22‏/07‏/2019

القانون الخمسون 34

القانون الخمسون 34

الفصل التاسع:
إدفع إلى ما وراء حدودك (الثقة بالنفس)


إن إحساسك بمن تكون يحدد سلوكك ومالذي تحصل عليه من الحياة في نھاية المطاف . إذا كنت ترى بأن المدى الذي يمكنك بلوغه محدود ، فإنك غالبا ما تعجز عن مواجھة الكثير من المصاعب ، ذلك أنه من الأفضل ابقاء طموحك منخفضا ومن ثم ستكسب القليل الذي توقعته.
من خلال معرفة ھذه الديناميكية ، يجب أن تدرب نفسك على عكسھا ، اطلب المزيد ، أطمح للأعلى وآمن بأنه مقدرا لك القيام بشيء عظيم .
 إذ ينبع شعورك بالاستحقاق الذاتي منك وحدك ، وليس من آراء الآخرين إطلاقا.
مع الثقة المرتفعة بقدراتك ، ستتحمل المخاطر التي تزيد من فرص نجاحك ، حيث يتبع الناس أولئك الذين يعرفون إلى أين ھم ذاھبين .
 لذلك ، اصنع جوا من الثقة والجرأة .

طموح المحتال:
دعني أوضح لك بأن الحرية ليست شيئا يمكن إعطاؤه لأي شخص ، الحرية ھي شيء يأخذه الناس وھم أحرار ، و بالقدر الذي يريدون أن يكونواعليه.
جيمس بالدوين
كان لدى والدة كرتس جاكسون  ( سابرينا ) طموح قوي واحد في حياتھا ، وھو كسب مايكفي من المال بأي طريقة لنقلھا ھي وابنھا بعيدا عن منطقة الجوار . كانت قد أنجبت كرتس وھي في الخامسة عشر ، والمنفذ الوحيد للحصول على مقدار جيد من المال في ھذا العمر ھو تجارة المخدرات . كانت حياة المحتالين خطرة على المحتالة الأنثى بشكل خاص ، لذلك
عملت على بناء حضور مخيف لھا لأجل حماية نفسھا . كانت أقوى وأكثر جرأة من الكثير من المتعاملين الرجال ، جانبھا الرقيق الوحيد ھو ابنھا الذي أرادت له مصيرا مختلفا عن الاحتيال .
وبغرض حمايته من الحياة التي تعيشھا ، أبقته مع والديھا في ساوث سايد كوينز وكانت تذھب لرؤيته كلما أمكنھا ھذا ، مصطحبة معھا الھدايا له ومن أجل ابقاء عينھا عليه ، حيث أنھما سينتقلان قريبا إلى مكان أفضل.
قتلت سابرينا في عمر الثالثة والعشرين في قضية مخدرات، و منذ تلك اللحظة بدا أن مصير كرتس في ھذا العالم أصبح مسدودا ، صار الآن وحيدا دون أبوين أو مرشد حقيقي يمنحه حسا بالتوجيه . كذلك بدا أن السيناريو التالي سيحدث تلقائيا، سينجرف إلى حياة الشوارع ، ويلجأ
إلى العنف والجريمة من حين لآخر لإثبات قوته . ثم يجد طريقه إلى السجن ، وسيعود بعد فترات معينة . أي أن حياته ستتقيد بشكل رئيسي بھذا الجوار ، و قد يعود إلى المخدرات أو الكحول عندما يكبر في العمر أو سلسلة من الأعمال الوضيعة في أحسن الأحوال.
تشير كل الاحتمالات بالنسبة للأطفال الناشئين في مثل تلك البيئة دون رعاية أبوية إلى ھذا المستقبل المحدود الكئيب. إلا أن شيئا مختلفا جدا أخذ يتشكل في ذھنه . برحيل والدته ، بدأ يقضي وقتا لوحده أكثر فأكثر و ينغمس في خيالاته التي حملته بعيدا عن منطقة الجوار .
 رأى نفسه رئيسا لشيء ما ، ربما في التجارة أو الحرب ، وتخيل بالتفصيل الدقيق الأماكن التي سيعيش فيھا ، السيارات التي سيقودھا ، والعالم الخارجي الذي سيستكشفه يوما ما . كانت حياة مليئة بالحرية والامكانيات ، ولكنھا لم تكن مجرد خيالات بل حقيقة ، كان مقدرا لھا الحدوث ، ويستطيع رؤيتھا بوضوح . الأھم من ذلك شعوره بأن والدته ترعاه ، لقد أصبحت طاقتھا وطموحھا بداخله ھو الآن.
الغريب أنه سيتبع خطاھا مع الخطة ذاتھا ، الاحتيال ثم الخروج من اللعبة . ولكي يتجنب مصيرھا ، أسس اعتقادا قويا بأنه لا شيء يمكن أن يوقفه ، لا طلقة مسدس ، ولا مخططات المحتالين الآخرين ولا الشرطة .
 ھذه الشوارع لن تقيده، في مايو من عام 2000 ، نجا كرتس بطريقة ما من التسع رصاصات التي أطلقھا قاتل مأجور على جسده . كان توقيت الاعتداء حساسا ، و ذلك بعد سنوات من احتيال الشوارع والموسيقى ، و كان ألبومه الأول على وشك الإطلاق . ولكن على إثر تداعيات الحادثة ألغت تسجيلات كولومبيا ھذا الألبوم واستبعدته من علامتھا الموسيقية ، وعليه أن يبدأ من جديد . في الشھر التالي وبينما كان مستلقيا على سريره ليسترد عافيته من الجروح ، بدأ يعيد بناء ذاته ذھنيا كما فعل بعد مقتل والدته . رأى في ذھنه
بتفاصيل حيوية أكثر من أي وقت مضى الطريق الذي يجب أن يسير فيه الآن ، إذ سيغزو عالم الراب بحملة لألبوم منوع لم يسبق لأحد رؤية مثله من قبل . سيأتي ذلك من طاقته العالية وإصراره ، بل حتى من الصوت الأخشن الذي يصنعه والصورة التي سيبرزھا كزعيم عصابة لا يقھر.
خلال سنة من الحادث ، كان في طريقه لتحويل ھذا الحلم إلى واقع . حيث غزت أغانيه الأولى الشوارع وكانت مثيرة للأحاسيس . وعلى الرغم من تقدمه في ھذا المجال إلا أنه رأى عائقا واحدا كبيرا جدا لا يزال يعترض مساره، القتلة المأجورين يرغبون في إتمام المھمة وقد يظھروا في أية لحظة لھذا السبب فقد اضطرعلى الحفاظ على شھرة قليلة والبقاء على ذات المستوى ، إلا ان الإحساس بكونه مطارد لا يطاق لن يعيش بھذه الطريقة ، و قرر بأن ما يحتاجه ھو مجموعة من الاتباع الاشداء المتماسكين الذين سيساعدون في حمايته وتجاوز ھذا الإحساس بالاستھداف.
لتحقيق ھذا ، أخبر أصدقاءه المقربين بعقد اجتماع في بيت جديه في ساوث سايد كوينز ، الذين قاموا بدعوة أشد معجبيه حماسا في الجوار ، وھم رجال يعرفون كيف يصبحوا مخلصين وجديرين بالثقة والاعتماد عليھم .
 ويجب أن يحضروا معھم جميعا مسدسات للمساعدة في تأمين الشارع قبل ظھور فيفتي.
حينما دخل فيفتي غرفة الجلوس في منزل جديه في يوم الاجتماع شعر بالطاقة والبھجة ، حيث امتلأ المكان بما يزيد عن عشرين شابا كلھم جاھزون لتلبية نداؤه ، ثم بدأ يرسم لھم رؤيته الدقيقة للمستقبل ، موسيقاه جيدة ولكنھا ستصبح أشد قوة ، وكان متيقنا أنه سيبرم عقد موسيقي ضخم خلال سنتين.
يستطيع أن يسمع في رأسه منذ الآن أغاني ألبومه الأول، متخيلا الغلاف والموضوع بأكمله ، إذ سيصبح الأمر قصة حياته . كما أكد لھم أن ھذا الألبوم سيحقق نجاحا فلكيا ، لأنه قد اكتشف طريقة معينة لكيفية صنع وتسويق الأغاني الناجحة .
ھو ليس بنجم الراب العادي ، شرح لھم ، ولم يدخل المجال بھدف الثراء أو الشھرة ، ولكن من أجل القوة . سيستخدم المال المتحصل من مبيعات الألبوم لتأسيس مشاريعه الخاصة . ھذا ھو القدر ، كل شيء في حياته كان مقدرا له الحدوث كما فعله ، ومن ضمنه محاولة الاغتيال وھذا الاجتماع في ھذا المساء.
سيقوم بإنشاء إمبراطورية تجارية ويريد أن يأخذھم جميعا معه سيقدم لھم أي شيء يرغبونه طالما أثبتوا بأنھم جديرين بالاعتماد عليھم ويشاركونه إحساسه بالھدف . بإمكانھم أن يصبحوا مغني راب ضمن علامته الموسيقية التي سينشأھا أو منظمين لرحلاته ، أو أن يعودوا إلى الجامعة والحصول على مؤھل وسيدفع لھم تكاليف كل ذلك . أنتم مجموعة ذئابي ، فسر لھم ، ولكن لن يحدث شيء من ھذا إذا قتل الذئب الرئيسي.
ما طلبه منھم ھو مساعدتھم له في توفير الأمن ، و ابقاءه على اتصال بما يحدث في الشوارع ، أو القيام بعض أعمال الدعاية والتسويق الفردية لالبومه المنوع . ھو بحاجة إلى أتباع ، وقد اختارھم.
كلھم تقريبا وافقوا على الاقتراح ، وعلى مر السنوات التالية بقي الكثير منھم من أجل الحصول على مراكز مھمة في امبراطوريته المتوسعة . وإذا حدث و توقفوا للتفكير في الأمر ، سيجدون غرابة تشابه المستقبل الذي جاء مع الصورة التي رسمھا قبل سنوات عديدة.
في عام 2007 وبعد النجاح الھائل الذي حققه ألبوميه الأولين ، بدأ فيفتي يستشعر مشكلة ما في المجال تلوح في الأفق . كان قد رسم صورة معينة أمام العامة ، إسطورة فيفتي المرتكزة على قوته وحضوره المھيب وصموده ، و ھي مصممة في فيديوھاته ومقابلاته وصوره مع تألقه وأوشامه. معظمھا حقيقة ولكنھا مضخمة من أجل أحداث أثر درامي.
وقد جلبت له ھذه الصورة الكثير من الاھتمام ولكنھا أخذت تنقلب إلى فخ خادع ، فلكي يثبت لمعجبيه أنه ما زال فيفتي نفسه ، عليه أن يرفع الرھان ويرتكب المزيد والمزيد من السلوكيات العنيفة . لن يستطيع أن يبدو وكأنه سيصبح ناعما ، ولكن الأمر لم يعد حقيقيا بالنسبة له بعد الآن فھو قد انتقل
الى حياة مختلفة ، وسيؤدي تشبثه بتلك الصورة السابقة إلى تقييد حريته بشدة . حيث سيبقى عالقا في الماضي وسجينا للصورة التي صنعھا .
 و سيغدو كل ھذا مبتذلا قديما و تخبو شعبيته.
وجد نفسه في كل مرحلة من حياته في تحد مع عقبات بدت له مستحيلة ، التمكن من النجاة في الشوارع دون أبوين لإرشاده ، الابتعاد عن العنف وقضاء الوقت في السجن ، التملص من القتلة و ردھم على أعقابھم ...... الخ . لو كان في أي لحظة قد شك بذاته أو تقبل القيود الطبيعية لقدراته ، لأصبح ميتا أو ضعيفا بل إن الموت ھنا أفضل في اعتقاده . ما أنقذه في كل
حالة ھو شدة طموحه وثقته بنفسه.
ليس الآن ھو وقت الاقتناع أو الشك بشأن المستقبل ، عليه أن يقوم بتغيير نفسه مجددا : سيقوم بإزالة أوشامه المنقوشة ، و ربما يغير اسمه مجددا أيضا . كذلك سيصنع صورة جديدة وأسطورة تلائم ھذه الفترة من حياته ، كجزء من قطب تجاري وصانع قرار ، ومنسحبا تدريجيا عن أنظار العامة ، فاردا عضلاته خلف الكواليس . ھذا ما سيفاجأ الجمھور ويبقيھم متقدمين بخطوة واحدة عن توقعاتھم ، ويزيل أي عائق آخر يقيد حريته . يعتبر إعادة تكوين ذاته بھذه الطريقة نقيضا صارخا للقدر الذي بدا أنه ينتظره بعد وفاة والدته.

0 التعليقات: