24‏/10‏/2016

عن الحرب 54

عن الحرب 54


أخيرا علينا أن نميز بين ثلاث درجات وأنواع رئيسية قد يتخذها الدفاع من حيث الشكل :

1-   دفاع مباشر يستهدف منع العبور .

2-   شكل أكثر لا مباشرية يلعب فيه النهر وودايه كمجرد عناصر من أجل تطويرات تعبوية ملاءمة 

3-   دفاع مباشر مطلق ، يشتمل على احتلال موضع تصعب مهاجته وعلى الجانب المعادى من النهر .

   ولنفرض على سبيل المثال ، أن العدو سيحتاج لأربع وعشرين ساعة لإنشاء الجسر ، فإن لم يستطع تأمين عبور ما يزيد على (20) ألف جندى فى ذلك الوقت بوسائل أخرى ، وإن استطاع المدافع حشد مثل هذا العدد فى أية نقطة خلال اثنى عشر ساعة أو حول ذلك ، فلن يمكن إنجاز عبور قسرى ، إذ ذاك ستكون قوة (20) ألف رجل موجودة قبل أن يتسنى للعدو إكمال عبور نصف هذا العدد على عبارات أو وسائل أخرى  (غير الجسر )                                              
 ولحساب الوقت الذى يحتاجه إنجاز شئ كهذا ، فبوسع المرء أن يقطع مسافة عشرين ميلا خلال ال (12) ساعة ، لذا سنحتاج إلى(20) ألف رجل لكل (40) ميلا ، أو (60) ألف رجل للدفاع عن جبهة نهر بطول (120) ميلا .   

  وسيكفى إرسال (20) ألف رجل إلى أية نقطة إذا ما حاول العدو العبور من نقطتين فى أن واحد ، وبضعف هذا العدد إن لم يحاول . (!!)

   العوامل الحاكمة الثلاث هى وكما يلى :

1-   عرض النهر

2-   وسائل العبور ، ونظرا لسيطرة هذين الاثنين على الوقت الذى يستغرقه بناء الجسر ، وعدد الرجال الذين يمكن تعبيرهم أثناء بناء الجسر .

3-   قدرة القوة المدافعة لا علاقة لقوة المهاجم فى هذه المرحلة . ستقود هذه النظرية إلى رأى مفاده أن هناك نقطة يغدو عندها العبور مستحيل تماما ، وان ليس بوسع قوة متفوقة فعل ذلك مهما كان حجم تفوقها .

   تلك هى النظرية الأساسية للدفاع المباشر عن النهر – أى نعنى دفاعا يتوخى منع العدو من إنهاء إقامة الجسر ، ومن عبور النهر بوسائل أخرى .


   وكل من يعرف مقدار الوقت المطلوب لتجميع وحدة ما ، سيدرك أن كون الوحدات قد اكملت تحشدها سيؤمن أقصى الفائدة والفاعلية للدفاع . 

   يتوجب علينا وبالإضافة إلى المبادئ الرئيسية لترتيب القوات ، أن نأخذ فى الحسبان :
1-      الخصائص التى يتفرد بها النهر .
2-      إزالة جميع وسائط العبور .
3-      تـاثير القلاع على النهر .

   فلو اعتبرنا النهر كخط دفاعى ، فلابد من نقاط استناد على نهايته ، كالمحيط أو أراضى بلد محايد ، أو أية عناصر أو عوامل أخرى تمنع العدو من العبور فوق أو أسفل القاطع المدافع عنه ، والوقت بعد كل شئ هو أكثر ما يحتاجه المدافع على الأرجح .

   بعض العناصر التافهة وعديمة القيمة قد تغير الموقف كثيرا . 

فما الذى يمكن الركون إليه ، ما دام أحد المعايير الفعالة فى حالة ما سيكون خطأ مأساويا فى حالة أخرى ، لهذا يتوجب علينا وعلى الدوام الحذر والتيقظ ضد خطر تطبيق طريقة مغلوطة ، أو أن تخطأ فى قراءة الأحداث والحقائق   
                         
   يجب أن نضيف وبكل وضوح ، بأن من غير اللائق ولا المناسب لنا الالتفات إلى الضجيج الذى يثيره أولئك الذين تدفعهم عواطفهم واندفاعاتهم الطائشة ،

 وعقولهم الأكثر طيشا إلى توقع وانتظار كل ما يخطر على بالهم من الهجوم والحركة ، والذين اختزلوا فكرتهم عن الحرب إلى مجرد صورة فارس مغوار ينطلق شاهرا سيفه وسط الميدان .

   الجيش الذى تنفتح مؤخرته على نهر ، أو ينحشر فى واد عميق ، وبشكل يتحدد معه بخط انسحاب واحد ، فهو فى أسوأ موقف يمكن أن يكون فيه للمعركة .

   والمهم فى حالة مثل هذه إدامة مراقبة النهر أو الوادى والدفاع عنه بقوات قليلة توزع على سلسلة من المواضع والمخافر ، بينما يحتل الجيش وهو موزع على عدة فيالق فى نقاط ملائمة وعلى مسافة ما عن النهر – تكون عادة على مسيرة بضعة ساعات . فما يريده المرء هو خوض القتال بكامل قوته وهى موحدة .

   يكمن الضعف هنا فى النقطة التى قد يخطأ فيها المدافع بسهولة ، وهى بنشر قطعاته باتساع مبالغ فيه ، إذ من الطبيعى هنا وفى موقف كهذا أن يوزع المدافع قوته من نقطة عبور إلى خرى ، 

دون أن يعرف أين سيقف ، لكن ما لم يستطع جيش المدافع خوض القتال بكتلة موحدة ، فمصير المشروع بكامله الفشل ، فمعركة خاسرة ، أو تراجع لا يمكن تجنبه ، أو ارتباك وخسائر من كافة الأنواع قد توصل الجيش إلى حافة اندحار تام حتى لو لم يواصل القتال إلى النهاية .


   كل شئ فى الحرب قد يحدث بطريقة مغلوطة ، ما لم ينفذ بدرجة كاملة من التنبه والحذر ، وبشدة وبصدق وإخلاص عميقين .   

0 التعليقات: