22‏/07‏/2019

القانون الخمسون 35

القانون الخمسون 35

الاتجاه الجريء :


رأيك بنفسك يصبح واقعك . إذا كانت لديك كل تلك الشكوك ، فعندھا لن يثق أحد بك وسيسير كل شيء في اتجاه خاطئ . إذا اعتقدت العكس ، فھذا العكس ھو ما سيحدث . الأمر بھذه البساطة.
50 سنت
عندما ولدت ، دخلت إلى ھذا العالم دون ھوية أو ذات ، كنت ببساطة رزمة من الدوافع والرغبات الفوضوية . ولكنك اكتسبت تدريجيا شخصية ذات الطموح الكثير أو القليل على مر السنوات . فأنت اجتماعي أو خجول ، جريء أو متردد ، مجموعة من السمات المختلفة التي تعرفك . وتميل إلى قبول ھذه الشخصية كشيء واقعي جدا وثابت ، إلا أن الكثير من ھذه الھوية مؤسس ومصاغ بواسطة قوى خارجية ، آراء وأحكام مئات الأشخاص الذين يمرون بطريقك على مدار السنوات.
تبدأ ھذه العملية بوالديك . كطفل ، كنت تمنح اھتماما كبيرا لما يقولانه عنك ، وتشكل سلوكك لتفوز برضاھم وحبھم . كما تراقب عن كثب لغة جسدھم لترى ما يعجبھم ومالا يعجبھم. الكثير من ھذا له أثر ھائل على نموك ، اذا علقوا على سبيل المثال على خجلك سيساعد ذلك ببساطة على تقوية أية
اتجاھات لديك في ھذه الناحية ، وتصبح فجأة واعيا بارتباكك ويلتصق بداخلك . أما لو قالوا لك شيئا مختلفا ، محاولين تشجيعك على مھاراتك الإجتماعية وجذبك للخارج ، قد يكون له أثر مختلف جدا . بمعنى آخر، الخجل ھو صفة مرنة تتفاوت وفقا للأوضاع والأشخاص المحيطين بك ، ولا يجوز اعتبارھا سمة ثابتة للشخصية إطلاقا . وعليه فإن ھذه الأحكام
المعطاة من الوالدين ، الأصدقاء ، والمدرسين تحمل ثقلا وتصبح منضوية في الشخصية. العديد من ھذه الانتقادات والآراء غير موضوعية على الإطلاق . إذ يرغب الناس برؤية صفات معينة فيك ، ويعكسون عليك مخاوفھم وأحلامھم . يريدونك أن تطابق نموذجا تقليديا ، ذلك أنه من المحبط والمخيف للناس أن يظنوا عدم قدرتھم على اكتشاف حقيقة شخص ما . السلوك الذي يعتبر مختلفا أو غير طبيعي و الذي قد ينبعث بصورة جيدة من مكان عميق بداخلك يتم إحباطه بشدة.
كذلك يلعب الحسد دورا في الأمر ، إذا كنت جيدا في شيء ما ربما يتم إشعارك بالغرابة أو النبذ . حتى مدح الآخرين غالبا ما يصمم لربطك بقيم معينة يرغبون برؤيتھا فيك . كل ما سبق يشكل شخصيتك ، يقيد نطاق سلوكك ، ويصبح كالقناع الصلب على وجھك.
افھم ھذا : أنت بحد ذاتك لغز لنفسك . فقد بدأت في الحياة مميزا كليا ، مزيج من الصفات التي لن تتكرر أبدا في تاريخ الكون . كنت في سنواتك المبكرة كتلة من العواطف والرغبات المتضاربة ، ثم تم وضع شيء أجنبي عنك فوق ھذه الحقيقة . ھويتك ھي شيء أكثر فوضوية و مرونة من ھذه
الشخصية السطحية ، فأنت ممتلئ بالامكانيات والقدرات الغير مستغلة.
كطفل ، لم تكن لديك قوة حقيقية لمقاومة ھذه العملية ، ولكنك الآن كبالغ يمكنك الرفض بسھولة وإعادة اكتشاف شخصيتك المتفردة . إذ تستطيع التوقف عن استمداد إحساسك بالھوية وأھمية الذات من الآخرين ، و تجرب وتدفع إلى ما وراء الحدود التي وضعھا الناس لك ، وتقوم بتصرف مختلف عما توقعوه . إلا أن الأمر يعرضك لخطر ، فأنت تبدو غير تقليدي
و ربما غريب قليلا في أعين أولئك الذين يعرفونك ، وقد تفشل في ھذا العمل ويسخرون منك .
إن التوافق مع توقعات الناس أكثر أمنا و راحة ، حتى وإن كان فعل ھذا يجعلك تعيسا ومقيدا، في الحقيقة ، أنت خائف من نفسك وما يمكنك أن تكون عليه.
وھناك أمر آخر : الأسلوب الجريء في مقاربة حياتك ، والذي يبدأ بتحرير ذاتك من آراء الآخرين . وذلك ليس سھلا كما يبدو ، فأنت تكسر عادة طويلة من الرجوع المستمر إلى آراء الناس لتقدير أھميتك .
عليك أن تجرب وتشعر بإحساس عدم إشغال ذاتك بما يعتقده الآخرين أو يتوقعوه منك ، ولا تتقدم أو تتراجع نتيجة لأخذ آراءھم في الاعتبار ، وتبعد عنك أصواتھم التي تتحول غالبا إلى شكوك بداخلك .
 بدلا من التركيز على تلك القيود عندك ، فكر في الامكانيات التي تتمتع بھا من أجل سلوك جديد مختلف . حيث أنه من الممكن تغيير شخصيتك وتشكيلھا بقرارك الواعي لفعل ھذا.
نحن بالكاد ندرك الدور الذي تلعبه قوة الإرادة في أفعالنا.
عندما ترتفع برأيك عن ذاتك وما أنت قادر عليه ، فذلك له أثر قاطع على ما تفعله . على سبيل المثال ، ستشعر بالراحة عند تحمل بعض المخاطر ، عالما بأنك ستكون قادرا دائما على النھوض على قدميك إذا فشل الأمر . كما أن تحمل ھذا الخطر سيرفع مستويات طاقتك ، فإما أن تواجه التحدي أو تنھزم ، وستجد مصادرا غير مستغلة من الإبداع بداخلك . ينجذب الناس إلى ھؤلاء الذين يتصرفون بجرأة ، وسيكون لاھتمامھم و إيمانھم بك أثر في زيادة ثقتك .
إن الشعور بقلة التقيد بالشكوك سيخفف من كوابح شخصيتك الفردية ، مما يجعل كل ما تفعله مؤثرا أكثر . ھذا التحرك باتجاه الثقة يتمتع بخاصية
إشباع ذاتية يستحيل إنكارھا.
إن التحرك باتجاه ھذه الثقة بالنفس لا تعني بتر ذاتك عن الآخرين و عن آرائھم في أفعالك ، إذ يجب أن تعتمد مقياسا ثابتا لكيفية رؤية الناس لعملك وتستخدمه لتحقيق أقصى الفائدة من آراءھم ومراجعاتھم ، ولكن ھذا الإجراء يجب أن ينطلق من وضعية قوة داخلية .
إذا كنت معتمدا على أحكامھم بشأن إحساسك بالتقدير ، فستصبح ذاتك
ضعيفة و ھشة دائما ولن يكون لديك نقطة ارتكاز أو حس بالتوازن ، حيث ستذبل على إثر الإنتقادات وتطير عاليا جدا مع أي اطراء . يجب أن يقتصر دور آراءھم على مجرد مساعدتك في صياغة عملك وليس صورتك الذاتية. لو ارتكبت أخطاءا ، أو حكم عليك العامة بشكل سلبي فلديك نواة داخلية صلبة يمكنھا تقبل تلك الأحكام ، مع بقاء الثقة بقيمتك الذاتية.
في البيئات الفقيرة مثل الجوار ، يتعرض شعور الناس بھويتھم وما يستحقونه للاعتداء دائما . يميل الناس في الخارج إلى الحكم عليھم بسبب المكان الذي جاءوا منه على أنھم ، عنيفون ، خطرون وغير جديرين بالثقة ، كما لو أن المكان الذي صودف ميلادھم فيه يحدد من ھم .
وبالتالي يميلون إلى استبطان تلك الأحكام و ربما الإحساس عميقا بداخلھم أنھم لا يستحقون الكثير مما يعتبر جيدا في ھذا العالم . أولئك الذين من الجوار ممن يريدون التغلب على ھذا الحكم من العالم الخارجي ، عليھم أن يصارعوا بطاقة وشدة مضاعفة . ويجب أن يقتنعوا أولا بأنھم يستحقون أكثر من ذلك بكثير ويمكنھم الارتفاع بقدر ما يريدون بواسطة قوة الإرادة . حيث تصبح شدة طموحھم ھي العامل الحاسم ، و الذي يجب أن يكون
مرتفعا جدا . ھذا ھو سبب ظھور غالبية الشخصيات الطموحة الواثقة في التاريخ من ظروف صعبة ومضنية في معظمھا. أولئك الذين يعيشون خارج مثل ھذه البيئة ، يكون الطموح بالنسبة لھم كلمة قذرة تقريبا . إذ يتم ربطھا بشخصيات تاريخية مثل ريتشارد الثالث أو ريتشارد نيكسون ، وتفوح منھا رائحة انعدام الأمان والأفعال الشيطانية لبلوغ القمة .
الأشخاص الذين يرغبون في السلطة بشدة لا بد من أنھم يعانون من مشكلات نفسية أو ھذا ما نعتقده . ينبثق الكثير من ھذه العفة الإجتماعية
المصطنعة بشأن فكرة القوة والطموح من شعور لا واع بالذنب والرغبة في إبقاء الناس في الأسفل . فيما يتعلق بھؤلاء الذين يحتلون مراكز ذات إمتيازات معينة ، يبدو الطموحين من الطبقة الأسفل منھم كشيء مخيف ومھدد. إذا كنت قادما من رخاء نسبي ، فمن الأرجح أنك مشوب ببعض ھذه التحيزات ويجب أن تتخلص منھا بقدر المستطاع .
عندما تؤمن بأن الطموح قبيح وبحاجة لكبته أو إخفاءه فعليك أن تقف على أصابع رجليك مع الآخرين ، مظھرا إنسانية زائفة وتضطر للتفكير بعقل مزدوج في بعض التحركات اللازمة للقوة . أما إذا رأيته كشيء جميل ، باعتباره القوة المحركة خلف جميع إنجازات الإنسان العظيمة ، فعندئذ لن
تشعر بالذنب في رفع مستوى طموحك بقدر ما تريد ، وإبعاد أولئك الذين يعيقون طريقك.
أحد أعظم الرجال الجسورين في التاريخ والذي يعتبر رائد حركة إلغاء العبودية في القرن التاسع عشر ھو فريدريك دوجلاس . كان قد ولد ضمن النظام الوحشي المعروف بالرق ، والذي صمم بكل تفاصيله لتدمير روح الإنسان . ويتم ذلك بواسطة إبعاد الناس عن عائلاتھم بحيث يعجزون عن تنمية أية روابط عاطفية حقيقية في حياتھم ، واستخدام التھديد الدائم والخوف لكسر أي إحساس بالإرادة الحرة مع التأكد من إبقاء العبيد جھلة وأميون . وعليه ، فإنھم يؤمنون فقط بأقل الآراء عن أنفسھم . واجه دوجلاس نفسه جميع ھذه المصائر في طفولته ، ولكنه بطريقة ما كان يعتقد منذ سنواته المبكرة بأنه يستحق أكثر من ذلك بكثير ، ھناك شيء قوي تم سحقه بداخله ولكن يمكنه العودة للحياة مجددا . حينما كان طفلا ، رأى نفسه
وھو يھرب من براثن العبودية يوما ما ، وأخذ يغذي نفسه بھذا الحلم.
ثم في عام 1828 وفي عمر العاشرة ، قام سيد دوجلاس بإرساله ليعمل في منزل صھره في بالتيمور / ماريلاند . اعتبر دوجلاس ذلك نوعا من التطور في العمل لصالحه ، فھو يعني أنه سيھرب من العمل المضني في الزراعة يحصل على المزيد من الوقت للتفكير .
 كانت سيدة المنزل في بالتيمور تقرأ الإنجيل باستمرار ، وفي أحد الأيام سألھا اذا كانت ستعلمه القراءة ، وافقت و التزمت بذلك بسعادة وتعلم ھو سريعا . إلا أن رب المنزل سمع بالأمر و وبخ زوجته بشدة ، فالعبد يجب
أن لا يسمح له أبدا بالقراءة والكتابة . وبالتالي منع زوجته من الاستمرار في التعليم ، مع ذلك يستطيع دوجلاس الآن تولي الأمر عن طريق التحايل للحصول على الكتب والقواميس لنفسه . قام بحفظ الكلمات المشھورة والتي يستطيع مراجعتھا في ذھنه في أي وقت من اليوم ، و تخيل نفسه وھو يصبح خطيبا عظيما يناظل ضد شياطين الاستعباد.
مع المعرفة المتزايدة بالعالم الخارجي ، ازدادت مرارة دوجلاس و استياءه من الحياة التي أجبر عليھا . وقد أثر ذلك على توجھه وشعر أسياده بھذا . تم إرساله في عمر الخامسة عشر إلى مزرعة يديرھا السيد ( كوفي ) ، التي كانت مھمته الوحيدة في الحياة كسر روح العبد المتمرد. ومع ذلك لم ينجح كوفي في مھمته ، إذ أن دوجلاس كان قد أنشأ في عقله ھوية خاصة لن تتطابق مع ما أراد كوفي أن يفرضه عليه . ھذه الصورة لقيمته الذاتية العالية والتي آمن بھا بكل طاقته ستصبح حقيقة . كما احتفظ بحريته الداخلية وصحته النفسية ، وحول جميع الضرب وسوء المعاملة إلى دافع له
للھروب إلى الشمال . وقد منحه الأمر أيضا مادة ليشاركھا يوما مع العالم حول شياطين العبودية .
قرر دوجلاس بعد عدة سنوات الھروب إلى الشمال ، وھناك أصبح قائدا لحركة إلغاء العبودية . وفي نھاية المطاف ، أسس صحيفته الخاصة و عمل
دائما على الدفع ضد الحدود التي حاول الناس فرضھا عليه.
افھم ھذا : سيھاجمك الناس دائما في الحياة ، وأحد أسلحتھم الرئيسية ھو زرع الشكوك بداخلك حول نفسك ، أھميتك ، قدراتك ، وإمكانياتك . سيقومون غالبا بتمويه الأمر على أنه رأيھم الموضوعي ولكنه ينطوي دائما على ھدف سياسي ، إنھم يريدون إبقاءك في الأسفل . أنت عرضة دائما لتصديق تلك الآراء ، خاصة إذا كانت صورتك الذاتية ھشة . ولكنك
تستطيع في كل لحظة في الحياة تحدي الناس وتجريدھم من ھذه القوة ، وذلك بواسطة الاحتفاظ بحس الھدف ، مصير مھم تسعى لتحقيقه . انطلاقا من ھذا الوضع ، لن تؤذيك اعتداءات الناس بل ستجعلك فقط تشعر بالغضب وتصبح أكثر عزما.
كلما رفعت ھذه الصورة الذاتية أكثر ، قلت الأحكام والتلاعبات التي ستتقبلھا وتقل كذلك العقبات التي تعترض طريقك . إذا كان شخص مثل دوجلاس استطاع تكوين ھذا الاتجاه وسط أشد الظروف تقييدا ، فلا شك أنه يمكن لنا إيجاد طريقنا الخاص بنا إلى ھذه القوة الداخلية.

0 التعليقات: