عن الحرب 26
هناك عامل آخر لا بد من مناقشته عند القرار
على القيمة النفسية للنصر ،
ألا وهو نسبة القوات المعادية . فلو تغلبت قوة صغيرة
على قوة أكبر منها ،
فلن تتضاعف مكاسبها وحسب بل أنها تظهر هامشا أكبر للتفوق
العام ، الذى يدرك الخاسر أن عليه مواجهته المرة بعد الأخرى . وإن كان من الصعب
ملاحظة مثل هذا التأثير فى حالة كهذه .
المعلومات التى ترد خلال سير المعركة عن قوة العدو ، ليست مؤكدة عادة كما
أن تقدير أى طرف لمعلوماته هو ، ليس واقعيا . الجانب الأقوى إما سيرفض وببساطة
تصديق التفاوت ، أو أنه على الأقل يقلل من شأنه ، لذا سيكون بمأمن إلى حد كبير من
الضرر المعنوى الذى سيتسبب به وضع كهذا إلا أن الوقائع الحقيقية التى طمست إما
بالتجاهل أو الغرور ،
أو حتى بفعل مدروس ، ستظهر فقط فى وقت متأخر عند كتابة
التاريخ . ولعل التاريخ يومها يضع أكاليل العار على رأس الجيش وقائده ، إلا أن ما
أسهمت به المعنويات لن يقدم أية مساعدة فى موقف حدث فى زمان بعيد .
الاجراءات التعبوية ليست كافية لوحدها عندما لا تكون الظروف الاستراتيجية
مؤاتية .
إن
خطر خوض القتال على جبهتين ، والخطر الأكبر فى أن يجد طرف ما أن خطوط انسحابه قد
قطعت ، يسببان شل الحركة والقدرة على المقاومة ، مما يؤثر على التوازن بين
الانتصار
والاندحار .
وما هو أكثر من ذلك فى حالة الاندحار هو أن هذين الخطرين
يزيدان حجم الخسائر
وإلى إقصى ( وأخطر ) حد –
أى الإبادة لذلك يمكن أن يؤدى أى
تهديد للمؤخرة إلى جعل الاندحار أكثر احتمالا وأكثر حسما .
نجم
عن ذلك تصميم غريزى فى إدارة الحرب ، وخصوصا فى المعركة ، صغيرة كانت أو كبيرة
بحماية المؤخرات والمناطق الخلفية من جهة ومحاولة السيطرة على مؤخرات العدو .
0 التعليقات:
إرسال تعليق