إمبراطورية الثروة 8
لقد حظر القانون البريطانى وكان ناجعا فى ذلك
تاسيس المصارف فى المستعمرات كما حظر أيضا تصدير النقد المعدنى البريطانى من
بريطانيا من أجل الحفاظ على كتلته النقدية (عرض النقد فى الاقتصاد) وهذا ما دفع
المستوطنات إلى إصدار النقد كل وفق إمكاناتها .
ويعد النقد سلعة لا تختلف عن كروش الخنازير
وخدمات المحاماة أو لوحة مفاتيح الحاسب , إلا من ناحية جوهرية واحدة .
فالنقد –
بالتعريف – هو كل سلعة مقبولة قبولا عاما كبديل عن كل السلع الأخرى .
والنقد هو من
أهم ابتكارات الكائن الأقتصادى . وفى الاقتصادات التى تقوم على المقايضة , لا بد
لكل من يرغب – لنقل على سبيل المثال – فى بيع البرتقال وشراء التفاح ان يعثر له
على شخص أخر لديه التفاح ويرغب فى الحصول على البرتقال .
ويطلق علماء الأقتصاد على
هذه العملية ( التصادف المزدوج للحاجات ) .
أما فى اقتصاد يعتمد النقد وسيطا فى التبادل
فبإمكان التاجر الأول بيع ما يملك من برتقال لقاء النقد وشراء التفاح نقدا ممن
يتوافر لديه تفاح للبيع
ويزيد هذا كثير عدد الصفقات التى يمكن أن تجرى فى
الأقتصاد .
وبالتالى فإن الوظيفة الاقتصادية للنقود تماثل كثيرا عمل الحفاز فى
الكيمياء : يزيد من سرعة التجاوب وردة الفعل ولا يصيبه هو نفسه أى تغيير .
كما تؤدى النقود وظيفتين أخريين إلى جانب
وظيفتها كوسيط فى التبادل . فهى وحدة حساب , أى أن تقويم كل السلع (او التعبير عن
قيمتها) إنما يتم عبر النقد . كما أن النقد يعد مخزنا للقيمة , أى موضعا لحفظ
الثروة ريثما تنتقل بين ضروب الاستثمار المنتج .
وكان الذهب والنحاس – وهى أثمن من الحديد –
هى المعادن التى شاع استخدامها فى ضرب النقود . ولأنها كانت من العناصر فقد كان
الحصول عليها يتطلب استخراجها من باطن الأرض ( وليس تصنيعها ) بتكاليف باهظة .
صحيح أن تصنيعها (او ايجادها من عناصر اخرى) كان مستحيلا , غير ان خلطها بمعدن
خسيس مع الحفاظ على القيمة الاسمية نفسها أو تقليل وزنها كان ممكنا . ولجأ الحكام
إلى هذه الوسيلة عندما لم تتوافر لهم الأموال الكافية – وهذه حال الحكام عموما .
وكانت النتيجة طويلة الأجل وواحدة لا تتغير . فقد انخفضت قيمة القطع النقدية
المشوبة بمعادن أخرى نسبة الى السلع الأخرى , حيث عمل الافراد على تعديل القيمة
التى ينظرون بها الى القطعة النقدية اخذين بذلك اثر اضافة المعادن الخسيسة فى
الاعتبار .
ولان النقد سلعة من نوع خاص فإننا نستخدم مصطلحا اقتصاديا خاصا عند
الحديث عن انخفاض سعرها : انه التضخم .
ولكن التضخم قد ينتج من عوامل أخرى غير سعى
الحكومات الى دفع التزاماتها المالية بسلع رديئة القيمة . وكما رأينا فقد نتج عن
التدفق الهائل للذهب والفضة من العالم الجديد إلى اسبانيا فى القرن
السادس عشر
تضخم حاد فى الأقتصاد الأوروبى . لقد كان هذا نتيجة حتمية لقانون العرض والطلب .
إذ إن ثمن النقد ينخفض عندما يرتفع عرض النقد (الذهب والفضة) مقارنة بأسعار السلع
الأخرى .
ما يؤخذ على النقد السلعى – سواء أكان تبغا
ام ماشية – هو صعوبة نقله و ارتفاع تكاليفه , وتفاوته فى الجودة وتقلب قيمته
الفعلية .
كما أسست فيرجينيا فى العام 1730 نظام مراقبة
يفرض على المزارعين تسليم محاصيلهم من التبغ الى المخازن العامة لفحصها و إصدار
ايصالات تسليم محاصيلهم من التبغ الى المخازن العامة لفحصها و اصدار ايصالات
بقيمتها .
وقد أدت هذه الايصالات دور البنكنوت (النقد الورقى المصرفى) على الرغم
من تقلب قوتها الشرائية كثيرا , و ذلك بسبب ربطها بسلعة متقلبة السعر : التبغ بدلا
من الذهب والفضة . وسرعان ما لحقت ماريلاند بفيرجينيا فى هذا المسار .
0 التعليقات:
إرسال تعليق