22‏/07‏/2019

القانون الخمسون 12

القانون الخمسون 12

مفاتيح الجرأة:
الزوايا في مختلف أنحاء الأرض تضم الرجال الذين ينتظرون ونادرا ما يعرفون في أي طريق ھم ينتظرون أقل مما ھم ينتظرون لسبب تافه . من حين لآخر فإن النداء الذي يوقظ الحادث - الذي يمنح الإذن للتصرف - يأتي متأخرا جدا ، عندما تكون أفضل فترات الشباب والقوة قد استھلكت فعلا
بسبب فترات الأنتظار . واجه العديد منھم الرعب عندما حاولوا التغيير و وجدوا أن أطرافھم تجمدت و أرواحھم أصبحت ثقيلة جدا . يقولون لأنفسھم  تأخر الوقت كثيرا فاقدين بذلك إيمانھم بأنفسھم وسيبقون منذ الآن فصاعدا وإلى الأبد عديمي الفائد ة.
فريدريك نيتشه

تمتلك عقولنا قوى لم نبدأ باستغلالھا حتى قليلا . تأتي ھذه القوى من مزيج من التركيز المتزايد ، الطاقة والإبداع في مواجھة العقبات . كل منا لديه القابلية لتطوير ھذه القدرات ولكن علينا أولا أن نكون واعين لوجودھا ، وھذا يصعب في ثقافتنا التي تستند إلى الوسائل المادية - التكنولوجيا ، المال ، العلاقات - كإجابة لكل شيء . نضع قيودا غير ضرورية على ما يستطيع العقل إنجازه ، ثم يصبح واقعنا كذلك . إنظر إلى مفھومنا للفرصة وسترى ذلك بأوضح ما يكون.
وفقا للحكمة التقليدية ، الفرصة ھي شيء يحدث في العالم الخارجي و إذا جاءت في طريقنا والتقطناھا فإنھا تجلب لنا المال والسلطة . قد تكون وظيفة معينة أو شيئا مثاليا بالنسبة لنا : قد تكون فرصة لتكوين أو الانضمام لمغامرة جديدة ، أو الالتقاء بالشخص المناسب . إنھا تعتمد في أي حال على
التواجد في المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح والتمتع بمھارات ملاءمة للاستفادة من ھذه اللحظة المباركة . نحن نؤمن عموما بأنه توجد القليل فقط من مثل ھذه الفرص الذھبية في الحياة ومعظمنا ينتظر اعتراضھا طريقھم.
ھذا المفھوم ذو نطاق محدود جدا ، فھو يجعلنا نعتمد على قوى خارجية . و ينبع من اتجاه خائف ومجھول نحو الحياة الأمر الذي يؤدي إلى نتائج عكسية . إنه يقيد عقولنا بدائرة صغيرة من الاحتمالات ، بينما الحقيقة بالنسبة لعقل الإنسان ھو أن كل شيء يعترض طريقه يمكن أن يكون أداة محتملة للقوة و التوسع.
لدى الكثير منا التجربة التالية : نجد انفسنا في وضع طارئ وصعب : ربما علينا أن ننجز شيئا في وقت قصير جدا ، أو اعتماد أحدھم علينا لمساعدة لا نستطيع تقديمھا أو نكون في مكان غريب ونضطر فجأة للدفاع عن أنفسنا . في ھذه الحالات فإننا نكون مغمورين بحالة الضرورة : علينا أن ننجز العمل ونحل المشاكل بسرعة وإلا سنعاني من تبعات فورية . ما يحدث ھو أن عقولنا تتحول بسرعة إلى حالة تركيز ، حيث نجد الطاقة الضرورية لإنجاز الامر ، لأنه علينا أن نفعل ذلك
.ننتبه إلى التفاصيل التي تصعب علينا عادة ، لأنھا قد تصنع الفرق بين النجاح والفشل ، الحياة والموت . نتفاجأ بكم أصبحنا مبدعين ، إنھا تلك اللحظة التي نحصل فيھا على لمحة من تلك القوة العقلية الاحتمالية بداخلنا والتي عادة ما تكمن غير مستغلة ، إذا استطعنا فقط التمتع بتلك الروح والاتجاه في حياتنا اليومية .
ھذا الاتجاه ھو ما يفضل أن نطلق عليه " الانتھازية " . لا يتطلب الانتھازيون الحقيقيون ظروفا طارئة أو ضاغطة ليصبحوا واعين ومبدعين ، فھم يتصرفون بھذه الطريقة بشكل يومي ويوجھون طاقتھم العدوانية إلى تصيد احتمالات الانتفاع في أكثر الأحداث تفاھة وھامشية . كل شيء ھو أداة في أيديھم ، وبھذا الخيال الموسع من الفرص فإنھم يصنعون المزيد منھا في حياتھم مكتسبين بذلك سلطة عظيمة.
ربما يكون الانتھازي الأكبر في التاريخ ھو نابليون بونابرت
لم يفلت شيء من انتباھه ، حيث ركز بشدة عالية على كل التفاصيل ، موجدا طرقا لتحويل أقل جوانب الحرب أھمية إلى أدوات للقوة مثل كيفية حمل الإمدادات والسير بھا وكيفية تنظيم القوات وتقسيمھا . كما استغل اتفه أخطاء خصومه بلا رحمة .كان أستاذا في تحويل أسوأ اللحظات في المعركة إلى مادة لھجوم مضاد مدمر.
جاء كل ھذا من عزم نابليون على رؤية كل شيء حوله كفرصة . بسبب بحثه عن ھذه الفرص ، وجدھا . و أصبحت ھذه مھارة ذھنية صقلھا إلى فن . ھذه القوة متاحة لكل فرد منا وللجميع ، إذا طبقنا المبادئ الأربعة الآتية لھذا الفن :
1 - إستفد من أقصى ما تملك: في عام 1704 وجد بحار اسكتلندي يدعى الكسندر سلكيرك نفسه وقد انقطع به السبيل في جزيرة مقفرة على بعد 400 ميل من ساحل تشيلي . كان كل ما لديه : بندقية ، بعض البارود ،
سكين وبعض أدوات النجارة . لم ير أثناء استكشافه المكان إلا قطيعا من المعز ، قطط ، فئران وبعض من الحيوانات غير المألوفة التي تصدر أصواتا غريبة في الليل . كانت جزيرة غير صالحة للسكن ، ولذلك قرر البقاء قريبا من الشاطئ والمبيت في كھف والحصول على ما يكفي من الطعام بواسطة صيد الأسماك . إلا أنه سرعان ما أفسح الطريق لكآبة عميقة أصابته ، كان يعلم أن البارود سينفذ منه وستصدأ سكينه كما
أن ملابسه ستتعفن عليه . لن يستطيع العيش على الأسماك فقط وليس لديه ما يكفي من المؤن ليستند اليھا و كذلك كانت الوحدة قاتلة . لو أنه فقط جلب المزيد من المواد من سفينته.
ثم غزت أسود البحر الشاطئ فجأة ، لقد كان موسم تزاوجھا.
اصبح الآن مجبرا على دخول الجزيرة حيث لايمكنه ببساطة اصطياد السمك والجلوس مكتئبا في الكھف . اكتشف سريعا أن ھذه الغابة السوداء تحتوي على كل شيء يحتاجه . فقام ببناء سلسلة من الاكواخ بواسطة الخشب الداخلي و زرع أنواعا مختلفة من أشجار الفاكھة و علم نفسه كيفية اصطياد المعز ، كما استأنس العشرات من القطط الوحشية لحمايته من
الفئران ومنحه المزيد من الرفقة التي يحتاجھا وأخذ جانبا بندقيته قليلة الفائدة وأخرج القطع المكونة لھا خارجا . بتذكر ما تعلمه من والده الذي كان صانع أحذية ، صنع ملابسه الخاصة من جلود الحيوانات . كما لو أنه عاد فجأة إلى الحياة واختفى اكتئابه.
أخيرا تم إنقاذه من الجزيرة ولكن التجربة كانت قد غيرت كليا طريقة تفكيره . بعد سنوات كان يذكر الوقت الذي قضاه ھناك على أنه الأسعد في حياته.
معظمنا مثل سلكيرك عندما نجد انفسنا معزولين لأول مرة ، ننظر إلى مواردنا المادية ونتمنى لو كان لدينا أكثر . إلا أنه تظھر لنا احتمالات مختلفة ، واقع أن الموارد الأكثر لا تأتي بالضرورة من الخارج وعلينا أن نستخدم ما ھو موجود لدينا بالفعل لنحقق أثرا أفضل . ما نمتلكه في أيدينا قد يكون مادة بحثية لكتاب معين أو أشخاص يعملون ضمن منظومتنا . إذا بحثنا عن معلومات أكثر أو أشخاص من الخارج لمساعدتنا لن يؤدي ذلك بالضرورة إلى شيء أفضل ، بل إن الانتظار والتبعية سيجعلنا في الواقع أقل إبداعا.
عندما نعمل بما ھو متوفر ، نجد طرقا جديدة لاستخدام ھذه المواد ، ونقوم بحل المشاكل ، و نطور مھارات نستطيع استخدامھا مرارا وتكرارا ونبني ثقتنا . إذا صرنا أثرياء ومعتمدين على المال والتكنولوجيا ، فإن عقولنا تضمر ولن يستمر ھذا الثراء.

2 - حول جميع العقبات إلى ممرات: واجه الملاكم العظيم جو لويس عقبة هائلة إبان فترة العنصرية في الثلاثينيات من القرن الماضي . كان جاك جونسون سابقا على لويس كأشھر ملاكم أسود في عصره . جونسون كان
ماھرا للغاية ويھزم خصمه الأبيض بسھولة ، إلا أنه كان مقاتلا عاطفيا يواجه حشودا تردد : اقتل الزنجي ، وھذا فقط ما يجعله متحفزا ومليئا بالطاقة . ولذا فقد وجد نفسه في مشاكل دائمة ثم سرعان ما استنزف بسبب كل تلك العداوا ت.
كانت موھبة لويس لا تقل عن سلفه ولكنه احس بأنه لا يستطيع الاستعراض او إظھار العواطف بشكل يحرض الجماھير البيض ويغذي الصورة النمطية للملاكم الأسود الخارج عن السيطرة الذي تفيض عواطفه و روحه القتالية ويستخدم ذلك في سحق خصمه . بدلا من التمرد ضد الوضع الحالي أو التوقف ، قرر لويس أن يستخدم ھذا لصالحه . لن يظھر أية عواطف في الحلبة . بعد أن يھزم أحدھم سيعود بھدوء إلى زاويته ، و سيحاول الخصم والجمھور دفعه لاستجابة عاطفية ولكنه سيقاوم ، بل إن كل غضبه و روحه ستذھب إلى تشكيل ھذا القناع البارد المخيف . لن تستطيع العنصرية الوقوف في وجه ذلك.
اصبح يعرف ب(المحنط ) و يكفيك رؤية تعابيره المتجھمة عندما تدخل الحلبة لتشعر بساقيك تضعفان . في الحقيقة ، فقد حول لويس ھذه العقبة لتكون قوته العظمى.
الانتھازي في الحياة يرى جميع العقبات كأدوات للقوة والسبب في ذلك بسيط : الطاقة السلبية التي تصيبك بصورة ما ھي طاقة يمكن عكسھا لتھزم خصما وترفعك . عندما لا يوجد ھذا النوع من الطاقة فلن يكون ھناك ما تدفعه أو تقوم برد فعل ضده ، سيصبح من الصعب تحفيز ذاتك . الخصوم الذين يؤذونك سيعرضون أنفسھم لھجوم مضاد تتحكم انت بتوقيته و سياقه . إذا صادفت السمعة السلبية طريقك ففكر بھا على أنھا نوع من التركيز السلبي الذي تستطيع اعادة صياغته لصالحك .يمكنك أن تبدو نادما أو مصابا بانفصام في الشخصية ، أيا كان الأمر فإنه سيحفزك بعمق . إذا تجاھلت الأمر فستبدو مذنبا ، أما إذا تصارعت معه فستبدو دفاعيا . ولكن إذا سرت في تياره و وجھته في اتجاھك فإنك تعكسه إلى فرصة لتركيز
إيجابي . عموما فان العقبات تجبر عقلك على التركيز والبحث عن طرق ما حوله ، وھي ترفع مستوى قواك الذھنية ويجب أن يكون مرحبا بھا.

3 - إبحث عن نقاط التحول: توجد الفرص في أي مجال ترتفع فيه حدة التوتر ، المنافسة القلق ، و حالات الفوضى .
ھناك شيء مھم يجري ضمن ذلك وإذا استطعت الوقوف على السبب الخفي يمكنك عندئذ صنع فرصة قوية لنفسك . إنظر إلى حالات النجاح أو الفشل المفاجئة في عالم الأعمال والتي يجدھا الناس صعبة التفسير ، ھذه غالبا
مؤشرات لتحولات تحدث تحت السطح : ربما أصاب أحدھم طريقة جديدة لعمل الأشياء وعليك أن تحلل ھذا . تفحص المخاوف العظمى لھولاء الذين ھم في أي مجال تجاري أو صناعي .
تصنف التغييرات العميقة الجارية كشيء مخيف بالنسبة للذين لا يعرفون كيف يتعاملون معھا . يمكنك أن تكون أول من يستغل مثل ھذه التغيرات لأغراض إيجابية.
أبق عينك مفتوحة لأي نوع من التغير في الأذواق أو القيم. غالبا ما يقف الأشخاص في الإعلام أو المؤسسات ضد ھذه التغييرات ، معتبرينھا مؤشر على التراجع الأخلاقي والفوضى . يخشى الناس من الجديد ، و تستطيع تحويل ھذا إلى فرصة عن طريق إعطاء معنى لھذا الإضطراب الواضح
بتدشينه على أنه قيمة إيجابية .
أنت لا تبحث عن البدع الزائلة بل التغييرات العميقة الجذور في أذواق الناس . ھناك فرصة يمكنك دائما التعويل عليھا وھي أن الجيل الأحدث يتفاعل ضد الأبقار المقدسة للجيل الأقدم : إذا كانت المجموعة الأقدم تقدس
العفوية والفرح ، تأكد بأن المجموعة الأحدث ستعشق النظام والتدين . عن طريق ھز قيم الجيل الأقدم قبل أي أحد آخر ، تستطيع اكتساب انتباه عظيم.

4 - تحرك قبل أن تكون مستعدا: ينتظر معظم الناس طويل جدا قبل أن يقوموا بالفعل وينبع ذلك عموما من الخوف . حيث يرغبون في المزيد من المال أو ظروف أفضل . عليك أن تمضي في الاتجاه المعاكس وتتحرك
قبل أن تظن انك مستعد . قد يبدو بأنك تجعل الأمر أصعب قليلا على نفسك ، متعمدا صنع العقبات في طريقك . ولكنه قانون للقوة : سترتفع طاقتك إلى المستوى الملائم دائما ، و ذلك عندما تشعر بأنه يجب أن تعمل بجد أكبر للحصول على ھدفك لأنك لم تتھيا بما فيه الكفاية ، حيث تكون تكون أكثر
وعيا وابداعا . ھذه المغامرة عليھا أن تنجح وھذا ما يحدث بالفعل.
ھذا ھو مسار الأشخاص العظماء منذ القدم حتى العصر الحديث . عندما واجه يوليوس قيصر أعظم قرار في حياته عما إذا كان يجب التحرك ضد مومبي وشن حرب أھلية أو الانتظار لوقت أفضل  ، وقف على ضفة نھر الروبيكون الذي يفصل إيطاليا عن بلاد الغال مع قواته الضئيلة العدد . مع أن ذلك القرار بدا جنونيا لضباطه ، إلا أنه أدار اللحظة جيدا . لقد عوض عن قلة جنوده بمعنوياتھم المرتفعة وذكاؤه الإستراتيجي . ثم عبر نھر الروبيكون مفاجئا أعدائه ولم يلتفت للخلف ابدا.
في الوقت الذي فكر فيه أوباما بخوض سباق الرئاسة في عام 2006
، نصحه الجميع تقريبا بانتظار دوره . كان يافعا جدا وغير معروف ، كما لاحت ھيلاري كلينتون في المشھد أيضا .إلا أنه رمى حكمتھم التقليدية بعيدا ودخل السباق . ولأن كل شيء وكل شخص كان ضده ، وجب عليه أن يعوض ھذا بالطاقة و الإستراتيجية العالية والتنظيم . لقد ارتفع إلى مستوى
الحدث بحملة بارعة حولت جميع سلبياته إلى مزايا - قلة خبرته مثلت نوعا من التغيير .... الخ.
تذكر : كما قال نابليون : قيمة المعنويات بالنسبة للقوى المادية تعادل ثلاثة على واحد ، مما يعني أن مستويات التحفيز والطاقة التي تجلبھا أنت أو جيشك إلى المعركة تعادل وزن مواردك المادية بثلاثة أضعاف . يستطيع الإنسان مع الطاقة والمعنويات العالية تخطي أية عقبة تقريبا وخلق فرصة من العدم.

0 التعليقات: