31‏/10‏/2016

ثروة الأمم 11

ثروة الأمم 11

 فالغالى هو العزيز المنال ، أو الذى يكلف الحصول عليه كثيرا من العمل ، أما الرخيص فهو ما يسهل الوصول إليه ، أو الذى لا يكلف إلا القليل جدا من العمل ، فالعمل وحده ، 

غير المتغير فى قيمته الذاتية ، هو المقياس الحقيقى والنهائى الذى يمكن لقيمة كافة السلع أن تقارن به ، وأن تقارن فى كل الأزمنة والأمكنة ، إنه سعرها الحقيقى ، أما النقد فهو سعرها الإسمى فقط .

   يمكن أن يقال أن للعمل سعرا حقيقيا وسعرا إسميا ، فقد يقال إن سعره الحقيقى يتقوم بكمية ضروريات الحياة وكمالياتها التى تبذل بدلا عنه ، وإن سعره الإسمى يتقوم بكمية النقد .

   فالسعر الحقيقى نفسه له القيمة نفسها دائما ، ولكن نظرا إلى التغير فى قيمة الذهب والفضة ، فإن السعر الإسمى نفسه قد تكون له أحيانا قيم متفاوتة جدا .

   إن من شأن كميات متفاوتة من العمل أن تبتاع ، على تباعد الأزمنة ، بكميات من الحنطة أقرب إلى التساوى ، أى ما يقوم بمعيشة العامل ، من كميات متساوية من الذهب أو الفضة ،

 أو ربما أى نوع آخر من السلع ، فالكميات المتساوية من الحنطة تكون على تباعد الأزمنة ،

 أقرب إلى القيمة الحقيقية نفسها ، أو تمكن مالكها من أن يستحق أو يبتاع ما يقرب أكثر من نفس كمية عمل أفراد آخرين .


   ولكن قيمة الفضة ، وإن كانت تتغير كثيرا من قرن إلى قرن ، قلما تتغير كثيرا من سنة إلى سنة ، بل هى كثيرا ما تستمر على حالها ، أو قريبا جدا من حالها ، طيلة نصف قرن أو قرن من الزمان ، ولذا فإن السعر النقدى المتوسط أو المعتاد للحنطة قد يستمر على حاله أو قريبا من حاله ، 

خلال فترة طويلة كهذه من الزمان ، ومعه السعر النقدى للعمل ، شرط أن يستمر المجتمع ، على الأقل ، فى الوضع ذاته أو ما يقرب من الوضع ذاته فى سائر المجالات الأخرى . 

   فالعمل ، كما يبدو بوضوح هو المقياس الشامل والدقيق الأوحد للقيمة ، أو المعيار الوحيد الذى يمكننا بواسطته مقارنة قيم مختلف السلع فى كل الأزمنة والأمكنة .

فالحنطة ، من قرن إلى قرن ، مقياس أفضل من الفضة ، لأن كميات متساوية من الحنطة تبقى ، من قرن إلى قرن ، أقرب لأن تستحق كمية العمل نفسها مما تستحقها كميات متساوية من الفضة ، 

وعلى العكس ، فالفضة من سنة إلى سنة ، مقياس أفضل من الحنطة ، لأن كميات متساوية منها أقرب لأن تستحق كمية العمل نفسها .


   فالمال هو المقياس الدقيق للقيمة التبادلية لكل السلع ، فى الزمان نفسه والمكان نفسه . 

0 التعليقات: