القانون الخمسون 28
مفاتيح الجرأة:
قلة من الناس
يمتلكون الحكمة لتفضيل الإنتقاد الذي سيفيدھم على المدح الذي يخدعھم.
فرانسوا دي لا روشيفوولد
في العمل الذي
نقوم بإنتاجه للتجارة أو للثقافة ، ھناك دائما لحظة ناطقة عندما يفارق أيدينا ويصل إلى العلن لأجل الغرض
الذي أعد له . يتوقف العمل في تلك اللحظة عن كونه مجرد شيء في رؤوسنا ، حيث يصبح
موضوعا محكوما عليه من قبل الآخرين .
يتصل ھذا
الموضوع في بعض الأوقات بالناس بشكل عميق ، إذ يضرب وترا عاطفيا ويثير صدى معينا
ويتمتع بالدفء ، أي أنه يلبي حاجة . وفي أوقات أخرى ، لا يخلف من صدى سوى البرود الشديد للناس ،
حيث يتم
تصويره في
عقولنا بأثر مختلف تماما. قد تبدو ھذه العملية غامضة نوعا ما ، اذ يتمتع بعض
الأشخاص بموھبة عمل أشياء تجد صدى لدى الجمھور ، مثل الفنانون الكبار ، السياسيين
ذوي اللمسة الشعبية ، و رجال الأعمال المبدعين بلا حدود . أحيانا نحن أنفسنا قد
ننتج شيئا يعمل بشكل رائع ولكننا نعجز عن معرفة السبب وراء ذلك.
ونتيجة لنقص ھذه
المعرفة ، لا نتمكن من تكرار نجاحنا.
ومع ھذا ، فھناك
جانب من ھذه الظاھرة قابل للتفسير . فأي شيء ننتجه أو نقدمه للجمھور صغيرا كان أم
كبيرا ، يعتمد على الطريقة التي نعمله بھا . إذا كنا من النوع الذي يعيش غالبا في
رأسه ، متخيلين ما الذي قد يعجب العامة أو حتى لا نكترث بالأمر ، ستظھر ھذه الروح
في العمل نفسه ، فھو
منفصل عن البيئة
الاجتماعية ولا يتجاوز كونه منتجا لشخص ملتف بداخل نفسه أو نفسھا . على الناحية
الأخرى ، إذا كنا متصلين بالجمھور بعمق ونتمتع بحس قوي باحتياجاته و رغباته، فإن ما
نعمله سيميل إلى إحداث أثر ، فقد استوعبنا طريقة تفكير وإحساس جمھورنا و ظھر ھذا
في العمل.
الكاتب الروسي
العظيم فيودور ديستوفسكي كان لديه جزءان منفصلان تقريبا في عمله : أولا أنه كان
اشتراكيا ويتعامل غالبا مع المثقفين الآخرين ، رواياته وقصصه كانت ناجحة نوعا ما .
إلا أنه حكم عليه في عام 1849 بالسجن لعدة سنوات والأشغال الشاقة في سيبيريا بتھمة
ملفقة تتعلق بالتآمر ضد الحكومة . وھناك اكتشف فجأة أنه لم يكن يعرف الروس إطلاقا .
حيث تم القاؤه
في السجن وسط حثالة المجتمع ، و خلال فترة أداءه للأعمال الشاقة في قرية صغيرة ،
خالط أخيرا الفلاحين الروس الذين سيطروا على البلاد . عندما أطلق سراحه ، اصبحت
جميع ھذه الخبرات متضمنة بعمق في أعماله ، كما عكست رواياته فجأة صدى لما ھو ابعد
من دوائر المثقفين
بكثير . لقد فھم
جمھوره " كتلة الروس من الداخل " ، وغدت أعماله ذات شعبية كبيرة.
افھم
ھذا : لا يمكنك
تمويه اتجاھك نحو الجمھور . إذا كنت تشعر بالأفضلية على الجميع كما لو كنت عضوا من
نخبة مختارة ، فسيتسرب ھذا إلى العمل . فھو محمول بواسطة النبرة والمزاج ، وينقل
الاحساس بالمجاملة . ان الحالة التي يكون فيھا منفذك نحو الجمھور الذي تحاول الوصول
إليه ضيقا ولكنك تشعر بأن الأفكار التي في ذھنك لا تعجز عن
الامتاع ،
فغالبا أنھا تظھر لا محالة كشيء شخصي جدا ، كمنتج لشخص غريب منفر . في كلا
الحالتين ، فإن ما يحكم روح عملك في الواقع ھو الخوف . ذلك أن التفاعل على مقربة
من الناس والحصول على آراءھم قد يعني الاضطرار لتعديل أفكارك " الرائعة
" وتصوراتك المسبقة ، مما قد يقف في وجه رؤيتك الضيقة للعالم . ربما تحاول
إخفاء ذلك بمظھر متباه ،
ولكنه في الواقع
خوف قديم من الآخر.
نحن مخلوقات إجتماعية
، نعمل الأشياء بغرض التواصل والاتصال مع أولئك المحيطين بنا . يجب أن يكون ھدفك
ھو كسر المسافة بينك وبين جمھورك ، الذين ھم قاعدة دعمك في ھذه الحياة .
بعض تلك المسافة
ذھني وتنتج من كبرياءك وحاجتك للشعور بالتفوق ، والبعض الآخر مادي ، حينما تبعدك
طبيعة عملك عن الناس مع كثافة الروتين فيه . على أي حال ، فإن ما تبحث عنه ھو التفاعل
الأقصى الذي يتيح لك الشعور بالناس من داخلھم ، حيث تتطور من خلال آراءھم
وانتقاداتھم . إن العمل بھذه الطريقة يجعل ما تنتجه غير عاجز عن أحداث أثر لأنه
سينبثق من الداخل ، وھذا المستوى العميق من التفاعل ھو مصدر معظم الأعمال القوية و
ذات الشعبية العالية في الثقافة والتجارة ، والنمط السياسي المتصل فعلا بالواقع.
ما يأتي ھو أربع
استراتيجيات يمكنك استخدامھا لتقريب نفسك من ھذه القيمة العليا:
1 -
اسحق جميع المسافات:
ينحدر الفنان الفرنسي ھنري دي تولوز لوتريك من أحد
أقدم الأعراق الأرستقراطية في فرنسا ، ولكنه شعر في وقت مبكر بالغربة عن عائلته .
يرجع بعض ذلك إلى إعاقته الجسدية ، حيث توقفت ساقيه عن النمو في عمر الرابعة عشر
مضفية عليه مظھرا قزما ، وينبع البعض الآخر من طبيعته الحساسة .لذا فقد انكب على
الرسم كھوايته الوحيدة في الحياة . في عام 1882 عند بلوغه عمر الثامنة عشر ، انتقل
الى باريس بصحبة فنان مشھور يقع معرضه في مونتمارت ، من أجل دراسة البوھيمية وبعض
الأجزاء الطبيعية من المدينة . اكتشف دي تولوز ھناك عالما جديدا كاملا : المقاھي
وقاعات الرقص التي تديرھا العاھرات ، الفنانين المزيفين ، الراقصات ، مؤدو الشوارع
، وكل الشخصيات المشبوھة التي وجدت نفسھا منحدرة لھذه الزاوية . ربما بسبب غربته
الخاصة عن عائلته ، تآلف مع ھولاء المنبوذين . و بدأ يغمس نفسه تدريجيا أكثر فأكثر
في الحياة الاجتماعية لمونتمارت.
صادق العاھرات و
وظفھن كعارضات ، ساعيا لتجسيد جوھر حياتھن على اللوحات القماشية . وكان يعود إلى
صالات الرقص غالبا ويقوم بالرسم أثناء مشاھدتھه العروض ، كما شرب الخمر مع
المجرمين والمشاغبين الفوضويين الذين مروا بالمنطقة . لقد تشرب كل جانب في ھذا
العالم ، ومن ضمنه عادات الأغنياء الذين يأتون للمنطقة لأجل الترفيه و رؤية أحياء
الفقراء . الرسامين الآخرين مثل ديجاس و رينوار اللذين عاش كلاھما في مونتمارت ،
رسما الكثير من مشاھد الحياة ھناك ولكنھا كانت دائما مصحوبة بحس الابتعاد ، وكأنھم
غرباء يحدقون فيھا . أما دي تولوز لوتريك فقد كان مساھما نشطا أكثر منھما ، وبدأت
رسوماته ولوحاته تعكس ھذا الانغماس . و جذب عمله انتباھا أكبر من الجمھور.
ثم توج كل ذلك
في الملصقات التي صنعھا لصالة رقص( مولان روج )
كان أول وأشھر
ملصق من بينھم جميعا ، عبارة عن صورة فاضحة لراقصة تركل على ارتفاع عال جدا بحيث
يمكنك رؤية لباسھا الداخلي .كانت الألوان قوية ومتوھجة ، ولكن الأغرب من ھذا كله
ھي المساحة
المسطحة التي صنعھا ، حيث منحت الناظرين الإحساس وكأنھم على المسرح مع المؤدين ضمن
كل الحركة والاضواء البراقة . لم يصنع أحد شيئا مماثلا لھا من قبل. وعندما نشر
الملصق في المدينة ، فتن الناس به ، اذ بدا نابضا بالحياة من تلقاء نفسه . اتبع
ذلك بالمزيد والمزيد من الملصقات بمختلف الأشكال في مولان روج التي توصل معھا إلى
شروط تعاقدية جيدة ، مع صورة جمالية جديدة كليا تم تشكيلھا بواسطة
مزجه الكامل
والمتوازن بين الاشياء . وأصبحت أعماله رائجة بشدة.
افھم
ھذا : في ھذا اليوم
وھذا العصر ، لتصل إلى الناس يجب أن يكون لديك اتصال بحيواتھم الخاصة ، احباطاتھم
، تطلعاتھم ، و ما يثير استياءھم لتفعل
ذلك يجب أن تسحق أكبر قدر ممكن من المساحة التي تفصلك عن جمھورك. حيث تدخل أرواحھم
وتمتصھا من الداخل ، وتتبنى طريقتھم
في النظر إلى
الأمور . وحينما تعيد إنتاج ھذا في صورة ما من صور العمل ستنبثق منه الحياة . إن
الأثر الذي سيصدمك ويسعدك فيما بعد سيكون ذاته بالنسبة لھم . يتطلب الأمر درجة من
الجرأة و روح منفتحة ، فأنت لا تخشى من إعادة تشكيل شخصيتك بالكامل بواسطة ذلك
التفاعل الكثيف ، مفترضا مساواتك الكاملة بالجمھور ، و مانحا صوتا لأفكار الناس و
رغباتھم . وبالتالي فإن ما تنتجه سيتصل بھم عميقا بشكل طبيعي.
2 -
افتح قنوات غير رسمية للنقد والمراجعات :
عندما دخلت
اليانور روزفلت البيت الأبيض كسيدة أولى في عام 1933 ، كان الأمر مصحوبا بالكثير
من الخوف . إذ كان لديھا ازدراء للسياسات التقليدية ونوعية المواقف المنغلقة
القوية في ذلك الوقت ، وفي اعتقادھا أن سلطة زوجھا ستعتمد على علاقته بالناس الذين
انتخبوه . للخروج من ھذا الاحباط ، على الجمھور أن يشارك في الصراع و عدم الاقتصار
على
جذبه بالخطابات
والبرامج ، وحينما يشعرون بالمشاركة ، سيحضروا أفكارھم الخاصة وطاقاتھم إلى القضية
. كما خشيت أن تبتلع الطبيعة البيروقراطية للحكومة زوجھا ، إذ سيستمع إلى أعضاء
الخزانة والخبراء وستھبط درجة اتصاله بالعامة إلى القنوات الرسمية فقط كالتقارير ،
واستطلاعات الرأي ، والدراسات . ھذه العزلة ستمھد لنھايته ، قاطعة إياه
عن قاعدة دعمه .
ومن دون أي منصب رسمي في الإدارة ، قررت اليانور أن تعمل بنفسھا على إنشاء قنوات
غير رسمية للجمھور.
سافرت إلى جميع
أنحاء البلاد ، حتى المدن الداخلية والمناطق الريفية النائية مستمعة إلى شكاوى
الناس واحتياجاتھم ، واحضرت العديد منھم معھا لمقابلة الرئيس واعطاءه انطباعات
مباشرة عن ( الصفقة الجديدة ) . بدأت في كتابة عمود في ( رفيقة المنزل للمرأة ) ،
التي نشرت فيھا فوق
عنوان "
أريدك أن تكتبني " ، وقد استخدمت عمودھا كنوع من منتدى النقاش للجمھور
الأمريكي ، لتشجيع الناس على المشاركة بانتقاداتھم . استلمت خلال ستة أشھر ما يزيد
على 300 الف رسالة ، و عملت مع موظفيھا على إجابة كل رسالة منھا . كما فتحت قنوات
أخرى للتواصل مثل زرع أفكارھا في مختلف برامج الصفقة الجديدة ، التي ستؤدي لاحقا
إلى ارتفاع نسبة التصويت لصالحھا من قبل الجماھير المستفيدة من ھذه البرامج
مع إحلال ھذا
النظام ، بدأت برؤية نمط متصاعد تدريجيا من الإستياء من( الصفقة الجديدة ) ، فكانت
تترك كل يوم ملاحظة في حقيبة زوجھا لتذكيره بھذه الانتقادات والحاجة لأن يكون أكثر
استجابة . بدأت ببطء تؤثر على سياسته أيضا عن طريق دفعه الى العمل على الجوانب
الأخرى ، مثل قيامه
بإنشاء الإدارة
الوطنية للشباب التي ستضم اليافعين بشكل فاعل في الصفقة الجديدة . بمرور الوقت
أصبحت اليانور القناة غير الرسمية لمجموعات النساء والأمريكيين الأفارقة ، وعملت
على تعزيز دعم الرئيس لھاتين الفئتين الرئيسيتين من الناخبين .كل ذلك العمل تطلب
قدرا كبيرا من الشجاعة ، حيث تعرضت للسخرية باستمرار على اتجاھھا الناشط وكان قد
مضى وقت طويل
قبل أن تفكر أية سيدة أولى في القيام بھذا الدور .
لعب عملھا دورا
ھاما في قدرة فيودور روزفلت على المحافظة على صورته كرجل الشعب.
وفقا لما أدركته
اليانور ، تميل كل جماعة إلى الانغلاق على ذاتھا عن العالم الخارجي ، ذلك أنه من
الأسھل التصرف بھذه الطريقة . ومن داخل ھذه الفقاعة ، يخدع الناس أنفسھم بالاعتقاد
أن لديھم نظرة صحيحة حول ما تشعر به جماھيرھم أو العامة ،إذ يقرأون الصحف ،
والتقارير المتنوعة ،
والاحصائيات
.... الخ . إلا أن جميع ھذه المعلومات أقرب إلى السطحية ويتم انتقاؤھا بدقة .
يختلف الأمر كثيرا عندما تتعامل مع الناس مباشرة وتستمع بنفسك لانتقاداتھم وآراءھم
، حيث تكتشف السبب الكامن خلف استياءھم والفروقات الدقيقة في كيفية تأثير عملك
عليھم . كما ستطفو مشاكلھم على السطح ، الأمر الذي يجعل من أية حلول تأتي بھا أكثر
صلة بالواقع.
فأنت تصنع
ديناميكية ذھاب وإياب يمكنك بموجبھا تسخير أفكارھم ، ومشاركتھم وطاقتھم لصالحك .
إذا كان لا بد من المحافظة على مسافة ما بينك وبين الجمھور بسبب طبيعة جماعتك أو
مشروعك ، فالتصرف الأمثل ھو فتح أكبر عدد ممكن من القنوات الغير رسمية من أجل على
الحصول على مراجعاتك مباشرة من المصدر.
3 -
أعد الاتصال بقاعدتك:
نحن نرى الآتي
يحدث مرارا وتكرارا ، شخص يحقق نجاحا عندما يكون أصغر سنا بسبب امتلاكه روابط
عميقة مع جماعة معينة ، حيث يأتي ما ينتجونه ويقولونه من مكان حقيقي ويتصل بالناس
. ثم يفقدون ھذه الصلة تدريجيا ويترتب على النجاح خلق مسافة ما ، إذ يقضون معظم
أوقاتھم مع أشخاص ناجحين آخرين . بشكل واع أو لا واع ، يشعرون بأنھم مبتعدين
وبمستوى أعلى من
جمھورھم ، وعندئذ تكون قد تلاشت الكثافة من عملھم واختفى معھا أي نوع من الأثر
الحقيقي على العامة.
صارع الناشط
الأسود المشھور مالكوم إكس ھذه المشكلة بطريقته الخاصة . كان قد قضى شبابه
كمحتال شوارع داھية ، وانتھى به الأمر في السجن بتھم تتعلق بالمخدرات . ھناك اكتشف
الديانة الإسلامية من خلال ممارسة المسلمين لھا ، فتحول اليھا فورا . و عند خروجه
من السجن ، أصبح متحدثا بارزا على مستوى عال للجماعة . إلا أنه انقطع فجأة عن
تمثيل الأمة الإسلامية وحول نفسه إلى عضو قيادي في حركة القوة السوداء المتنامية
في الستينيا ت.
خلال ھذه
المراحل المتعددة من حياته ، شعر مالكوم بالغضب والإحباط الشديدين من مقدار الظلم
الذي يتعرض له الأمريكيين السود ، والذي اختبر الكثير منه في مقتبل عمره. قام
بتوجيه ھذه المشاعر إلى خطابات قوية ، وكأنه يمنح صوتا للغضب الذي يشعر به العديد
ممن عاشوا في أعماق الأحياء الخاصة بالسود في أمريكا ( الغيتوات ) . ومع ازدياد
شھرته
أكثر فأكثر أحس
ببعض القلق ، ذلك أن القادة الآخرين الذين عرفھم في المجتمع الأسود بدأوا يعيشون
بصورة جيدة ،لا يسعھم إلا الشعور ببعض المسافة والفوقية على ھؤلاء الذين يفترض بھم
تمثيلھم ، كأب يرعى طفلا.
كره مالكوم تسلل
ھذا الشعور بالأبوية إليه ، ففي اعتقاده انه لا يمكن لأحد مساعدة الناس إلا أنفسھم
وأن دوره يقتصر على ألھامھم للتحرك وليس التصرف باسمھم . ومن أجل تحصين ذاته ضد
ھذه المسافة النفسية ، زاد اتصالاته بمحتالي الشوارع ومحرضي الشغب ، وھم نوعية
الناس من أدنى الطبقات والتي يتجنبھا معظم القادة بشدة . أولئك الذين يتحدرون من
قلب
الغيتو الذي ھو
قاعدة قوته ، وعليه أن يعيد الاتصال بھا.
أرغم نفسه على
قضاء وقت أكثر مع ھولاء الذين عانوا من حالات ظلم مؤخرا ، مع امتصاص تجاربھم وحس
الغضب فيھا . ينضج معظم الناس مع التقدم في العمر ، ولكنه سيحتفظ بغضبه والعواطف
الشديدة التي دفعته منذ البداية واسبغت عليه الكاريزما.
إن الھدف من
الاتصال بالعامة ليس استرضاء الجميع أو إشھار نفسك لأكبر قدر ممكن من الجمھور ،
فالاتصال ھو قوة الكثافة وليس المساحة أو الأرقام . في محاولتك لنشر دعوتك ،
استبدل الجودة بالكم وستدفع ثمنا لھذا . فأنت تمتلك قاعدة من القوة جماعة من الناس
سواء كانت صغيرة أم كبيرة والتي تعرف بك ، وھذه القاعدة ذھنية أيضا ، وھي مؤلفة من
أفكارك حينما
كنت أصغر سنا
والتي ارتبطت بعواطف قوية الھمتك لاتخاذ مسار معين . يؤدي النجاح و مرور الزمن إلى
إضعاف حس الاتصال لديك بھذه القاعدة المادية والذھنية ، حيث تصاب بالضياع وتتلاشى
قواك الخاصة بالإتصال . اعرف قاعدتك واعمل على إعادة الاتصال بھا ، وابق روابطك
بھا حية ،
كثيفة ، وحاضرة
. عد إلى أصولك التي ھي مصدر كل الإلھام والقوة.
4 -
اصنع المرآة الاجتماعية:
يمكننا التصور
بأننا نتمتع بكل أنواع القوى والقدرات حينما نكون لوحدنا وفي داخل عقولنا ، حيث
يمكن لكبريائنا أن يتضخم لأي حجم . ولكن عندما ننتج شيئا يعجزعن إنتاج الأثر
المتوقع ، نواجه فجأة حدا معينا ، فنحن لسنا رائعين أو ماھرين كما تخيلنا . يكون
اتجاھنا في ھذه الحالة ھو لوم الآخرين على عدم فھم عملنا أو اعتراض طريقنا . إذ
يصبح كبرياءنا مجروحا وحساسا ، وتبدو الانتقادات القادمة من الخارج كاعتداء شخصي
لا يمكننا تحمله . لذا نميل إلى الانغلاق على أنفسنا مما يضاعف من صعوبة نجاحنا في
المغامرة التالية.
بدلا من التقوقع
، اعتبر برود الناس نحو فكرتك وانتقاداتھم كنوع من المرآة يحملونھا باتجاھك . وھي
مرآة حسية تحولك إلى مادة ، تستطيع بواسطتھا رؤية نفسك كما يراك الآخرين.
حيث لا يمكن
لكبرياءك أن يحميك فالمرآة لا تكذب ، وأنت تستخدمھا لتصحيح مظھرك وتجنب السخرية .
تقوم آراء الآخرين بوظيفة مماثلة ، فأنت ترى عملك من داخل عقلك وھو مغطى بكل أنواع
الرغبات والمخاوف ، أما ھم فيرونه كمادة ، كما ھو بالضبط ، ومن خلال انتقاداتھم
يمكنك أن تقترب أكثر من ھذه الرؤية الموضوعية وتطور ما تعمله تدريجيا مع الاحتراس
من آراء الأصدقاء الذين قد تكون أحكامھم مشوبة بالحسد أو المجاملة.
إذا لم يتصل
عملك بالآخرين اعتبر ذلك خطأك الخاص ، فأنت لم تجعل أفكارك واضحة بما فيه الكفاية
وقد فشلت في الاتصال عاطفيا بالجمھور . ھذا ما يخفف عنك أي غضب أو مرارة ناتجة عن
انتقادات الناس ، فأنت ببساطة تصحح عملك من خلال المرآة الاجتماعية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق