القانون الخمسون 36
مفاتيح الجرأة:
المرء يمتلك
الحرية ، والرغبات الغير المقيدة ، ويمتلك نفسه ، كل ھذا لا يطابق بالضبط أي تصنيف
، ويقذف باستمرار جميع الأنظمة والنظريات إلى الجحيم . فمن أين أتى حكماؤنا بفكرة
أن الإنسان يجب أن تكون له رغبات شريفة ؟
ما يحتاجه المرء
ھو فقط التمني المستقل بغض النظر عما يكلفه ھذا الاستقلال وما يؤدي إليه.
فيودور ديستوفسكي
تدور فكرتنا حول
الحرية في عالم اليوم على ما يتجاوز بكثير القدرة على إشباع احتياجات و رغبات
معينة . نشعر بالحرية إذا كنا نستطيع الحصول على نوع الوظيفة التي نفضلھا ، شراء
الأشياء التي نريدھا ، و فعل ما يحلو لنا من السلوك على نطاق واسع طالما أنه لا
يؤذي الآخرين . وفقا لھذا
المفھوم الحرية
ھي شيء سلبي في الأساس ، فھو يمنح ويكفل لنا بواسطة الحكومة ( غالبا من خلال عدم
التدخل في شؤوننا ) و المجموعات الاجتماعية المتعددة.
إلا أنه يوجد
مفھوم مختلف تماما للحرية ، فھي ليست شيئا يمنحنا إياه الناس كميزة أو حق ، بل
حالة ذھنية تستلزم منا العمل لاكتسابھا والمحافظة عليھا بالكثير من الجھد . ھي شيء
حيوي وليس سلبي ، وتأتي من ممارسة الإرادة الحرة . إن الكثير من أفعالنا في شؤوننا
اليومية ليست حرة ولا مستقلة ، حيث نميل إلى الخضوع لأعراف المجتمع في السلوك
والتفكير
، أي أننا نتصرف
انطلاقا من العادة دون كثرة التفكير حول لماذا نفعل الأشياء . حينما نتصرف بحرية
فإننا نتجاھل أية ضغوط للخضوع ، إذ نخطو خلف سلوكنا المعتاد . و نصمم على إرادتنا
وفرديتنا ، ونتحرك بأنفسنا.
لنقل أن لدينا
وظيفة توفر لنا مالا كافيا للعيش براحة وتمنحنا مستقبلا معقولا ، ولكن ھذا العمل
لا يشبعنا بعمق لأنه لا يقودنا إلى أي مكان نريد الذھاب إليه . بالإضافة إلى أنه
ربما علينا التعامل مع رب عمل صعب ومتغطرس . كما سترغمنا مخاوفنا من المستقبل ،
عاداتنا المريحة ، و حس الإنضباط لدينا على البقاء . اذ تضع جميع ھذه العوامل
الحدود و تقيدنا .
إلا أنه يمكننا
في أي لحظة التحرر من الخوف وترك العمل ، دون أن نتيقن إلى أين نحن ذاھبين ولكن
واثقين بأننا سنفعل الأفضل . إننا في ھذه اللحظة نمارس الإرادة الحرة التي تنبثق
من رغبتنا وحاجتنا العميقة .
عندما نغادر يجب
أن ترتفع عقولنا الى مستوى التحدي . و للاستمرار في ھذا الطريق علينا أن نقوم
بالمزيد من الأفعال المستقلة ، حيث لا يمكننا
الاعتماد على
عادات او أصدقاء لنرى أنفسنا من خلالھم ، فالفعل الحر يتمتع بقوة دفع خاصة به.
سيجادل الكثيرين
في أن فكرة ھذه الحرية النشطة ھي وھم في الأساس ، فنحن نواتج لبيئتنا . وعليه ،
فھم يقولون إنه إذا أصبح الناس ناجحين فذلك يعود إلى استفادتھم من عدد من الظروف
الاجتماعية الملاءمة : كان يكونوا في المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح ، أو حصلوا
على التعليم المناسب والتوجيه . لاشك أن إرادتھم لعبت دورا ولكنه دور بسيط ، وعليه
ينصرف الجدال إلى أنه لو كانت الظروف مختلفة فلن تحصل ھذه الشخصيات على النجاح
الذي لديھا الآن ، بغض النظر عن مدى قوة إرادتھا.
قد يتم توجيه
جميع أنواع الإحصائيات والدراسات لدعم ھذا الخلاف ، إلا أن ھذا المفھوم في النھاية
مجرد نتاج لعصرنا ويستند إلى على الحرية السلبية . فھو يركز على الظروف والبيئة ،
كما لو كانت الأفعال الحرة الاستثنائية لفريدريك دوجلاس تفسر أيضا لأسباب جسدية أو
قلة تعلمه للقراءة.
الخلاصة أن ھذه
الفلسفة تريد إنكار الحرية الأساسية التي نتمتع بھا كلنا لاتخاذ قرارات مستقلة عن
أي قوى خارجية ، وتقليص الشخصية الفردية ، فھي تعني أننا مجرد منتجات لتطور إجتماعي
معين.
افھم
ھذا : يمكنك في أية
لحظة ركل ھذه الفلسفة وأفكارھا إلى سلة النفايات بواسطة فعل شيء غير منطقي وغير
متوقع ومخالف لما فعلته في الماضي ، كتصرف لا يفسر ببساطة بسبب تربيتك أو جھازك
العصبي .
ما يمنعك من اتخاذ ھذا الفعل ليس ماما أو بابا
أو المجتمع ، وإنما مخاوفك أنت حر في
الأساس لتتحرك خلف أية قيود وضعھا لك الآخرين ، وتعيد
صياغة ذاتك
بعناية كما تتمنى.
إذا كنت قد مررت
بتجربة مؤلمة بشكل رھيب في الماضي ، فلك أن تختار ابقاء الألم ھناك والتمرغ فيه .
في الناحية الأخرى ، يمكنك تحويله إلى غضب ، قضية لإظھارھا أو نوع من الفعل أو
تستطيع ببساطة التخلص منه والمضي إلى الأمام ، مطلقا الحرية والقوة التي جلبھا لك
. لا أحد يمكنه استبعاد ھذه الخيارات أو إجبارك على استجابة ، الأمر برمته يعود
لك.
إلا ان الانتقال
إلى ھذه الصورة الأكثر حيوية من الحرية لا يعني أن تتيح لنفسك التجاوز للقيام
بأفعال تعد غريبة أو فاسدة ، فعلى سبيل المثال يجب أن يرتكز قرارك بتغيير مسار
وظيفي على الأخذ في الاعتبار بعناية مدى قوتك و رغباتك العميقة والمستقبل الذي
تريده . إنھا تنبع من التفكير في نفسك وعدم قبول ما يعتقده الآخرون عنك . كما أن
المخاطر التي تتحملھا ليست عاطفية أو من أجل البحث عن الإثارة ، بل محسوبة .
تلعب الحاجة إلى التوافق واسترضاء الآخرين دائما
دورا في أفعالنا بشكل واع أو لا واع ، والتحرر منھا كليا ھو أمر مستحيل وغير مرغوب
.
أنت فقط تكتشف
نطاقا أكثر حرية من السلوك في حياتك والقوة التي يجلبھا لك.
ما يمنعنا من
التحرك في ھذا الاتجاه ھو الضغوط التي نشعر بھا لأجل الخضوع ، أنماطنا الإعتيادية
الجامدة في التفكير و شكوكنا الذاتية ومخاوفنا.
ما يلي ھي خمس
استراتيجيات لمساعدتك على الاندفاع إلى خلف ھذه القيود :
1-
تحد جميع التصنيفات:
كفتاة شابة نشأت
في كنساس في أواخر القرن العشرين شعرت ايمليا ايرھارت بالغربة عن المكان . أحبت
عمل الأشياء بطريقتھا الخاصة ، ولعب الألعاب الخشنة مع الأولاد ، قضاء ساعات
بمفردھا في قراءة الكتب أو الاختفاء في نزھات طويلة . كانت تميل إلى السلوك الذي
يعتبره الآخرون غريبا وغير تقليدي . ثم طردت من المدرسة الداخلية بسبب قيامھا
بالمشي في السطح بملابس النوم . مع تقدمھا في العمر
، شعرت بضغط
شديد من أجل الاستقرار وأن تصبح كبقية الفتيات ، ولكنھا كانت تشمئز من الزواج ومن
الضغوط الواقعة على النساء . لذا فقد بحثت عن وظيفة وجربت العمل بيديھا في كافة
أنواع الأعمال ، ولكنھا تعشق المغامرة والتحديات وكانت الأعمال المتوفرة حينئذ
وضيعة وتسبب فراغ الذھن. وفي أحد الأيام في عام 1920 ، ذھبت في رحلة قصيرة
بالطائرة و فجأة شعرت أنھا وجدت نداءھا . أخذت دروسا وأصبحت قائدة طائرة ، وأحست
أنھا وجدت في الھواء الحرية التي كانت تبحث عنھا دائما . كانت قيادة الطائرة تحديا
مستمرا - جسديا وذھنيا . حيث استطاعت التعبير عن الجانب المتحدي في شخصيتھا وعشقھا
للمغامرة ، بالإضافة الى اھتمامھا بميكانيكية الطيران.
لم تؤخذ قيادة
المرأة للطائرة في ذلك الوقت على محمل الجد ، وحدھم الرجال من يضع السجلات
ويكتشفون المسارات الجديدة . لمكافحة ھذا الأمر ، كان على ايرھارت أن تدفع القيود
إلى أبعد ما يمكن عبر القيام برحلات بطولية ستضع ، خطوطا رئيسية وتضيف شيئا للمھنة
.
في عام 1932
أصبحت أول قائدة طائرة تطير بطائرة منفردة عبر المحيط
الأطلسي ، والتي
تحولت إلى أشد رحلاتھا إارھاقا و تحديا للموت .
فكرت في عام
1935 بعبور خليج المكسيك ، و كان قد أخبرھا أحد أشھر الطيارين الذكور في ذلك الوقت
بأنه الأمر خطير جدا ولا يستحق المجازفة . ولكن نتيجة لشعورھا بوجود تحد في ھذا ،
قررت محاولة الطيران على أية حال واجراءھا بسھولة نسبية ، ولتري الآخرين كيف يتم
عمل ذلك.
لو أنھا استسلمت
في أية لحظة من حياتھا للضغط لتشبه الآخرين أكثر ، لفقدت السحر الذي يبدو الآن أنه
يتبعھا كلما مضت في اتجاھھا الخاص . قررت أن تستمر في أن تكون نفسھا ، بغض النظر
عن النتائج . كانت ترتدي بطريقتھا الغير تقليدية وتتحدث عن رأيھا في الأمور
السياسية ، حتى وإن كان ذلك يعتبر غير لائق . عندما طلب الصحفي والاعلامي الشھير
جورج بوتنام يدھا للزواج ، قبلت ايرھارت بشرط أن يوقع
عقدا يضمن بموجبه
احترام رغباتھا في أقصى درجات الحرية ضمن العلاقة.
الاشخاص الذين
قابلوھا كانوا يعلقون دائما بأنھا لم تكن حقا ذكورية أو أنثوية أو حتى مزدوجة
الجنس ، بل تمثل نفسھا كليا كمزيج نادر من الصفات . إنه ذلك الجزء منھا الذي سحر
الناس وأبقاھا تحت الأضواء .
في عام 1937 قامت بأخطر رحلة طيران في عملھا ،
إذ ستدور حول العالم من خلال خط الاستواء وتتضمن الرحلة استراحة في جزيرة صغيرة في
المحيط الھادي . إلا أنھا اختفت في مكان ما قرب الجزيرة ولم يعثر عليھا أبدا ، و
كل ھذا أضاف فقط إلى أسطورة ايرھارت كمجازفة ماھرة فعلت كل شيء بأسلوبھا الخاص.
افھم
ھذا : حينما ولدت ،
صرت متورطا في معضلة مستمرة إلى ھذا اليوم ، وھي التي تحدد نجاحك أو فشلك في
الحياة.
أنت فرد مزود
بأفكار ومھارات تجعلك مميزا ، إلا أن الناس يحاولون دائما إخضاعك إلى تصنيفات ضيقة
لتجعلك أكثر قابلية للتوقع وأسھل للتحكم . أنھم يريدون رؤيتك كخجول أو اجتماعي ،
حساس أو قاسي . إذا استسلمت لھذا الضغط ، قد تحصل على بعض القبول الاجتماعي ولكنك
ستخسر الأجزاء الغير التقليدية من شخصيتك والتي ھي مصدر تميزك وقوتك .
يجب أن تقاوم
ھذه العملية بأي ثمن ، و تنظر الى أحكام الآخرين الضيقة والمنظمة كنوع من السجن .
مھمتك ھي أن تحتفظ ب أو تعيد اكتشاف تلك الجوانب التي تتحدى التصنيف من شخصيتك وإعطاؤھا
دور أكبر من خلال البقاء متفردا ستصنع شيئا مميزا ، وتثير نوعا من الاحترام لن
تتلقاه أبدا من التوافق الفاتر.
2-
أعد اكتشاف نفسك باستمرار :
في طفولته ، كان الرئيس المستقبلي جون كينيدي ضعيفا جدا وكثير المرض ،
حيث قضى الكثير من الوقت في مستشفيات متعددة ونشأ ھشا و واھن المنظر . تنامى لديه
بسبب ھذه التجارب رعب من أي شيء يجعله يشعر بفقدان السيطرة على حياته . إحدى صور
الضعف التي ضايقته بشكل خاص ھي أحكام الناس المستندة إلى مظھره . كانوا يرونه
ضعيفا وھشا ، مستخفين بالقوة المتوارية لشخصيته ، لذلك فقد بدأ بعملية طويلة الأمد
لانتزاع ھذه السيطرة من الآخرين وإعادة تأسيس ذاته باستمرار وصياغة الصورة التي
يريد من الناس أن يرونھا به.
في شبابه ، تم
ابرازه على أنه الابن المحب للمتعة لوالد قوي ، وعليه ذھب للتجنيد في البحرية عند
اندلاع الحرب العالمية الثانية على الرغم من قيوده الجسدية ، عازما على إظھار
الجانب الآخر من شخصيته للآخرين . ومن ثم لكونه أصبح ملازما على متن طوربيد في
المحيط الھادي ، تعرض قاربه للاصطدام بواسطة مدمرة يابانية وانشق إلى نصفين ، إلا
أنه استمر في قيادة رجاله إلى بر الأمان ونال العديد من الميداليات لشجاعته .
أثناء ھذه الحادثة ، أبدى تجاھلا شديدا لحياته الخاصة ، ربما في محاولة لمرة واحدة
وإلى الأبد من أجل إثبات رجولته . قرر في عام 1946 أن يترشح للكونجرس ، واستخدم
سجله الحربي لصناعة صورته كرجل شاب سيكون
أيضا مقاتلا
جسورا عن ناخبيه.
عندما أصبح
سيناتور بعد بضع سنوات ، أدرك أن الكثيرين من العامة يرونه غير ذي ثقل شاب ولم يثبت ذاته . قرر ثانية أن يعيد اكتشاف
نفسه ، ھذه المرة عن طريق تأليف كتاب (تمت كتابته بواسطة كاتب خطاباته ثيودور
سورينسون ) و كان عنوانه ملامح في الشجاعة ، وثق فيه قصصا لسيناتورات مشھورين
تحدوا الأعراف وحققوا أشياء عظيمة . فاز الكتاب
بجائزة بوليتزر
، والأھم أنه غير كليا صورة العامة عن كينيدي ، إذ يرونه الآن وقورا ومستقلا ويتبع
بطريقة ما درب السيناتورات الذي كتب عنھم
و من الواضح أنه أثر مقصود حينما ترشح للإنتخابات الرئاسية في عام 1960 ،
قلل الناس من شأنه مرة أخرى ، حيث رأوه ذلك السيناتور الكاثوليكي المتحرر الشاب
الذي لا يروق ببساطة لغالبية الأمريكيين.
قرر ھذه المرة
أن يعيد صياغة ذاته ليكون كقائد ملھم ، سيقود البلاد خارج ركود عصر ايزنھاور ،
معيدا امريكا إلى جذورھا الأصلية و يصنع حسا بالھدف الموحد . كان مثالا للشباب
والقوة ( خلافا لضعفه الجسدي المستمر ) ، وأصبح جذابا بما فيه الكفاية للاستحواذ
على اھتمام الجمھور ومن ثم الفوز بالانتخابا ت.
افھم
ھذا : يقيمك الناس
على أساس المظاھر ، و الصورة التي تعكسھا من خلال تصرفاتك ، كلماتك ، وشكلك . إذا
لم تتحكم بھذه العملية ، سيراك الناس ويعرفونك بالطريقة التي يريدونھا والتي تكون
غالبا في غير صالحك ربما تظن أن التمسك
بتلك الصورة سيجعل الآخرين يحترمونك ويثقون بك ، إلا أن الحقيقة ھي العكس ، ذلك أنه
بمرور الوقت ستبدو تقليديا وضعيفا . الثبات ھو وھم على أي حال ، فكل يوم يمر يؤدي
إلى تغيرات بداخلك وعليك أن لا تكون خائفا من التعبير عن ھذه التطورات . يتعلم
الأقوياء مبكرا في الحياة أنھم يتمتعون بحرية تشكيل شخصياتھم وملاءمة حتياجاتھم وأمزجتھم
وفقا لما يتطلبه الوقت ، وبھذه الطريقة يفقدون الآخرين توازنھم
ويحتفظون بجو من
الغموض . يجب أن تتبع ھذا المسار وتجد متعة عظيمة في إعادة اكتشاف ذاتك ، كما لو
أنك مؤلف تكتب الدراما الخاصة بك.
3 -
اقلب أساليبك :
تعتمد الحيوانات
في معيشتھا على الغرائز والعادات . نحن كبشر نعتمد على تفكيرنا المنطقي الواعي
الذي يمنحنا حرية أعظم للتصرف ، والقدرة على تغيير سلوكنا وفقا للظروف. ھذا
الحيوان ھو ذلك الجزء من طبيعتنا الذي يدفعنا لتكرار ذات الأشياء ويسيطر على أسلوبنا
في التفكير .
كما نخضع أيضا لأنماط
ذھنية تجعل أفعالنا متكررة . ھذه ھي المشكلة
التي سببت ھاجسا
كبيرا للمھندس العظيم فرانك لويد رايت ، وأتى بعد ذلك بحل عظيم. كمھندس شاب في
تسعينيات القرن الثامن عشر ، لم يدرك
رايت لماذا
يختار معظم الأشخاص في مھنته تصميم البناء وفقا لمخططات يجب أن يتبع بناء المنزل
قالبا معينا يتم تحديده وفقا للمواد والسعر ، و هناك أسلوب واحد صار شائعا واستنسخه
الناس إلى مالا نھاية . إن العيش في مثل ھذه المنازل أو العمل في مثل ھذه المكاتب
يجعل الناس يشعرون
بعدم الإنسانية
، كالتروس في آلة . لا توجد في الطبيعة شجرتان متشابھتان إطلاقا ، حيث تتشكل
الغابة في نوع من التصميم العشوائي وھذا ھو سر جمالھا . وعلى ذلك ، قرر رايت أن
يتبع ھذا التصميم الأصلي بدلا من نموذج الإنتاج الضخم لعصر التكنولوجيا . قرر أنه
لن يكون ھناك بناءان
من تصميمه
متشابھان أبدا بأية طريقة ، بغض النظر عن التكلفة والجھد . كذلك سيطبق ھذا الأمر
على سلوكه و ردود أفعاله مع الآخرين ، إذ سيستمتع بكونه متقلب الأطوار من خلال
قيامه بعكس ما يتوقعه زملائھه و زبائنهھ منھه . ھذا الأسلوب الغريب في العمل قاد
إلى صنع التصميمات الثورية التي جعلتھه أشھر مھندس في عصره.
تم تكليفه في
عام 1934 من ايدجار كوفمان قطب القطاع التجاري في بيتسبرغ لتصميم منزل للاجازات
مواجه لشلال في بير كريك في بنسلفانيا الريفية . أحتاج رايت إلى رؤية المخطط في
ذھنه قبل أن يستطيع افراغه على الورق ، ولكن بالنسبة لھذا المشروع لم يتبادر إليه
شيء ، لذا قرر أن يمارس لعبة على نفسه . ببساطة ، تجاھل العمل ومضت عدة أشھر.
أخيرا ، ضاق
كوفمان ذرعا واتصل برايت ھاتفيا طالبا منه رؤية المخطط ، و ھتف رايت بفرحة أنه
أنھى العمل . على إثر ھذا أخبره كوفمان بأنه سيأتي إليه بعد ساعتين للإطلاع عليه.
كان مساعدي رايت
فزعين ، فھو لم يرسم حتى خطا واحدا حتى الآن . وفي خضم ارتباكه شعر بدفقة ضخمة من
الطاقة الإبداعية ، و بدأ برسم البيت . قرر أنه لن يواجه الشلال ، بل سيكون معلقا
ومندمجا به . ابتھج كوفمان عندما رأى التصميم وأصبح ذلك المنزل يعرف ب ( الشلال )
، ويعتبر أجمل إبداع لرايت . لقد أجبر رايت في الحقيقة عقله على مواجھة المشكلة
دون أبحاث او مفاھيم مسبقة ، في ذات اللحظة كليا . كان الأمر تدريبا لتحرير ذاته
من العادات السابقة وصنع شيئ مختلف بالكامل.
ما يمنعنا من
استخدام المرونة الذھنية والحرية التي نتمتع بھا فطريا ھو الروتين في حياتنا .
فنحن نرى الأشخاص أنفسھم ونفعل ذات الأشياء ، وتسير عقولنا على ھذه الأنماط . الحل
ھو كسر تلك العملية ، على سبيل المثال يمكننا الانھماك عمدا في القيام بتصرفات
عشوائية أو حتى غير منطقية ، أو ربما أن نفعل النقيض التام لما نقوم به بصورة
طبيعية في حياتنا اليومية . من خلال القيام بتصرف لم يسبق لنا فعله إطلاقا فإننا
نضع أنفسنا في
منطقة غير مألوفة ، وتصحو عقولنا بشكل طبيعي بسبب الوضع المستحدث . نستطيع في ذات
السياق إرغام أنفسنا على اتخاذ مسارات مختلفة ، زيارة أماكن غريبة ، مقابلة أشخاص
مختلفين ، الاستيقاظ في ساعات غريبة ، قراءة الكتب التي تتحدى عقولنا بدلا من
اخمادھا . يجب أن نطبق ھذا حينما نشعر بشكل خاص بأننا عاجزين وغير
مبدعين ، إذ أنه
من الأفضل لنا في ھذه اللحظات أن نكون صارمين مع أنفسنا و أساليبنا.
4 - اخلق
إحساسا قدريا:
في عام 1428 ،
بدأ الجنود المتمركزين في ( جاريسون ) في المدينة الفرنسية لفاكوليروس يتلقون
زيارات من فتاة في السادسة عشر تدعى جان دارك.
كانت ابنة
لفلاحين بسطاء من قرية فقيرة مجاورة ، وقد كررت على أولئك الجنود الرسالة ذاتھا :
انهھ تم اختيارھا من الله لإنقاذ فرنسا من الحالة اليائسة التي وقعت فيھا . كانت
الدولة في السنوات القليلة السابقة قد احتلت من قبل الغزاة الإنجليز الذين أخذوا
الملك الفرنسي كرھينة في إنجلترا ، وأوشكوا على انتزاع مدينة فرنسا الرئيسية (
اورليانز ) . أما إلابن البكر
للملك ، وھو
وريث العرش ، بقي قابعا بعيدا في القصر داخل البلاد مقررا عدم القيام بشيء . كان
لدى جان رؤى ، وشرح لھا عدد من القديسين ما تفعله بالضبط : أن تقنع ابن الملك
بمنحھا قوات لقيادتھا إلى اورليانز لھزيمة الإنجليز ھناك ، ومن ثم قيادة إلابن إلى
ريمز حيث سيتوج كملك جديد لفرنسا والذي سيعرف ب ( تشارلز السابع )
كان لدى الكثير
من الناس في فرنسا في ذلك الوقت مثل ھذه الرؤى ، و الجنود الذين استمعوا لجان لم
يكن بوسعھم فعل شيء ولكنھم شعروا بالريبة . إلا أن جان كانت مختلفة عن الآخرين .
وعلى الرغم من قلة اھتمام الجنود بالأمر ، فقد استمرت في العودة إليھم برسالتھا
المعتادة ولم يستطع ثنيھا
شيء . كانت
جريئة ، تمشي دون حماية وسط جنود مضطربين ، وتتكلم بوضوح كأي فتاة ريفية ولكن دون
أن تكون ھناك ذرة شك في صوتھا وعينيھا اللتان تشعان بالرضا ،كانت متيقنة من ھذه
الرؤى ولن ترتاح حتى نتنفذ ما قدر لھا ، كما أن تفسيراتھا لما ستفعله كانت تفصيلية
جدا بحيث تبدو حاملة لثقل حقيقي.
وعلى ذلك ، صدق
قلة من الجنود بأن ما تقوله حقيقي وقاموا بتحريك سلسلة من الأحداث ، حيث اقنعوا
الحاكم المحلي بأن يسمح لھم بمرافقتھا إلى ابن الملك ، وقد صدق الأخير في نھاية
المطاف قصتھا ومنحھا القوات التي طلبتھا . كما اقتنع مواطنوا اورليانز بأنه قد قدر
لھا أن تكون منقذتھم ، إذ احتشدوا إلى جانبھا وساعدوھا على ھزيمة الإنجليز .
استمرت قوة الدفع
التي جلبتھا
لفرنسا لما يتجاوز السنة ، إلى أن تم القبض عليھا وبيعھا للانجليز . وبعد محاكمة
طويلة أحرقت في حوض باعتبارھا ساحرة.
تكشف قصة جان
دارك عن مبدأ بسيط ، كلما ارتفع إيمانك بنفسك ، ارتفعت معھا قدرتك على تغيير
الواقع . إن تمتعك بثقة عالية يجعلك جسورا ومثابرا ، ويتيح لك تخطي العقبات التي
تعيق معظم الناس في مساراتھم ، ويجعل الآخرين يؤمنون بك كذلك . الصيغة الأشد قوة
من الثقة بالنفس ھي الشعور بحس قدري يجذبك للأمام ، وھذا القدر قد يأتي من
مصدر خارجي أو
من نفسك .
فكر في الأمر
بھذه الطريقة ، أنت تتمتع بمجموعة من المھارات والتجارب التي تجعلك متفردا والتي
تشير إلى مھمة ما في الحياة قد قدر لك إنجازھا
، كما أنك ترى
علامات لھذا في ميولك وقت شبابك في أمور محددة تميل لھا بشكل طبيعي . عندما تقوم
بھذه المھمة فإن كل شيء يبدو متدفقا بصورة أكثر تلقائية ، مما يجعلك مؤمنا بأنك
مختار لإنجاز شيء لا يجعلك سلبيا أو مقيدا بل عكس ذلك . فأنت متحرر من الشكوك
والمخاوف الطبيعية التي
تشوبنا جميعا ،
وتتمتع بحس الھدف الذي يرشدك ولكن لا يربطك بطريق واحد لعمل الأشياء . وحينما
تنخرط إرادتك بعمق في المھمة ، فإنھا ستدفعك خلف أية قيود أو مخاطر.
5 -
راھن على نفسك :
من السھل دائما عقلنة شكوكك وتحفظك الغريزي ،
خصوصا في الأوقات الصعبة . حيث تقنع نفسك بأنه من الحماقة القيام بأية مجازفات ،
ومن الأفضل الانتظار حتى تصبح الظروف ملائمة أكثر . إلا أن ھذه عقلية خطرة ، وتدل
على انخفاض شديد في الثقة بذاتك والتي ستشمل أيضا الأوقات الجيدة ، إذ ستجد أنه من
الصعب إخراج نفسك من وضعيتك الدفاعية.
الحقيقة
ھي أن أعظم الاختراعات والتطورات في التكنولوجيا أو الأعمال تحدث عموما في الفترات
الصعبة ، بسبب الحاجة الشديدة للتفكير الإبداعي والحلول الجذرية المنفصلة عن
الماضي . ھذه ھي اللحظات التي تنضج فيھا الفرص . بينما يتراجع الآخرون أو يقتصدون
في النفقات ، عليك أن تفكر في تحمل المخاطر ، تجربة الأشياء الجديدة ، والتطلع إلى
المستقبل الذي سينبثق من الأزمات الحالية.
يجب
أن تكون مستعدا على الدوام للمراھنة على نفسك ومستقبلك ، عن الطريق الذھاب في
الاتجاه الذي يبدو الآخرين خائفين منه . ھذا يعني بأنك تؤمن أنه في حالة فشلك ،
ستتوفر لديك موارد داخلية للشفاء .
يعتبر ھذا
المعتقد نوعا من شبكة الحماية الذھنية ، فعندما تبدأ بمشروع أو اتجاه جديد ،
سينتقل عقلك إلى حالة التركيز ، تصبح طاقتك مركزة وشديدة ومن خلال إحساسك بالحاجة لتكون مبدعا ، سيرتفع
عقلك إلى مستوى الحدث.
0 التعليقات:
إرسال تعليق