عن الحرب 72
تحديد دقيق للهدف العسكرى : دحر العدو
لغاية
لحرب وهو تدمير العدو ، ولكن ما الذى يعنيه التدمير " Defeat " ؟ ليس احتلال كل أراضى العدو ضروريا دائما ، فلو تم احتلال
باريس 1792 فلابد عندا أن تصل الحرب ضد الثورة إلى نهايتها ، ولو لم تكن هناك من
حاجة لدحر الجيوش الفرنسية
أولا لأنها لم تكن أيام ذاك قوية بشكل خاص ، ولكن ومن
الناحية الأخرى ففى عام 1814 لم يكن حتى احتلال باريس سينهى الأمر مادام بحوزة
نابليون جيش كبير بعد ، لكن وكما حدث فعلا وبعد تدمير القسم الأكبر من قواته ، فإن
احتلال باريس 1814 قد سوى كل شئ ، وكذلك الحال عام 1815 ، وتكرر مرة أخرى .
تؤكد
لنا تلك الأحداث أن النجاح ليس سهلا فى القضايا الكبرى ، وغالبا ما تكون بعض
العوامل حاسمة – ولا تعرف تفاصيل ذلك إلا لمن كانوا هناك ، كما قد توجد بعض
العوامل المعنوية التى لا تظهر إلى السطح .
على
المرء أن يتذكر على الدوام السمات الهامة والحاكمة لدى الطرفين المتحاربين ، فمن
هذه السمات سيتشكل مركز للثقل ، وبالتأكيد سيكون محورا لكل القوى والتحركات ، التى
يعتمد كل شئ آخر عليه ، كما أنه الشئ الذى يجب أن توجه وتتركز كل طاقنا نحوه .
تعتمد
الأمور الصغيرة على الأمور الكبيرة دائما ، والغير مهم على المهم ، والعارض على
الأساسى ، وذلك ما يجب أن يقود بحثنا ومسارنا .
لقد
كانت جيوش الإسكندر المقدونى ، وغوستاف أدولف ، وشارل الثانى عشر ، وفردريك الكبير
هى مراكز الثقل عادة ، أما فى البلدان المعرضة للنزاعات الداخلية ، فالعاصمة هى
مركز الثقل عادة ، أما فى البلدان الصغيرة التى تعتمد على تحالفاتها مع دول أكبر ،
فمركز الثقل هو جيش الدولة الأكبر الحامية ، أما فى الدول المتحالفة فهو مصالح
المجموعة ، وفى البلدان الثورية فهو شخصيات القادة والرأى العام . وضد مراكز الثقل
هذه يجب أن نوجه قدراتنا ، وإذا أمكن إفقاد العدو توازنه فيجب أن لا يعطى الوقت
الكافى لاستعادته ،
ولابد من توجيه الضربات المتتالية بنفس الإتجاه ، وعلى المنتصر
من الناحية الأخرى أن يضرب بكل قوته ولكن ليس ضد جزء من العدو ، ودون أخذ الأمور
ببساطة - أى باستخدام قوة متفوقة لاحتلال
بعض مناطق العدو مفضلا – ومضيعا الوقت والجهد – تأمين ما تم احتلاله على
الانتصارات الكبرى – لكن بالبحث الدءوب عن مركز ثقل العدو (قوته) ، وبالجرأة
التامة للفوز بكل شئ ، فهل يحقق لمرء دمار عدوه .
مستندين فى آرائنا وتعليقاتنا على التجارب
والخبرات العامة ، فالأعمال التى نعدها الأكثر أهمية لدحر العدو هى :
1- تدمير جيشه إن كان هذا الجيش بحجم كبير .
2- احتلال عاصمته إن لم تكن المركز الرئيسى والوحيد
للإدارة ( الحكومة ) فقط ، ولكنها أيضا مركزا مهما للأنشطة الاجتماعية والثقافية
والسياسية .
3- شن ضربة مؤثرة ضد حليفه الرئيسى إن كان هذا
الحليف أقوى من العدو بكثير .
إذا تحالفت دولتان أو أكثر ضد أخرى ، فسيظل
الأمر من الناحية السياسية حرب منفردة ، إلا أن هذه الوحدة السياسية على درجات .
والأمر هنا ما
إذا كانت كل دولة تسعى وراء مصالح مستقلة مع امتلاكها لوسائلها الخاصة لتحقيقها ،
أو ما إذا كانت مصالح وقوى معظم الحلفاء تابعة ومرءوسة لقائد التحالف .
إن
استطعت قهر كل أعدائك بدحر واحد منهم يجب أن يكون هذا الدحر هو الهدف الكبير للحرب
، وبهذا نوجه ضربتنا للعدو فى مركز ثقل الصراع كله .
يحتاج
كلا الطرفين للوقت ، والأمر هنا فقط ، فى أى من الطرفين يتوقع الحصول على فائدة
خاصة من الوقت ، وشكرا لقوانين علم النفس لا لقوانين الدانيميك ، الحسد والغيرة ،
والقلق ، وأحيانا ربما حتى الكرم والتى تشكل المدافع الطبيعى عن الفشل .
إنها ستربح له أصقاء جدد كما تضعف وتفرق بين أعداءه ، لذا ليس من المحتمل كثيرا أن يوفر الوقت أية فضيلة للمنتصر وأكثر مما للخاسر .
متى يكون هدف كهذا ممكنا ومجديا ؟
وإبتداءا لابد أن تكون قواتنا كافية :
1- وصولا إلى انتصار حاسم على العدو .
2- بذل الجهد الضرورى لمتابعة انتصارنا (لاستثماره)
إلى نقطة يغدو بعدها التوازن خارج إمكانية أى تصحيح .
بعد ذلك ، علينا التأكيد من سلامة موقفنا
السياسى وأن انتصارنا هذا سوف لن يجلب ضدنا مزيدا من الأعداء القادرين على إجبارنا
على إيقاف أو إلغاء الجهد ضد عدونا الأول فورا .
يمكن
للمرء ان يربح دعوى (قضائية) بقرار أولى ، إلا أنه يخسرها فى الاستئناف ثم ينتهى
بأن عليه دفع الثمن كذلك .
عندما
يتم حساب قوة وقدرات القوات المسلحة ، يستحق الوقت أن يعتبر كأحد العوامل فى القوة
النهائية (المحصلة النهائية) كما فى الميكانيكا .
إنها ستربح له أصقاء جدد كما تضعف وتفرق بين أعداءه ، لذا ليس من المحتمل كثيرا أن يوفر الوقت أية فضيلة للمنتصر وأكثر مما للخاسر .
0 التعليقات:
إرسال تعليق