28‏/12‏/2014

إمبراطورية الثروة 3

إمبراطورية الثروة 3



     واعتاد الإنجليز هذا الواقع , وقاوموا بشدة كل محاولات تغييره .

فالإنجليز الذين شرعوا فى استيطان أمريكا مع مطلع القرن السابع عشر جلبوا معهم هذه الأفكار وطبقوها فى البيئة الجديدة التى وجدوا أنفسهم فيها .

    ما من شك بأن تميز الولايات المتحدة بشعبها المثابر إنما يأتى من تحدرة سلالة اولئك القوم ذوى الهمة العالية الذين تخطوا كل الصعاب وهاجروا إلى أمريكا , إن اولئك الذين تركوا كل شئ ووفدوا إلى أرض غريبة قاصية قد فعلوا ذلك بحثا عن تصورهم الخاص عن معنى السعادة .

     الاقتصاد الوطنى هو مجموع الإنجازات الفردية لمواطنيه .

     لقد دخل الاقتصاد الأمريكى بعد الثورة فى ركود ثقيل , إذ لم تجد منتجات البلد منافذ لها فى مناطق نفوذ الأمبراطورية البريطانية , حيث كانت أسواقها التقليدية ذات يوم . وكانت عملتها – إن ارتقت فعلا إلى مستوى العملة – عديمة القيمة , وتخلفت الحكومة عن سداد ديونها المتراكمة . وفى العام 1932 عمت أثار الكساد الكبير كل القطاعات , مما جعل مستقبل الاقتصاد ومستقبل الجمهورية نفسها غامضا فى نظر الكثيرين .

    كان إبراهام لنكولن يرى أن أى أمة مهما تجاوزت قدراتها مجموع أجزائها هى نتاج عناصر ثلاثة : شعبها و أرضها و قوانينها .

     اعتاد الهنود استخدام ما جاء به الاوروبيون من نتاجات أكثر تقدما من قبيل الأدوات المعدنية و الملابس و الأسلحة النارية , ولم يعد من مكان لمهارات الهنود فى استخدام موادهم البدائية . وبعد فترة ليست بالطويلة لم يكن أمام الهنود مفر من التبادل التجارى للحصول على احتاجهم , وبشرط كانت تزداد اجحافا , وهكذا خسروا سيادتهم الأقتصادية .

 وجلبت نهاية السيادة الاقتصادية معها بداية انحصار السيادة السياسية , وكل العناصر الباقية التى ميزت حضارتها .

     للقيد المحاسبى المزدوج والمؤسسة الخاصة دور حيوى فى تطور الحضارة الأوروبية فى العالم الجديد .


     ربما كان اسلوب المشاركة (الشراكة) معروفا منذ اقدم العصور , لكن الشراكة تنص على تحميل الشريك مسؤولية كل ديون المشروع .

 وهذا ما كان يعرض المستثمر صاحب رأس المال المحدود إلى الإفلاس مع فشل المشروع .

ولم يكن هناك سوى قلة أبدت استعدادا لتحمل هذه المخاطر , وخصوصا فى مشروع لا يمكن وضعه تحت الرقابة المباشرة .

ولقد عالجت الشركة المساهمة هذه المشكلة من خلال حصر مسؤولية المستثمر فى مقدار أموالة المستثمرة .

 وبالتالى فقد نقل ذلك بعضا من المخاطر إلى دائنى الشركة , لكنه سمح فى الوقت نفسه بتأمين مبالغ هائلة من الأستثمارات الصغيرة .

وهكذا مثلت الشركات المساهمة التى جاءت فى المرتبة الثانية بعد (الدولة – الأمة) أهم التطورات التنظيمية لعصر النهضة وساعدت على غرار (الدولة-الأمة) فى تحقيق الإنجازات التى صنعت العالم الحديث .

0 التعليقات: