشرة مع أحلام كبيرة للمستقبل . إلا أنه سرعان ما رأى أن حياة المحتال ليست مغرية على الإطلاق ، فھي تتألف في غالبھا من الوقوف في زاوية شارع يوما بعد
آخر لبيع ذات المواد لنفس المدمنين . ھذا يعني قضاء ساعات طويلة دون عمل معظمھا في برد قارس أو حر لاذع ، بانتظار قدوم الزبائن . وفي ھذه الساعات الطوال الشاقة ، كان عقل كرتس يفكر بصورة تلقائية بأنه قد يجد نفسه راغبا في المال الذي يأتي بسرعة وسھولة مع متعة أكثر . و كانت ھناك فرص لھذا الأمر في الجوار ، عن طريق التورط في ارتكاب جرائم
أو مخططات مشكوك فيھا . سيشعر في بعض الأحيان بالرغبة في التجربة ، ولكنه في ھذه اللحظات سيذكر نفسه بالقصص التي لا حصر لھا عن محتالين يعرفھم ممن سقطوا في وھم المال السريع السھل ، كل المغفلين الذين انتھى بھم المصير لا محالة موتى أو محطمين.
كان ھناك صديقه ( تي سي ) الذي تعب من الاحتيال وانضم إلى عصابة تمضي الصيف في نھب محلات البقالة و كذلك بنوك من حين لآخر . حيث جمع كمية كبيرة من المال في تلك الأشھر الثلاثة ، ثم بددھا طوال الخريف والشتاء . في الصيف التالي عاد إلى ذلك مجددا , لم يكن الأمر متعلقا بالمال فقط بل بالرعشة المتأتية من مقاربة كل ھذا الخطر . إلا أن حظه قد
نفذ في ھذا الصيف الثاني ، وقتل في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة.
وھناك أيضا زميل كرتس الحاقد الأكبر منه بسنوات قليلة ، والذي كان قد ادخر بعض المال من احتياله و لديه طموحات لشيء أكبر من ذلك بكثير . أقتنع بإمكانية صنع ثروة سريعة عبر شراء جزء من امتياز تجاري كان جديدا على الجوار ، ولكنه شعر أنه لا بد أن يكون ممتازا . أنفق ماله بأكمله على هذا المشروع ، إلا أنه كان عجولا جدا ، حيث لم ينتظر وقتا كافيا لتعويد العامة على حياته الجديدة ، واعتقد الجميع أن ھذه التجارة ليست إلا واجھة لمعاملات في المخدرات . لذا فقد تجنبوه ، وسرعان ما أصبح المكان مرتعا للمحتالين والمدمنين .ثم فشل في غضون بضعة أشھر ولم يتعاف أبدا من تلك التجربة.
ھذا ھو جوھر المشكلة ، لتصبح محتالا ناجحا عليك أن تعود نفسك على التمھل ، والسرعة المتدرجة للعمل . ولكن في منطقة الجوار نادرا ما يبدو المستقبل واعدا ، ويصعب على المحتالين تصور قيامھم بادخار أموالھم ليوم أسود في المستقبل ، في الوقت الذي يرجح فيه أن ھذا اليوم لن يأتي . إلا أن الرغبة في شيء أسرع ستتسلل لا محالة إلى دماءھم ، وإذا استسلموا لھا سيخلقوا دائرة لن يستطيعوا الخروج منھا . إذا تمكنوا من الحصول على بعض المال السريع سيكون لھم بمثابة المخدر ، حيث سيبتھجوا وينفقونه على أشياء تثير إعجاب الناس . وبعد نفاذ المال سيعودوا إلى تجارة المخدرات ، ولكنھا ستبدو الآن بطيئة ومملة جدا . وعليه ، سيحاولوا مرة
أخرى لتحصيل شيء سريع ويقعوا في فخ جشعھم . بمرور السنين سيفشلوا في تنمية أي نوع من الصبر أو الانضباط ، إذ يعجزون عن التحكم في ھذه السرعة المتغيرة العلو والھبوط لفترة طويلة . ثم وفي عمر الخامسة والعشرين أو الثلاثين ، سيكونوا قد استھلكوا أنفسھم دون أية مھارات أو مال اكتسبوه من سنوات عملھم ، ويغدو مصيرھم بعد ذلك عموما غير سار. بھدف مقاومة ھذا الإغراء ، قرر كرتس أن يرغم نفسه على السير في الاتجاه المعاكس . حيث تعامل مع الاحتيال كوظيفة ، وكان يخرج إلى زاوية الشارع في ذات الساعة يوميا ويعمل منذ الصباح الباكر إلى الليل . تعود تدريجيا على ھذه السرعة البطيئة . خلال الساعات الطويلة الفارغة من العمل ، أخذ يفكر في مستقبله ويضع خططا تفصيلية لما سينجزه سنة تلو سنة انتھاءا بالھروب من احتيال الشوارع في نھاية المطاف ، إذ سينتقل إلى الموسيقى ثم التجارة . ومن أجل اتخاذ الخطوة الأولى ، عليه أن يدخر ماله وقد ساعدته فكرة الھدف ھذا على تحمل الضجر اليومي في عمله . كما ابتكر انماطا جديدة للاحتيال أثناء تلك الساعات البطيئة ، بغرض التطوير المستمر لذاته في ھذا العمل.
بالإضافة إلى ذلك ، فقد مارس الملاكمة لضبط عقله وجسده. كان سيئا في البداية ولكنه عنيدا أيضا ، وأخذ يتدرب يوما بعد يوم إلى أن أصبح في النھاية ملاكما محترفا . ھذا ما علمه درسا لا يقدر بثمن ، اذ يمكنه الحصول على ما يريد من خلال المثابرة الكاملة بدلا من العنف أو الإكراه ، فالتطور خطوة بخطوة ھو الوسيلة الوحيدة للنجاح في أي شيء . وفي عمر العشرين تحول إلى عالم الموسيقى ، وكل ھذا وفقا لخطته الأصلية.
في عام 1999 ، و بعد بضع سنوات من تدريبه على يد ( جام ماستر جاي)  ، وقع كرتس اتفاقية مع تسجيلات كولومبيا . بدا الأمر وكأنه كان حلما قد
تحقق ، ولكن عند نظره إلى مغني الراب الآخرين من حوله الذين أمضوا وقتا أطول قليلا مع ھذه العلامة الموسيقية ، رأى بأن الأخطار المحيطة به ازدادت . كان الاتجاه كما رآه كرتس ھو الاستغلال المباشر لطاقتك وشھرتك ، حيث يشعر مغني الراب بأنھم وصلوا للقمة ، وبشكل لا واع لن يعملوا بجدية وسيمضوا وقتا أقل في تعلم مھنتھم . تصعد الدفقة المفاجئة
للمال إلى رؤوسھم ، متصورين إنھم يمتلكون اللمسة الذھبية وباستطاعتھم الاحتفاظ بھا . كما أن نجاح واحد لأغنية أو ألبوم سيزيد الأمر سوءا . إن عدم بناء شيء ما بالتدريج سواء كان مھنة أو مستقبلا سيجعله ينھار بأكمله خلال سنوات قليلة ، حيث سيحتل مغنو الراب الأصغر سنا أو الأكثر حرصا أماكنھم وستصبح حياة السابقون كلھا أشد بؤسا بسبب تذوقھم بعض المجد لمرة واحدة.
كان الحل بالنسبة لكرتس بسيطا ، ھذا ھو عالم جديد قد دخله ، عليه أن يأخذ وقته ويتعلمه جيدا . في خضم البيئة السريعة للھيب ھوب سيقوم ھو بإبطاء وتيرة كل شيء ، كما تجنب الاحتفال واحتفظ به لنفسه غالبا . قرر أن يعامل تسجيلات كولومبيا كجامعة ، فھي فرصته الوحيدة لتعليم نفسه في عالم الأعمال . كان يسجل أغانيه في الليل ويمضي اليوم بأكمله في مكاتب كولومبيا ، متحدثا إلى الاشخاص في كل قسم . وتعلم أكثر فأكثر حول التسويق والتوزيع والتفاصيل العملية للتجارة ، إذ درس جميع جوانب عملية الإنتاج وما يدخل في صناعة الأغنية الناجحة و تدرب على موسيقاه مرارا وتكرارا . عندما أرسلته العلامة الموسيقية ھو والعشرات من مغني الراب إلى قسم المونتاج في شمال نيويورك لكتابة الأغاني ، عاد بستة وثلاثين لحنا بينما استطاع اغلبية الباقين بالكاد جمع خمسة أو ستة.
في أعقاب محاولة اغتياله في عام 2000 ، قامت تسجيلات كولومبيا باستبعاده من علامتھا الموسيقية ، إلا أنه كان في ذلك الوقت قد تجاوز حاجته إلى خبرتھا . حيث راكم الكثير من الخبرات و المھارات التي يمكنه تطبيقھا في الحملة الخاصة بألبومه المنوع ، صانعا الأغنيات بسرعة جنونية ومسوقا موسيقاه بذكاء كأي خبير في ھذا المجال . تطور خطوة بخطوة إلى أن جذبت الحملة انتباه ايمنيم الذي تعاقد معه ليضمه إلى
علامته الموسيقية في انترسكوب في عام 2003 وجد نفسه بعد عدة سنوات في عالم الشركات ، واكتشف سريعا انه لا يختلف كثيرا عن الشوارع . العديد من رجال الأعمال والمنفذين الذين التقاھم على ذات المستوى من قلة الصبر. فھم يفكرون لمدى بضعة أشھر أو أسابيع فقط ، وعلاقتھم بالمال عاطفية ، كوسيلة لإبراز أھميتھم وتغذية كبرياءھم. حيث يأتونه بمخططات تبدو جذابة في الوقت الحاضر لكنھا لا تؤدي إلى أي وجھة على الطريق ، فھم غير متناغمين مع التغيرات الھائلة الجارية في العالم والتخطيط لاستثمارھا في المستقبل ، لأن ھذا سيستغرق الكثير من الجھد والوقت.
ھذه الشخصيات في عالم التجارة جاءت له بصفقات مضمونة من كل الجوانب ليكسب بعض الملايين السريعة ، متصورين بأنه مثل بقية مغني الراب الذين يتشبثون بمثل ھذه الفرص.
إلا أن الصفقات المضمونة لن تساعده في بناء شيء ثابت أو حقيقي ، فھي لا تعدو أن تكون مالا وھميا . لذلك فقد رفض عروضھم واختار أن يبدأ بتجارته وفقا لشروطه الخاصة ، بحيث يبنى كل عمل على أساس العمل الآخر كالخيوط في السلسلة . كان الھدف ھذه المرة بسيطا : تأسيس إمبراطورية تدوم طويلا ، وكما في السابق ، سيبلغه من خلال إصراره
المستمر.

0 التعليقات: