22‏/07‏/2019

القانون الخمسون 33

القانون الخمسون 33

مخالفة المفھوم:

نحن عموما نختبر الملل كشيء مؤلم يجب تجنبه بأي ثمن. حيث طورنا منذ الطفولة عادة البحث مباشرة عن نشاط ما لقتل ھذا الإحساس ، ولكن إذا تكرر ھذا النشاط كثيرا بما فيه الكفاية فإنه يصبح مملاً أيضا . وكذلك الأمر بالنسبة لحياتنا ، إذ يجب أن نبحث ونبحث عن ملھيات جديدة ، أصدقاء جدد ، اتجاھات جديدة لاتباعھا ، أشكال جديدة من التسلية ، أديان أو قضايا جديدة للإيمان بھا . ھذا البحث قد يقودنا إلى تغيير وظائفنا ويضعنا على طريق متعرج ھنا وھناك في بحثنا عن شيء لاخماد ذلك الشعور .
 إلا أنه في جميع ھذه الحالات ، أساس المشكلة ليس الملل ذاته بل علاقتنا به. جرب رؤية الملل من المنظور المعاكس ، كنداء لك لابطاء نفسك والتوقف عن البحث عن الملھيات اللانھائية . قد يعني ھذا إجبار ذاتك على قضاء وقت معين بمفردك ، متغلبا على ذلك العجز الطفولي عن البقاء ساكنا . عندما تعمل أثناء ھذا الملل المفروض ذاتيا ، سيميل عقلك للحماس ، وتنتابك أفكار جديدة وغير متوقعة لملء المساحة .
لتشعر بالإلھام ، عليك أن تختبر أولا لحظة من الفراغ . استخدم تلك اللحظات لتقييم اليوم السابق ، من أجل قياس ما أنت ذاھب إليه . إنه إسعاف
لمنع الإحساس بالحاجة المستمرة للتسلية من الخارج.
في مستوى أعلى ضمن إعادة التأھيل ھذه ، ربما تختار كتابا للقضاء على الملل . ولكن بدلا من القراءة كوسيلة سلبية للإلھاء ، أدخل ذھنيا مع المؤلف في نقاش أو جدال فعال ، جاعلا الكتاب يخرج إلى الحياة في عقلك .
كنقطة أبعد من تلك ، احترف نشاطا جانبيا ثقافي أو مادي ممن يتطلب عملية متكررة لإتقانه ، حيث ستكتشف أثرا مھدءا في العنصر المتكرر ذاته
بھذه الطريقة سيصبح الملل حليفك العظيم ، إذ يساعدك على إبطاء وتيرة الأمور ، و تنمية الصبر والانضباط الذاتي.
ستتمكن من خلال ھذا التطور من تحمل لحظات الفراغ التي لا بد منھا في الحياة وتحويلھا إلى ملذات خاصة بك.
ھناك الآن أفراد ممن يفضلون الھلاك بدلا من العمل دون الاستمتاع بعملھم  إنھم انتقاءيون ولا يلجأون للمكافآت الكبيرة إذا لم يكن العمل نفسه ھو مكافأة المكافآت . فھم لا يخافون الملل بقدر العمل دون متعة ، بل في الواقع يحتاجون للكثير من الملل عندما ينجح عملھم .
إلى جميع الأرواح المبدعة، الملل ھو تھويدة الروح السيئة التي تسبق الرحلة السعيدة و رياح المرح.
فريدريك نيتشه

0 التعليقات: