25‏/10‏/2016

عن الحرب 74

عن الحرب 74

الغاية المحدودة : الحرب الهجومية

   حتى لو لم نكن نأمل بدحر العدو كليا ، تظل الغاية الايجابية والمباشرة ممكنة مع ذلك ، وهى احتلال جزء من أراضى العدو .

   المهم فى احتلال كهذا هو تقليص موارد العدو الوطنية ، مقللين بذلك قوته القتالية ومعززين قوتنا . والنتيجة هى أن نخوض الحرب على حساب العدو ولو جزئيا ،

 كما سنمتلك ورقة قوية فى أيدينا على مائدة مفاوضات الصلح ، وسيكون بوسعنا إما الاحتفاظ بها أو مبادلتها بفوائد أخرى .

   تلك وجهة نظر طبيعية فى أمر احتلال أرض معادية ، والعيب الوحيد فى ذلك هو ضرورة تحمل أعباء مسئولية الدفاع عنها حال احتلالها .

   من الناحية الأخرى ، إذا كانت الأرض المستولى عليها محاطة بأرض معادية على جانبيها ، فمن الواضح تماما أن احتلالها سيغدو عبئا ثقيلا إذ يجعل الانتصار المعادى ليس مؤكدا وحسب بل وأكبر حجما وتأثيرا .

 أما عن الجيوش التى تخلت عن بعض الأراضى التى احتلتها ، لأن احتلالا كهذا قد أضعفها ، فأمر شائع ومألوف جدا .

   عموما يخسر المرء من جراء احتلال العدو لأرضه أكثر مما يكسب ذلك المرء من احتلاله أرض العدو ، حتى لو كانت قيمة كلا المنطقين واحدة .

محصلة كل ذلك ، أن هجوما استراتيجيا مع هدف محدود سيتحمل عبء الدفاع عن نقاط أخرى لم يكن الهجوم نفسه سيؤمن تغطية مباشرة لها – عبء أكثر بكثير مما لو استهدف قلب قوة العدو ، والنتيجة هى تحديد نطاق تحشد القوات فى الوقت والمسافة معا .

   أما إذا أريد تحقبق ذلك التحشد على الأقل من حيث الوقت ، فلابد من شن الهجوم من كل نقطة ملائمة فورا ، بعدها وكيفما كان الهجوم ، سيخسر الفوائد الأخرى فى قدرته على البقاء والدفاع هنا وهناك ، كى يحقق ما يريد بقوات أقل بكثير ،

 والنتيجة الصافية فى تحديد غاية محددة هى إن كل شئ يميل إلى الزوال ، ولا نستطيع عندها وضع كل قواتنا فى ضربة شديدة وكثيفة واحدة تنسجم واهتمامنا الرئيسى .

 سيزداد تبعثر الجهد ، وسيزداد اضطرام الموقف بكل مكان كما تزداد كثيرا القسمة التى تترك للحظ .


   تلك هى الكيفية التى تتطور عبرها الأحداث ، ضاغطة بثقلها على القائد ، مع مضاعفة حيرته باستمرار أكثر فأكثر . 

0 التعليقات: