22‏/07‏/2019

القانون الخمسون 7

القانون الخمسون 7

المقاربة الجريئة:

ولدت وحيدا وساموت وحيدا ، علي أن أفعل ما أراه صحيحا بالنسبة لي وليس لاعيش حياتي بطريقة يريدھا شخص آخر
50 سنت

لقد جئت إلى ھذه الحياة مع ممتلكات حقيقية معينة و التي تھم فعلا أكثر من أي شيء آخر : جسدك ، الوقت الذي بحوزتك لتعيشه ، أفكارك المميزة ، و تقييمك الخاص للأمور . ولكنك بمرور الوقت تميل إلى إھمال كل ھذا . تقضي سنوات في العمل لدى آخرين الذين يمتلكونك أثناء تلك المدة و تتورط في ألعاب ومعارك الناس بلا داع ، مھدرا طاقة ووقتا لن تستعيدھما أبدا.
يبدأ تقديرك لافكارك الخاصة بالانخفاض شيئا فشيئا ، حيث تستمع إلى الخبراء و تتمسك بالاراء التقليدية ، و دون أن تعي ذلك فإنك تبدد استقلاليتك وكل شيء يجعل منك فردا مبدعا.
عليك أن تعيد صياغة مفھومك عن الملكية بالكامل قبل فوات الأوان . إنه لا يتعلق بتملك أشياء أو أموال أو ألقاب فھي أمور يمكنك تملكھا بوفرة ، ولكن إذا كنت فردا لازال يتطلع إلى الآخرين لطلب المساعدة والتوجيه أو اعتمدت على مالك أو مواردك فإنك غالبا ستخسر ما لديك عندما يخذلك الآخرون أو تصيبك محنة أو تتوصل إلى مخططات حمقاء ناتجة عن نفاذ
الصبر.
الملكية الحقيقية يمكنھا أن تنبعث من الداخل فقط . إنھا تأتي من ازدراءك لأي شيء أو شخص يقيد حريتك ومن الثقة في قراراتك الخاصة ومن استغلال وقتك في المواكبة المستمرة للتعليم والتطور . فقط من خلال ھذا الوضع الداخلي من القوة والعصامية ستكون قادرا بحق على العمل لصالحك ولن تتراجع.
إذا حدثت حالات تضطرك إلى اتخاذ شركاء أو التنسيق مع منظومة أخرى ، فإنك تكون قد ھيأت نفسك ذھنيا للحظة التي ستتحرك فيھا إلى ما بعد ھذه العلاقات المتشابكة المؤقتة . إذا لم تمتلك ذاتك أولا ستبقى تحت رحمة الناس والظروف ، متطلعا إلى الخارج بدلا من الاعتماد على نفسك و على ذكائك .
افھم ھذا : نحن نعيش وسط ثورة أعمال حرة شبيھة بتلك التي اكتسحت العلاقات في منطقة فيفتي في الثمانينات ولكن على مستوى عالمي . لقد انھارت مراكز القوة القديمة وأصبح الأفراد في كل مكان أكثر رغبة في السيطرة على مصائرھم وأقل احتراما للسلطة التي لا تستند على ميزة معينة وإنما على مجرد القوة.
جميعنا نتساءل بشكل تلقائي لماذا يحكمنا شخص ما ولم يجب أن تستند مصادر معلوماتنا على وسائل الإعلام الحالية وغيرھا من التساؤلات . لم نعد نقبل ما كنا نقبله في الماضي ، نحن جميعا مزودين فطريا بإمكانية تشغيل مشاريعنا الخاصة وتجربة ھذه الحرية بأية صيغة او شكل . نحن جميعا محتالي زاوية في بيئة اقتصادية حديثة ، ولكي نتمكن من النمو فيھا
علينا أن نزرع في أنفسنا ذلك النوع من العصامية التي ساعدت في دفع فيفتي ليتجاوز جميع التبعيات الخطيرة التي ھددته على طول الطريق.
الأمر واضح جدا بالنسبة لفيفتي ، كان وحيدا في المنزل الذي ترعرع فيه وكذلك في الشوارع . افتقد للمساندة العادية واضطر أن يكون مكتفيا بذاته . العواقب المترتبة على الاعتماد على الناس في مثل حالته ستكون أشد خطورة ، فھي تعني إحباطا دائما و حاجات ضرورية لن تتم تلبيتھا.
يصعب علينا أن ندرك بأننا وحيدون في الأصل في ھذا العالم وبحاجة إلى المھارات التي كان على فيفتي أن يطورھا لنفسه في الشوارع . بحوزتنا عوامل مساعدة تبدو كافية لدعمنا ، إلا أن ھذه المساعدات ليست في النھاية إلا وھم . كل شخص في العالم محكوم بمصلحته الشخصية ، حيث يفكر الناس أولا بأنفسھم ومخططاتھم.
تؤدي لفتات المساعدة الحنونة العرضية من الأشخاص الذين تعرفھم إلى تشويه ھذا الواقع وتجعلك تتوقع المزيد من ھذه المساعدة إلى يتم خذلانك مرارا و تكرارا . أنت أكثر وحدة مما تتصور ولكن يجب أن لا يكون ذلك مصدرا للخوف بل للحرية . عندما تثبت لنفسك بأنك قادر على الحصول على الأشياء بمفردك ستختبر إحساسا بالتحرر ، لم تعد تنتظر الناس
ليقوموا لك بھذا أو ذاك  .ستتمتع بالثقة بقدرتك على التعامل مع أي وضع سلبي بنفسك.
انظر الى شخص مثل روبين ( إعصار كارتر ) ، وھو ملاكم ناجح من ذوي الوزن المتوسط وجد نفسه معتقلا في 1966 وھو على رأس عمله واتھم بثلاث جرائم قتل . في السنة التالية أدين وحكم عليه بثلاث عقوبات متتالية مدى الحياة ، أثناء ذلك تمسك كارتر ببراءته بشدة . في عام 1986 تمت تبرئته من الجرائم بصورة نھائية وخرج حرا.
إلا أنه بالنسبة لھذه التسعة عشر عاما فرض عليه أن يتحمل إحدى أكثر البيئات الوحشية المعروفة للإنسان والتي صممت لكسر آخر ما يتبقى من الاستقلالية . كان كارتر يعلم بأنه سيتحرر يوما ما ، ولكن عند خروجه ھل سيمشي في الشوارع بروح سحقھا السجن لسنوات ؟ ھل سيصبح من نوعية السجناء السابقين الذين يستمرون في العودة إلى النظام نفسه لعدم قدرتھم على عمل أي شي لأنفسھم مرة أخرى ؟
قرر أن يھزم النظام ، سيستخدم السنوات التي يقضيھا في السجن ليطور عصاميته ، وبذلك فإنه عندما يخرج فإن ھذا سيعني شيئا ما . ابتدع لھذا الغرض الاستراتيجية التالية : سيتصرف كرجل حر بينما يكون محاطا
بالجدران : لن يرتدي تلك البدلة أو يحمل شارة الھوية الشخصية . كان فردا وليس رقما . لن يأكل مع بقية السجناء ولن يؤدي المھام المحددة ، كذلك لن يذھب إلى جلسته الخاصة بالإفراج المشروط . كان قد تم وضعه في محبس انفرادي خاص بنوعية التھم التي حكم عليه بھا ، لم يكن خائفا من العقوبات أو البقاء وحيدا بل كان خوفه فقط من خسارة كرامته وتفرده.
كجزء من ھذه الإستراتيجية ، رفض استخدام وسائل التسلية المعتادة في زنزانته : التلفاز ، المذياع والمجلات الإباحية فھو يعلم أنه سيصبح معتمدا على ھذه المتع الضعيفة مما سيمنح الحراس شيئا ياخذوه من ذاته، كما أن ھذه الملھيات مجرد محاولات لقتل الوقت . بدلا من ذلك أصبح قارئا شرھا للكتب التي تساعده على تثقيف ذھنه . كتب سيرة ذاتية اكسبت قضيته تعاطفا ، تعلم القانون وعقد العزم على تغيير قناعته بنفسه.
قام بتدريس أفكاره التي تعلمھا من خلال القراءة في الكتب لبقية السجناء . وبھذه الطريقة استغل الوقت الضائع في السجن لأھدافه الخاصة.
عندما تحرر أخيرا ، رفض رفع دعوى مدنية ضد الدولة استنادا لكونه سجن ظلما و أحقيته في طلب التعويض ، لم يكن بحاجة لشيء . إنه الآن رجل حر مزود بمھارات أساسية لاكتساب القوة في العالم . بعد خروجه من السجن أصبح محاميا ناجحا عن حقوق السجناء وحصل على العديد من
الدرجات العلمية الفخرية في القانو ن.
فكر في الأمر بھذه الطريقة :الاتكالية ھي عادة سھلة الاكتساب جدا . نحن نعيش ضمن ثقافة توفر لنا جميع انواع الركائز والخبرات للرجوع إليھا ، ملطفات لعلاج أي صعوبات نفسية  ، متع متنوعة لمساعدتنا في قضاء أو قتل الوقت و وظائف بالكاد تكفي لابقاءنا أحياء . إنه وضع يصعب مقاومته ولكن متى استسلمت له فإنه يصبح كسجن تدخله ولا تستطيع مغادرته أبدا . تتطلع دائما إلى الخارج لطلب المساعدة إلا أن ذلك يقيد خياراتك و حريتك بشدة . و عندما يحين الوقت الذي يتوجب عليك فيه أن تتخذ قرارا ھاما " وھو آت لا محالة فلن تجد في ذاتك شيئا ترتكز عليه.
قبل أن يفوت الأوان ، عليك ان تتحرك في الاتجاه المعاكس.
لن تحصل على ھذه القوة الداخلية الضرورية من الكتب أو معلم أو عقاقير من أي نوع بل ھي تأتي منك فقط . إنھا نوع من التمارين التي يجب أن تمارسھا بشكل يومي ، عن طريق فطم ذاتك عن التبعيات والاستماع إلى صوتك الداخلي أكثر من أصوات الآخرين واكتساب مھارات جديدة . وكما حدث مع كارتر وفيفتي ، ستجد أن العصامية أصبحت عادة و سيخيفك أي شيء يؤدي للاعتماد على آخرين.

0 التعليقات: