31‏/12‏/2014

إمبراطورية الثروة 24

إمبراطورية الثروة 24



     شجعت الحكومة البريطانية صيد الحيتان , فكانت تقدم مكافات لسفن الصيد التى يتجاوز وزنها مائتى طن . لكن الصناعة أصابت ازدهار بعد الاستقلال ايضا . وفى القرن التاسع عشر كانت سفن صيد الحيتان تجوب محيطات العالم , وكانت رحلات الصيد تستغرق سنتين , واحيانا اربع سنوات .

 وفى عام 1800 كان ثمة ثلاثمائة مركب صيد تعمل فى تلك المرافئ فى نيو إنغلاند وماريل هيد
.

 وفى اربعينيات القرن التاسع عشر كان ثمة أكثر من 700 سفينة صيد أمريكية تجوب البحار بحثا عن الحيتان وتجلب الأزدهار الاقتصادى لموانئها , حيث كانت السفينة الواحدة تفرغ نحو مائتى برميل من الزيت بعد أن تقفل عائدة من رحلتها .


      لسوء الطالع , كان أبناء نيو إنغلاند بارعين جدا فى صيد الحيتان فاصطادوا منعا أعدادا فاقت معدلات تكاثر تلك الكائنات الثديية العملاقة .

      من مزايا اقتصاد السوق الحر التى لم تنل حظها من التقدير الية تجاوبه الكفؤ مع حالات النقص والعجز .

 إذ ترتفع أسعار عند زيادة الطلب على العرض . وتحدث زيادة السعر بالنتيجة حرصا أكبر على الموارد النادرة وسعيا محموما الى ايجاد موارد إضافية أو بدائل تسمح بالافادة من ارتفاع الأسعار .

 لقد كتب أحد محررى الصحف أنذاك عن الحماس الشديد الذى تقبل فيه الفطنة الأمريكية على كل فرع صناعى يبشر بأرباح معتبرة .

       قدم الحل لمشكلة توفير مصدر جيد ورخيص للإنارة مادة لم تخطر على بال إطلاقا , ألا وهى زيت الصخر فالبترول – ومعناه زيت الصخر فى اللاتينية – كان معروفا منذ أقدم الأزمان .

 لكنه كان مادة غريبة تثير الفضول وتلفت النظر .

 كانت تستخدم أساسا كعلاج لجميع الأمراض وقد ثبت لاحقا أن جميع أنواع الأدوية غير مستساغة الطعم – وهذا أيضا حال النفط الخام – والتى تفقد خصائصها السمية عندما تؤخذ بجرع صغيرة ولكنها تتمتع بخصائص علاجية فى مرحلة زمنية أو أخرى .

        نقل عن سيليمان قوله : (أيها السادة , لقد بدا لى أن ثمة ما يدعو كثيرا الى التفاؤل فى القول إن شركتكم قد وضعت يدها على مادة خام يمكن منها تصنيع طائفة من المنتجات ذات القيمة العالية وذلك عبر معلجة بسيطة غير مكلفة) .

      لكن بينما بيسل ومشاركوه المستثمرون – وسينضم اليهم سيليمان نفسه بعد مدة قصيرة , بعد أن يشترى لنفسه مائتى سهم فى الشركة – يعلمون الان أن فى مقدورهم تصنيع سلعة ستلقى رواجا كبيرا من زيت الصخر , كانت مصادر زيت الصخر لا تزال انذاك مدودة جدا .

 إذ لا يمكن أن تقوم صناعة ما على الكميات التى تجمع من سطوح برك النفط . ومع ذلك فقد خطرت لبيسل فكرة مفاجئة اخرى .

إذ بينما كان يتقيأ تحت ظله أحد متاجر الأدوية فى مدينة نيويورك , فى أحد أيام الصيف الحارة فى عام 1856 , لمح إعلانا لدواء مرخص تجاريا (ببراءة اختراع) مصنوع من زيت الصخر (النفط) . وتبدو فى الإعلان عدة حفارات كتلك التى تستخدم فى استخراج الملح . وتصادف أن زيت الصخر المستخدم فى الدواء إنما كان مصدره النفط الناتج ثانويا عن عملية التنقيب عن الملح . وتساءل بيسل إن كان بالإمكان استخدام تقنية الحفر للبحث عن النفط .

    وأرسلت الشركة رجلا اسمه أدوين دريك الى شمال غربى بنسلفانيا , حيث كان مصدر معظم زيت الصخر فى الولايات المتحدة , ووجد دريك أخيرا – وقد بذل جهدا غير يسير – رجالا يتقنون التنقيب عن الملح ولديهم الرغبة فى التنقيب عن النفط , و كانت فكرة التنقيب عن النفط انذاك مستهجنة

. وفى 27 اغسطس 1859 اندفع النفط من أول بئر فى العالم , بعمق ستة وستين مترا بالقرب من تيتوسفيل . 

لقد ثبت دريك مضخة على البئر وشرع بنضح ما كان يبدو كميات لا تنضب من زيت الصخر .

 لكن أكبر التحديات لم يكن العثور على النفط وإنما تأمين العدد الكافى من ابراميل لتخزينة .

      كان الأستاذ سيليمان محقا من دون أن يدرك ذلك . ففى غضون قرن سيصبح النفط أساس عمل الاقتصاد وستجيش الجيوش والقوات العسكرية لوضع الي على مصادره أو حمايتها .

        أوجدت روح الابتكار الامريكية كثيرا من الطرائف و الوسائل لرفع إنتاجية الزراعة فى الولايات المتحدة .


       لقد درس توماس جيفرسون المحراث وحاول ابتكار محراث أفضل .


      لقد جزأ مكروميك عملية حصاد القمح الى مراحلها المنفصلة , و ابتكر أداة ميكانيكية لأداء كل مرحلة . ومن ثم صمم ألة قادرة على انجاز تلك المراحل جميعها .

 وعندما بلغ الثانية و العشرين كان قد خرج نموذج أولى عملى لحصادة الية تستمد طاقتها من دولاب يعرف بدولاب التوجيه أو مقود الثور , الذى ينتهى الى ملامسة الارض عندما تتحرك الالة خلف الحصان .

وفى الواقع كان المزارعون غير واثقين اول الامر من نجاعته . ولم يبع مكروميك اله واحدة فى عشر سنين . وفى عام 1842 لم يبع الا سبعا .

 ولكن فى اعقاب فشل أعمال الحصاد فى بريطانيا عام 1845 عندما ألغت بريطانيا العظمى قوانين الذرة التى كانت تحمى المزارعين البريطانيين من المنافسة الدولية , تصاعد الطلب على القمح الامريكى سريعا , واقتنص مكروميك هذه الفرصة .


 وأنشأ مصنعا فى شيكاغو – ولم يمض على تأسيسة انذاك عشرون سنة – وبدأ إنتاج الحصادات لسوق الاستهلاك الكبير .

وفى خمس سنوات باع خمسة الاف منها .

وفى عام 1860 صار مكروميك رجلا عظيم الثراء , وقدرت إحصاءات ذلك العام املاكه الشخصية بنحو 278 الف دولار وعقارات بقيمة 1.75 مليون دولار .

0 التعليقات: