22‏/07‏/2019

القانون الخمسون 20

القانون الخمسون 20

مفاتيح الجرأة:

كيف نعيش ھو أمر بعيد جدا عن كيف يجب أن نعيش ، الشخص الذي تخلى عما تم عمله لأجل ما يجب أن يكون قد تم عمله ، سيتعلم بدلا من ذلك أن يحقق فساده الخاص فوق تحفظاته . الرجل الذي يتمنى أن يخلق صلاحا مثاليا في كل شيء ، يجب عليه بالضرورة أن يشعر بالأسى بين الكثير من
الأشياء غير الجيدة . لھذا فمن الضروري بالنسبة للأمير الذي يرغب في المحافظة على نفسه أن يتعلم متى يكون سيئا ، وإن يستخدم ھذه المعرفة أو لا يستخدمھا وفقا لضرورة الحا ل.                             نيكولو ميكافيلي
عندما يتعلق الأمر بالأخلاق ، كلنا تقريبا نعاني من ازدواجية في وعينا . فمن ناحية ، ندرك الحاجة لاتباع قواعد أخلاقية أساسية معينة للسلوك وجدت منذ قرون ، حيث نحاول التقيد بھا في حياتنا بأفضل ما نستطيع . ومن ناحية أخرى فإننا نستشعر أن العالم أصبح أكثر تنافسية بشكل غير محدود ، أكثر من أي شيء عرفه آبائنا أو أجدادنا . ومن أجل المضي قدما
في ھذا العالم يجب أن نكون على استعداد لتعطيل ھذه القواعد الأخلاقية من وقت لآخر : كاللعب بالمظاھر ، إخفاء الحقيقة وإظھار انفسنا بصورة أفضل ، والتلاعب بشخص أو اثنين للمحافظة على مركزنا . تعكس الثقافة على المدى الواسع ھذه الازدواجية ، فھي تعزز قيم التعاون والأدب بينما تثيرنا دائما في وسائل الإعلام بقصص لا حصر لھا عن أولئك الذين صعدوا إلى القمة لكونھم سيئون وقساة . يتم شد انتباھنا وصده في الوقت نفسه من خلال ھذه القصص.
أدت ھذه الازدواجية إلى خلق تناقض وغرابة في تصرفاتنا. فنحن لا نتقن كثيرا ان نكون جيدين أو سيئين على حد سواء.
عند قيامنا بفعل متلاعب ضروري فإننا نمارسه بنصف قلب وبعض الإحساس بالذنب ، إذ نكون غير متأكدين حول كيفية التصرف بھذه الطريقة ومتى نلعب الدور الأكثر عدوانية وإلى أي مدى نمضي فيه.
لاحظ الكاتب الفلورنسي العظيم في القرن السادس عشر نيكولو ميكافيلي ظاھرة مشابھة في عصره . فعلى مستوى مختلف انقسمت إيطاليا إلى عدة دويلات تتجاذب السلطة باستمرار ، و كانت تلك بيئة معقدة خطرة على القائد . وعند مواجھة دويلة منافسة كان على الأمير أن يلتزم أقصى الحذر . فھو يعلم أن ھولاء المنافسين سيفعلون أي شيء لتعزيز مصالحھم  ، بما في ذلك عقد اتفاقيات مع آخرين لعزله أو تدميره ، وعليه أن يكون مستعدا للقيام بأي نوع من المناورات لحماية دولته.
في الوقت ذاته كان متشربا لقيم المسيحية ، إذ يجب عليه ھنا أن يرمي بعيدا نوعين من القواعد الأخلاقية : الأولى متعلقة بالحياة الخاصة والثانية بلعبة السلطة . وھذا ما كان سببا للغرابة ، إذ لم يحدد أحد في الحقيقة ثمة معايير أخلاقية لكيفية الدفاع عن دولته وتقويتھا . إذا أصبح عدوانيا جدا سيبدو سيئا
على النطاق العالمي ويعاني بسبب ھذا ، أما إذا كان طيبا جدا ولطيفا ستقع دولته بيد أحد الخصوم جالبا البؤس لمواطنيه.
لم تكن المشكلة بالنسبة لميكافيللي ھي تعديل القائد لأخلاقياته بما يناسب الظروف فالكل يفعل ھذا ، بل في انه لا يقوم بذلك جيدا . كثيرا ما يكون عدوانيا في الوقت الذي يحتاج فيه أن يصبح ماكرا أو العكس . فھو لا يستوعب مثلا أن الدولة التي كانت صديقة تخطط الآن ضده وان استجابته ستكون يائسة جدا .
عندما ينجح مشروع ما ، يتجاوز الناس عادة بعض التكتيكات القذرة التي كنت مجبرا على استعمالھا ، أما إذا فشل فإن ھذه التكتيكات ذاتھا توضع تحت المجھر وتدان.
على الأمير أو القائد أولا أن يكون مؤثرا في أفعاله ، وليتمكن من ذلك يجب أن يتقن فن معرفة متى وكيف يصبح سيئا.
يتطلب الأمر بعض الجرأة والمرونة . فعندما يستدعي الوضع ، يجب أن يكون أسدا عدوانيا ومباشرا في الدفاع عن دولته أو انتزاع شيء ما لحماية مصالحھا . وفي أوقات أخرى عليه أن يشق طريقه كالثعلب بواسطة مناورات ماكرة تغطي عدوانيته .ويجب أن يلعب معظم الوقت دور الحمل الوديع المراعي لغيره ، والمخلوق الطيب المعظم في الثقافة .
 ھو سيء بطريقة جيدة وبمعيار ملائم للحال ، يلتزم الحذر في تبرير أفعاله للعامة ، وعاكسا اقذر تكتيكاته من وراء الكواليس . إذا أتقن فن كونه سيئا يجب أن يستخدمه بصورة مقننة ، محققا المزيد من السلام والقوة لمواطنيه أكثر من ذلك الأمير المتردد الذي يحاول أن يكون طيبا جدا.
يجب أن يكون ھذا نموذجا نحتذي به جميعا ، فكلنا الآن أمراء نتصارع مع آلاف الدول المنافسة ، لدينا طاقتنا العدوانية الخاصة و رغباتنا في السلطة . إذا تصرفنا طبقا لھا دون وعي أو بطريقة غير ملاءمة فقد نصنع لأنفسنا مشاكل لا نھاية لھا .
علينا أن نتعلم إدراك ماھية الحالات التي تستدعي أفعال حازمة ( ولكن تحت السيطرة ) ، وأي نوع من الھجوم يكون مناسبا ( الذئب أو الأسد. )
ما يلي ھو أشھر السيناريوھات والخصومات الشائعة التي ستواجھھا والتي تتطلب صورة ما من الشر من أجل الدفاع عن مصالحك أو تعزيزھا:



1 - العدوانيون
في عام 1935 ، كان بعض المحسوبين على اليسار في الولايات المتحدة الأمريكية ساخطين على الإصلاحات التي قام بھا الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت ، وقد عرفوا باسم( الصفقة الجديدة ) .
الإصلاحات لا تتم بالسرعة الكافية وقرروا أن يتحدوا معا فيما عرف لاحقا ب(حزب الاتحاد ) بھدف إذكاء روح السخط . كما أنھم سيقفون ضده في عام 1936 ، وكان التھديد حقيقيا جدا لانھم سيحصلون على دعم يكفي لتحويل الانتخابات لصالح الجمھوريين.
ضمن ھذه المجموعة كان ( ھيوي لونج ) السيناتور الجمھوري الكبير من لويزيانا ، و الأب ( تشارلز كافلين) وھو كاھن كاثوليكي لديه برنامج إذاعي مشھور . أفكارھم كانت اشتراكية بشكل غامض و جذبت الكثيرين ممن شعروا بالحرمان في فترة الكساد الكبير . بدأت اعتداءاتھم على الرئيس روزفلت تحدث أثرا : ھبط عدد الناخبين المؤيدين له ، و بالإضافة إلى جرأتھم فقد أصبحوا أيضا أشد عدوانية و عنادا في حملتھم.
بقي روزفلت صامتا أغلب الوقت وسط كل ھذا ، تاركا لھم حرية ملئ المكان بطاقاتھم وتھديداتھم . أحس مستشاريه بالذعر : حيث رأوا بأنه أصبح سلبيا جدا ، ولكن بالنسبة لروزفلت كان ذلك جزءا من خطة . شعر أن العامة سيتعبون حتما من اعتداءاتھم الشديدة بمرور الأشھر ، كما رأى أن الفصائل ضمن حزب الاتحاد ستبدأ في الصراع مع بعضھا البعض مع اقتراب الانتخابات . و بناءا عليه نصح ممثليه بعدم إيذاء ھؤلاء الرجا ل.
في الوقت ذاته كان يذھب إلى عمله من وراء الكواليس .
في لويزيانا ، فصل أكبر عدد ممكن من العاملين الموالين للحكومة واستبدلھم بأشخاص يناصرونه . كما أطلق تحقيقات مفصلة رأوا بأن تلك
عن شئون السيناتور المالية المشكوك فيھا . وبالنسبة لكافلين فقد عمل على تدميره بواسطة كاھن مسيحي آخر معروف ، جاعلا اياه يبدو كسطحي متطرف . كما أصدر قوانينا أجبرت كافلين على الحصول تصريح بث لإذاعة عروضه، وعندئذ وجدت الحكومة أسبابا لرفض طلباته وإسكاته مؤقتا . كل ما سبق ساھم في تشتيت واخافة أعداء روزفلت ، وقد حدث ما
توقعه : بدأ صفھم يتمزق وفقد العامة الاھتمام بھم . ثم فاز روزفلت في انتخابات 1936 في انعطاف غير مسبوق للأحداث.
أدرك روزفلت مبدأ أساسيا للاستعداد في مواجھة العدوانيين المباشرين و المتصلبين : اذا قابلتھم وجھا لوجه ستكون مرغما على القتال بشروطھم ، و مالم تكن أنت ذاتك من النوعية العدوانية فستخسر عموما في مواجھة ھؤلاء ممن يمتلكون أفكارا بسيطة وطاقة عنف . من الأفضل قتالھم عبر مناورات غير مباشرة ، مخفيا نواياك ، و تفعل ما تستطيع خلف الكواليس - بخفاء عن العامة - لخلق العقبات وبذر الشك . بدلا من رد الفعل ، عليك ان تمنح العدوانيين بعض المساحة ليمضوا أبعد في اعتداءاتھم وتدفعھم لإظھار أنفسھم في ھذه العملية ، الأمر الذي يمنحك عددا كبيرا من الأھداف الطازجة لإصابتھا . إذا كنت منفعلا كثيرا وقويا في استجابتك ، ستبدو
دفاعيا جدا . أنت تلعب كذئب مقابل أسدھم ، وذلك ببقاءك ھادئا وحاسبا خطواتك ، وفاعلا ما يمكنك وراء الكواليس لجعلھم عاطفيين أكثر ، ونصب الافخاخ لھم لينھاروا من خلال طاقة تھورھم.
2 - العدوانيون السلبيون: ھذه النوعيات معلمون في الخداع : إذ يظھرون
أنفسھم كضعفاء ومعدومي الحيلة ، أو ذوو أخلاق عالية ، أو صالحون أو لطفاء و متزلفين ، الأمر الذي يجعل من الصعب اكتشافھم من النظرة الأولى . بالإضافة إلى ذلك فھم يرسلون جميع أنواع الإشارات المختلطة متقلبين ما بين اللطف ، الھدوء ، العداء ، وخلق التشويش والعواطف المتناقضة . عندما تحاول التعامل معھم بذات سلوكھم ، سيستخدمون ھذا التضليل لجعلك تشعر بالذنب وكأنك انت مصدر المشكلة . اما لو انجرفت بعواطفك في الدراما الخاصة بھم سيتعسر عليك كثيرا فصل نفسك عنھم
المفتاح ھو إدراك حقيقتھم في الوقت المناسب من أجل اتخاذ اجراءات ملاءمة.
عندما التقت الدوقة الكبرى كاثرين(إمبراطورة روسيا ، المستقبلية كاثرين العظمى ) بخطيبھا بيتر أحست بأنه لا زال طفلا بريئا في أعماقه . حيث استمر في اللعب بدمى على ھيئة جنود وكان يتمتع بمزاج مشاكس ومتقلب  بعد زواجھما في 1745 بفترة قصيرة بدأت تكتشف جانبا مختلفا من شخصيته كانت الامور في حياتھما الخاصة تجري على ما يرام ، لكنھا
بعدئذ سمعت من مصادر أخرى جميع انواع القصص المقرفة حول ندمه على زواجھما وأنھه يفضل خادمتھا عليھا . فمالذي يفترض بھا أن تصدق : ھذه القصص أو لطفھه حينما يكونا معا ؟ . في الوقت الذي أصبح فيه القيصر بيتر الثالث  دعا كاثرين بلطف إلى زيارته في الصباح ولكنه تجاھلھا بعد ذلك .و حينما توقف بستاني القصر عن جلب فاكھتھا المفضلة
اكتشفت ان الامر كان بناءا على طلبه . كان بيتر يفعل كل ما بوسعه لجعل حياتھا بائسة واذلالھا بطرق خفية.
اكتشفت كاثرين مبكرا لحسن الحظ انه متلاعب محترف ، ومن الواضح أن غلافه الطفولي لم يكن موجودا إلا لإبعاد الانتباه عن جوھره الانتقامي التافه  بحسب اعتقادھا فإن ھدفه ھو استدراجھا للقيام بشيء طائش يمنحه سببا لتدميرھا أو التخلص منھا . قررت أن تنتظر حلول الوقت المناسب لھا وتكون لطيفة بقدر الإمكان ، وتكسب بعض الحلفاء الرئيسين في القضاء والجيش وكان الكثيرون منھم يحتقرون القيصر.
وأخيرا وبفضل دعم بعض حلفائھا ، حرضت انقلابا سيؤدي إلى التخلص منه دفعة واحدة وإلى الأبد . حينما أصبح واضحا أن الجيش يساند كاثرين وسيتم اعتقاله قريبا ، بدأ بيتر في التوسل اليھا ومناشدتھا : سيغير أساليبه ويحكمان معا ولكنھا لم تجب . أرسل رسالة أخرى يقول فيھا بأنه سيتنازل عن الحكم ، فقط لأجل أن يعود بسلام إلى مملكته الخاصة برفقة امبراطورته ، إلا أنھا رفضت العرض . ثم اعتقل وبعد ذلك بفترة قصيرة قتل على يد أحد مؤيدي الانقلاب ، ربما بموافقة الإمبراطورة.
كانت كاثرين من نوعية الشخصيات الجريئة التقليدية . لقد أدركت أنه يجب عليك ألا تكون عاطفيا مع العدوانيين السلبيين وتنجرف مع مؤامراتھم اللانھائية . إذا استجبت بطريقة غير مباشرة و بنوع من العدوانية السلبية فإنك تلعب بين أيديھم ، فھم أفضل منك في ھذه اللعبة . وأما إذا كنت مخادعا ومتلاعبا فلن يؤدي الأمر إلا لوخز مواطن عدم الأمان لديھم و يضاعف طبيعتھم الانتقامية . الطريقة الوحيدة لمعاملة ھذه النوعيات ھي اتخاذ إجراءات جريئة لا رجعة فيھا يترتب عليھا إما ردعھم عن أي إزعاج مستقبلي أو دفعھم للھروب ، إذ يستجيبون فقط للقوة والحزم . كما ان امتلاك حلفاء فوق التسلسل الھرمي قد يساعد بوصفه وسيلة لإيقافھم .
أنت تلعب كأسد في مقابل ذئبھم ، جاعلا إياھم خائفين منك . سيرون أنه
ستكون ھناك عواقب حقيقية لو استمروا في سلوكھم بأي شكل.
للتعرف على ھذه الشخصيات ، انتبه الى السلوك المبالغ فيه بشكل غير طبيعي : اللطف الشديد ، التملق الزائد أو الأخلاقيات العالية جدا ، غالبا ما تكون ھذه أردية تنكرية لتشتيت الانتباه عن طبيعتھم الحقيقية . الأفضل أن تكون سباقا وتتخذ إجراءات وقائية في اللحظة التي تشعر فيھا بأنھم يحاولون دخول حياتك .

3- الأوضاع غير العادلة: في وقت مبكر من بداية عام 1850 م ، توصل أبراھام لنكولن إلى قناعة بأن مؤسسة العبودية ھي أعظم وصمة في ديمقراطيتنا ويجب إزالتھا . ولكن عند استطلاعه للمشھد السياسي أصيب بالقلق ، حيث كان السياسيون في اليسار صاخبين جدا ومتحمسين بشدة لأجل تشجيع الإلغاء . ستنقسم البلاد على إثر ذلك ويستغل مالكو العبيد بسھولة ھذه الانقسامات السياسية للمحافظة على وسيلة عيشھم لعقود.
كان لينكولن واقعيا ماھرا : إذا أردت أن تنھي ظلما معينا فعليك أن تستھدف النتائج ، الأمر الذي يتطلب أن تكون استراتيجيا وحتى مخادعا . اصبح على استعداد لفعل أي شيء بغرض إنھاء العبودية .
قرر أنه ھو نفسه السياسي الأنسب لھذه القضية . كانت خطوته الأولى أن يتقدم بواجھة معتدلة للعامة في حملته الانتخابية لعام 1860 وكذلك بعد الانتخابات وصولا إلى الرئاسة .، حيث أعطى انطباعا بأن ھدفه الرئيسي ھو المحافظة على وحدة البلاد وإلغاء العبودية تدريجيا من خلال سياسة احتوائية.
عندما أصبحت الحرب لا مفر منھا في عام 1861 ، قرر أن يضع فخا ذكيا للجنوب من خلال استدراجھم للقيام بھجوم على حصن سومتر ، مما سيجبره على إعلان الحرب . وقد جعل ذلك الشمال يبدو وكأنه ضحية عدوان . جميع ھذه المناورات كانت موجھة لإبقاء أنصاره في الشمال متحدين نسبيا ، حيث أن معارضته تعني معارضة جھوده لھزيمة الجنوب
والمحافظة على الوحدة ، أما قضية العبودية فقد كانت تتسلل من وراء الكواليس . إن الواجھة الموحدة لمناصريه جعلت من المستحيل للعدو أن يمارس العابا سياسية.
مع تحول اتجاه الحرب لصالح الشمال ، انتقل لينكولن بالتدريج إلى أوضاع مصيرية أكثر ( منصوص عليھا في إعلان الاستقلال وخطاب جتسبرغ ) ، عالما بأن لديه فسحة من الوقت للكشف عن أھدافه الحقيقية والعمل على تنفيذھا. وبقيادته الشمال نحو النصر أصبحت لديه مساحة أكبر للاستمرار بحملته . باختصار ومن أجل القضاء على العبودية ، استعد لينكولن للتلاعب بالرأي العام عن طريق إخفاء نواياه الحقيقية وممارسة الخداع الصريح من خلال المناورات السياسية ، وھذا مما يتطلب الجرأة والصبر من جانبه . أخطأ الجميع تقريبا في قراءة نواياه وانتقدوه لكونه انتھازيا  ولا
زال البعض يصر على ذلك عند مواجھة وضع غير عادل أمامك خيارين : إما أن تعلن نواياك جھرا لتھزم من يقف خلفھا ، بما يجعلك تبدو نبيلا وطيبا أثناء سير الأمور . إلا أن ذلك سيؤدي في النھاية إلى الانشقاق بين عامة الناس  ستصنع عدوا واحدا عنيدا مقابل كل متعاطف مع مبررك  ، كما أن نواياك ستكون واضحة.
بالإضافة الى انه إذا كان العدو مخادعا فتستحيل ھزيمته . أما لو تحقق ما تسعى خلفه فعليك أن تتعلم بدلا منه أن تلعب كذئب وتتخلى عن نقاءك الأخلاقي . يجب أن تقاوم عملية جذبك لتكون عاطفيا ، وتنسج مناورات استراتيجية مصممة لكسب دعم العامة . غير وضعك ليكون مناسبا للظروف ، مستدرجا العدو للقيام بأفعال تكسبك التعاطف ، ومخفيا نواياك . فكر في الأمر كحرب - القليل من العنف غير الضروري - ، فأنت مدعو للقيام بكل ما يتطلبه الوضع لھزيمة العدو ، ليس ھناك شرف في الخسارة اذا كان مسموحا للظلم أن يسود.

4 - الأوضاع الثابتة: يضع الناس سريعا في أي مشروع قواعد واتفاقيات
يجب إتباعھا . غالبا ما يكون ذلك ضروريا لإرساء بعض التھذيب الانضباط ، إلا أن معظم تلك القواعد اعتباطية بسبب استنادھا لشيء معين كان ناجحا في الماضي ولكن صلتھا بالحاضر قد تكون قليلة . أكثرھا مجرد أدوات لھؤلاء الذين ھم في السلطة من أجل ابقاء قبضتھم والمحافظة على وحدة الفريق . إذا استمر الأمر لفترة كافية فإنھا تصبح سخيفة وتغلق الطريق أمام اية وسائل جديدة لعمل الأشياء . في ھذه الحالة ، المطلوب
ھو التدمير الكامل لھذه القواعد الميتة ، مفسحا بذلك مجالا لشيء جديد . بمعنى آخر عليك ان تكون أسدا كاملا ، بأسوا ما يمكن.
ھذه ھي الكيفية التي استجاب بھا العديد من كبار موسيقيي الجاز السود مثل : تشارلي باركر ، ثيلونيوس مونك و ديزي غيليسبي للأعراف الموسيقية الثابتة في بداية الأربعينيات من القرن الماضي . كانت موسيقى الجاز منذ أيام انطلاقتھا المبكرة محتكرة من قبل المغنين البيض وجماھيرھم.
الأصوات التي كانت معروفة ھي : النطاق العريض big التحكم  band و المتأرجح  swing المعروفة بصرامتھا و امكانية بھا ، ويجب التقيد بھذه
القواعد وعزف الأصوات المشھورة من أجل كسب المال من المھنة . إلا أنه حتى أولئك الموسيقيين السود المتمسكين بالأعراف المذكورة لا زال يدفع لھم أجر أقل بكثير من نظرائھم البيض . الطريقة الوحيدة للتعامل مع ھذا الوضع الظالم ھو تدميره بواسطة صوت مختلف كليا ، في ھذه الحالة بشيء عرف لاحقا ب ( البيبوب )، الذي جاء مخالفا لكل الأعراف السائدة . كانت ھذه الموسيقى نقية و ارتجالية بقدر ما أصبحت معروفة . حيث منحت الموسيقيين مساحة للأداء وفقا لشروطھم وبعض التحكم في شئونھم المھنية  لقد تحطم الآن الوضع الثابت و فتح المجال أمام ابداعات الجاز العظيمة في فترة الخمسينيات والستينيات . يجب أن تكون عموما أقل مراعاة للقواعد التي أنشأھا أشخاص آخرين ، فھي ليست بالضرورة ملاءمة للزمن أو لطباعك الخاصة . يمكنك امتلاك قوة عظيمة من خلال كونك الشخص الذي ينشأ نظاما جديدا.

5 - الديناميكيات المستحيلة :
قد تجد نفسك في بعض الأوقات في الحياة ضمن أوضاع سلبية لا يمكن تغييرھا مھما فعلت . ربما تعمل لأناس غير منطقيين تبدو أفعالھم وكأنھا لا تخدم أي غرض بمعزل عن فرض سلطتھم ، جاعلينك بائسا بسبب ذلك ، وكل ما تفعله يكون خاطئا . أوعلاقة تكون فيھا مجبرا باستمرار على إنقاذ شخص ما . يتضمن ھذا غالبا شخصيات تبرز نفسھا على أنھا ضحايا ضعيفة بحاجة للاھتمام والمساعدة ، وھم يثيرون الكثير من الدراما حولھم . وبغض النظر عما تفعله معھم ، يحتاجون من ينقذھم بشكل متكرر.
تستطيع احتواء ھذه الديناميكية من خلال استخدام عاطفتك لحل المشكلة بطريقة او بأخرى ممزوجة باليأس الكامل من الحصول على أية إجابة منطقية . الحقيقة ھي أن الحل الوحيد الممكن ھو إنھاء العلاقة دون نقاش ولا مساومة : و ذلك بأن تترك العمل ( دائما ھناك غيره ) أوأن تترك الشخص الذي يوجعك بشكل نھائي قدر الإمكان . قاوم أية محاولة لإشعارك
بالذنب ، وعليك أن تخلق ابتعادا بقدر ما تستطيع بحيث لا يمكنھم اغراؤك بالعواطف . عليھم أن يكونوا موتى بالنسبة لك لتستطيع المضي في حياتك.

0 التعليقات: