23‏/10‏/2016

عن الحرب 44


عن الحرب 44



قاعدة العمليات
   عند بدء الجيش عملية ما ، من الضرورى أمامه الاعتماد على موارده الخاصة فى التموين والتعزيزات وسد النقص ، لذا يتوجب عليه المحافظة على مواصلاته معها ، لأنها تشكل قاعدة وأساس وجوده واستمراره .

   المنطقة التى تغزوها قوة ما ، ستوفر الكثير مما تحتاجه تلك القوة شريطة أن يسيطر الجيش على المنطقة فعلا ، وأن يتأكد من إطاعة ما يصدره من أوامر ،

 إلا أن حدود ونطاق هذا التأكيد نادرا ما تمتد من وراء ما يبسطه الجيش من رهبة ونفوذ على السكان المحليين بما يتيسر له من طرق محدودة كالمخافر الصغيرة والمفارز الراكبة (الآلية) . لذلك فبعد أن يدخل الجيش أراضى العدو ، فإن المنطقة التى يتم جمع التموين منها صغيرة عادة ويندر أن توفر ما يكفى ، لذا يتوجب عليه نقل الكثير من الوطن ، ومرة إخرى يجب عليه اعتبار المنطقة القريبة من مؤخرة الجيش جزءا رئيسيا من قاعدته .

   تنشأ مخازن فى ندن غير محمية فى الأراضى المحتلة وفى أرض الوطن معا ، إذ لا يتيسر ما يكفى من القلاع لحفظ أكداس ضخمة كهذه سريعة الاستهلاك ومطلوبة فى أماكن وأوقات مختلفة ، 

يضاف إلى ذلك سهولة تعويض الطعام قياسا باحتياجات الجيش الأخرى كالأسلحة والعتاد والمعدات التى لا تخزن عادة فى أماكن غير محمية وقريبا من ساحات الحرب ، بل يفضل جلبها من أماكن بعيدة . أما إن كانت فى أراضى العدو فلابد من وضعها فى القلاع ، وهذا برهان إضافى على أن أهمية القاعدة انما ترتكز على الحاجة إلى المستلزمات الضرورية من الأسلحة والمعدات أكثر مما على الحاجة إلى تموين الأغذية .

   عندما تكون موارد التموين والتعزيزات بالغة الضخامة – وبكلمة أخرى ، حيثما وجدت أراضى شاسعة وصالحة للزراعة ، وحيثما كدست الأرزاق بكميات كبيرة جدا وفى مستودعات محمية وقريبة من الجيش ،

 وترتبط معه بطرق جيدة ، وعندما تنتشر المستودعات فوق رقعة شاسعة وكثيفة إلى الخلف ، وحتى على جناح الجيش إلى حد ما – عندها سيكون للجيش وجود قوى ومتميز ، كما سيتمتع بقدر كبير من حرية العمل والتحرك .

   فقاعدة عمليات الجيش تتألف وكما أوضحنا من ثلاثة مراحل متداخلة من موقفه : الموارد المحلية ، ومستودعات فى مناطق متعددة ، والمنطقة التى يتم سحب التموين منها . وتلك عوامل ثلاث متميزة مكانيا ، ولا يمكن جمعها أو اختصارها فى مكان واحد .

   فليس بوسع المرء كما نرى أكثر من الإقرار بتأثير القاعدة على العمليات العسكرية – الحقيقة فى أنها قد تكون ضعيفة أو قوية ، والعوامل هى التى تجعلها كذلك . 

التغييرات تستدعى دائما بذل الوقت والجهد ، فلا يستطيع الجيش تغيير قاعدته بين عشية وضحاها ، حتى داخل أراضيه لذلك فسيكون اتجاه عملياته محددا بدرجة ما . لقد أوضحنا أن اعتماد الجيش على قاعدته يتزايد فى الكثافة والنطاق مع أى تضخم فى الجيش .


   هناك نقطة أخرى تتأصل فى طبيعة الموضوع ، فالطعام مهم للغاية لتلبية أو سد حاجة آنية ، أما بالنسبة للوجود العام للجيش عبر فترة من الزمن فإن تدفق الرجال والمعدات أكثر أهمية ، 

والنوع الثانى لا يمكن أن يصل إلا من مصادر معينة ، بينما يمكن توفير الطعام بعدد من الطرق – وتلك حقيقة تشكل تفسيرا آخر للتأثير الذى تمارسه القاعدة على العمليات . ما الذى يتوجب عمله الآن ؟ . 

0 التعليقات: