القانون الخمسون 13

القانون الخمسون 13

مخالفة المفھوم:

الانتھازي في الاستعمال الحديث ھو اصطلاح محتقر عموما ، يشير إلى الأشخاص الذين يفعلون أي شيء لصالحھم . ليست لديھم قيم أساسية من وراء تلبية حاجاتھم ولا يساھمون بشيء في المجتمع . إلا أن ذلك يعد فھما خاطئا للظاھرة ويرجع السبب إلى النخبة القديمة التي ترغب في ابقاء الفرص كمزايا حصرية للقلة القوية.

ھولاء الذين يأتون من القاع ويجرؤن على الترويج لأنفسھم بأية طريقة ينظر إليھم كميكافيليين ، بينما من يتربعون على القمة فعلا ويطبقون ذات الاستراتيجيات ھم أذكياء و واسعي الحيلة . و ھذا الحكم ليس إلا انعكاس للخوف.

الانتھازية في الحقيقة فن عظيم كان يدرس ويطبق في الكثير من الثقافات القديمة . البطل الأعظم في اليونان القديمة بأكملھا -اوديسيوس - كان انتھازيا على أعلى مستوى . ففي كل لحظات الخطر التي مر بھا في حياته ، استغل مواطن ضعف اعداؤه المكشوفة ليخدعھم ثم يقلب الطاولة عليھم . قدسه الإغريق كشخص أتقن فن تغيير ظروف الحياة . وفقا لمنظومة قيمھم ، فإن الأفراد الجامدين والمتمسكين بعقائد معينة ممن لا يستطيعون التكيف ويفوتون كل الفرص ھم أشخاص يستحقون سخريتنا ، حيث أنھم يمنعون التقد م.

تأتي الانتھازية مع نظام عقائدي يتميز بقوته وايجابيته ، أحدھم كان معروفا لدى الفلاسفة الرواقيين في روما ب ( أمور فاتي )( او ) حب المصير  . كل حدث وفقا لھذه الفلسفة كان مقدرا له الوقوع . عندما تتذمر وتسير ضد الظروف يختل توازنك بالنسبة للوضع الطبيعي للأشياء ، حيث تتمنى لو كانت الأمور مختلفة . ما عليك أن تفعله بدلا من ذلك ھو أن تتقبل حقيقة أن

ھذه الأحداث وقعت لسبب وباستطاعتك أن ترى ھذا السبب إيجابيا .شبه ماركوس اورليوس الأمر بالنار التي تلتھم كل شيء في طريقھا ، إذ أن جميع الظروف تصبح مستھلكة بواسطة حرارتك الذھنية مما يحولھا إلى فرص . الرجل أو المرأة الذين يؤمنون بھذا لا يمكن جرحھم بأي شيء أو

شخص.

بلا شك يصبح الأمراء عظماء في حالة اجتيازھم المصاعب والعراقيل التي تعترض طريقھم . عندما يرفع الحظ أميرا جديدا فإنه يصنع أعداءا له ويجعلھم يشنون الحملات عليه بحيث يكون مجبرا على الانتصار عليھم والقفز على درجة من السلم أعلى من تلك التي وضعوه عليھا . وبالتالي يرى الكثيرين أنه على الأمير الحكيم أن يثير بمھارة بعض العداوات كلما سنحت له الفرصة ، وعندئذ فإنه من خلال سحقھم سيقوي قاعدته.

نيكولو ميكافيلي