24‏/10‏/2016

عن الحرب 61

عن الحرب 61

   تعتمد درجة تأثير ومجال الانتصار ، بطبيعة الحال على درجة وحجم ذلك الانتصار ، والذى يعتمد بدوره على حجم القوة المندحرة ، ولهذا السبب ستوجه الضربة التى يمكن منها توقع أوسع وأفضل الآثار والنتائج ، ضد تلك المنطقة التى يمكن أن يوجد أكبر حشد لقوات العدو فيها .      

      طبيعة وتأثير مركز الثقل ، يوجد مركز الثقل حيث تتحشد الكتل بكثافة أكبر .

   تتطلب الضربة التى تتوخى توجيهها تحشيد قوتنا بأقصى الحدود الممكنة ، ومن الناحية الأخرى فإن أى إفراط فى ذلك يعد ضررا واضحا ، نظرا لأنه يعنى إهدارا فى الطاقة ، الأمر الذى يعنى بدوره نقصا فى القوة فى مكان آخر .

   لهذا فإن التميز بين مراكز الثقل تلك فى قوات العدو ، وتحديد مجالات تأثيرها يعدان من المهات الرئيسية للقدرة الاستراتيجية .

   مسرح الحرب ، كبيرا كان أو صغيرا ، والقوات المنفتحة عليه ، وبغض النظر عن حجمها ، يمثل نوعا من الوحدة ، التى يمكن تشخيص مركز ثقل منفرد فيها .

   يتألف الدفاع أساسا من عنصرين مختلفين – الحسم وفترة الانتظار ، فالحسم هو الذى يغير مراكز الثقل لدى كل طرف .

   إذا اكتشف المدافع وبوقت مبكر كاف ، الطرق التى سيتقدم عليها العدو ، وعلى أى منها سيوجد كوكب ( القسم الأكبر) قوته فسيتمكن المدافع من مجابهته هناك .

   يتعرض من يلجأ إلى تجزأة قواته إلى التورط فى حرب مواضع (خنادق) : ضد عدو عزوم .
   هناك الكثير من الفوائد فى الانقضاض على المهاجم من الجناح وإجباره على خوض المعركة بعد تغيير جبهته .

   فهى أولا وقبل كل شئ ، وكما أوضحنا للتو ، ستجعل العدو يكشف خطوط مواصلاته – وهى فى هذه الحالة خطوط انسحابه .

   علاقة الدفاع بالهجوم فى حالات تستدعى عملا حاسما ، قد يكون أثر المباغتة فى حالة كهذه أكبر بكثير من جميع فوائد ومكاسب الأرض فى المواضع الملائمة والمفضلة ، وإن من أبرز سمات وجوهر الزعامة ، استخدام العوامل النفسية بهذه الطريقة .


   قد يشكل تأليف جيش ما حجة وأساسا طبيعيا جدا ، وسببا له وزنه فى خوض معركة تعرضية – عندما يمتلك الجيش الكثير من الخيالة والقليل من المدفعية .   

       ولمتابعة قائمة بالأسباب المبررة لمهاجمة العدو . 

-         إذا أمكن الحصول على موضع جيد وملائم .
-         إن كانت الحاجة إلى حسم ملحة .
-         وأخيرا فإن عددا من الأسباب أعلاه أو حتى كلها قد تعمل معا .

   إن لم يسعى فيها المرء للبحث عن الحسم بنفسه ، فسيرضى بنجاح سلبى ، وإن يتوقع اضطراب وتردد العدو ، وإن يظهر عجزه وبالتالى تخليه عن ما انتوى .

   إن ما من ترتيبات دفاعية فى موقف خطر أبسط وأكثر فاعلية من اختيار موضع دفاعى حسن الإعداد وقريب أو إلى خلف قلعة كبيرة محصنة .

   الانسحاب إلى داخل البلاد ، ما يمكن اعتباره الشكل النهائى لتأخير الحسم ، يهدف هذا الشكل المحدد من المقاومة لجعل المهاجم يمزق نفسه بدلا من دحره فى معركة ، إلا أن تأجيل القرار والحسم يمكن أن يعتبر هو ذاته نوعا خاصا من المقاومة ، فقط ، عندما يعد ذلك هو الهدف الرئيسى .   

    تفرض الاستراتيجية علينا الاقتصاد فى القوى .

   سنعالج فى الكتاب الأخير مسألة كيف ، وبأية طريقة ستحدث الحرب إذا امتنع الطرفان عن مهاجمة الآخر – وبعبارة أخرى ، عندما لا يمتلك أيا منهما هدفا ايجابيا ، وطوبى لمن يملكون ، فالملكية تعنى تسعة أعشار القانون .

   وسنناقش تلك الموضوعات الآن بشئ أكثر تفصيلا .

   إن وضع قوة ما (جيشا) أمام القلعة لحمايتها ، قد يبدو لأول وهلة سخيفا ، وغير ضرورى ، فالقلعة لم تشيد أساسا إلا لصد هجمات الاعداء ، مع أننا لاحظنا حدوث ذلك آلاف المرات ، حتى ليعد ذلك أنموذجا فى إدارة الحرب ، وحيث تبدو أكثر الأشياء شيوعا فيها مما يصعب فهمه غالبا ، فمن بوسعه امتلاك ما يكفى من الشجاعة ، اعتمادا على هذا التناقض الواضح ، ويعلن بأن هذا المعيار الغالب – التكرار كان خاطئا فى جميع الحالات التى استخدم فيها ؟ ولابد من وجود أسباب ومبررات عميقة لكل شكل يتكرر وقوعه ، وليس ذلك سوى ما استشهدنا به فى اعلاه ، المعيار النفسى المحض .


   ولو أشغلنا موضعا أمام قلعة لنا ، فلن يتسنى للعدو مهاجمتها إلا بعد دحرنا ، إلا أن المعركة تتضمن حسما ، فإن لم يكن العدو يسعى وراء ذلك فلن يخوض معركة ، وبوسعنا الاحتفاظ بقلعتنا دون توجيه ضربة ، وحيثما شعرنا أن العدو يسعى للحسم ، فعلينا استغلال الفرصة ، والأرجح أنه لن يقبل ذلك ، وفى معظم الحالات ، يحتفظ المرء بإمكانية الانسحاب إلى ما وراء القلعة ، إذا ما قرر العدو ، وخلافا لما هو متوقع واستثناء له ، أن يهاجم ، وهذا يقلل مخاطر إشغال موضع أمام القلعة ، والشئ الأكيد عمليا أن الوضع الراهن سيستمر دون تضحيات ، ولن يجر وراءه ولا حتى درجة ضئيلة من الخطر .


   ومع ذلك فلابد لنا من القول بوجود سبب ثانوى آخر للقيام بذلك ، لقد اعتادت الجيوش استخدام أقرب القلاع كمستودع لمدخرات التموين ، وذلك أمر مقنع للغاية ، وجم الفوائد ، إذ ليس من السهل إقناع القادة بجلب مدخرات التموين من أماكن بعيدة ، أو لتكديسها فى أماكن غير محمية ، ولو حدث ذلك فسيغدو وفى الكثير من الحالات من الضرورة المطلقة للجيش أن يختار مواضعه (الدفاعية) أمامها ، بل يعد ذلك من البديهيات فى حالات ومواقف عديدة .

 الشبكة crochet .

   صممت "إجاءات الدفاع التى عددناها لمنع المهاجم من الاستيلاء على قلعة ما ، أو أى قاطع مهم من البلاد ، أو مستودع مدخرات مواد تموينية ، وسيحرم العدو من تحقيق مبتغاه بقوة تلك الإجراءات إذ سيتعرض إلى الدخول فى اشتباك من كل منعطف ، وسينتهى بقدر قليل من النجاح أو بكثير من المخاطر غير المباشرة إذ خسر الاشتباك ، وهو فى الحالين سيتضمن عموما استخدام قوات كثيرة قياسا لغايته وموقفه . 

   إذا واظب المدافع فى عمله وكللت مهارته وترتيبه بالنجاح ، فسيجد المهاجم أن هدفه المحدود سيواجه عند كل نقطة بتدابير محكمة ، عندها سيتوخى الهجوم الرئيسى على الأكثر محاولة ترضية وإقناع نفسه والاكتفاء بما يحفظ ماء الوجه فقط سيؤدى الانتصار فى أى اشتباك ذو أهمية وعواقب ما إلى نوع من التفوق ، والذى يرضى غرور القائد ، والعرش ، والجيش ، والشعب ، لذلك فليس من المتوقع وفقا لهذه المعايير فصل مثل هذه النتائج والوصول إليها إلا فى التعرض 


         الانتصار يقود حقا إلى أهداف أخرى .


   فعندما يغدو شرف (التحكم ب) الميدان هو موضع الاهتمام الوحيد للعدو ، سيتوجب على مواقع ووحدات المدافع المنفردة وغالبا مواجهة خطر خوض القتال فى ظروف أكثر سوء مما لو كانت قد اندفعت لضمان أية مكاسب إضافية .     


 أوامرا خاطئة يمكن أن يصدرها القائد نفسه يمكن أن تؤدى إلى كارثة .

   ولا يمكن قيادة جيش ما بدقة عند عدم توفر (قائد) مهيمن وعزوم وقادر على رص صفوف قواته حتى آخر رجل ، وكل من يعجز أو يتخلى عن عادة التفكير أو النظر وتوقع أفضل ما يمكن من مرءوسيه فى جميع الأحوال ، فإنه ولهذا السبب وحده لا يصلح لقيادة الجيش .

   لا بد أن نتخلى طريقة نهب واعتصاب أرزاق الجيش من السكان المحليين ، عاجلا إن لم يكن من البداية إلى أسلوب التموين من المذاخر والمستودعات .

   إن إحدى الطرق الخاصة فى الحماية هى بمرافقة قوات صغيرة لكل رتل منفردة ، أو حتى زيادة حجم القوة المرافقة ، كتاب تمبلهوف عن تاريخ حرب السنوات السبع .   
                                                                                                     

0 التعليقات: