09‏/10‏/2016

عن الحرب 12

عن الحرب 12


حول الجهد المالى

   من بين العديد من العوامل التى لا يمكن قياسها فى الحرب ، يظل الجهد المالى أكثرها أهمية ، وما لم يذهب سدى هو معامل مضاعف لجميع القوى ، ولا يمكن القرار على حدوده بدقة .
   علينا ألا ننسى الجهد البدنى المطلوب من القائد نفسه .

الاستخبارات فى الحرب

   نعنى ب " الاستخبارات " كل أنواع المعلومات عن العدو وبلاده – كما أنها وباختصار أساس خططنا وعملياتنا –      
  تؤكد كراسات التدريب على ضرورة تصديق الاستخبارات المعقولة فقط ، وأن نواصل التشكيك بها ولا نركن إلى أى شئ منها بسهولة أبدا .

   يتضارب الكثير من تقارير الاستخبارات فى الحرب فيما بينها ، حتى أن الكثير منها كاذب ، ومعظم الباقى ليس مؤكدا ، أما الشئ المعقول الذى يمكن طلبه من ضابط ما فهو أن عليه امتلاك معيار للأحكام ، يمكن أن يحصل عليه فقط من خلال معرفته بالرجال والقضايا المطروحة ، ومن إدراكه العام وفطنته ، كما ينبغى عليه السير وفق قوانين الاحتمالات ، وهى قوانين صعبة للغاية فى التطبيق ،

 عندما تعد الخطط فى المكاتب وبعيدا عن ساحة وأجواء العمل ، ويصبح الواجب صعبا بدرجة لا حدود لها فى أجواء القتال الشديد ، ومع تواصل سيل التقارير . سيكون المرء محظوظا لو وصل التناقض حدا تلغى معه التقارير بعضها البعض تاركة نوع من التوازن الذى يمكن تقويمه بشكل حاسم وجذرى .

  سيزداد الأمر سوءا للقادم الجديد إن لم يسعفه الحظ بالطريقة آنفة الذكر ، وإلا لتوالت التقارير يطابق بعضها الآخر ، أو يؤكده ، أو يضخمه ، أو يعدل من ألوانه ، حتى يتوجب عليه اتخاذ قرار سريع – سرعان ما سيدرك أنه خاطئ تماما ، ويكتشف أن التقارير كاذبة ، ومبالغ فيها ، ومغلوطة ، وما شاكل ذلك ، الخلاصة أن معظم الاستخبارات خادعة ، وسيدفع تأثير الخوف إلى تضخيم الأكاذيب والتخيلات ، سنرى وكقاعدة أن معظم الرجال يميلون إلى تصديق الأنباء السيئة أكثر من الجيدة ، بل ويميلون إلى المبالغة ومضاعفة الأنباء السيئة . 

  ما لم تعلمه تجارب الحرب ، وما لم تنضج وتهذب قوة الحكم فيه ، فالأفضل له وكقاعدة أن يكبح جماح قناعاته الشخصية ، ويحول منافع الشك صوب أماله لا مخاوفه وهكذا فقط بوسعه المحافظة على توازن معقول .

   يميل الرجال الذين يتبعون مبادرات الآخرين إلى فقدان ثقتهم بأنفسهم عند الوصول إلى ساحة العمل .

   حالما تبدأ الحرب فعلا تغدو المصاعب واضحة ، كل شئ فى الحرب بسيط ، إلا أن أبسط الأشياء صعب ، تتراكم المصاعب وتنتهى بخلق نوع من الفوران الذى تصعب رؤيته مالم يكن المرء قد جرب الحرب بنفسه .  
 
 لنتصور مسافرا تأخر فى النهار فقرر قطع مرحلتين اضافيتين قبل قدوم الليل ، قد لا يتطلب الأمر سوى أربع أو خمس ساعات فى المسير على طريق معبد بعد استبدال الخيول المتعبة ، ما أسهلها من رحلة ، لكن وفى المحطة التالية لا يجد المسافر خيولا مرتاحة ، بل بضعة أفراس متعبة ، وتبدأ الأرض بالوعورة والارتفاع ، وتسوء حالة الطرق ويبدأ الظلام ، وأخيرا فإنه وبعد هذه المصاعب المتعددة سيسعده جدا عثوره على مكان للراحة حتى بأبسط متطلبات الإقامة والمبيت .


   العمل فى الحرب كحركة فى وسط مقاوم . 


   ما من جنرال قادر على تعويد جيشه على الحرب ، والمناورات التى تجريها القطعات وقت السلم بديل ضعيف للحقيقة ، إلا أنها ستمنح الجيش الذى يجرى مثل تلك المناورات ميزة ملحوظة بالنسبة للجيوش التى يظل تدريبها روتينيا ومجرد سياقات آلية رتيبة 

 فاعداد وتخطيط مناورة بشكل يظهر فيها بعض عناصر الاضطرام التى تدرب وتنمى قوة الحكم والادراك العام والعزم فى الضباط تعد مشروعا مهما وبالغ الحيوية . 

0 التعليقات: