إمبراطورية الثروة 3
واعتاد الإنجليز هذا الواقع , وقاوموا بشدة
كل محاولات تغييره .
فالإنجليز الذين شرعوا فى استيطان أمريكا مع مطلع القرن
السابع عشر جلبوا معهم هذه الأفكار وطبقوها فى البيئة الجديدة التى وجدوا أنفسهم
فيها .
ما من شك بأن تميز الولايات المتحدة بشعبها
المثابر إنما يأتى من تحدرة سلالة اولئك القوم ذوى الهمة العالية الذين تخطوا كل
الصعاب وهاجروا إلى أمريكا , إن اولئك الذين تركوا كل شئ ووفدوا إلى أرض غريبة
قاصية قد فعلوا ذلك بحثا عن تصورهم الخاص عن معنى السعادة .
الاقتصاد الوطنى هو مجموع الإنجازات الفردية
لمواطنيه .
لقد دخل الاقتصاد الأمريكى بعد الثورة فى
ركود ثقيل , إذ لم تجد منتجات البلد منافذ لها فى مناطق نفوذ الأمبراطورية
البريطانية , حيث كانت أسواقها التقليدية ذات يوم . وكانت عملتها – إن ارتقت فعلا
إلى مستوى العملة – عديمة القيمة , وتخلفت الحكومة عن سداد ديونها المتراكمة . وفى
العام 1932 عمت أثار الكساد الكبير كل القطاعات , مما جعل مستقبل الاقتصاد ومستقبل
الجمهورية نفسها غامضا فى نظر الكثيرين .
كان إبراهام لنكولن يرى أن أى أمة مهما
تجاوزت قدراتها مجموع أجزائها هى نتاج عناصر ثلاثة : شعبها و أرضها و قوانينها .
اعتاد الهنود استخدام ما جاء به الاوروبيون
من نتاجات أكثر تقدما من قبيل الأدوات المعدنية و الملابس و الأسلحة النارية , ولم
يعد من مكان لمهارات الهنود فى استخدام موادهم البدائية . وبعد فترة ليست بالطويلة
لم يكن أمام الهنود مفر من التبادل التجارى للحصول على احتاجهم , وبشرط كانت تزداد
اجحافا , وهكذا خسروا سيادتهم الأقتصادية .
وجلبت نهاية السيادة الاقتصادية معها
بداية انحصار السيادة السياسية , وكل العناصر الباقية التى ميزت حضارتها .
للقيد المحاسبى المزدوج والمؤسسة الخاصة دور
حيوى فى تطور الحضارة الأوروبية فى العالم الجديد .
ربما كان اسلوب المشاركة (الشراكة) معروفا
منذ اقدم العصور , لكن الشراكة تنص على تحميل الشريك مسؤولية كل ديون المشروع .
وهذا ما كان يعرض المستثمر صاحب رأس المال المحدود إلى الإفلاس مع فشل المشروع .
ولم يكن هناك سوى قلة أبدت استعدادا لتحمل هذه المخاطر , وخصوصا فى مشروع لا يمكن
وضعه تحت الرقابة المباشرة .
ولقد عالجت الشركة المساهمة هذه المشكلة من خلال حصر
مسؤولية المستثمر فى مقدار أموالة المستثمرة .
وبالتالى فقد نقل ذلك بعضا من
المخاطر إلى دائنى الشركة , لكنه سمح فى الوقت نفسه بتأمين مبالغ هائلة من
الأستثمارات الصغيرة .
وهكذا مثلت الشركات المساهمة التى جاءت فى المرتبة الثانية
بعد (الدولة – الأمة) أهم التطورات التنظيمية لعصر النهضة وساعدت على غرار
(الدولة-الأمة) فى تحقيق الإنجازات التى صنعت العالم الحديث .
0 التعليقات:
إرسال تعليق