مذكرات ونستون تشرشل 7

مذكرات ونستون تشرشل 7

ثم توالت الأحداث و انتقلت الى دورها المريع .

 وفى الخامس و العشرين من يونيه . أمر رجال الجيش بالبقاء فى ثكناتهم .

ووزع العتاد و الذخيرة على ذوى القمصان السود .

 وصدرت فى نفس الوقت الأوامر الى ذوى القمصان البنية أن تبقى على أهبة الأستعداد وقد استدعى روهم بموافقة هتلر سائر كبار قادة جيش الصاعقة الى اجتماع يعقد فى الثلاثين من شهر يونيه فى ويبسى فى منطقة البحيرات البافارية .

     ولقد اعتقل روهم ورجاله عند وصولهم الى ميونخ فى نفس السجن الذى كان هتلر معتقلا فيه منذ عشر سنوات وبدء فى تنفيذ الإعدام فيهم ظهر ذلك اليوم ودعى روهم من زنزانتة فرفض تلبية الدعوة ففتح عليه الباب وألقى عليه وابل من النيران وظلت أعمال الإعدام طوال اليوم .

فى فترات قصيرة متعاقبة وقد استبدلت الفرق التى تطلق النيران عدة مرات من جراء ما كان يصيب الجنود من الذهول  .

 ولكن صوت أطلاق النيران ظل يسمع كل عشر دقائق ساعات عديدة .

     وظل صوت النيران يدوى طوال النهار .

وفى أربع وعشرين ساعة اختفى فى المانيا عدد كبير من الرجال الذين لا علاقة لهم بمؤامرة روهم وقد ذهبوا ضحية الانتقام الشخصى و الحزازات القديمة .

وقد قدر عدد الذين أهلكوا فى هذه المجزرة البشرية بما بين خمسة الاف وسبعة الاف نفس .

     واقتيد عدد من رجال الحرس النازى الذين كان قد بلغ به الحماس مبلغه فقتلوا عددا من المسجونين وتوقف صوت العيارات النارية فى الساعة الواحدة صباحا من يوم أول يوليه .

     وقد أثبتت هذه المذبحة ان سيد المانيا الجديد لا يوقفه شئ عن تنفيذ ما يريد .

و ان الأوضاع فى المانيا لا تمت الى الحضارة بصلة , و أصبح العالم أمام دكتاتورية طاغية تقوم على الارهاب وسفك الدماء .

    و اصبحت الحركة شديدة بين بافاريا و أرض النمسا جيئة وذهابا طوال الشطر الأول من يوليه سنة 1934 من بين الممرات الجبلية .

 وقد وقع فى أواخر هذا الشهر مبعوث المانى فى أيدى السلطة النمسوية .

 و كان يحمل عددا من الوثائق منها مفاتيح الشفرة .

 ودلت هذه الوثائق على أن الخطة التى تعد فى النمسا للثورة قد تم نضجها .

وكان يقوم على تنظيم هذه الحركة الانقلابية أنطون فون رينتلين الوزير النمساوى فى ايطاليا فى ذلك الوقت .

وقد تأخر دلفوس ووزراؤه فى الرد على نذر الأزمة المترقبة والدلائل التى أصبحت واضحة منذ صباح الخامس والعشرين من شهر يوليه . حيث عبأ أنصار النازية فى فينا قواتهم فى ذلك الصباح .

     وقبيل الساعه الواحدة بعد ظهر ذلك اليوم دخلت جماعة مسلحة من الثائرين دار المستشارية وأطلقوا النيران على دلفوس وقد أصابته رصاصتان ومازالت دماؤه تنزف حتى مات .

      واستولت فصيلة اخرى من النازيين على محطة الاذاعة و أعلنت استقالة دلفوسى وتولى رينتلين ناصية الحكم .

      وسرعان ما قام بقية أعضاء حكومة دلفوس بالرد على هذا العمل بنشاط وشدة , وقد أصدر الدكتور ميكلاس رئيس الجمهورية أمرا رسميا بضرورة إعادة النظام مهما يكن الأمر .

      وأجريت انتخابات الريشتساغ فى نوفمبر ولم يسمح بدخولها إلا للمرشحين الذين وافق عليهم هتلر ونال النازيون فيها خمسة وتسعين فى المائة من الأصوات .

      بدت موجه عجيبة من الحماسة لتأييد الوزير الذى لم يتردد لحظة فى اعلان خطئه .

 وقد اتضح لى أن بعض النواب المحافظين أخذوا ينقمون على إحراج زعيمهم الموثوق به بوضعه فى وضع لم تنقذه منه إلا رجولته . 

و إن لم تنقذ بلاده مع الأسف .