23‏/10‏/2016

عن الحرب 48

عن الحرب 48
مدى وسائل الدفاع

  نوعية الموارد والوسائل الرئيسية المتاحة تحت تصرف المدافع .

1 – المليشيا

   مفهوم المليشيا متطابق مع فكرة تحقيق مشاركة طوعية وكبيرة إلى حد استثنائى للشعب كله فى الحرب ، باذلا قوته المادية ، وأمواله واخلاصه ، وكلما قل تشابه المنظمة مع هذا الشكل كلما غدت جيشا نظاميا تحت اسم آخر . ستكون لها فوائد الجيش النظامى إلا إنها ستفقد فوائد المليشيا الأصلية ، فى كونها مصدر كبير للقوة ، تمتاز بالكثافة العالية ، والمرونة الفائقة ، وتسهل إثارة روح الولاء والحماس فيها ، هذه هى العوامل الأساسية للمليشيا ، لذا لابد من أن يترك تنظيمها مجالا واسعا للمشاركة الشعبية .

   لايمكن أن يخطأ أحد العلاقة الوثيقة ما بين الطبيعة الشعبية للميليشيا ، ومفهوم الدفاع ، لذا لايمكن كذلك أن نخطأ فى تفهم حقيقة وإمكانية اعتبار المليشيا كجزء من الدفاع لا الهجوم .

2 – الحصون

3 – الشعب     

   أما المدافع فبوسعه الحصول على ما يريد ، وإن كان ذلك لا يقدم كمجرد دليل على الحماس والولاء الوطنيين ، بل يقدم عادة وفق التقاليد العريقة لطاعة المدنيين والذى يعد الطبيعة الثانية للمواطنين ، وكذلك خضوعا للأوامر الحكومية ، والضوابط الأخرى التى لا تفرضها العسكرية .

4– شعبا مسلحا 

   أو حرسا وطنيا قد يعتبر إحدى الوسائل الخاصة فى الدفاع

5 – الحلفاء

   يمكن اعتبار حلفاء المدافع كمصدر الدعم الأخير ، ذلك النوع الذى له مصلحة أساسية فى المحافظة على سلامة أراضى وبلاد حليفهم .

   الشعب الذى لم يرتفع بعد عن "مستوى الحكايات " كما قال أحد كبار الكتاب ، والذى سيرتب تاريخ كل الأحداث المنفردة – مبتدئا على الدوام بأكثر السمات إثارة ،

 أو قمة الحدث ، ثم يحفر إلى العمق الذى يناسبه فقط ، دون الغوص إلى حيث تستقرالعوامل إلى حيث تستقر العوامل الرئيسية التى تتحكم فى الأمر . وبالتالى لن تكون نتائج بحثهم صالحة لأكثر من حالة واحدة ،

 وفى الحقيقة فإنهم يعتبرون الفلسفة التى تسيطر على المسار العام للأحداث والحالات مجرد حلم .

   ما من حاجة إلى استعراض ما لا يحصى من الأمثلة على التغييرات التى كانت قادرة على قلب وإفساد التوازن بشدة ، لولا ردود الفعل الصريحة تقريبا للدول الأخرى الأمر الذى منع وعكس ذلك .  

 ومع ذلك فإن إحدى الحالات ، تستحق الذكر – والتى كثيرا ما يتجاهلها أو يمر بها سريعا أولئك الذين يسخرون من مجرد فكرة التوازن السياسى – لأنها تبدووثيقة الصلة وكمثال حاد للغاية فى كيفية القضاء على بلد مسالم ولم يؤذ أحد دون ـن يسارع أحد إلى نجدته ونعنى بذلك بولندا 

 فحقيقة أن دولة تضم (8) ملايين نسمة ، يمكن أن تزول من الوجود ، أو تقسم بين ثلاثة أطراف ، دون أن تحمل الدول الأخرى السلاح ،
 فسيبدو الأمر للمحة الأولى كحالة إما تثبت لا جدوى ولا فعالية التوازن السياسى عموما ، أو توضح على الأقل مدى ونوعية ما يمكن أن تكون عليه هذه اللافاعلية فى ظرف معين ، كما أن حقيقة اختفاء دولة بهذا الحجم ،

 وأن تكون فريسة لدول أخرى من بينها أكثر الدول قوة ( روسيا والنمسا ) ، تشكل حالة متطرفة للغاية ، ومالم تثر حالة كهذه اهتماما عاما فى دول المجموعة الأوربية ، فبوسع المرء عندها القول بأن فاعلية وقوة المصالح العامة فى ضمان سيادة الدول المنفردة ليس سوى وهم زائف .

 ومع ذلك نصر نحن على أن حالة منفردة ، ومهما كانت درجة إثارتها لا يمكن أن تفسد مبدأ عاما ، كما أن مواصلة وارث العرش البولندى كفاحه ليس بالغرابة التى يبدو عليها .

    لكن هل يمن اعتبار بولندا دولة أوربية ، وندا بين أنداد متساويين بين أمم المجموعة الأوربية ؟ كلا لايمكن أن تكون كذلك ، فهى دولة تترية ، لكن وبدلا من وقوعها على ضفاف البحر الأسود ، كتتر منطقة " القرم CRIMEA " على حافة المجموعة الأوربية ، قامت وسط المجموعة ، وعلى نهر الفستولا . نحن لا نقصد بقولنا أدنى إهانة للبولنديين، ولا نبرراقتسامها ،

 فكل ما يعنينا هنا هو سرد الحقائق : لم تلعب بولندا أدنى دور سياسى هام وفعال لما يقرب من قرن كامل ، كما كانت سببا لتنازع دول أخرى ، ولو تمعنا فى ظروفها ، ونوعية المؤسسات التى تمتلكها ، فقد تعجز عن صيانة استقلالها ، ويمكن أن تتغير طبيعتها التترية هذه بفعل حدث جذرى يمكن أن يتم عبر خمسين أو مائة عام ، شرط موافقة واستعداد قادتها ، لأنهم أنفسهم متمسكين بانتمائهم التترى بشكل لن يتمنون معه تغيير كهذا . 

    كما تتسم حياتهم العامة بنوع من الفوضى واللامسئولية المحدودة ، وتدفع بهم سريعا نحو الهاوية ، كما كان الروس يفعلون كل ما يحلو لهم داخل بولندا قبل تقسيمها بزمن طويل ، ولم تعد فكرة وجود بولندا مستقلة وبحدود كاملة ، تتماشى مع الواقع ،

 وليس هناك أية شكوك حول تحول بولندا إلى منطقة روسية لو لم تقسم .

 أما لو كانت بولندا دولة قادرة على الدفاع عن نفسها فعلا فما كانت الدول الثلاث ستنجح بتجزأتها بهذه السهولة ، ولكان بوسع الدول الأخرى المعنية بصيانة استقلالها (فرنسا ، والسويد ، والدنمارك) التعاون من أجل إبقائها ، إلا أننا نطالب الكثير عندما يصل الأمر إلى تولى  الآخرين مهمة الحفاظ على سيادة دولة ما كليا .

   المدافع بوسعه وكقاعدة الاعتماد أكثر من المهاجم على المساعدة الخارجية ، وكلما زاد اهتمام الآخرين ببقائه – أى قوة وحيوية ظروفه السياسية والعسكرية –كلما تأكدت قدرته فى الاعتماد على عون الآخرين .
   لو تعنا بشكل مجرد بكيفية نشوء الحرب ، فإن مفهوم الحرب أساسا لا ينشأ بالهجوم ، لأن الهدف النهائى للهجوم ليس القتال ، بل بالأحرى ، التملك (السيطرة). 

0 التعليقات: