15‏/12‏/2014

إستراتيجية الاستعمار والتحرير 8

إستراتيجية الاستعمار والتحرير 8

      لم تكن بريطاينا مهيأة لتخرج إلى البحار حين الكشوف أو بعدها , حيث كانت السيادة للبرتغال و إسبانيا ثم هولندا وفرنسا , وظلت هى فى منطقة الظل أو شبه الظل .

 ولكنها فى حدود هذا الظل كانت تحاول – خلال القرن السادس عشر – أن تلتقط أى مكسب أو فتات من التجارة المحيطية إما بعيدا عن النفوذ الإسبانى أو مغافلة له .

 بعيدا عنه – بالاتجاه إلى العالم الجديد من طريق شمال متطوح , فكان أول خروج لها نحو الشمال الغربى حيث اكتشفت فى اخر القرن الخامس عشر نيوفوندلند ولبرادور (جون كابوت) وهى دائرة محدودة القيمة التجارية .

     أما مغافلة له – فبالتسلل إلى المستعمرات الإسبانية الاحتكارية للتجارة معها سرا . فبدأت بين الجانبين (حروب عصابات بحرية) بكل معنى الكلمة , فكان هذا عصر القرصان المشهور بكل مغامراته وإثاراته وملاحمه .
    
           سياسة بريطانيا الجزرية : فقد كان محورها دائما أن تترك القوى الأخرى على القارة تتصارع , وأن تغذى هذا الصراع حتى تضعف جميعا , فتتقدم هى لترثها وهى بمنأى فى جزيرتها عن خطر الصراع نفسه .

 وفى نفس الوقت كان توازن القوى على القارة هدفها الاخر . فكانت تعمل ألا تسود قوة واحدة كبرى فى القارة , ولهذا كانت الحليف التقليدى للقوى الصغيرة التى سبق أن عادتها وساهمت فى انحدارها .

     بريطانيا خسرت فى تلك الفترة (إمبراطوريتها الأولى ) فى الولايات الثلاث عشرة فى أمريكا . فقد ثارت الولايات فى حرب الاستقلال فى مرحلة ضعف لقوة بريطانيا البحرية , وانتصرت لبعد المسافة وضعف الارتباط , ولكن أيضا لمساعدة فرنسا و إسبانيا للانفصال 1783 .

القومية و الاستعمار :

        كانت الوحدة القومية شرطا اساسيا سابقا مسبقا للخروج الاستعمارى , إذ لم يكن من الممكن القفز إلى العالم الخارجى قبل ترتيب البيت داخليا . فكان الخروج نتيجة للوحدة وعلامة عليها .


      استعمار الكشوف خلق طبقة جديدة قوية تنافس الطبقة القديمة التقليدية التى كانت تحتكر السلطة والحكم فى المجتمع .

فالصراع الجديد هو فى الحقيقة صراع بين أصحاب الموارد المحلية فى الوطن , و أصحاب الموارد المتدفقة من عبر البحار .

 ولقد كانت الثورة الفرنسية هى نقطة الانكسار مستعمرات ما وراء البحار – التحاما نهائيا مع بقايا الاقطاع الزراعى المتحفزة وختمت على مصيرها ووضعت بذلك جرثومة أو خميرة الرأسمالية الناشئة . 

وبمعنى اخر , فإن الكشوف قد ثورت الكيان السياسى و الاقتصادى والاجتماعى لدول أوروبا البحرية تثويرا , وكانت بذلك الأساس لهيكل النظام الجديد.

0 التعليقات: