01‏/12‏/2014

حرب العصابات في قبرص 27

حرب العصابات في قبرص 27

       فى المرحلة الأولى من الكفاح كانت الطريقة المتبعة
, هى أن توجه ايوكا انذارات شفويه أو كتابية الى المتهمين , ثم تضعهم بعد ذلك تحت المراقبة , فان تابوا تركوا وشأنهم واعتبروا (من العناصر التى لا ضرر لها) ,

 ومعنى هذا ان اولئك الاشخاص قد كفروا عن ماضيهم , وانه يمكن اعتبارهم وطنيين

 . . اما اذا استهانوا بايوكا فأنها لم تكت لترحمهم . .

 لقد اعتادت ايوكا التخلص من خصومها علنا وعلى رءوس الأشهاد وبأساليب تهدف الى تحقيق اقصى حد من التاثير فالخوف ظاهره سريعه الأنتشار

 , ومن الطرق التى كانت تتبعها ايوكا هى أن تسدد ضرباتها الى خصومها وهم من المقاهى أو المحال العامة , فتداهم جماعة ملثمة هؤلاء الأشخاص وهم جلوس فى المقاهى شاهرة السلاح فى وجههم , ثم تأمرهم بأن ينهضوا واقفين وظهورهم الى الخلف , ثم يتقدم أفراد تلك العصابة نحو الشخص المتهم ويطبقون عليه النار ثم يغادرون المحل . . بهذه الطريقة التى كان المواطنون يقتلون داخل المطاعم والحانات والحوانيت و فى الطريق فى وضح النهار , بل حدث أن قتل أحد الخونة بينما كان يؤدى الصلاة داخل الكنيسة .

       ايوكا كانت تدعى انها لم تكن تعدم اى مواطن الا بعد ثبوت البينه عليه بصوره لا يرقى اليها الشك .

      مهما  كانت وجهة نظر البريطانيين فى ايوكا فان معاملتهم للمواطنيين بتلك الوحشية الرخيصة جعلت من المستحيل الحصول على مخبرين او عملاء للمخابرات البريطانية

 . . والقليل جدا منهم من استسلم للمكافات المغرية , وكان أغلب هؤلاء قد تأثرت عقولهم من جراء المجازر التى كانوا يشهدونها

 . . وقد تبين فى المراحل الأخيرة للمعركة , أى فى صيف وخريف 1958 ان بعض من اعتقلوا كانوا ضحية معلومات كان يزود المخابرات بها اعضاء سابقون مرتدون عن ايوكا .

      واصل عشرون الف جندى وأربعة الاف وخمسمائة من رجال البوليس عمليات البحث عن ديجينيس مستخدمين كل وسائل العنف و الارهاب الممكنة ضد المواطنين .

فكان الجنود يداهمون الاهالى فى بيوتهم ويصدرون اليهم ما شاءوا من الاوامر ويستخدمون وسائل المواصلات , كما يحلو لهم , وبعبارة أخرى أخذوا يحلون محل الحكومة فى جميع سلطاتها

 , وتحولت الأداة الحكومية فى مجموعها الى عملية ارهابية سافرة لم يكن لها ما يبررها

 . . وقد تحمل الافراد العاديون من أبناء الشعب من جراء هذه الحالة من الاضرار ما لم يعانوه فى أى وقت من الأوقات . .

واخذت الحكومة بعد أن فقدت الامل فى قبول ايوكا لشروطها تفقد سيطرتها وفرض ارادتها على الجمهور وانهارت العلاقة بين الطرفين فأصبحت علاقة أصدار للبيانات وفرض الاوامر من خلال مكبرات الصوت وطلقات المدفع , ولم تكن الحكومة وهى فى ذلك الوضع تدرك اطلاقا بأن سياستها انما كانت تعمل على تقوية موقف خصمها وتدعيمه اكثر .

 وبرغم الخيانات التى ارتكبت ضد ايوكا وحوادث الارتداد بين صفوفها فقد بقيت  محتفظة بقدرتها على العمل . .

 ولكى تبرهن ايوكا على ذلك انتهز ديجينيس فرصة عرض القضية على الامم المتحدة فيما بين اكتوبر ونوفمبر من سنة 1957 فقام بتسديد ضربات عدة الى القوات البريطانية سقط فيها قتلى كثيرون من الانكليز كما جرح كثيرون , ورافق تلك العمليات عمليات تخريبية واسعة النطاق ضد البريطانيين

. . واقتحم رجال ايوكا محطة سلاح الطيران البريطانى فى اكروتيرى و أشعلوا النار فى أحدى قاذفات القنابل من طراز كانبرا

, والحقوا أضرار بأربع طائرات أخرى بدرجة يتعذر اصلاحها , وذلك برغم الحراسة المشددة التى كانت تحيط بالقاعدة . . كما قامت ايوكا بنسف محولين من محولات توليد القوى الكهربائية فى نيقوسيا . . وهكذا احتفظت ايوكا بزمام المبادرة ,

 وكان فى وسع ديجينيس أن ينتقل بالمعركة من الميدان الدعائى الى الميدان الاقتصادى , ومن الهجوم على الجنود الى الهجوم على المدنيين

 . . فكان على جميع المستويات سيد الموقف .

وكان يعرف كيف يركز أو يوزع نشاط حركته وان يجعل قوات الامن تجرى وراءه , كما لو كانت تجرى وراء سراب .


0 التعليقات: