22‏/07‏/2019

القانون الخمسون 15

القانون الخمسون 15

الاتجاه الجريء :
50 سنت ھو شخص صنعته . قريبا سيحين وقت تدميره ليصبح شخصا آخر.
50 سنت
كنا في مرحلة الرضاعة محاطين بأشياء كثيرة غير مألوفة وغير متوقعة : اشخاص يتصرفون بطرق لا معنى لھا وأحداث يصعب معرفتھا . كان ھذا مصدرا لقلق عظيم ، حيث أردنا أن يكون العالم المحيط بنا أكثر ألفة . الأشياء التي كانت غير متوقعة كثيرا ارتبطت في أذھاننا بالظلام والفوضى
، شيء يتم الفزع منه . انطلاقا من ھذا الخوف ، تولدت رغبة عميقة بداخلنا إلى أن نكتسب بطريقة ما سيطرة أعظم على الناس والأحداث التي تفلت من قبضتنا . الطريق الوحيد الذي نعرفه لفعل ھذا ھو القبض والحمل ، الدفع والسحب ، و التعبير عن ارادتنا بشكل مباشر قدر الإمكان لجعل الناس يفعلون ما نريده . على مر السنوات يمكن لذلك أن يصبح نمط سلوك
لمدى الحياة ، وھو أكثر رقة في البالغ الا انه طفولي في جوھره.
كل فرد نصادفه  في الحياة مميز بطاقته أو طاقتھا الخاصة ، رغباته ، وتاريخه . ولكن بسبب رغبتنا في المزيد من السيطرة على الناس ، فإن خطوتنا الأولى عموما ھي أن نحاول دفعھم للخضوع لأمزجتنا وأفكارنا والتصرف بطرق مألوفة ومريحة لنا . كل ظرف في الحياة مختلف ، إلا أن ذلك يتسبب بإثارة الخوف القديم من الفوضى والمجھول . إذ انه لا يمكننا عمليا جعل الأحداث متوقعة ولكننا نستطيع داخليا خلق إحساس بسيطرة أعظم بواسطة التمسك بأفكار ومعتقدات معينة تمنحنا حسا بالتناسق والنظام
ھذا النھم للسيطرة شائع لدينا جميعا ، وھو أساس للكثير من المشكلات في الحياة . التمسك بصحة ذات الأفكار والطرق لعمل الأشياء يصعب علينا أكثر التكيف مع التغييرات المحتومة . إذا حاولنا السيطرة على حالة ما بنوع من السلوك العدواني سيبقى ھذا خيارنا الوحيد ولن نستطيع الإستسلام أو التكيف أو انتظار وقتنا ، مما يعني افلات الأمر من قبضتنا وھو ما نخشاه . يصعب امتلاك مثل ھذه الخيارات الضيقة في حل المشكلات ، كما أن إرغام الناس ليفعلوا ما نريده يجعلھم مستاءين وسيقومون لا محالة بتدميرنا أو الوقوف ضد رغبتنا .
ما نجده ھو أن محاولة تعطيل سير العالم من حولنا يأتي بأثر عكسي ، كلما حاولنا التحكم بقوة في الأشياء في بيئتنا المباشرة ، من المرجح أننا سنفقد السيطرة عليھا على المدى الطويل.
يميل معظم الناس إلى الاعتقاد بأن ھذه الأشكال من السيطرة المباشرة ھي السلطة نفسھا ، شيئا يبرز القوة ، التناسق ، والشخصية . ولكن القضية في الحقيقة تتعلق بعكس ذلك ، فما سبق ھي صور بدائية وضعيفة من السلطة وتنبثق من الخوف المتجذر عميقا من التغيير والفوضى . قبل أن يتأخر الوقت كثيرا ، انت بحاجة إلى التحول إلى مفھوم أكثر تطورا وجرأة للسلطة ، ذاك الذي يؤكد على الإنسيابية.
تتمتع الحياة بسرعة وايقاع معين ، حيث تتحرك موجة لا نھائية من التغيرات بسرعة أو ببطء . عندما تحاول إيقاف ھذا التدفق ذھنيا أو جسديا عن طريق التمسك بالأشياء أو الأشخاص فإنك تتأخر وتصبح تصرفاتك غير ملاءمة ، لأنھا منقطعة الصلة بالظروف الحاضرة . إنه شبيه بالتحرك ضد تيار ما بدلا من استخدامه لدفعك إلى الأمام.
الخطوة الأولى و الأكثر أھمية ھي التخلي عن ھذه الحاجة إلى السيطرة بمثل ھذه الوسيلة المباشرة . ھذا يعني أنك لن ترى بعد الآن لحظات التغير والفوضى في الحياة كشيء يجب الخوف منه ولكن كمصدر للبھجة الفرص.
. في الوضع الاجتماعي الذي ترغب فيه باكتساب قدرة التأثير على الناس
، الخطوة الأولى ھي أن تتقيد بطاقاتھم المختلفة . حيث ترى ما يظھرونه وتتكيف معه ، ثم تجد طريقا لتحويل طاقتھم باتجاھك . أي أن تتخلى عن الوسيلة السابقة المتمثلة في عمل الأشياء اولا ثم تكييف استراتيجياتك مع التدفق المستمر للحاضر.
ما يبدو لنا فوضويا ھو غالبا مجرد سلسلة من الأحداث الجديدة و التي يصعب معرفتھا . لن تستطيع أن تجد منطقا في ھذه الفوضى الواضحة اذا كنت متفاعلا وخائفا وتحاول إخضاع كل شيء لأنماط موجودة في عقلك انت فقط . عبر امتصاص المزيد من ھذه اللحظات الفوضوية بروح منفتحة ، تستطيع أن تلمح نمطا ما أو سبب يفسر لماذا تحدث وكيف يمكنك استغلالھا.
كجزء من ھذا المفھوم الجديد ، انت تستبدل الرموز القديمة الثابتة للسلطة كالصخرة و شجرة البلوط ..... الخ بالماء: وھو العنصر الذي يتمتع بأعظم قوة في الطبيعة بأسرھا.
يستطيع الماء التكيف مع أي شيء في طريقھ ، ينساب حوله أو فوق اية عقبة ، بل إنه ينحت الصخر بمرور الوقت . ھذا الشكل من السلطة لا يعني الإستسلام ببساطة لما تجلبه لك الحياة وتنسحب ، ولكن يقصد به أن توجه تدفق الأحداث في اتجاھك متخليا عن القوة المضافة على أفعالك مما يمنحك قوة دفع عظيمة.
في أماكن مثل الأحياء الفقيرة ، يكون مفھوم التدفق أكثر تطورا من أي مكان آخر . في مثل ھذه البيئة توجد العقبات في كل مكان ، وھولاء الذين يعيشون ھناك لا يستطيعون التحرك وكسب العيش بصورة جيدة فيما وراء حدود المنطقة . إذا حاولوا التحكم في الكثير جدا من الأشياء وأصبحوا عدوانيين فإنھم يميلون إلى جعل حياتھم أصعب وأقصر ، فما يرتكبونه
من عنف يعود إليھم مرة أخرى بقوة مماثلة.
مع وجود الكثير من العوائق المادية ، تعلم المحتالون أن يطوروا حرية ذھنية . فھم لا يستطيعون أن يزعجوا عقولھم بكل ھذه العقبات . حيث فكروا في الاستمرار في الحركة: كصنع مشاريع جديدة ، احتيالات جديدة ،
و اتجاھات جديدة في الموسيقى والملابس . ھذا ھو سبب تغير التوجھات سريعا في المنطقة والتي تظھر غالبا كمحرك للأنماط الجديدة في الثقافة على نطاق واسع . على المحتالون عند تعاملھم مع الناس أن يتكيفوا مع كل اختلافاتھم ، مرتدين القناع الملائم لكل حالة ، مع تبديد شكوك كلا منھم . فالمحتالون ھم( حرباوات ماھرة ) . إذا استطاعوا الاحتفاظ بھذه المرونة
الذھنية والاجتماعية فإنھم يشعرون بدرجة من الحرية وراء جميع القيود المادية لبيئتھم.
انت ايضا تواجه عالما مليئا بالعقبات والحدود ، بيئة جديدة حيث المنافسة فيھا أكثر عالمية وتعقيدا وشدة قياسا بأي وقت آخر . كالمحتال ، عليك ان تجد حريتك من خلال مرونة أفكارك وابداعك المستمر . ھذا يعني أن يكون لديك استعداد كبير للتجريب ، و تجربة عدة مشروعات دون الخوف من
الفشل ھنا أو ھناك . ھذا يعني أيضا البحث الدائم من أجل تطوير أنماط جديدة ، اتجاھات جديدة يمكنك اتخاذھا ، وتحرير نفسك من أي عجز قد يأتي مع التقدم في السن .
في عالم مليء بالأشخاص ذوي التفكير التقليدي للغاية ممن يحترمون
الماضي البعيد كثيرا جدا ، فإن مرونة كھذه ستترجم لا محالة إلى سلطة ومجالا أوسع للحركة.
كل الشخصيات الجريئة في التاريخ أظھرت استعدادا عظيما لإدارة الفوضى واستخدامھا لأھدافھم . لا يمكن إيجاد مثال على ذلك أعظم من ماوتسي تونغ . كانت الصين في عام 1920 دولة على حافة تغيير راديكالي (أصولي ) ، حيث انھار أخيرا النظام الإمبراطوري القديم الذي خنقھا لقرون. إلا أن الخوف من انطلاق العنان للفوضى في ھذه الدولة
الشاسعة جعل الطرفين المتنافسين على الحكم - الوطنيين والشيوعيين - يقررون محاولة احتواء الوضع بأفضل ما يستطيعون.
عرض الوطنيون ذات النظام الإمبراطوري القديم الطراز بواجھة جديدة ، بينما قرر الشيوعيون أن يفرضوا نموذج لينين على الصين وشنوا ثورة بروليتارية تركزت في المناطق العربية ، وقد تحكمت في المدن الرئيسية للدول مع فرض الالتزام الصارم بعقيدة الحزب بين اتباعھا . عمل ھذا الامر جيدا في الاتحاد السوفييتي - تأسيس نظام في فترة قصيرة من
الزمن - ولكن لا علاقة لذلك بالصين : أخذت ھذه الاستراتيجية بحلول نھاية العقد تفشل بشكل بائس . عندما أصبحت الأمور على حافة النھاية ، لجأ الشيوعيون إلى ماو الذي كان لديه مفھوم مختلف كليا عما يجب عمله 
نشأ ماو في قرية صغيرة وسط سكان الريف الشاسع من الفلاحين . كجزء من تربيتھه ، كان قد انغمر في النظام العقائدي القديم للطاوية ، الذي يرى بان التغير ھو جوھر الطبيعة والخضوع له ھو مصدر السلطة كلھا . وفقا للطاوية ، فإنك في النھاية تكون أقوى بسبب تمتعك بليونة تسمح لك بلانحناء والتكيف . لم يكن ماو خائفا من الحجم الشاسع للصين وسكانھا
، حيث أن الفوضى التي قد تظھر ستصبح ببساطة جزءا من استراتيجيته . كانت فكرته تقضي بالحصول على مساعدة الفلاحين ، وعلى ذلك يستطيع الجنود الشيوعيون الاختفاء في الريف كالسمك في الماء. لن يھجم على مراكز المدن أو يحاول احتلال أي موضع في الدولة . بدلا من ذلك سيحرك الجيش كقوة ضبابية تھجم ثم تختفي ، لن يعرف العدو إطلاقا من أين جاءت أو ما كان عليه الأمر . سيبقى جيش العصابات في حركة مستمرة لا تتيح
للخصم مساحة للتنفس ومانحة اياه حسا بالفوضي .
أما الوطنيين فقد جسدوا المدرسة القتالية المقابلة ، إذ كانوا تقليديين حتى النخاع . عندما أطلق ماو العنان أخيرا لھذا النوع الجديد من الحرب عليھم لم يستطيعوا التأقلم معھا . فقد تمركزوا في المواقع الرئيسية بينما حاصرھم الشيوعيون على مساحات شاسعة من الصين . كانت سيطرة الوطنيين مقتصرة على عدد قليل من المدن ثم سرعان ما انھاروا كليا في واحدة
من أبرز التحولات السريعة في التاريخ العسكري.

افھم ھذا : لا يتعلق الأمر فقط بوجوب مرونة ما تفعله ولكن أيضا بكيفية عملك للأشياء . إنھا استراتيجياتك و وسائلك في حل المشكلات والتي يجب تكييفھا دائما وفقا للظروف.
الاستراتيجية ھي جوھر سلوك الإنسان والجسر الذي يصل بين الفكرة وتحقيقھا في الواقع . كثيرا جدا ما تتجمد ھذه الإستراتيجيات وتصبح عادات بسبب قيام الناس بالتقليد الأعمى لما ثبت نجاحه سابقا . عبر إبقاء استراتيجياتك مواكبة للحظة يمكنك أن تكون وكيلا للتغيير ، الشخص الذي يكسر تلك الطرق الميتة للتصرف مكتسبا قوة ھائلة في ھذه العملية .
معظم الناس في الحياة متحفظين و سھلي التوقع مما يجعلھم أھدافا سھلة ، استراتيجياتك المرنة والغير متوقعة ستقودھم للجنون . فھم لا يستطيعون التنبؤ بخطوتك التالية أو معرفة حقيقتك وھذا ما يعد كافيا ليستسلموا أو ينھاروا.

0 التعليقات: