عن الحرب 74
الغاية المحدودة : الحرب الهجومية
حتى
لو لم نكن نأمل بدحر العدو كليا ، تظل الغاية الايجابية والمباشرة ممكنة مع ذلك ،
وهى احتلال جزء من أراضى العدو .
المهم
فى احتلال كهذا هو تقليص موارد العدو الوطنية ، مقللين بذلك قوته القتالية ومعززين
قوتنا . والنتيجة هى أن نخوض الحرب على حساب العدو ولو جزئيا ،
كما سنمتلك ورقة
قوية فى أيدينا على مائدة مفاوضات الصلح ، وسيكون بوسعنا إما الاحتفاظ بها أو
مبادلتها بفوائد أخرى .
تلك
وجهة نظر طبيعية فى أمر احتلال أرض معادية ، والعيب الوحيد فى ذلك هو ضرورة تحمل
أعباء مسئولية الدفاع عنها حال احتلالها .
من
الناحية الأخرى ، إذا كانت الأرض المستولى عليها محاطة بأرض معادية على جانبيها ،
فمن الواضح تماما أن احتلالها سيغدو عبئا ثقيلا إذ يجعل الانتصار المعادى ليس
مؤكدا وحسب بل وأكبر حجما وتأثيرا .
أما عن الجيوش التى تخلت عن بعض الأراضى التى
احتلتها ، لأن احتلالا كهذا قد أضعفها ، فأمر شائع ومألوف جدا .
عموما
يخسر المرء من جراء احتلال العدو لأرضه أكثر مما يكسب ذلك المرء من احتلاله أرض
العدو ، حتى لو كانت قيمة كلا المنطقين واحدة .
محصلة كل ذلك ، أن هجوما استراتيجيا مع هدف
محدود سيتحمل عبء الدفاع عن نقاط أخرى لم يكن الهجوم نفسه سيؤمن تغطية مباشرة لها –
عبء أكثر بكثير مما لو استهدف قلب قوة العدو ، والنتيجة هى تحديد نطاق تحشد القوات
فى الوقت والمسافة معا .
أما
إذا أريد تحقبق ذلك التحشد على الأقل من حيث الوقت ، فلابد من شن الهجوم من كل
نقطة ملائمة فورا ، بعدها وكيفما كان الهجوم ، سيخسر الفوائد الأخرى فى قدرته على
البقاء والدفاع هنا وهناك ، كى يحقق ما يريد بقوات أقل بكثير ،
والنتيجة الصافية
فى تحديد غاية محددة هى إن كل شئ يميل إلى الزوال ، ولا نستطيع عندها وضع كل
قواتنا فى ضربة شديدة وكثيفة واحدة تنسجم واهتمامنا الرئيسى .
سيزداد تبعثر الجهد ،
وسيزداد اضطرام الموقف بكل مكان كما تزداد كثيرا القسمة التى تترك للحظ .
تلك
هى الكيفية التى تتطور عبرها الأحداث ، ضاغطة بثقلها على القائد ، مع مضاعفة حيرته
باستمرار أكثر فأكثر .
0 التعليقات:
إرسال تعليق