22‏/07‏/2019

القانون الخمسون 22

القانون الخمسون 22
الفصل السادس:
قد من الإمام (السلطة)

في أي مجموعة ، يحدد الفرد الموجود في القمة بصورة واعية أولا واعية نمط اتجاھھا . إذا كان القادة خائفين ، مترددين في تحمل اية مخاطر أو يبالغون بالقلق حول كبرياءھم أو سمعتھم ، فھذا يجعلھم منغمسين بشدة داخل الجماعة ومن ثم يكون القيام بالأفعال المؤثرة أمرا مستحيلا.
يتسبب الأشخاص كثيري الشكوى والمتذمرين من العمل الجاد بأثر عكسي  لذا عليك أن تعتمد النمط المقابل : اربط قوتك بالروح المعنوية الملائمة من خلال أفعالك وليس كلامك.
وذلك من خلال رؤيتھم لك وانت تعمل بجدية أكثر من أي شخص آخر ، حاملا نفسك على أعلى المعايير ، تتحمل المخاطر بثقة و تتخذ قرارات صارمة . في ھذه الأزمنة الديمقراطية ، عليك ان تمارس ما تصل إليه.

ملك المحتالين:

 لا يمكن لرجل أن يصدر أوامرا لجيش بشكل جيد وھو في الخلف ، عليه أن يكون في الإمام بل على رأس الجيش . يجب أن يشاھد ھناك وان يشعر بأثر عقليته وطاقته الخاصة ، كل ضابط وشخص حاضر معه.
الجنرال ويليا م. تي شيرمان
في ربيع عام 1991 ، أثبت الشاب كرتس جاكسون نفسه كأحد أمھر المحتالين في الجوار ، حيث ازدادت مجموعة عملاءه الدائمين الى مرحلة اضطر فيھا لتعيين طاقمه الخاص من أجل مواكبة طلباتھم . ولكن كما ھو معروف لا يوجد شيء جيد يستمر لفترة طويلة في المنطقة ، إذ أنه بمجرد قيام كرتس بوضع خطط لتوسيع تجارته ، بدأ محتال قديم يدعى ( واين)
بإرسال مؤشرات تھديد له . كان واين قد عاد إلى الشوارع مؤخرا بعد خروجه من السجن ، وقرر أن يكسب مالا بأقصى سرعة ممكنة ثم يتحكم في تجارة المخدرات المحلية . من الواضح أن كرتس ھو خصمه الرئيسي ، وقد حاول أخافة المحتال الشاب عن طريق تحذيره بأنه سيقطع عملياته أن لم يدفع له مبلغا معينا ، إلا أن كرتس تجاھله . وبعد أن طال به الانتظار قرر واين أن يعلن في الشارع بأن كرتس سيتم قتله رأى كرتس ھذا يحدث سابقا ويعلم ما سيحدث بعده . لن يجازف واين بالقيام بالعمل بنفسه - حيث لن يخاطر بالعودة إلى السجن - ، بل سيعتمد على واقع أن طفل ما سيسمع عن رغبته بقتل كرتس ونتيجة لحرصه على اكتساب بعض المصداقية في الشارع ، سيأخذ ذلك الطفل على عاتقه مھمة القيام بالعمل القذر . متأكدا بما فيه كفاية ، و بعد عدة أيام من سماع نوايا واين ، لاحظ كرتس طفلا يدعى  (نيتي ) أخذ يزاحمه في الشارع . شعر بأن نيتي ھو بالتأكيد من يخطط
لعمل الضربة وسيحدث الأمر قريبا. كانت ھذه ھي الديناميكية المأساوية للاحتيال في المنطقة : كلما نجح المحتال أكثر، فإنه يجذب النوع الخاطىء من الانتبا ه. ومالم يبث بعض الخوف والرھبة ، سيستمر خصومه في
التعرض له ، محاولين أخذ ما عنده وتھديد وضعه في الشوارع باستمرار . عندما يبدأ ذلك في الحدوث ، يجد المحتال الناجح نفسه ساقطا في حلقة من العنف والانتقام والوقت المحدود.
ومع ذلك فھناك القليل من المحتالين ممن تمكنوا بطريقة ما من تجاوز ھذه الديناميكية . ھولاء كانوا كالملوك في المنطقة مجرد سماع أسماؤھم أو رؤيتھم في الشارع يثير القشعريرة ومزيج من الرھبة والإعجاب .
 ما رفعھم فوق البقية ھو سلسلة من التصرفات قاموا بھا في الماضي أظھرت بأنھم جريئون وأذكياء ، كما أن مناوراتھم غير متوقعة مما يزيدھا رعبا. إذا فكر الناس في تحديھم ، سيتذكرون سريعا ما فعلته ھذه النوعيات في ظروف أخرى ويتراجعون . كل ھذا أضفى عليھم ھالة من القوة والغموض . وبدلا من ظھورالمتحدين لھن من كل النواحي ، لديھم مريدين جاھزين لاتباعھم إلى أي مدى يريدونه . إذا كان كرتس يرى نفسه من النوعية الملوكية ، فقد حان الآن وقت إظھار ذلك للآخرين بأكبر قدر ممكن من الدراماتيكية.
وعلى الرغم من تحديق الموت في وجھه ، إلا أن كرتس عمل على التحكم بعواطفه والتفكير مطولا وبعمق حول المعضلة التي طرحھا واين . إذا قام بمھاجمة واين لقتله أولا ، سيكون الأخير مستعدا وسيجد العذر المثالي لقتل كرتس كدفاع عن النفس . و لو قام بدلا من ذلك بملاحقة نيتي وقتله ، ستقبض عليھ الشرطة وينتھي به الأمر في السجن لفترة طويلة ، والأمر
ذاته بالنسبة لواين أيضا . و في حالة انه لم يفعل شيء ، سيجھز نيتي عليه . إلا أن استراتيجية واين تضمنت عيبا قاتلا - خوفه من القيام بالعمل بيديه . لم يكن ملكا بنفسه ولكن مجرد محتال آخر جبان يتظاھر بالقوة . سيتبعه كرتس من زاوية غير متوقعة ويقلب كل شيء رأسا على عقب.
ومن دون إضاعة وقت أكثر ، طلب من أحد معاونيه ويدعى توني أن يقابله ظھر ذلك اليوم . فاجأ الاثنان معا نيتي في الشارع ، وبينما حمله توني قام كرتس بجرح الطفل في وجھه بشفرة حلاقة . فعل ھذا بعمق كاف لإرساله وھو يصرخ إلى المستشفى ، مع ترك ندبة جميلة عليه لفترة .ثم وبعد ساعات قليلة ، وجد ھو و توني سيارة واين فارغة واطلقوا عليھا
الرصاص كرسالة غامضة تعني أما انھم كانوا يتمنون لو أنه بداخلھا أو دفعه إلى الخروج ومھاجمتھم في العلن. في اليوم التالي ، تساقطت قطع الدومينو كما توقع كرتس. حيث شوھد نيتي بصحبة واين بعد ذلك ، وتوقع أن يقوم الاثنان معا بانتقام مماثل من كرتس . وبعد ھذا كله تعرض واين
للاعتداء أيضا ، إذ أصر على أن يقوم الطفل بالعمل بمفرده.
سيرى نيتي الآن من خلال اللعبة أنه كان مجرد الأبله الذي يؤدي العمل القذر وأن واين ليس قويا كما يدعي . لم يعد لدى نيتي شيء أكثر ليفعله معه ولكنه أيضا كان خائفا جدا من مھاجمة كرتس بنفسه ، و قرر أنه يستطيع الحياة مع ندبته.
أما واين فقد أصبح في وضع حرج الان : اذا طلب من أحد آخر القيام بالعمل ، سيبدأون في النظر إليه بأنه رجل خائف جدا من فعل ذلك بنفسه ، من الأفضل أن يترك الشيء برمته يمضي.
في الأيام اللاحقة ، كانت المنطقة تضج بقصة ما حدث . لقد ھزم كرتس الشاب منافسه الأقدم ومكر به ، وخلافا للأخير لم يخف كرتس من القيام بالعنف بنفسه . ما فعله كان جريئا و دراماتيكيا ويبدو و كأنه خارج من العدم . كل مرة يرى فيھا الناس نيتي في الشوارع مع الندبة الطويلة على وجھه ، سيذكرھم ذلك بالحادثة . كما سيفكر الخصوم الآن مرتين قبل
تحدي مركز كرتس ، حيث أظھر بأنھه قاس وماكر . و أعجب طاقمه كثيرا ببرودة دمه وكيف قلب الوضع رأسا على عقب ، أصبحوا يرونه الآن بشكل مختلف ، كشخص يستطيع الاستمرار في ھذه الغابة ويستحق الاتباع
اتبع كرتس ذلك بتصرفات أخرى مماثلة ، و رفع ذاته تدريجيا فوق بقية المحتالين . ھناك الآن من ھم أصغر سنا ممن يتطلعون إليه وسيشكلون قريبا نواة لفريق مخلص من الاتباع والذين سيساعدونه في تحوله إلى عالم الموسيقى.
بعد نجاح ألبومه الأول في عام 2003 ، بدأ كرتس بتحقيق حلمه في تأسيس إمبراطورية تجارية . ولكن بما أن بناءھا يستغرق شھورا وسنوات من المتابعة ، بدأ يشعر بأن شيئا ما كان خاطئا . من الطبيعي أن يصدق بأنه مع وضعه الحالي و شھرته اللذان يعملان لصالحه ، سيتبع قيادته ببساطة ويفعل ما يريد . إلا أن حياته بأكملھا كانت درسا في الاتجاه المعاكس الناس
سيأخذون منك دائما ، فھم يشكون في قدراتك ويتحدونك في ھذه البيئة لم يكن منفذيه ومدراءه يحاولون سلب ماله أو حياته ، ولكن بدلا من ذلك ساوره الإحساس بأنھم يضعفون قوته ، ويحاولون التقليل من شأنه وجعله أكثر تعاونا وتوقعا.
إذا ترك الامر يستمر ، سيفقد الميزة الوحيدة التي جعلته مختلفا ميله للمخاطرة وفعل غير المتوقع . قد يصبح مستثمرا آمنا ولكنه لن يكون قائدا وقوة إبداعية بعد الآن . لا يمكنك في ھذا العالم أن تسترخي وتركن إلى إسمك أو انجازاتك الماضية أو لقبك ، بل عليك أن تصارع لتبرز اختلافك وتقنع الناس باتباع قيادتك.
اتضحت له كل ھذه الافكار بشكل مؤلم في صيف عام 2007
، حيث من المفترض أن يتم إطلاق ألبومه الثالث في سبتمبر من ھذا العام ، و لكن الجميع بدوا نائمون . كانت الشركة صاحبة العلامة الموسيقية انترسكوب  تتصرف وكأن الألبوم سيبيع نفسه بنفسھه ، أما فريق إدارته فقد دشن حملة تسويق شعر بأنھا مقيدة جدا ، سلبية ، ومتعاونة ، إذ كانوا يحاولون فرض سيطرتھم بشدة . ثم وفي ظھيرة احد أيام شھر أغسطس ، أخبره أحد العاملين في تسجيلات ( جي يونيت ) - كان فيفتي يمتلك علامته الخاصة ضمن انترسكوب - بأن احد الفيديوھات من الالبوم القادم قد تسرب بطريقة ما إلى الإنترنت ، وأنه اذا انتشر فسيؤدي إلى إلحاق الفوضى بتنظيم طرح الاغاني المخطط له في ذلك الشھر . كان فيفتي اول من سمع بالأمر ، وبعد التفكير بما سيفعله لاحقا قرر أنه قد حان الوقت لھز الديناميكية : فعل غير المتوقع وتشغيل جزءية( المحتال الملك. )
استدعى فريقه الخاص بالراديو والانترنت في جي يونيت إلى مكتبه ، وبدلا من العمل على احتواء الانتشار الفيروسي للفيديو -وھي ردة الفعل المعتادة لھذه المشكلة والتي تنصح بھا الإدارة -، طلب منھم أن يسربوه خلسة إلى مواقع أخرى وتركه ينتشر كحريق ھائل.
على رأس ھذه الخطوة ، اخترعوا القصة التالية لابلاغ الصحفيين بھا من أجل التناقل العام : حينما سمع فيفتي بالتسريب أصيب بغضب شديد ، حيث رمى ھاتفه على النافذة وكسره على إثر تلك القوة ثم مزق تلفاز البلازما المثبت في الحائط وسحقه إلى قطع . بعدھا غادر المبنى وھو في نوبة
انفعال وكان آخر شيء سمعوه ھو صراخه بأنه سينھي كل ھذا ويذھب في إجازة . في ذلك المساء وبناء على طلب فيفتي قاموا باستدعاء عامل الصيانة الخاص بالمبنى لالتقاط صور للأضرار ( كلھا كانت مزيفة لھذا الغرض ) ، ثم سربوا الصور للإنترنت . واحتفظوا بكل ھذا كسر - حتى فريق الإدارة لم يعرف بأن ھذه الدراما مصطنعة بالكامل.
في الأيام التالية ، راقب فيفتي بسرور ھذه القصة وھي تنتشر في كل مكان . كما استيقظت انترسكوب من نعاسھا . إذ ان فريق الإدارة أرسل رسالة بأن فيفتي أصبح الآن في القيادة و إذا رفض القيام بأي شي للشھرة إعلامية كما ھدد بذلك ستصبح حملتھم بكاملھا محكومة بالفشل . عليھم أن يتبعوا
قيادته ھنا والسماح له بتحديد نسق الانتشار الاعلامي ، الأمر الذي يعني شيئا أكثر عدوانية ومكرا . انتشر الحديث بين المنفذين التابعين لفيفتي و موظفيه حول ما كان يفترض أن يحدث ، وسمعته بأنه غير قابل للتوقع وجالب العنف للحياة.
عندما يشاھدونه الآن في المكاتب يشعرون بقرصة خوف ، من الأفضل إذن أن ينتبھوا إلى ما يريد بدلا من المخاطرة برؤية غضبه.
وبالنسبة للجمھور ، لم يكن ذلك إلا من نوعية القصص التي توقعوھا من مغني راب مجرم ، حيث جذب انتباھھم بقوة وضحكوا على سلوكه الخارج عن السيطرة دون أن يدركوا بأن فيفتي ھو من قام بإخراج ھذه الدراما ، وھو أيضا صاحب الضحكة الأخيرة.


0 التعليقات: