عن الحرب 61
تعتمد درجة تأثير ومجال الانتصار ، بطبيعة
الحال على درجة وحجم ذلك الانتصار ، والذى يعتمد بدوره على حجم القوة المندحرة ،
ولهذا السبب ستوجه الضربة التى يمكن منها توقع أوسع وأفضل الآثار والنتائج ، ضد
تلك المنطقة التى يمكن أن يوجد أكبر حشد لقوات العدو فيها .
طبيعة وتأثير مركز الثقل ، يوجد مركز الثقل حيث تتحشد الكتل بكثافة أكبر .
تتطلب
الضربة التى تتوخى توجيهها تحشيد قوتنا بأقصى الحدود الممكنة ، ومن الناحية الأخرى
فإن أى إفراط فى ذلك يعد ضررا واضحا ، نظرا لأنه يعنى إهدارا فى الطاقة ، الأمر
الذى يعنى بدوره نقصا فى القوة فى مكان آخر .
لهذا
فإن التميز بين مراكز الثقل تلك فى قوات العدو ، وتحديد مجالات تأثيرها يعدان من
المهات الرئيسية للقدرة الاستراتيجية .
مسرح
الحرب ، كبيرا كان أو صغيرا ، والقوات المنفتحة عليه ، وبغض النظر عن حجمها ، يمثل
نوعا من الوحدة ، التى يمكن تشخيص مركز ثقل منفرد فيها .
يتألف
الدفاع أساسا من عنصرين مختلفين – الحسم وفترة الانتظار ، فالحسم هو الذى يغير
مراكز الثقل لدى كل طرف .
إذا
اكتشف المدافع وبوقت مبكر كاف ، الطرق التى سيتقدم عليها العدو ، وعلى أى منها
سيوجد كوكب ( القسم الأكبر) قوته فسيتمكن المدافع من مجابهته هناك .
يتعرض
من يلجأ إلى تجزأة قواته إلى التورط فى حرب مواضع (خنادق) : ضد عدو عزوم .
هناك
الكثير من الفوائد فى الانقضاض على المهاجم من الجناح وإجباره على خوض المعركة بعد
تغيير جبهته .
فهى
أولا وقبل كل شئ ، وكما أوضحنا للتو ، ستجعل العدو يكشف خطوط مواصلاته – وهى فى
هذه الحالة خطوط انسحابه .
علاقة
الدفاع بالهجوم فى حالات تستدعى عملا حاسما ، قد يكون أثر المباغتة فى حالة كهذه
أكبر بكثير من جميع فوائد ومكاسب الأرض فى المواضع الملائمة والمفضلة ، وإن من
أبرز سمات وجوهر الزعامة ، استخدام العوامل النفسية بهذه الطريقة .
قد
يشكل تأليف جيش ما حجة وأساسا طبيعيا جدا ، وسببا له وزنه فى خوض معركة تعرضية –
عندما يمتلك الجيش الكثير من الخيالة والقليل من المدفعية .
ولمتابعة قائمة بالأسباب المبررة
لمهاجمة العدو .
-
إذا أمكن الحصول على موضع جيد وملائم .
-
إن كانت الحاجة إلى حسم ملحة .
-
وأخيرا فإن عددا من الأسباب أعلاه أو حتى كلها قد تعمل معا .
إن لم يسعى فيها المرء للبحث عن الحسم بنفسه ،
فسيرضى بنجاح سلبى ، وإن يتوقع اضطراب وتردد العدو ، وإن يظهر عجزه وبالتالى تخليه
عن ما انتوى .
إن ما
من ترتيبات دفاعية فى موقف خطر أبسط وأكثر فاعلية من اختيار موضع دفاعى حسن
الإعداد وقريب أو إلى خلف قلعة كبيرة محصنة .
الانسحاب إلى داخل البلاد ، ما يمكن اعتباره الشكل النهائى لتأخير الحسم ،
يهدف هذا الشكل المحدد من المقاومة لجعل المهاجم يمزق نفسه بدلا من دحره فى معركة ،
إلا أن تأجيل القرار والحسم يمكن أن يعتبر هو ذاته نوعا خاصا من المقاومة ، فقط ،
عندما يعد ذلك هو الهدف الرئيسى .
تفرض الاستراتيجية علينا الاقتصاد فى القوى .
سنعالج فى الكتاب الأخير مسألة كيف ، وبأية طريقة ستحدث الحرب إذا امتنع
الطرفان عن مهاجمة الآخر – وبعبارة أخرى ، عندما لا يمتلك أيا منهما هدفا ايجابيا ،
وطوبى لمن يملكون ، فالملكية تعنى تسعة أعشار القانون .
وسنناقش تلك الموضوعات الآن بشئ أكثر تفصيلا .
إن
وضع قوة ما (جيشا) أمام القلعة لحمايتها ، قد يبدو لأول وهلة سخيفا ، وغير ضرورى ،
فالقلعة لم تشيد أساسا إلا لصد هجمات الاعداء ، مع أننا لاحظنا حدوث ذلك آلاف
المرات ، حتى ليعد ذلك أنموذجا فى إدارة الحرب ، وحيث تبدو أكثر الأشياء شيوعا
فيها مما يصعب فهمه غالبا ، فمن بوسعه امتلاك ما يكفى من الشجاعة ، اعتمادا على
هذا التناقض الواضح ، ويعلن بأن هذا المعيار الغالب – التكرار كان خاطئا فى جميع
الحالات التى استخدم فيها ؟ ولابد من وجود أسباب ومبررات عميقة لكل شكل يتكرر
وقوعه ، وليس ذلك سوى ما استشهدنا به فى اعلاه ، المعيار النفسى المحض .
ولو
أشغلنا موضعا أمام قلعة لنا ، فلن يتسنى للعدو مهاجمتها إلا بعد دحرنا ، إلا أن
المعركة تتضمن حسما ، فإن لم يكن العدو يسعى وراء ذلك فلن يخوض معركة ، وبوسعنا
الاحتفاظ بقلعتنا دون توجيه ضربة ، وحيثما شعرنا أن العدو يسعى للحسم ، فعلينا
استغلال الفرصة ، والأرجح أنه لن يقبل ذلك ، وفى معظم الحالات ، يحتفظ المرء
بإمكانية الانسحاب إلى ما وراء القلعة ، إذا ما قرر العدو ، وخلافا لما هو متوقع
واستثناء له ، أن يهاجم ، وهذا يقلل مخاطر إشغال موضع أمام القلعة ، والشئ الأكيد
عمليا أن الوضع الراهن سيستمر دون تضحيات ، ولن يجر وراءه ولا حتى درجة ضئيلة من
الخطر .
ومع
ذلك فلابد لنا من القول بوجود سبب ثانوى آخر للقيام بذلك ، لقد اعتادت الجيوش
استخدام أقرب القلاع كمستودع لمدخرات التموين ، وذلك أمر مقنع للغاية ، وجم
الفوائد ، إذ ليس من السهل إقناع القادة بجلب مدخرات التموين من أماكن بعيدة ، أو
لتكديسها فى أماكن غير محمية ، ولو حدث ذلك فسيغدو وفى الكثير من الحالات من
الضرورة المطلقة للجيش أن يختار مواضعه (الدفاعية) أمامها ، بل يعد ذلك من
البديهيات فى حالات ومواقف عديدة .
الشبكة crochet .
صممت
"إجاءات الدفاع التى عددناها لمنع المهاجم من الاستيلاء على قلعة ما ، أو أى
قاطع مهم من البلاد ، أو مستودع مدخرات مواد تموينية ، وسيحرم العدو من تحقيق
مبتغاه بقوة تلك الإجراءات إذ سيتعرض إلى الدخول فى اشتباك من كل منعطف ، وسينتهى
بقدر قليل من النجاح أو بكثير من المخاطر غير المباشرة إذ خسر الاشتباك ، وهو فى
الحالين سيتضمن عموما استخدام قوات كثيرة قياسا لغايته وموقفه .
إذا واظب المدافع فى عمله وكللت مهارته
وترتيبه بالنجاح ، فسيجد المهاجم أن هدفه المحدود سيواجه عند كل نقطة بتدابير
محكمة ، عندها سيتوخى الهجوم الرئيسى على الأكثر محاولة ترضية وإقناع نفسه
والاكتفاء بما يحفظ ماء الوجه فقط سيؤدى الانتصار فى أى اشتباك ذو أهمية وعواقب ما
إلى نوع من التفوق ، والذى يرضى غرور القائد ، والعرش ، والجيش ، والشعب ، لذلك
فليس من المتوقع وفقا لهذه المعايير فصل مثل هذه النتائج والوصول إليها إلا فى
التعرض
الانتصار يقود حقا إلى أهداف أخرى .
فعندما
يغدو شرف (التحكم ب) الميدان هو موضع الاهتمام الوحيد للعدو ، سيتوجب على مواقع
ووحدات المدافع المنفردة وغالبا مواجهة خطر خوض القتال فى ظروف أكثر سوء مما لو
كانت قد اندفعت لضمان أية مكاسب إضافية .
أوامرا خاطئة يمكن أن يصدرها
القائد نفسه يمكن أن تؤدى إلى كارثة .
ولا
يمكن قيادة جيش ما بدقة عند عدم توفر (قائد) مهيمن وعزوم وقادر على رص صفوف قواته
حتى آخر رجل ، وكل من يعجز أو يتخلى عن عادة التفكير أو النظر وتوقع أفضل ما يمكن
من مرءوسيه فى جميع الأحوال ، فإنه ولهذا السبب وحده لا يصلح لقيادة الجيش .
لا بد
أن نتخلى طريقة نهب واعتصاب أرزاق الجيش من السكان المحليين ، عاجلا إن لم يكن من
البداية إلى أسلوب التموين من المذاخر والمستودعات .
إن إحدى
الطرق الخاصة فى الحماية هى بمرافقة قوات صغيرة لكل رتل منفردة ، أو حتى زيادة حجم
القوة المرافقة ، كتاب تمبلهوف عن تاريخ حرب السنوات السبع .
0 التعليقات:
إرسال تعليق