18‏/10‏/2016

عن الحرب 38

عن الحرب 38

الترتيب العام للجيش

   هناك وفى معظم الحالات فاصلة كبيرة ما بين التعبئة (Mobilization) الأولية للقطعات ، وبين لحظة إكمال وتنفيذ كل القرارات الحاسمة ، عندما تكون الاستراتيجية قد أوصلت الجيش إلى النقطة المهمة . وتخصص التعبية لكل وحدة مكانها ودورها . 

وينطبق ذلك وبنفس الدرجة على الوقت ( الفاصلة الزمنية ) ما بين حدث حاسم وآخر .

   لم تكن هذه الفواصل تبدو فى الماضى وكأنها جزء من الحرب ، المثال الماريشال لوكسمبرج وأساليبه فى التعسكر والمسير .

   لقد كان الاشتباك فى الماضى هو النصل الحقيقى للسيف ، أما الفترات ما بيت الاشتباكات فقد كانت غمده ، كان الأول هو الشفرة الفولاذية ، أما الثانى فكان الغمد أو المقبض الخشبى الذى ألصق بالنصل . فقد كان " الكل " مؤلف من أجزاء مفقودة لا علاقة بينها .
 أما فى أيامنا هذه فقد أصبح الاشتباك حافة السيف ، أما الوقت خارج لاشتباك فهو الحافة الأخرى . فلكل غدا ملتحم الأجزاء بشكل يتعذر معه تحديد بداية النصل الفولاى من الحافات الحديدية .

   وهناك ثلاثة حالات ممكنة للقطعات ، فهى إما أن تكون فى : المأوى (Billet) أو المسير أو المعسكر .

   فإن لم يعين الجيش هدفا ما ، فإن همه الوحيد عندها سيكون فى المحافظه على كيانه ، وبالتالى توفير الأمن الضرورى له ، لابد لأى جيش من القدرة على الكينونة دون أى صعوبة محددة ، وأن يقاتل كوحدة واحدة ، الاعتبارات التالية المتعلقة بوجود وأمن الجيش :
1-   سهولة التموين .
2-   سهولة الإسكان .
3-   أمن المناطق الخلفية .
4-   ساحة مفتوحة فى الجبهة .
5-   كون الموضع نفسه فى أرض وعرة ( متموجة ) .
6-   نقاط استرتيجية للإسناد .
7-   قوات فرعية ( ثانوية ) مناسبة .

   يوحى الاثنان الأولان أن من المرغوب فيه البحث عن مناطق زراعية ، ومدن وطرق رئيسية . وتأثيرهما عام وليس محددا .

   أما معنى " أمن المناطق الخلفية " فسيوضح فى الفصل السادس عشر ، الخاص بخطوط المواصلات .

 والمطلب الأول والأساس هنا أن يشكل الموضع زاوية جيدة مع اتجاه أو قرب خط الانسحاب .

   أما النقطة الرابعة ، فليس من الممكن فعلا أن يسيطر الجيش على منطقة كاملة من الأرض بالطريقة التى يسيطر فيها على ساحة المعركة فى الانفتاح التعبوى . وعليه استخدام " طليعة "  كعين استراتيجية ، أو أن يستخدم لذلك مفارزا منفردة ، أو جواسيس وغير ذلك ، وستكون مهمات الرصد التى يقومون بها أسهل عليهم بطبيعة الحال فى الأراضى المفتوحة منها فى التلال والأراضى المتموجة .


   الاستراتيجية وبطبيعتها العامة تتحرك فى أبعاد الوقت والمسافة اللذان هما أكبر من مثيلاتهما فى التعبية . فلو اتخذ جيش ما مواضعه على نهر أو على مبعدة من ميل من الساحل ، أو من نهر كبير فسيعتبر أنه قد استند عليها استراتيجيا ، إذ سيتعذر على العدو العثور على فسحة أو مجال لأى حركة إحاطة استراتيجية . ولن يورط نفسه بمسيرات طويلة تستغرق أياما وأسابيعا فى مجال كهذا  
  تعتبر القلاع والحصون نقاطا استراتيجية نسبة لحجومها وتأثيراتها على أجواء العمليات . 

   المتطلب العام الأول هو دفع " مقدمة " ووحدات أخرى لواجبات رصد العدو .    أما الثانى فهو أن يوضع احتياط الجيش الكبير على مبعدة أميال فى الخلف ، كيما يسهل انفتاحه وزجه بأجزاء منفصلة .

   تصبح الأجنحة ضعيفة فقط عندما لا تعود الظروف متوازنة مع بعضها البعض ، كأن يتفوق علينا العدو من حيث القوة ، وعندما تكون خطوط مواصلات العدو أكثر أمانا .

   من السهل القرار على المسافة التى توضع فيها المقدمات ، وما دامت هذه ستنسحب فى النهاية إلى الموضع الرئيسى للجيش ، فيمكن أن توضع وعلى الأكثر على مسيرة يوم واحد دون أن تتعرض لمخاطر خوض معركة منفصلة .

   إن اشتباكا عاديا تخوضه فرقة تعدادها من (8-10) آلاف رجل سيطول عادة لعدة ساعات أو حتى نصف يوم قبل حسم المعركة . لذلك يمكن وضع فرقة كهذه ودون أى قلق على مسيرة بضع ساعات – ولنقل من (5-10) أميال . ولنفس السبب يمكن وضع فيلق مؤلف من (3-4) فرق على مسيرة يوم واحد – أو من (15-20) ميلا .

   وهكذا تحدد طبيعة الأشياء الترتيب العام لمواضع القسم الأكبرفى أربع أو خمسة أجزاء وعلى مسافات معينة .        

 تنبع الضرورة لهذا التقسيم عادة من الظروف والإجراءات التى يفرضها عامل الوقت ، فعند اقتراب العدو بحثا عن قرار حاسم يتحقق باشتباك رئيسى ، تنتهى إذ ذاك الصفحة الاستراتيجية ، ويتركز كل شئ بعدها على دقائق المعركة . 

 كما تنتهى كل أسباب ومبررات تجزأة الوضع الآن . وحال دخول المعركة تعلق كذلك قضايا التموين والاسكان .   

 إن أفضل مقياس لقيمة المواضع المجزأة هو أن ذلك التوزيع المنفصل ليس سوى حالة ظرفية ، وشر لابد مه ، بينما يظل خوض القتال بقوات وقطعات مشتركة هو الهدف الحقيقى . 

0 التعليقات: