القانون الخمسون 15
الاتجاه الجريء :
50 سنت ھو شخص
صنعته . قريبا سيحين وقت تدميره ليصبح شخصا آخر.
50 سنت
كنا في مرحلة
الرضاعة محاطين بأشياء كثيرة غير مألوفة وغير متوقعة : اشخاص يتصرفون بطرق لا معنى
لھا وأحداث يصعب معرفتھا . كان ھذا مصدرا لقلق عظيم ، حيث أردنا أن يكون العالم
المحيط بنا أكثر ألفة . الأشياء التي كانت غير متوقعة كثيرا ارتبطت في أذھاننا
بالظلام والفوضى
، شيء يتم الفزع
منه . انطلاقا من ھذا الخوف ، تولدت رغبة عميقة بداخلنا إلى أن نكتسب بطريقة ما
سيطرة أعظم على الناس والأحداث التي تفلت من قبضتنا . الطريق الوحيد الذي نعرفه
لفعل ھذا ھو القبض والحمل ، الدفع والسحب ، و التعبير عن ارادتنا بشكل مباشر قدر
الإمكان لجعل الناس يفعلون ما نريده . على مر السنوات يمكن لذلك أن يصبح نمط سلوك
لمدى الحياة ،
وھو أكثر رقة في البالغ الا انه طفولي في جوھره.
كل فرد نصادفه في الحياة مميز بطاقته أو طاقتھا الخاصة ، رغباته
، وتاريخه . ولكن بسبب رغبتنا في المزيد من السيطرة على الناس ، فإن خطوتنا الأولى
عموما ھي أن نحاول دفعھم للخضوع لأمزجتنا وأفكارنا والتصرف بطرق مألوفة ومريحة لنا
. كل ظرف في الحياة مختلف ، إلا أن ذلك يتسبب بإثارة الخوف القديم من الفوضى
والمجھول . إذ انه لا يمكننا عمليا جعل الأحداث متوقعة ولكننا نستطيع داخليا خلق
إحساس بسيطرة أعظم بواسطة التمسك بأفكار ومعتقدات معينة تمنحنا حسا بالتناسق
والنظام
ھذا النھم
للسيطرة شائع لدينا جميعا ، وھو أساس للكثير من المشكلات في الحياة . التمسك بصحة
ذات الأفكار والطرق لعمل الأشياء يصعب علينا أكثر التكيف مع التغييرات المحتومة .
إذا حاولنا السيطرة على حالة ما بنوع من السلوك العدواني سيبقى ھذا خيارنا الوحيد
ولن نستطيع الإستسلام أو التكيف أو انتظار وقتنا ، مما يعني افلات الأمر من قبضتنا
وھو ما نخشاه . يصعب امتلاك مثل ھذه الخيارات الضيقة في حل المشكلات ، كما أن
إرغام الناس ليفعلوا ما نريده يجعلھم مستاءين وسيقومون لا محالة بتدميرنا أو
الوقوف ضد رغبتنا .
ما نجده ھو أن
محاولة تعطيل سير العالم من حولنا يأتي بأثر عكسي ، كلما حاولنا التحكم بقوة في
الأشياء في بيئتنا المباشرة ، من المرجح أننا سنفقد السيطرة عليھا على المدى
الطويل.
يميل معظم الناس
إلى الاعتقاد بأن ھذه الأشكال من السيطرة المباشرة ھي السلطة نفسھا ، شيئا يبرز
القوة ، التناسق ، والشخصية . ولكن القضية في الحقيقة تتعلق بعكس ذلك ، فما سبق ھي
صور بدائية وضعيفة من السلطة وتنبثق من الخوف المتجذر عميقا من التغيير والفوضى .
قبل أن يتأخر الوقت كثيرا ، انت بحاجة إلى التحول إلى مفھوم أكثر تطورا وجرأة
للسلطة ، ذاك الذي يؤكد على الإنسيابية.
تتمتع
الحياة بسرعة وايقاع معين ، حيث تتحرك موجة لا نھائية من التغيرات بسرعة أو ببطء .
عندما تحاول إيقاف ھذا التدفق ذھنيا أو جسديا عن طريق التمسك بالأشياء أو الأشخاص
فإنك تتأخر وتصبح تصرفاتك غير ملاءمة ، لأنھا منقطعة الصلة بالظروف الحاضرة . إنه
شبيه بالتحرك ضد تيار ما بدلا من استخدامه لدفعك إلى الأمام.
الخطوة الأولى و
الأكثر أھمية ھي التخلي عن ھذه الحاجة إلى السيطرة بمثل ھذه الوسيلة المباشرة . ھذا
يعني أنك لن ترى بعد الآن لحظات التغير والفوضى في الحياة كشيء يجب الخوف
منه ولكن كمصدر للبھجة الفرص.
. في الوضع
الاجتماعي الذي ترغب فيه باكتساب قدرة التأثير على الناس
، الخطوة الأولى
ھي أن تتقيد بطاقاتھم المختلفة . حيث ترى ما يظھرونه وتتكيف معه ، ثم تجد طريقا
لتحويل طاقتھم باتجاھك . أي أن تتخلى عن الوسيلة السابقة المتمثلة في عمل الأشياء
اولا ثم تكييف استراتيجياتك مع التدفق المستمر للحاضر.
ما يبدو لنا
فوضويا ھو غالبا مجرد سلسلة من الأحداث الجديدة و التي يصعب معرفتھا . لن تستطيع
أن تجد منطقا في ھذه الفوضى الواضحة اذا كنت متفاعلا وخائفا وتحاول إخضاع كل شيء
لأنماط موجودة في عقلك انت فقط . عبر امتصاص المزيد من ھذه اللحظات الفوضوية بروح
منفتحة ، تستطيع أن تلمح نمطا ما أو سبب يفسر لماذا تحدث وكيف يمكنك استغلالھا.
كجزء من ھذا
المفھوم الجديد ، انت تستبدل الرموز القديمة الثابتة للسلطة كالصخرة و شجرة البلوط
..... الخ بالماء: وھو العنصر الذي يتمتع بأعظم قوة في الطبيعة بأسرھا.
يستطيع الماء
التكيف مع أي شيء في طريقھ ، ينساب حوله أو فوق اية عقبة ، بل إنه ينحت الصخر
بمرور الوقت . ھذا الشكل من السلطة لا يعني الإستسلام ببساطة لما تجلبه لك الحياة
وتنسحب ، ولكن يقصد به أن توجه تدفق الأحداث في اتجاھك متخليا عن القوة المضافة
على أفعالك مما يمنحك قوة دفع عظيمة.
في أماكن مثل
الأحياء الفقيرة ، يكون مفھوم التدفق أكثر تطورا من أي مكان آخر . في مثل ھذه
البيئة توجد العقبات في كل مكان ، وھولاء الذين يعيشون ھناك لا يستطيعون التحرك
وكسب العيش بصورة جيدة فيما وراء حدود المنطقة . إذا حاولوا التحكم في الكثير جدا
من الأشياء وأصبحوا عدوانيين فإنھم يميلون إلى جعل حياتھم أصعب وأقصر ، فما
يرتكبونه
من عنف يعود
إليھم مرة أخرى بقوة مماثلة.
مع وجود الكثير
من العوائق المادية ، تعلم المحتالون أن يطوروا حرية ذھنية . فھم لا يستطيعون أن
يزعجوا عقولھم بكل ھذه العقبات . حيث فكروا في الاستمرار في الحركة: كصنع مشاريع
جديدة ، احتيالات جديدة ،
و اتجاھات جديدة
في الموسيقى والملابس . ھذا ھو سبب تغير التوجھات سريعا في المنطقة والتي تظھر
غالبا كمحرك للأنماط الجديدة في الثقافة على نطاق واسع . على المحتالون عند
تعاملھم مع الناس أن يتكيفوا مع كل اختلافاتھم ، مرتدين القناع الملائم لكل حالة ،
مع تبديد شكوك كلا منھم . فالمحتالون ھم( حرباوات ماھرة ) . إذا استطاعوا الاحتفاظ
بھذه المرونة
الذھنية
والاجتماعية فإنھم يشعرون بدرجة من الحرية وراء جميع القيود المادية لبيئتھم.
انت ايضا تواجه عالما
مليئا بالعقبات والحدود ، بيئة جديدة حيث المنافسة فيھا أكثر عالمية وتعقيدا وشدة
قياسا بأي وقت آخر . كالمحتال ، عليك ان تجد حريتك من خلال مرونة أفكارك وابداعك
المستمر . ھذا يعني أن يكون لديك استعداد كبير للتجريب ، و تجربة عدة مشروعات دون
الخوف من
الفشل ھنا أو
ھناك . ھذا يعني أيضا البحث الدائم من أجل تطوير أنماط جديدة ، اتجاھات جديدة
يمكنك اتخاذھا ، وتحرير نفسك من أي عجز قد يأتي مع التقدم في السن .
في عالم مليء
بالأشخاص ذوي التفكير التقليدي للغاية ممن يحترمون
الماضي البعيد
كثيرا جدا ، فإن مرونة كھذه ستترجم لا محالة إلى سلطة ومجالا أوسع للحركة.
كل الشخصيات
الجريئة في التاريخ أظھرت استعدادا عظيما لإدارة الفوضى واستخدامھا لأھدافھم . لا
يمكن إيجاد مثال على ذلك أعظم من ماوتسي تونغ . كانت الصين في عام 1920
دولة على حافة تغيير راديكالي (أصولي ) ، حيث انھار أخيرا النظام الإمبراطوري
القديم الذي خنقھا لقرون. إلا أن الخوف من انطلاق العنان للفوضى في ھذه الدولة
الشاسعة جعل الطرفين
المتنافسين على الحكم - الوطنيين والشيوعيين - يقررون محاولة احتواء الوضع بأفضل
ما يستطيعون.
عرض الوطنيون
ذات النظام الإمبراطوري القديم الطراز بواجھة جديدة ، بينما قرر الشيوعيون أن
يفرضوا نموذج لينين على الصين وشنوا ثورة بروليتارية تركزت في المناطق العربية ،
وقد تحكمت في المدن الرئيسية للدول مع فرض الالتزام الصارم بعقيدة الحزب بين
اتباعھا . عمل ھذا الامر جيدا في الاتحاد السوفييتي - تأسيس نظام في فترة قصيرة من
الزمن - ولكن لا
علاقة لذلك بالصين : أخذت ھذه الاستراتيجية بحلول نھاية العقد تفشل بشكل بائس .
عندما أصبحت الأمور على حافة النھاية ، لجأ الشيوعيون إلى ماو الذي كان لديه مفھوم
مختلف كليا عما يجب عمله
نشأ ماو في قرية
صغيرة وسط سكان الريف الشاسع من الفلاحين . كجزء من تربيتھه ، كان قد انغمر في
النظام العقائدي القديم للطاوية ، الذي يرى بان التغير ھو جوھر الطبيعة والخضوع له
ھو مصدر السلطة كلھا . وفقا للطاوية ، فإنك في النھاية تكون أقوى بسبب تمتعك
بليونة تسمح لك بلانحناء والتكيف . لم يكن ماو خائفا من الحجم الشاسع للصين
وسكانھا
، حيث أن الفوضى
التي قد تظھر ستصبح ببساطة جزءا من استراتيجيته . كانت فكرته تقضي بالحصول على
مساعدة الفلاحين ، وعلى ذلك يستطيع الجنود الشيوعيون الاختفاء في الريف كالسمك في
الماء. لن يھجم على مراكز المدن أو يحاول احتلال أي موضع في الدولة . بدلا من ذلك
سيحرك الجيش كقوة ضبابية تھجم ثم تختفي ، لن يعرف العدو إطلاقا من أين جاءت أو ما
كان عليه الأمر . سيبقى جيش العصابات في حركة مستمرة لا تتيح
للخصم مساحة
للتنفس ومانحة اياه حسا بالفوضي .
أما الوطنيين
فقد جسدوا المدرسة القتالية المقابلة ، إذ كانوا تقليديين حتى النخاع . عندما أطلق
ماو العنان أخيرا لھذا النوع الجديد من الحرب عليھم لم يستطيعوا التأقلم معھا .
فقد تمركزوا في المواقع الرئيسية بينما حاصرھم الشيوعيون على مساحات شاسعة من
الصين . كانت سيطرة الوطنيين مقتصرة على عدد قليل من المدن ثم سرعان ما انھاروا
كليا في واحدة
من أبرز
التحولات السريعة في التاريخ العسكري.
افھم
ھذا : لا يتعلق
الأمر فقط بوجوب مرونة ما تفعله ولكن أيضا بكيفية عملك للأشياء . إنھا
استراتيجياتك و وسائلك في حل المشكلات والتي يجب تكييفھا دائما وفقا للظروف.
الاستراتيجية
ھي جوھر سلوك الإنسان والجسر الذي يصل بين الفكرة وتحقيقھا في الواقع . كثيرا جدا ما تتجمد ھذه الإستراتيجيات وتصبح عادات بسبب قيام الناس
بالتقليد الأعمى لما ثبت نجاحه سابقا . عبر إبقاء استراتيجياتك مواكبة للحظة يمكنك
أن تكون وكيلا للتغيير ، الشخص الذي يكسر تلك الطرق الميتة للتصرف مكتسبا قوة
ھائلة في ھذه العملية .
معظم الناس في
الحياة متحفظين و سھلي التوقع مما يجعلھم أھدافا سھلة ، استراتيجياتك المرنة
والغير متوقعة ستقودھم للجنون . فھم لا يستطيعون التنبؤ بخطوتك التالية أو معرفة
حقيقتك وھذا ما يعد كافيا ليستسلموا أو ينھاروا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق