23‏/10‏/2016

عن الحرب 52

عن الحرب 52




                                     المواضع الدفاعية

   كل موضع تقبل فيه معركة ، وتستفيد من الأرض لحمايتك فيه فهو موضع دفاعى .

   المواضع الدفاعية الحقيقية فالمكان عامل حاكم ، إذ يتوجب حسم الأمر فى ذلك المكان ، أو بالأحرى بسبب ذلك المكان .

   يصب وجود موضع ما فى العالم لا يمكن تخطيه وبالمعنى الحرفى للمصطلح ، تنبثق من ذلك سمتان استراتيجيتان للموضع الدفاعى هما :

1-   أنه قد يتعذر تخطيه .

2-   أن يوفر للمدافع ميزة فى الصراع حول خطوط المواصلات تضاف هنا ميزتان استراتجيتان أخريتان هما :  

    ا-  فى أن العلاقة بين خطوط المواصلات هى أيضا تؤثر بشكل جيد على نمط الاشتباك .           ب-  فى أن التأثير العام للأرض سيكون ملائما .  
   بالإضافة إلى ذلك ، فإن كان بوسع المهاجم التراجع على عدد من الطرق ، فى الوقت الذى ليس للمدافع سوى طريق واحد ، فستتوفر للأول حرية ( حركة ) تعبوية أكثر بكثير .
 وفى كل مثل تلك الحالات سيكافح المدافع دون جدوى لتجاوز مثل هذه العراقيل الناجمة عن خطأ استراتيجى ، وسوف لن ينجح .

1-   يتوجب على المدافع وفوق كل شئ إبقاء العدو تحت الرصد والمراقبة ، وأن يكون قادرا على الانقضاض عليه بقوة حال دخوله منطقة المدافع .

2-   قد تتلائم الأرض وإلى حد كبير أو قليل مع طبيعة وتأليف الجيش .

 إذ ينبغى أن يقودنا تفوقنا فى الخيالة ، وذلك مبرر  قوى ، للبحث عن الأراضى المفتوحة ، أما استخدام الأراضى الوعرة والبالغة الصعوبة فمؤشر على نقص ما لدينا من الخيالة ، وربما كذلك المدفعية ، كما يعنى أن المشاة يتألف من رجال شجعان ذوى خبرة بالحروب ، ويعرفون الأرض المحيطة بهم جيدا .

   فبوضعنا لقوانتا المقاتلة فى موضع صعب يصعب اختراقه ، فإنما نرفض المعركة ، ونفرض على العدو البحث عن طرق أخرى للحسم .

   نقصد بالموضع الدفاعى الذى نحن معنيين به هنا ، وببساطة الفوائد الاستثنائية لساحة المعركة ، أما إن أريد لها أن تكون ساحة معركة فيجب ألا تكون فوائد المدافع كبيرة جدا .

   العدو، و كى يتجنب مالا يمكن اقتحامه من الموضع ، سيغير النمط الكلى لهجومه ، يظل علينا أن نرى فيما إذا كان هذا النمط الجديد يتلائم وغرضنا .

   نعتقد أن قوة الموضع الدفاعى تزداد وتقترب من الحالة المثالية كلما كانت القوة مخفية ، وكلما ساعد ذلك الموضع على أخذ العدو على غرة خلال سير العملية . 

        فالمرء يسعى دائما إلى خدع العدو حول القوة العددية الحقيقية لقواته القتالية ، واتجاهها الحقيقى ، كما ينبغى وبنفس الدرجة عدم السماح للعدو بمعرفة الطريقة التى يحاول بها المرء الاستفادة فيها من الأرض .

   أصول وتطور طرق الدفاع الثلاث ، نحاول الآن ايضاح قيمة كل منها ، وللتمييز بينها بتسميتها ، وكما يلى ، " الخطوط المحصنة " ، و " المواضع المحصنة " ، و " المعسكرات المتخندقة قرب القلاع " .

1-   الخطوط .  
  وتشكل أشد أنواع حروب الحصار ( Cordon – Warfare ) دمارا ، ولا يعتد فيها بقيمة ما نشكله من موانع بوجه الهجوم ، إذ لا تساوى مثل هذه الموانع شيئا دون قوة نارية شديدة لإسنادها ، وبدون هذا الإسناد فكأنها غير موجودة .  

2-   المواضع .  
    سيظل أمر الدفاع عن منطقة ما قائما ، طالما استطاعت القوة المكلفة بذلك المحافظة على بقائها هناك ، ولن تنتهى المهمة إلا بانسحاب القوة من المنطقة واخلائها 

   وعليه فلو هوجمت القوة المتمركزة فى جزء من المنطقة ، بقوة أكثر تفوقا ، فإن إحدى وسائل حماية تلك القوة ضد العدو الأقوى هى باحتلال تلك القوة موضعا يصب اقتحامه .     

   ينبغى البحث عن القوة لموضع كهذا فى الموانع الطبيعية التى ستجعل بعض أجزاءه مما لا يمكن التقرب منها ، والأخرى مما يصعب الوصول إليها . لذلك فإن كانت هذه الطريقة ستسخدم فلا بد من العثور على الموضع الصحيح ، ولا يمكن أن التعويل فقط على الخنادق وحدها لتحقيق ذلك .  

    ولنبحث الآن فى خصائصها وتأثيراتها الاستراتيجية .                             
الشرط الأول بطبيعة الحال ، هو ضرورة تأمين مواد الإعاشة والاحتياجات الأخرى للقطعات التى ستكلف بأشغال ومسك هذا المعسكر لعدة أيام – للمدة التى يعتقد ان فاعلية المعسكر ستمتد إليها .     

  وسيظل هذا الشرط مصدر خطر دائم ، وفى الوقت نفسه فإن معضلات التموين تؤدى إلى استبعاد العديد من الأماكن الجيدة .   

 ولقياس فاعلية أى من المواضع ولموازنة أصول ومصادر قوة وأمكانيات كل منها ، لابد أن نسأل أنفسنا عن ماهية ردود فعل المهاجم إزائها .

3-   المواضع المتخندقة قرب القلاع 
           نجمل أخيرا رأينا فى المواضع المحصنة والمتخندقة وكما يلى :
1-   كلما صغرت البلاد ، وكلما ضاقت المساحات المتيسرة لحركات ومناورات التملص ، كلما صعب التخلى عن مواضع كهذه .    
   
       2- كلما زاد الاقتناع بقوة الاعتماد والتعويل على المساعدة والإنقاذ اللتان توفرهما قوات             أخرى ، وكلما ساء الطقس مع بداية العمليات ، أو نشوء حالة عصيان شعبى ، أو مجاعة أو         نقص خطير ، أو ما شابه ذلك ، كلما قلت المخاطر التى تمثلها المواضع .  

       3- وتزداد فاعلية وتأثيرات المواضع ، كلما ضعفت دوافع العدو الهجومية .

0 التعليقات: