ثروة الأمم 11
فالغالى هو العزيز المنال ، أو الذى يكلف الحصول
عليه كثيرا من العمل ، أما الرخيص فهو ما يسهل الوصول إليه ، أو الذى لا يكلف إلا
القليل جدا من العمل ، فالعمل وحده ،
غير المتغير فى قيمته الذاتية ، هو المقياس
الحقيقى والنهائى الذى يمكن لقيمة كافة السلع أن تقارن به ، وأن تقارن فى كل
الأزمنة والأمكنة ، إنه سعرها الحقيقى ، أما النقد فهو سعرها الإسمى فقط .
يمكن أن يقال أن للعمل سعرا
حقيقيا وسعرا إسميا ، فقد يقال إن سعره الحقيقى يتقوم بكمية ضروريات الحياة
وكمالياتها التى تبذل بدلا عنه ، وإن سعره الإسمى يتقوم بكمية النقد .
فالسعر الحقيقى نفسه له القيمة نفسها دائما ، ولكن نظرا إلى التغير فى قيمة
الذهب والفضة ، فإن السعر الإسمى نفسه قد تكون له أحيانا قيم متفاوتة جدا .
إن من شأن كميات متفاوتة من
العمل أن تبتاع ، على تباعد الأزمنة ، بكميات من الحنطة أقرب إلى التساوى ، أى ما
يقوم بمعيشة العامل ، من كميات متساوية من الذهب أو الفضة ،
أو ربما أى نوع آخر من
السلع ، فالكميات المتساوية من الحنطة تكون على تباعد الأزمنة ،
أقرب إلى القيمة
الحقيقية نفسها ، أو تمكن مالكها من أن يستحق أو يبتاع ما يقرب أكثر من نفس كمية
عمل أفراد آخرين .
ولكن قيمة الفضة ، وإن كانت
تتغير كثيرا من قرن إلى قرن ، قلما تتغير كثيرا من سنة إلى سنة ، بل هى كثيرا ما
تستمر على حالها ، أو قريبا جدا من حالها ، طيلة نصف قرن أو قرن من الزمان ، ولذا
فإن السعر النقدى المتوسط أو المعتاد للحنطة قد يستمر على حاله أو قريبا من حاله ،
خلال فترة طويلة كهذه من الزمان ، ومعه السعر النقدى للعمل ، شرط أن يستمر المجتمع
، على الأقل ، فى الوضع ذاته أو ما يقرب من الوضع ذاته فى سائر المجالات الأخرى .
فالعمل ، كما يبدو بوضوح هو المقياس الشامل
والدقيق الأوحد للقيمة ، أو المعيار الوحيد الذى يمكننا بواسطته مقارنة قيم مختلف
السلع فى كل الأزمنة والأمكنة .
فالحنطة ، من قرن إلى قرن ، مقياس أفضل من الفضة ، لأن كميات متساوية من
الحنطة تبقى ، من قرن إلى قرن ، أقرب لأن تستحق كمية العمل نفسها مما تستحقها
كميات متساوية من الفضة ،
وعلى العكس ، فالفضة من سنة إلى سنة ، مقياس أفضل من
الحنطة ، لأن كميات متساوية منها أقرب لأن تستحق كمية العمل نفسها .
فالمال هو المقياس الدقيق للقيمة
التبادلية لكل السلع ، فى الزمان نفسه والمكان نفسه .
0 التعليقات:
إرسال تعليق