22‏/07‏/2019

القانون الخمسون 6

القانون الخمسون 6
الفصل الثاني
امتلك كل شيئ - العصامية

عندما تعمل لصالح الآخرين فإنك تكون تحت رحمتھم . فھم يمتلكون عملك وبالتالي يمتلكونك ، وتصبح روحك الإبداعية مسحوقة.
ما يبقيك في مثل ھذه الأوضاع ھو خوفك من تحمل المسؤولية بنفسك عن نجاحك أو فشلك . بدلا من ذلك عليك أن تشعر بخشية أكبر مما سيحدث لك اذا استمررت متكلا على الآخرين في الحصول على السلطة.
يجب أن يكون ھدفك في كل مناورة تقوم بھا في الحياة الامتلاك ، أن تصنع زاوية لنفسك . وعندما تفعل ذلك فلك أن تخسر ، حيث تكون متحفزا و مبدعا بشكل أكثر و أشد حيوية .
أعظم قوة في الحياة ھي أن تكون معتمدا على ذاتك.



إمبراطورية المحتالين:

طبيعة الإنسان مصممة على نحو لا تستطيع معه السمو بشخص عاجز . وعلى الرغم من أنه يمكنھا أن تشفق عليه ولكن حتى ھذا لا يستمر طويلا اذا لم تظھر علامات القوة.   -فريدريك دوجلاس
بعد قضاءه فترة محكومية قصيرة في برنامج بروكلين لإعادة التأھيل بسبب تھمته الأولى كتاجر مخدرات ، عاد كرتس جاكسون إلى الشوارع ،
 و عمليا فقد عاد إلى المربع الأو ل.
نفذت جميع الأموال التي اكتسبھا خلال الأشھر القليلة الماضية كمحتال زاوية وكان زبائنه المخلصين قد وجدوا تجار آخرين ليشتروا منهم.
عرض صديق لكرتس يديرعمليات كبيرة لسحق الكوكايين عليه عملا في تعليب المخدرات المسحوقة و سيدفع له أجر يومي لا بأس به . قبل الأخير العرض تحت وطأة حاجته الشديدة للمال . بعد فترة ربما يمنحه صديقه صلاحية إدارة جزء من العملية مما يسمح له بإعادة تأسيس تجارته الخاصة
لكنه أدرك منذ اليوم الأول في العمل أن ھذا كله كان غلطة.
كان يعمل مع مجموعة تابعة لمعلبين آخرين الذين ھم جميعھم من التجار السابقين . لقد تم استئجارھم الآن كمساعدين : عليھم أن يلتزموا بالحضور في وقت محدد ويظھروا الطاعة لأصحاب عملھم . لم يفقد كرتس ماله فقط ولكن حريته أيضا ، وقد جاء ھذا الوضع الجديد مناقضا لكل دروس النجاة التي تعلمھا في حياته القصيرة حتى تلك اللحظة.
لم يعرف كرتس والده ابدا و قتلت والدته عندما كان في الثامنة من العمر ، و تولى جديه بشكل أساسي تربيته . كانا محبين ولطيفين ولكن لديھما الكثير من الأطفال ليرعوھم ولا يوجد وقت كاف لمنح اھتمام فردي لأيا منھم . إذا احتاج للحصول على أي نوع من التوجيه أو النصح لا يجد أحدا في حياته
يمكنه الرجوع إليه . و في الوقت ذاته عندما يرغب في الحصول على شيء جديد كالملابس مثلا ، فلم يكن يشعر بالراحة عندما يطلب من جديه ذلك لكونھما لا يملكان ما يكفي من الما ل.
كل ذلك يعني أنه وحيد اصلا في ھذا العالم ولم يكن باستطاعته الاتكال على أي أحد لمنحه أي شيء . كان عليه أن يدافع عن نفسه بنفسه. انفجر محل سحق الكوكاكيين في الشوارع في منتصف الثمانينيات وتغير كل شيء في العلاقات داخل منطقته بما فيھم ھو ذاته .
 في الماضي كانت العصابات الكبيرة ھي المسيطرة على تجارة المخدرات ، ولكي تنضم إليھم يجب أن تكون متوافقا مع نمطھم وأن تقضي سنوات من أجل الصعود ضمن تسلسلھم.
إلا أن سحق الكوكاكيين أسھل في العمل ، بالإضافة إلى ارتفاع الطلب عليه وباستطاعة أي شخص بصرف النظر عن سنه أن يدخل اللعبة دون حاجة لرأس مال ، حيث تستطيع العمل لحسابك وتحقيق أرباح جيدة.
بالنسبة لھؤلاء الذين ھم على شاكلة كرتس ممن ترعرعوا دون إشراف ابوي مع ازدراءھم للسلطة ، كان العمل كمحتال زاوية ھو الخيار الأمثل لھم ، حيث لا توجد العاب سياسية ولا رؤوساء يخضعون لھم . وعليه فقد انضم كرتس سريعا إلى المجموعة المتنامية لمحتالي الشوارع المتعاملين في المخدرات في شوارع ساوث سايد كوينز.
بمضيه أكثر في اللعبة ، تعلم درسا أساسيا . المشاكل التي كان يواجھھا محتالي الشوارع لا حد لھا : المخبرين السريين والمتعاملين المنافسين الماكرين الذين يتحايلون لسلب ما لديك .
إذا كنت ضعيفا وبحثت عن آخرين لمساعدتك أو عكاز لتتكأ عليه كالمخدرات أو الكحول فھذا ھو طريق الموت . ففي نھاية الأمر لن يأتي صديقك كما وعدك أو سيكون دماغك مشوش جدا على إثر المخدرات ولن تستطيع اكتشاف أي خيانة.
الطريق الوحيد للنجاة ھو الإقرار بأنك تعمل بمفردك ولحسابك ، أن تتعلم كيف تتخذ قراراتك الخاصة وتثق بتقديرك . لا تطلب ما تريد بل خذه واعتمد على ذكائك فقط.
إذا كان المحتال الذي ولد في حي ضيق وسط بيئة قذرة يمتلك إمبراطورية ، فإن الزاوية التي عمل عليھا أو العلاقات التي تولى إدارتھا لا تقتصر على كونھا أشياءا مادية فقط بل إنھا تمثل وقت المحتال ، طاقته ، مخططاته الإبداعية وحريته في التحرك متى أراد . إذا بقي مسؤولا عن ھذه الإمبراطورية
سيجمع الكثير من المال ويتطور ، أما إذا بحث عن مساعدة أو تورط في الألعاب السياسية لآخرين فإنه يتخلى عن كل ما جناه . في ھذه الحالة ستفاقم الأوضاع السيئة للبيئة من وضعه وينتھي به الأمر للعمل كمعلب أو أجيرا لدى غيره.
أدرك كرتس أثناء يومه الأول في العمل كمعلب أن ذلك يمتد إلى أبعد من مجرد ركود عرضي في حياته احتاج فيه إلى بعض المال السريع ، أنه نقطة انتكاس . نظر إلى المعلبين الآخرين : كانوا جميعا يعانون من ركود الفرص ، القوة ، السجن و الوقت .... الخ ، لقد أصبحوا خائفين ومتعبين حتى النخاع.
أرادوا الحصول على الراحة و أمان الراتب وسيبقى ھذا نمطا لبقية حياتھم بسبب خوفھم من مواجھة تحديات الحياة . باتوا يعتمدون على الآخرين لمساعدتھم . قد يستطيعون الاستمرار ھكذا عددا من السنوات ولكن يوم الطرد سيأتي حتما ، عندما لا تكون ھناك المزيد من الوظائف وسيكونون قد نسوا كيف يعتمدون على أنفسهم.
كان مضحكا لكرتس أن يتصور أن الرجل الذي يوظفه حاليا للتعليب سيساعده يوما ما في إقامة متجره الخاص . لا يفعل أصحاب الأعمال أشياء كھذه حتى لو كانوا أصدقائك ، فھم يفكرون في أنفسھم ويقومون باستغلالك.  عليه أن يخرج الآن قبل أن تفلت ھذه الإمبراطورية من يديه ويصبح مجرد محتال سابق آخر يعيش على التبرعا ت.
دخل سريعا في وضعية الاحتيال الكامل واستكشف طريقه خارج ھذا الفخ . في نھاية اليوم الأول عقد صفقة مع المعلبين ، وذلك بأن يوزع الأجرة اليومية عليھم جميعا مقابل أن يعلمھم كيف يضعوا كمية أقل من المسحوق في كل كبسولة مع جعلھا تبدو ممتلئة كان يفعل ذلك في الشارع لسنوات ، و عليھم بعدئذ أن يعطوا كرتس فائض المسحوق من كل كبسولة .
 وفي خلال أسبوع راكم كميات من المخدرات تكفي لعودته إلى الاحتيال في الشوارع وفقا لشروطه ، وبعدھا أقسم لنفسه انه لن يعمل تحت إمرة شخص آخر مرة أخرى ابدا وإلا فليمت.

تمكن كرتس بعد سنوات (صار يعرف في ھذه المرحلة ب 50 سنت ) من الانضمام لعالم الموسيقى . وبعد حملة مكثفة لاسطوانة غنائية منوعة والتي لاقت نجاحا محليا في شوارع نيويورك ، جذب انتباه أيمينيم الذي ساعده على عقد صفقة مربحة ضمن العلامة الخاصة به في إسطوانات انترسكوب
عند إطلاق ألبومه الأول كان قد قرر إما أن يصبح غنيا أوفليمت وھويحاول  كان ھناك الكثير من العمل للقيام به: تسويق ، حملة ، فيديوھات وأعمال فنية أخرى ، وعليه فقد ذھب إلى شركة انترسكوب في لوس أنجلوس للعمل على ھذه المشروعات . ولكنه كلما قضى وقتا أطول في مكاتبھم البسيطة
، كلما ازداد لديه الشعور بأنه في مواجھة نقطة انتكاس أخرى في حياته.
كانت اللعبة التي يلعبھا ھؤلاء المدراء الموسيقيين بسيطة: انھم يمتلكون موسيقاك و ما يزيد على ذلك بكثير ، حيث يرغبون في تعليب الفنان ليكون بما يوافق ھواھم والتحكم في القرارات الرئيسية المتعلقة بالتسجيلات لغنائية والظھور الإعلامي . وفي المقابل يغرقونه بالمال والتشجيع . إنھم يخلقون شعورا بالعبودية ، فبدون امكانياتھم الضخمة خلفك ستكون عاجزا عن مواجھة العالم التجاري المتنافس بشراسة .في الواقع إنك تقايض المال بالحرية . و إذا استسلمت فعليا لمنطقھم وأموالھم فإنك تعتبر قد انتھيت . انت الان ليس إلا معلب يؤدي عملا بأجر مرتفع.
وعليه ، دخل (فيفتي) في وضعية الاحتيال الكامل من أجل استعادة امبراطوريته ، كما فعل من قبل . وضع خلال فترة قصيرة خططا لإطلاق فيديواته بماله الخاص وجاء بخطط تسويق خاصة به . بدا الأمر بالنسبة لانترسكوب توفيرا لمالھم و مواردھم ولكنه كان لفيفتي بمثابة طريقة خفية لاستعادة سيطرته على صورته . كذلك أنشأ علامة تجارية موسيقية لتمييز نمطه المميز من بين الفنانين الآخرين في انترسكوب واستعمل ھذه العلامة لتعليم نفسه كافة جوانب الإنتاج الفني ، و دشن موقعه الالكتروني الخاص حيث يستطيع اختبار الوسائل الجديدة لتسويق موسيقاه . لقد قلب ديناميكية التبعية الموجودة حوله باستخدام انترسكوب كمدرسة لتعليمه كيف يقوم بالأشياء بنفسه.
كل ما سبق ھو جزء من نھاية اللعبة التي رسمھا في ذھنه.
سينھي عقده مع انترسكوب ، وبدلا من إبرام عقد جديد سيعلن انفصاله ويصبح اول فنان ينشئ علامته الموسيقية الحرة.
انطلاقا من مركز قوة كھذا لن يكون ھناك المزيد من المدراء ليسترضيھم وبامكانه توسيع امبراطوريته بشروطه الخاصة.
إنھا تشبه الحرية التي جربھا من قبل في الشوارع ولكن على نطاق عالمي.

0 التعليقات: