25‏/10‏/2016

عن الحرب 72

عن الحرب 72



تحديد دقيق للهدف العسكرى : دحر العدو

   لغاية لحرب وهو تدمير العدو ، ولكن ما الذى يعنيه التدمير " Defeat " ؟ ليس احتلال كل أراضى العدو ضروريا دائما ، فلو تم احتلال باريس 1792 فلابد عندا أن تصل الحرب ضد الثورة إلى نهايتها ، ولو لم تكن هناك من حاجة لدحر الجيوش الفرنسية
 أولا  لأنها لم تكن أيام ذاك قوية بشكل خاص ، ولكن ومن الناحية الأخرى ففى عام 1814 لم يكن حتى احتلال باريس سينهى الأمر مادام بحوزة نابليون جيش كبير بعد ، لكن وكما حدث فعلا وبعد تدمير القسم الأكبر من قواته ، فإن احتلال باريس 1814 قد سوى كل شئ ، وكذلك الحال عام 1815 ، وتكرر مرة أخرى .

   تؤكد لنا تلك الأحداث أن النجاح ليس سهلا فى القضايا الكبرى ، وغالبا ما تكون بعض العوامل حاسمة – ولا تعرف تفاصيل ذلك إلا لمن كانوا هناك ، كما قد توجد بعض العوامل المعنوية التى لا تظهر إلى السطح .

   على المرء أن يتذكر على الدوام السمات الهامة والحاكمة لدى الطرفين المتحاربين ، فمن هذه السمات سيتشكل مركز للثقل ، وبالتأكيد سيكون محورا لكل القوى والتحركات ، التى يعتمد كل شئ آخر عليه ، كما أنه الشئ الذى يجب أن توجه وتتركز كل طاقنا نحوه .

   تعتمد الأمور الصغيرة على الأمور الكبيرة دائما ، والغير مهم على المهم ، والعارض على الأساسى ، وذلك ما يجب أن يقود بحثنا ومسارنا .


   لقد كانت جيوش الإسكندر المقدونى ، وغوستاف أدولف ، وشارل الثانى عشر ، وفردريك الكبير هى مراكز الثقل عادة ، أما فى البلدان المعرضة للنزاعات الداخلية ، فالعاصمة هى مركز الثقل عادة ، أما فى البلدان الصغيرة التى تعتمد على تحالفاتها مع دول أكبر ،

 فمركز الثقل هو جيش الدولة الأكبر الحامية ، أما فى الدول المتحالفة فهو مصالح المجموعة ، وفى البلدان الثورية فهو شخصيات القادة والرأى العام . وضد مراكز الثقل هذه يجب أن نوجه قدراتنا ، وإذا أمكن إفقاد العدو توازنه فيجب أن لا يعطى الوقت الكافى لاستعادته ، 

ولابد من توجيه الضربات المتتالية بنفس الإتجاه ، وعلى المنتصر من الناحية الأخرى أن يضرب بكل قوته ولكن ليس ضد جزء من العدو ، ودون أخذ الأمور ببساطة -  أى باستخدام قوة متفوقة لاحتلال بعض مناطق العدو مفضلا – ومضيعا الوقت والجهد – تأمين ما تم احتلاله على الانتصارات الكبرى – لكن بالبحث الدءوب عن مركز ثقل العدو (قوته) ، وبالجرأة التامة للفوز بكل شئ ، فهل يحقق لمرء دمار عدوه . 

   مستندين فى آرائنا وتعليقاتنا على التجارب والخبرات العامة ، فالأعمال التى نعدها الأكثر أهمية لدحر العدو هى :
1-   تدمير جيشه إن كان هذا الجيش بحجم كبير .

2-   احتلال عاصمته إن لم تكن المركز الرئيسى والوحيد للإدارة ( الحكومة ) فقط ، ولكنها أيضا مركزا مهما للأنشطة الاجتماعية والثقافية والسياسية .

3-   شن ضربة مؤثرة ضد حليفه الرئيسى إن كان هذا الحليف أقوى من العدو بكثير .

   إذا تحالفت دولتان أو أكثر ضد أخرى ، فسيظل الأمر من الناحية السياسية حرب منفردة ، إلا أن هذه الوحدة السياسية على درجات .     

 والأمر هنا ما إذا كانت كل دولة تسعى وراء مصالح مستقلة مع امتلاكها لوسائلها الخاصة لتحقيقها ، أو ما إذا كانت مصالح وقوى معظم الحلفاء تابعة ومرءوسة لقائد التحالف .

   إن استطعت قهر كل أعدائك بدحر واحد منهم يجب أن يكون هذا الدحر هو الهدف الكبير للحرب ، وبهذا نوجه ضربتنا للعدو فى مركز ثقل الصراع كله . 

   متى يكون هدف كهذا ممكنا ومجديا ؟      

  وإبتداءا لابد أن تكون قواتنا كافية :
1-   وصولا إلى انتصار حاسم على العدو .

2-   بذل الجهد الضرورى لمتابعة انتصارنا (لاستثماره) إلى نقطة يغدو بعدها التوازن خارج إمكانية أى تصحيح .

   بعد ذلك ، علينا التأكيد من سلامة موقفنا السياسى وأن انتصارنا هذا سوف لن يجلب ضدنا مزيدا من الأعداء القادرين على إجبارنا على إيقاف أو إلغاء الجهد ضد عدونا الأول فورا .

   يمكن للمرء ان يربح دعوى (قضائية) بقرار أولى ، إلا أنه يخسرها فى الاستئناف ثم ينتهى بأن عليه دفع الثمن كذلك .

   عندما يتم حساب قوة وقدرات القوات المسلحة ، يستحق الوقت أن يعتبر كأحد العوامل فى القوة النهائية (المحصلة النهائية) كما فى الميكانيكا .

   يحتاج كلا الطرفين للوقت ، والأمر هنا فقط ، فى أى من الطرفين يتوقع الحصول على فائدة خاصة من الوقت ، وشكرا لقوانين علم النفس لا لقوانين الدانيميك ، الحسد والغيرة ، والقلق ، وأحيانا ربما حتى الكرم والتى تشكل المدافع الطبيعى عن الفشل . 

إنها ستربح له أصقاء جدد كما تضعف وتفرق بين أعداءه ، لذا ليس من المحتمل كثيرا أن يوفر الوقت أية فضيلة للمنتصر وأكثر مما للخاسر .    

0 التعليقات: