06‏/02‏/2012

روح الشرائع 17

روح الشرائع 17

فساد مبادئ الحكومات

يبدأ فساد كل حكومة بفساد المبادئ في كل وقت تقريباً.
 

لا يفسد مبدأ الديمقراطية بضياع روح المساواة  فقط  ، بل يفسد بالإفراط في انتحال مبدأ المساواة  أيضاً ، وذلك لأن كل واحد يريد أن يساوي من اختاره  ليتولي أمره ، وبما أن الشعب لا يُطيق بذلك  ما يفوضه من السلطة  فإنه يود أن يصنع كل شئ بنفسه وأن يتشاور عن أعضاء مجلس الشعب  وأن يُنفذ عن الحكام وأن يُجرد جميع القضاة.

تعود الفضيلة غير موجودة في الجمهورية ، ويريد الشعب أن يقوم بوظائف الحُكام ، ويعود  غير موقر لهم إذن ، وتعود مناقشات أعضاء مجلس الشعب غير ذات وزن ويعود أعضاء مجلس الشعب ومن ثم الشيوخ غير مُكرمين إذن ، وإذا ضاع احترام الشيوخ عاد الآباء غير  محترمين ، وعاد الأزواج غير أهل للرعاية والسادة غير أهل للطاعة ، وجميع الناس ينتهون إلي حب الفجور ويُتعب عُسر القيادة  كما يُتعب عُسر الإطاعة، ولا يخضع النساء والأولاد  لأحد ، وتفقد بذلك الأخلاق وحب النظام ولا تبقي الفضيلة.

 ويقع الشعب في هذا البؤس إذا ما حاول أن يُفسده  أولئك الذين ائتمنهم كتماً لفسادهم الخاص ، وهم لا يحدثونه عن غير عظمته لكيلا يُبصر طموحهم  وهم لا ينقطعون عن مدح تقتيره لكيلا يري شحهم.

 ويزيد الفساد بين المفسدين ، ويزيد بين من كانوا قد فسدوا ، ويقتسم الشعب جميع النقد العام، وبما أنه يضيف إدارة الأمور إلي كسله فإنه يود أن يضيف لهو الكمالي  إلي فقره، ولكن لا يمكن أن يكون هدفا له غير بيت المال  مع كسله وترفه.

إذن للديمقراطية حدان مفرطان يجب اجتنابهما وهما: روح التفاوت التي تسوقها إلي الأريستوقراطية أو إلي حكومة الفرد  ، وروح المساواة المتناهية التي تسوقها إلي استبداد الفرد، كما أن استبداد الفرد ينتهي بغزو البلاد.

مكان الفضيلة الطبيعي هو بجانب الحرية ، ولكنها لا تكون بجانب الحرية المتناهية أكثر ما مما تكون بجانب العبودية .

 علة فساد الشعب خاصة

 يمنح النصر العظيم ، ولا سيما الذي يساعد الشعب علي نيله كثيراً ، هذا الشعب  مقدارا من الزهو ما تعود قيادته معه أمراً متعذراً .

02‏/02‏/2012

روح الشرائع 16

روح الشرائع 16

الناس يزيدون رغائب واحتياجات وأهواء إذا كانوا معاً.

الهامش: قال مؤلف قصة النحل: " إن الإنسان في إحدي المدن الكبيرة يلبس فوق ما تقتضيه حاله ، ليزيد احترام الجمهور له، فهذه اللذة للنفس  الضعيفة تكون من العظم ما يعدل قضاء جميع رغائبها.

القوانين المقيدة للترف في الديمقراطية

كلما استقر الكمالي بالجمهورية تحولت النفس نحو المصلحة الخاصة ، وأما الرجال الذين لا يحتاجون إلي غير الضروري فلا يبقي ما يرغبون فيه سوي مجد الوطن والمجد الخاص ، ولكن النفس التي أفسدها الكمالي ذات رغائب كثيرة ، وهي لا تلبث أن تصبح عدو القوانين التي تزعجها .


الكمالي أمر ضروري في الدول الملكية وكذلك في الدول المستبدة ، والكمالي في الأولي هو استعمال ما يُملك عن حرية ، وهو في الثانية سوء استعمال ما ينال من المتع عن عبودية ، واواقع أن السيد إذ ما اختار عبداً له ليجور علي عبيده الآخرين لم يجد ذلك العبد ، المرتاب مما في الغد من طالع كل يوم ، سعادة غير إرواء زهو كل يوم ورغائبه وشهواته.
ويُسفر ذلك كله عن فكرة واحدة ، وهي أن الجمهوريات تنتهي بالكمالي وأن الملكيات تنتهي بالفقر.

الدولة كلما كانت فقيرة خربت بكماليها النسبي، ومن ثم زاد اضرارها إلي قوانين مقيدة للترف نسبية، وأن الدولة كلما كانت غنية أغناها كمالها النسبي فوجب احترازها من وضع القوانين النسبية المقيدة للترف ، و

الكمالي في الصين

من مراسيم أباطرة الصين الجميلة ، ومن قول إمبراطور من آل تانغ: " إن من مبادئ قدمائنا أنه إذا وُجد رجل لا يحرث وامرأة لا تغزل قاسي أناس في الإمبراطورية  ألم  البرد والجوع..." وقد استند إلي هذا المبدأ فأمر بهدم ملا يحصيه عد من الأديار البرونزية.