القانون الخمسون 8
*مفاتيح الجرأة :
أنا المالك لقوتي ، واكون كذلك عندما اعرف أن
ذاتي مميزة.
ماكس سترينر
عندما كنا
أطفالا واجھنا جميعا ذات المعضلة . نبدأ الحياة كمخلوقات عنيدة يجب ترويضھا ، نريد
الأشياء ونطلبھا لأنفسنا ونعرف كيف نحصل عليھا من البالغين حولنا . وفي الوقت نفسه
نحن معتمدين كليا على والدينا في الكثير من الأشياء الضرورية كالراحة والحماية
والحب والتوجيه . وعليه
فقد طورنا نوعا
من الازدواجية بداخلنا : أردنا الحرية والقوة لنشق طريقنا بأنفسنا ولكننا أيضا
نعشق الراحة والأمن الذي يستطيع الآخرين فقط منحه لنا.
في مرحلة
المراھقة نتمرد على الجزء الاتكالي من شخصيتنا ، حيث أردنا تمييز أنفسنا عن
والدينا والاظھار بأننا قادرون على الدفاع عن أنفسنا . صارعنا لتشكيل ھويتنا وعدم
الرجوع ببساطة إلى قيم أسرنا . ولكن مع تقدمنا في العمر تميل ازدواجية الطفولة تلك
إلى العودة للظھور على لسطح في مواجھة الكثير من المصاعب والتنافس في عالم الكبار
يحن جزء منا إلى العودة إلى تلك الوضعية الطفولية من التبعية.
نحتفظ بمظھر
راشد ونعمل من أجل اكتساب القوة لأنفسنا ولكننا نتمنى في اعماقنا سرا لو أن
أزواجنا أو شركاؤنا أو اصدقاؤنا أو رؤوساءنا في العمل يعتنوا بنا ويقوموا بحل
مشاكلنا.
علينا أن نشن
حربا ضارية على ھذه الازدواجية الداخلية العميقة مع فھم واضح لما ھو على المحك .
مھمتنا كبالغين ھي التملك الكامل لاستقلاليتنا وفرديتنا التي ولدنا بھا و أن
نتجاوز نھائيا مرحلة الاتكالية في الطفولة ونقف بأنفسنا .
يجب أن ننظر إلى
الرغبة في العودة إلى تلك المرحلة بأنھا رديئة وخطرة ، فھي تنبع من الخوف من تحمل
مسؤولية نجاحنا أو فشلنا والاضطرار إلى التصرف بأنفسنا واتخاذ القرارات الصعبة .
غالبا ما نغلف ھذه الرغبة بمظھر مناقض لھا : عن طريق العمل للآخرين ، بأن نكون
مطيعين ومتوافقين أو ادماج شخصيتنا في المجموعة . نكون أشخاصا جيدين ولكن
ليس ھذا إلا
خوفنا يتكلم ويخدعنا . إذا استسلمنا لھذا الخوف سنقضي بعدئذ حياتنا ونحن نبحث
خارجا عن خلاص ولن نجده ابدا ، سنقتصر على مجرد الانتقال من تبعية لأخر ى.
بالنسبة لمعظمنا
، العقبة الكبرى في ھذه الحرب ھي عالم العمل . يدخل أغلبنا حياة الرشد مع طموحات
عظيمة حول كيفية إنشاء مشاريعنا الخاصة ، إلا أن قسوة الحياة تسحقنا.
نستقر في وظيفة
معينة ، ثم نستسلم تدريجيا لوھم أن
رؤوساءنا في العمل يھتمون بنا وبمستقبلنا ، ويمضون الوقت في التفكير فيما ھو خير
لنا . نسينا الحقيقة الجوھرية بأن البشر تحكمھم المصلحة الشخصية . يحتفظ بنا
رؤوساءنا في العمل بدافع الحاجة لا العاطفة ، سيتخلصون منا في الوقت الذي تقل فيه
ھذه الحاجة أو يجدون شخصا أصغر منا وأقل تكلفة ليحل
محلنا . إذا
استسلمنا للوھم و الراحة المتأتية من الراتب ، فإننا نھمل بناء مھارات الاعتماد
على الذات ، وكل ما يحدث ھو مجرد تأجيل لحظة الحسم إلى الوقت الذي نجبر فيه على
الدفاع عن أنفسنا.
يجب أن تكون
حياتك تطورا باتجاه الملكية ، في البداية ذھنيا عن طريق فرديتك ثم ماديا عن طريق
عملك ، بأن تملك ما تنتجه . فكر في الخطوات التالية كنوع من المخطط حول كيفية
السير في ھذا الإتجا ه:
الخطوة
الأولى : استرجع الوقت الضائع:
عندما كان
كورنيليوس فاندربيلت في الثانية عشرة من العمر تم إجباره على العمل لدى والده في
تجارته الصغيرة في الشحن . كان عملا شاقا وقد كرهه
كورنيليوس كان
طفلا عنيدا وطموحا ، وعليه فقد عزم في ذھنه على الآتي : خلال بضع سنوات سيؤسس
مشروع شحن خاص به . غير ھذا القرار البسيط كل شيء . اصبح عمله الآن وظيفة عاجلة ،
عليه أن يبقي عينيه مفتوحتين ويتعلم كل ما يستطيعه عن تجارة أبيه بما في ذلك كيف يعمل
الأشياء بصورة أفضل . بدلا من كونه عملا بليدا صار الآن تحديا ممتعا.
في عمر السادسة
عشرة اقترض مئة دولار من والدته واستخدم المال لشراء قارب وبدأ بنقل الركاب بين
مانھاتن و جزيرة ستاتن . تمكن خلال سنة من سداد القرض . في الوقت الذي بلغ فيه
الحادية والعشرين كان قد كون ثروة صغيرة و في طريقه ليصبح أغنى رجل في عصره.
من خلال ھذه
التجربة وضع شعاره لمدى الحياة ( لا تكن تابعا ابدا ، دائما كن المالك ) .
الوقت عامل
جوھري في حياتنا وفي غالبية مواردنا المھمة . المشكلة في عملنا لدى الآخرين ھو أن
الوقت المخصص له يصبح غالبا وقتا ضائعا نرغب في قضاءه بأسرع ما يمكن ، الوقت الذي
ليس لنا.
الغالبية العظمى
منا يجب أن تبدأ حياتھا المھنية بالعمل لدى الآخرين ولكن يبقى في مقدورنا تحويل
ھذا الوقت من شيء ميت إلى حي . إذا عزمنا على فعل ذات الأمور التي عزم عليھا
فاندربيليت ( أن تكون مالكا لا تابعا ) ، فإن ھذا الوقت سيستخدم لتعلم أكبر قدر
ممكن عن ماذا يحدث حولنا : الالاعيب السياسية ، الثغرات في مغامرة معينة ، اللعبة
الكبرى التي تجري في عالم التجارة وكيف نستطيع عمل الأشياء بصورة أفضل . علينا أن
نوجه انتباھنا ونتشرب أكبر قدر ممكن من المعلومات . سيساعدنا ھذا على تحمل العمل
الذي لا يبدو مثمرا جدا . سنمتلك بھذه الطريقة وقتنا وافكارنا قبل امتلاكنا لمشروع
تجار ي.
تذكر ھذا : يفضل
رؤسائك في العمل أن يبقوك في وضع اعتمادي . إنه في صالحھم أن لا تكون معتمدا على
ذاتك ، ولذا سيميلون إلى إخفاء المعلومات . عليك أن تعمل سرا ضد ھذا وتأخذ تلك
المعلومات لنفسك .
الخطوة
الثانية : كون أمبراطوريات صغيرة:
أثناء عملك لدى
آخرين يجب أن يكون ھدفك في مرحلة معينة تكوين أمبراطوريات صغيرة تعمل فيھا لحسابك
، ومن أجل اكسابك المھارات العملية . قد يعني ھذا أن تعرض تولي مھمة إكمال
المشاريع التي لم يكملھا آخرون أو تطبيق افكار جديدة من عندك ولكن ليس شيئا ضخما
جدا يثير الشك.
ما تفعله ھو
اكتساب خبرة عمل الأشياء بنفسك و اتخاذ قراراتك الخاصة والتعلم من أخطاءك . إذا لم
يسمح لك رؤوساءك بفعل خطوة كھذه على أي مستوى، فأنت لست في المكان الصحيح. لو فشلت
ھذه المغامرة فإنك تكون قد حصلت على درس ثمين، ولكن عموما يؤدي اتخاذ المبادرة
بعمل ھذه
الأشياء بنفسك
إلى اجبارك على العمل بشكل أفضل وبجدية أكبر ، و تصبح متمتعا بابداع ودافعية أشد
بسبب وجود الكثير من الأشياء على المحك نتيجة لقيامك برفع مستوى التحدي.
ضع الآتي في
ذھنك : ما تقدره فعلا في الحياة ھو الملكية وليس المال . إذا كان ھناك خيار ما بين
المزيد من المال أو المزيد من المسؤوليات فعليك دائما أن تختار الأخير .
الوظيفة ذات الأجر الأقل والتي تمنحك مساحة أكبر
لاتخاذ قرارات وتكوين أمبراطوريات صغيرة ، ھي أفضل وبشكل لا يقارن مع شيء يدفع
المال جيدا ولكنه يقيد تحركاتك.
الخطوة
الثالثة : تحرك فوق السلسة الغذائية :
قرر البابا
ألكسندر السادس في عام 1499 أن ينشىء إمارة لابنه قيصر بورجيا في المنطقة
الرومانية من إيطاليا . لم يكن ھذا سھلا بسبب وجود كافة أنواع القوى المتنافسة
للسيطرة على الدولة : العائلات التي تصدرت المشھد السياسي ، ملوك الدول الأخرى
الذين يتحايلون لتولي السيطرة على مناطق معينة ، الأقاليم المتمتعة بمساحات من
التأثير وأخيرا الكنيسة
ذاتھا.
كان على البابا
من أجل المحافظة على رومانيا لابنه أن ينتصر على أقوى عائلتين في إيطاليا و أن
يتحالف مع الملك لويس الثاني عشر ، بالإضافة إلى تكوين جيش من المرتزقة.
قيصر بورجيا كان
شابا داھية ، كان ھدفه الحصول على رومانيا ثم تجاوزھا ليصل في النھاية إلى توحيد
إيطاليا بأكملھا وجعلھا قوة عظمى . إلا إن وضعه الآن متوقف على العديد من القوى
الخارجية المتحكمة بمصيره وكل واحدة منھا أشد من الأخرى : الجيش الموالي للأسر
القوية ، الملك الفرنسي و كذلك البابا نفسه الذي قد يموت في أي وقت ويتم استبداله
بشخص معاد
لبورجيا . ھذه التحالفات قد تتغير وتنعكس ضده
، لذلك عليه أن
يقضي على تلك التبعيات واحدة تلو الأخرى
إلى أن يتمكن من
القيام بنفسه دون أحد يعلوه.
استخدم الرشوة
لوضع نفسه على رأس فصيل الأسرة التي حالفه والده معھا ، ثم تحرك ليقضي على عدوه
الرئيسي.
وعمل على التخلص
من جيش المرتزقة وإنشاء جيش خاص به ، كذلك تحايل من أجل عمل تحالفات توفر له
الحماية في مواجھة ملك فرنسا الذي يصبح ينظر إليه الآن كخطر.
استحوذ على
المزيد والمزيد من الأقاليم و كان على حافة الوصول في توسيع نطاقه إلى نقطة
اللاعودة إلى أن سقط مصابا بمرض مميت في عام
4 150 ، بعد ذلك
بفترة قصيرة توفي والده وتم استبداله سريعا ببابا قرر
أن يوقف قيصر
بورجيا . كان يعلم بالمدى الذي يمكنه بلوغه لو أن خططه لم تكن قد تلاشت بفعل ظروف
غير متوقعة.
كان قيصر بورجيا
رائدا عصاميا سابقا لعصره . أدرك أن البشر ھم مخلوقات سياسية تتحايل باستمرار
للحفاظ على مصالحھا . إذا قمت بشراكة معھم أو اتكلت عليھم من أجل تطورك وحمايتك ،
فإنك تسعى لورطة . فھم إما أن ينقلبوا ضدك في مرحلة ما أو يستخدموك كمخلب قط
للحصول على
ما يريدو ن.
يجب أن يكون
ھدفك في الحياة ھو أن تتحرك أعلى فأعلى عن السلسة الغذائية وذلك بأن تسيطر وحدك
على وجھة مشروعك ، غير معتمد على أحد . متى ما كان ھذا الھدف يمثل قيمة مستقبلية
فعليك أن تسعى في الحاضر لإبقاء نفسك حرا عن أية تعاقدات وتحالفات غير ضرورية .
إذا لم تستطع تجنب الشراكات ، فكن على بينة من العمل الذي يؤدونه لك وكيف
تتحرر منھم في
اللحظة المناسبة.
يجب أن تتذكر
بأنه عندما يمنحك الناس أشياءا أو يصنعوا لك معروفا فإن ذلك دائما يكون مرفقا
بقيود . فھم يريدون شيئا منك في المقابل : كمساعدة ما أو ولاء أو غيره . عليك أن
تبقي نفسك حرا من أكبر كم ممكن من ھذه الالتزامات بقدر ما تستطيع ، و اكتسب عادة
أخذ ما تحتاجه بنفسك بدلا من توقع أن يقوم الآخرين باعطاؤك إيا ه.
الخطوة
الرابعة : اجعل مشروعك انعكاسا لفرديتك: حياتك كلھا ھي عبارة عن تعلم من أجل تطوير المھارات والاعتماد على
الذات الضروري لتكوين مغامرتك الخاصة ولتصبح رئيسا لنفسك . ولكن ھناك عائق أخير
يعترض تحقيق ذلك . قد تتجه إلى النظر نحو ما حققه الآخرين في مجالك وتحاول ببساطة
تكرار أو محاكاة نجاحھم . يمكنك أن تحصل على بعض القوة من ھذه الإستراتيجية ولكنھا
لن تمضي بعيدا ولن تدوم.
افھم
ھذا : أنت فريد من
نوعك وخصائصك الشخصية ھي نوع من مزيج كيميائي لن يتكرر ابدا في التاريخ . ھناك
افكار مميزة لك و أنماط و مواصفات معينة تكون نقاطا لقوتك وليس ضعفك . عليك أن لا
تخاف من تميزك وان تكترث أقل فأقل بما يعتقده الناس عنك.
ھذا ھو مسار
أقوى الناس في التاريخ . كان موسيقي الجاز العظيم مايلز دايفز مدفوعا دائما خلال
حياته لتكييف ايقاعه وفق نمط محدد في ذلك الوقت ، إلا أنه أصر على المحافظة على
وضع بصمته الخاصة على أي شيء يعزفه . مع تقدمه في العمر أصبح أشد فأشد إصرارا حتى
أحدث ثورة في عالم الجاز بفضل ابتكاراته المستمرة في الإيقاع . لقد توقف ببساطة في
مرحلة معينة عن الاستماع للآخرين.
رفض جون كينيدي
إقامة حملة مثل فرانكلين ديلانو روزفلت أو غيره من السياسيين الأمريكين في السابق
، ولكنه صنع أسلوبه الخاص الفريد استنادا للاوقات التي مر بھا و شخصيته المميزة .
عن طريق المضي في مساره الخاص ، غير إلى الأبد مسار الحملات السياسية.
ھذا التميز الذي
تعبر عنه ليس شيئا متوحشا أو غريبا جدا ، بل ھو مؤثر بذاته . نادرا ما يكون الناس
بھذا الاختلاف . كلما كنت كما أنت ، كلما أمكنك القيام بذلك . لن يستطيع العالم
الوقوف في وجه ھذه الأصالة بل سيستجيب لھا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق