عن الحرب 68
أما الأسباب التى تؤدى إلى تناقص الجيش المهاجم
فهى :
1- حال دخول المهاجم أرض عدوه ، فستتبدل طبيعة مسرح
العمليات ، إذ ستصبح أرضا عدائية .
2- سيبتعد المهاجم عن مورد وقواعد تموينه .
3- الخطر الذى يتهدد المدافع سيجلب له الحلفاء
لمساعدته .
4- وأخيرا ، فالمدافع وحالما يتعرض لخطر حقيقى
سيبذل مجهودا عظيما ، فى الوقت الذى تضعف فيه مجهودات المهاجم .
قد تكون (تصل) خسائر العدو عند حدها الأقصى
بعد دحره مباشرة ، ثم تتناقص بعد ذلك يوميا حتى يصل إلى نقطة تتساوى قوته عندها مع
قوتنا ، ومن الناحية الأخرى فقد تتزايد تلك الخسائر يوما بعد آخر وباطراد ، ويعتمد
كل شئ هنا على الموقف الكلى والظروف
والعامل المهم إلى جانب الروح القتالية العالية للقطعات ، هو حالة ومعنويات
الحكومة .
العامل الثالث هو بعده عن الموارد (قاعدته) ، مالم يتولى الملك قيادة جيشه
بنفسه وكما بات شائعا ومألوفا فى الحروب الحديثة ، وما لم يكن من السهل العثور
عليه أو حتى تواجده حيث تدعو الحاجة ، فسينشئ الكثير من المشاكل الخطيرة والعراقيل
الناجمة عن ضياع الوقت الثمين للغاية فى نقل وايصال الأوامر والتوجيهات والطلبات .
المقاومة المتصاعدة فى صفوف العدو ، يحدث أحيانا أن العدو المباغت وبعد
صدمة قاسية تسبب له الكثير من المصائب قد يلقى سلاحه ويستسلم إلا أن ذلك وفى حالات
أخرى يوقظ فيه العزم وروح المقاومة ، ويحدث اندفاعا فى صفوفه لحمل السلاح ، وتغدو
مقاومته أشد بكثير بعد اندحاره قياسا بما كنت عليه قبل ذلك ، والمعطيات التى بوسع
المرء أن يبنى افتراضاته حول ردود الفعل المحتملة عليها تتضمن ، طبيعة وشخصية
أبناء الشعب والحكومة ، وطبيعة البلاد ، وتحالفاتها وارتباطاتها السياسية .
وفى
الوقت الذى قد يضيع فيه طرف ما أحسن الفرص بسبب جبنه أو بسبب تمسكه بالأساليب
الحرفية الجامدة ، قد يندفع آخرون بتهور ودون حذر لينتهى زائغ العينين مندهشا كما
لو أخرج لتوه من الماء .
لابد
للمرء من إدراك حالة الوهن التى غالبا ما تقع للطرف المنتصر فور تجاوزه مرحلة
الخطر ، وفى الوقت الذى يتطلب الموقف فيه وعلى العكس من ذلك بذل المزيد من الجهد
والنشاط لمتابعة وتأكيد الانتصار .
القوة
المتفوقة ليست النهاية (الغاية) بل مجرد الوسيلة ، أما الغاية فهى إجبار العدو على
الركوع على قدميه أو على الأقل حرمانه من بعض أراضيه .
هكذا
يتضح لنا أن التفوق الذى بيد المنتصر ، أو الذى يحصل عليه ، مجرد وسيلة وليس
الغاية .
ليس بنا
حاجة للاستشهاد بأمثلة تاريخية كى نثبت الطريقة التى يؤثر فيها فقدان التفوق على
هجوم استراتيجى ، مخاطر النكسات لا تصل ذروتها فى الغالب إلا حين يفقد الهجوم قوته
الدافعة ويتحول إلى دفاع
يستند التفوق الذى خصصت به الشكل الدفاعى للحرب
على ما يلى :
1- الاستفادة من الأرض .
2- امتلاك مسرح منظم للعمليات .
3- دعم تعاطف الشعب .
4- ميزة أن يكون الطرف المنتظر .
والدفاع عادة أكثر إثارة واستفزازا فى خصائصه ،
عندما يتخذ فى أرض محتلة (معادية) مما لو اتخذ داخل حدود الوطن ، لأنه سيصاب
بيفيروس الهجوم إن جاز لنا قول ذلك ،
الأمر الذى يضعف خاصيتة الأساسية .
الدفاع الذى يتخذ ضمن إطار تعرضى سيكون ضعيفا فى كافة عناصره الرئيسية ،
وهكذا سيفقد التفوق الذى كان له من حيث الأساس . فكل هجوم لا يؤدى إلى الصلح
(السلام) لابد أن ينتهى إلى الدفاع بالضرورة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق